السبت، 29 يونيو 2019

الفقرة السابعة الجزء الثاني السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

الفقرة السابعة الجزء الثاني السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

الفقرة السابعة الجزء الثاني السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


تابع الفقرة السابعة الجزء الثاني:
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي:  (وهذا لا يعرفه عقل بطريق نظر فكري، بل هذا الفن من الإدراك لا يكون إلا عن كشف إلهي منه يعرف ما أصل صور العالم القابلة لأرواحه.  فسمي هذا المذكور إنسانا وخليفة، فأما إنسانيته فلعموم نشأته وحصره الحقائق كلها.  وهو للحق بمنزلة إنسان العين من العين الذي يكون به النظر، وهو المعبر عنه بالبصر.  فلهذا سمي إنسانا فإنه به ينظر الحق إلى خلقه فيرحمهم.)
ولذلك قال تعريضا بهم : ( وهذا لا يعرفه عقل بطريق نظر فكريّ ، بل هذا الفنّ من الإدراك لا يكون إلَّا عن كشف إلهيّ ، منه يعرف ما أصل صور العالم القابلة لأرواحه ) فإنّك قد عرفت أنّ القابل وأصله راجع إلى الفيض الأقدس عن ثنويّة القابل والفاعل والكاسب والمكتسب منه ، فهو إذن بمعزل عن أن تقتنص شوارد حقائقه بمخالب قوى العقل وجوارحه .
أو يصل إليه أحد بسلاليم الأقيسة الفكريّة ومدارج مقدّماتها ، ضرورة أنّ الثنويّة التقابليّة غالبة في نشأة العقل وجبلَّته القدسيّة العالميّة على ما يظهر من تلويحه أيضا سيما فيما يدركه باستعانة من قواه وتوسّل إليها .
نعم ، يمكن له الوصول إليه عند انطواء الأسباب والآلات التعمّليّة والاكتسابيّة ، وانطفاء مشاعل مشاعره الجزئيّة ، عند سطوع تباشير إصباح المكاشفات الإلهيّة ، وشروق أنوار شمس الحقيقة من مطلع الوهب والامتنان ، وافق اليقين ، الخالص عن شوائب الحجج والبرهان  .
ثمّ إنّه بعد تحقيق الحقيقة الآدميّة وتفصيل جمعيّتها التامّة شرع في تبيين أساميها ، كشفا عن كنه أحكامها ولوازمها المعربة عن تمام ذلك التفصيل ، وما له من كماليّة في الظهور والإظهار ، فإنّك قد عرفت أنّ حقيقة كلّ شيء بخواصّها ولوازمها إنّما تستعلم من أساميها وألفاظها المختصّة بها ، بقوله : ( فسمّي هذا المذكور « إنسانا » و « خليفة » ) بحسب كمالية الأوّل والآخر (فأمّا إنسانيّته : فلعموم نشأته وحصره الحقائق كلَّها ) حصرا جميعا امتزاجيّا يتعاكس فيه النسب من الكلّ على الكلّ ، ويأنس بها الكلّ إلى  الكل.
( وهو للحقّ بمنزلة إنسان العين من العين ) أي كما أنّ إنسان العين من العين الشخصي فيه مثال الشخص بعينه حاصر الجميع أجزائه بأوضاعها وأشكالها ، كذلك الإنسان مثله من العين الوجودي ، وليس كمثله شيء ، أو كما أن بإنسان العين ينظر على الشيء ، فكذلك بحقيقته الأصليّة السابقة على الكلّ نظر الحقّ إلى العالم بعينه ، حسبما سمعه من ألسنة قابليّاتهم ، فرحمهم بوجوده .
فالإنسان بحقيقته هو ( الذي يكون به النظر ، وهو المعبّر عنه بالبصر ) في قوله : " وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ "  ( فلهذا سمّي إنسانا ، فإنّه به نظر الحقّ إلى الخلق ) .
ورآهم بصورهم التي صوّرهم بها ألسنة قابليّاتهم في صيغ صبغ تعيّناتهم ( فرحمهم ) بالوجود التامّ المترتّب على ما حصل من المشعرين من العلم الكامل وكأنّك قد نبّهت على سبب طيّ أحد المشعرين في عبارته .

شرح الجامي للملا عبد الرحمن ابن أحمد ابن محمد المتوفي 898 هـ :
قوله رضي الله عنه :  (وهذا لا يعرفه عقل بطريق نظر فكري، بل هذا الفن من الإدراك لا يكون إلا عن كشف إلهي منه يعرف ما أصل صور العالم القابلة لأرواحه. فسمي هذا المذكور إنسانا وخليفة، فأما إنسانيته فلعموم نشأته وحصره الحقائق كلها. وهو للحق بمنزلة إنسان العين من العين الذي يكون به النظر، وهو المعبر عنه بالبصر. فلهذا سمي إنسانا فإنه به ينظر الحق إلى خلقه فيرحمهم.)
قوله رضي الله عنه : "وهذا لا يعرفه عقل بطریق نظر فکري، بل هذا الفن من الإدراك لا يكون إلا عن كشف إلهي منه يعرف ما أصل صور العالم القابلة لأرواحه ."
(وهذا)، أي حصر الطبيعة قوابل العالم كله (لا بعرفه عقل بطریق نظر فكري)، بأن تتحرك من الطالب المشعور بها توجه إلى مباديها المعلومة ومنها إلى تلك المطالب.
وذلك لأن معرفة هذا الحصر لا تحصل إلا بمعرفة الطبيعة، ومعرفتها على ما يؤدي إليه النظر الفكري لا يتجاوز عما هو معلوم لعلماء الرسوم من اختصاصها بالأجسام السفلية والأجرام العلوية (بل هذا الفن)، أي النور (من الإدراك) و المعرفة (لا يكون إلا عن كشف إلهي) حاصل بالتوجيه والافتقار التام إلى الله سبحانه وتفريغ القلب.
وتعريته بالكلية من جميع التعلقات الملكوتية والعلوم والقوانين الرسمية (منه)، أي من ذلك الكشف الإلهي (يعرف ما أصل صورة العالم) المنطبعة في مواده بفعل تأثير من ذلك الأصل (القابلة) لتلك الصورة (لأرواحه) المنفوخة فيها إن كانت من الصور المجردة.
فالمراد بأرواحها الأسماء التي هي مظاهر لها فإن نسبة الظاهر إلى المظهر نسبة الروح إلى الصورة المساواة له.
اعلم أن الطبيعة في عرف علماء الرسوم قوة بين قوى النفس الكلية سارية في الأجسام الطبيعية السفلية والأجرام العلوية فاعلة تصورها المنطبعة في موادها الهيولانية.
وفي سر من مشرب الكشف والتحقيق إشارة إلى حقيقة إلهية فعالة للصور كلها . وهذه الحقيقة بفعل الصورة الاسمانية بباطنها في المادة العلمية فإن النشأة واحدة جامعة تحقيقها للصور الحقانية الوجوبية والصور الخلقية الكونية روحانية كانت أو مادية أو جسمانية بسيطة أو مركبة.
والصور في صور التحقيق الكشفي علوية وسفلية ؛ فالعلوية حقيقة وهي صور الأسماء الربوبية والحقائق الوجوبية ومادة هذه الصور الروحانية هي النور.
وأما الصور السفلية في صور الحقائق الإمكانية .
وهي أيضا منقسمة إلى علوية وسفلية ؛ فمن العلوية ما سبق من الصور الروحانية، ومنها صور عالم المثال المطلق والمقيد.
وأما السفلية فمنها صور عالم الأجسام للغير العنصرية كالعرش والكرسي ومادتها الجسم الكل ومنها صور العناصر والعنصريات.
ومن العنصريات الصور الهوائية والنارية والمازجية.
مادة هذه الصور الهواء والنار وما اختلط معهما من الثقيلين الباقين من الأركان المغلوبين في الخفيفين.
ومنها الصور السفلية حقيقة وهي ما غلب في نشأته
الثقيلان وهما : الأرض والماء .
على الخفيفين وهما النار والهواء.
وهي ثلاث صور معدنية وصور نباتية وصور حيوانية وكل عالم من هذه العوالم تستعمل على صور شخصية لا تتناهى ولا يحصيها إلا الله سبحانه. والحقيقة الفعالة الإلهية فاعلة بباطنها الصور الأسمائية وظاهرها الذي هو الطبيعة الكلية تفعل ما عداها من الصور.
فالحقيقة الإلهية أصل جميع الصور والطبيعة الكلية التي هي مظهرها أصل صور العالم كله
قوله رضي الله عنه : "فسمي هذا المذكور إنسانا و خليفة، فأما إنسانيته فلعموم نشأته وحضرة الحقائق كلها وهو يلحق بمنزلة إنسان العين من العين الذي به يكون النظر وهو المعبر عنه بالبصر . فإنه به نظر الحق تعالى إلى خلقه فرحمهم ."
(تسمى هذه) الكون الجامع (المذكور إنسانا وخليفة فأما إنسانيته فلعموم نشأته) المرآتية .
فإن له ثلاث نشأت :
نشأة روحية  -   ونشأة عنصرية  - ونشأة مرآتية هي أحدية جمعهما
والعموم أهل المرآتية (وحصره الحقائق كلها) إلهية كانت أو كونية (وهو)، أي الكون الجامع (للحق سبحانه بمنزلة إنسان العين من العين الذي يكون به النظر وهو)، أي إنسان العين (هو المعبر عنه بالبصر) الذي به يبصر الشيء ويؤنس (فلهذا)، أي لمعنى الإبصار المتضمن للإنسان (سمي) إنسان العين (إنسانا) وهو فعلان من الأنس للمبالغة فيه (فإنه) الضمير للشأن أو للكون الجامع (به)، أي بالكون الجامع المذكور (نظر الحق سبحانه إلى خلقه فرحمهم).
قوله : فلعموم نشأته مقدمة تقوله :
فإنه به نظر الحق فإنه لو لم تكن نشأته عامة حاصرة للحقائق كلها لم يمكن به النظر إلى خلفه كله.
وتوصيف إنسان العين بقوله :  الذي يكون النظر واردة فالوصف بقوله : وهو المعبر عنه بالبصر إشارة إلى وجه تسمية إنسان العين بالإنسان وهو كونه بحيث يبصر ويؤنس به.
ولهذا فرع عليه قوله : فلهذا سمي إنسانا.
وقوله : وهو للحق بمنزلة إنسان العين إشارة إلى أن وجه التسمية كما أنه متحقق في إنسان العين كذلك متحقق في الكون الجامع.
وقوله : فإنه به نظر الحق تعليل له.
ولو حمل قوله : فلهذا سمي إنسانا على أن معناه فلكون الكون الجامع بمنزلة إنسان العين للحق سبحانه . سمي ذلك الكون الجامع إنسانا .
و جعل قوله : فإنه نظر الحق علة له لا لما ذكر في الوجه الأول كان علة للعلية كما لا يخفى.
وإذا تحقق وجه تسمية إنسان العين بالإنسان الكون الجامع فكما يناسب تسمية إنسان العين به كذلك يناسب تسمية الكون الجامع بالإنسان بواسطة تسمية إنسان العين به ، فإن العكس أولى كما لا يخفى وعلى هذا التقدير هذا الكلام وجه واحد للتسمية لا رجحان.
ويمكن أن يجعل وجهين :
أحدهما : قوله لعموم النشأة، فإن عموم النشأة وحضرة الحقائق كلها تقتضي أن يكون له مع كل حفيفة نسبة مخصوصة بها أنس بالکل وأنس الكل به ، فيتحقق معنى الأنس فيه .
وثانيها : قوله: وهو للحق بمنزلة إنسان العين لأنه يفهم منه وجه تسمية إنسان العين به وهو متحقق بعينه في الكون الجامع کما عرفت.
ثم اعلم أن الشيخ الكبير رضي الله عنه أورد في كتاب "الفكوك" أن الإنسان الكامل الحقيقي هو البرزخ بين الوجوب والإمكان والمرأة الجامعة بين صفات القدم وأحكامه و بين صفات الحدثان .
وهو الواسطة بين الحق والخلق وبه ومن مرتبته يصل فیض الحق والعدد الذي هو سبب بقائه ما سوى الحق إلى العالم كله علوا وسفلا.
ولولاه من حيث برزخيته التي تغاير الطرفين لم يقبل شيء من العالم المدد الإلهي الوحداني لعدم المناسبة والارتباط ولم يصل إليه . انتهى كلامه.
وكان الشيخ رضي الله عنه ما أراد بنظر الحق به إلى خلقه ورحمته عليهم إلا وصول الفيض من مرتبته إليهم
.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: