الفقرة التاسعة والعشرون الجزء الثاني .السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

الفقرة التاسعة والعشرون الجزء الثاني .السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السبت، 29 يونيو 2019

الفقرة التاسعة والعشرون الجزء الثاني .السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


الفقرة التاسعة والعشرون :الجزء الثاني
كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940 هـ:
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولهذا كان آدم خليفة فإن لم يكن ظاهرا بصورة من استخلفه فيما استخلفه فيه فما هو خليفة، وإن لم يكن فيه جميع ما تطلبه الرعايا التي استخلف عليها- لأن استنادها إليه فلا بد أن يقوم بجميع ما تحتاج إليه- وإلا فليس بخليفة عليهم. فما صحت الخلافة إلا للإنسان الكامل، فأنشأ صورته الظاهرة من حقائق العالم وصوره وأنشأ صورته الباطنة على صورته تعالى. )
قال الشيخ المصنف رضي الله عنه : [ ولهذا كان آدم خليفة. فإن لم يكن ظاهرا بصورة من استخلفه فيما استخلفه فيه فما هو خليفة، و إن لم يكن فيه جميع ما تطلبه الرعايا التي استخلف عليها، لأن استنادها إليه فلا بد أن يقوم بجميع ما تحتاج إليه و إلا فليس بخليفة عليهم ] .

قال الشيخ الشارح رضي الله عنه :
(ولهذا ): أي لحصول هذه الجمعية، و هي جمع النسبتين .
( كان آدم خليفة) وأعطاه الله تعالى من القوة بحيث أنه ينظر في النظرة الواحدة إلى الحضرتين، فيتلقّى من الحق، و يلقي إلى الخلق من حيث أنه حق خلق في مقام جمع الأضداد و منزله، و يكون بين هاتين النسبتين كالبرزخ يقابل كل نسبة منها بذاته.
فإنه لا ينقسم في ذاته فيقابل بعينيه التي قابل بها أحدهما الأخرى، و ما ثمة إلا ذاته كالجوهر الفرد بين الجوهرين أو الجسمين يقابل كل واحد منهما بذاته لأنه لا ينقسم، فلا يكون له جهتان مختلفان في حكم العقل.
و إن كان الوهم يتخيل ذلك لأن حقيقة البرزخ ألا يكون فيه برزخ و هو الذي يلتقي أمرين بينهما بذاته، فإن التقى الواحد منهما بوجه غير الوجه الذي يلتقي به الآخر، فلا بد أن يكون ما ينهما برزخ حتى يفرّق بين الوجهين حتى لا يلتقيان فإذا ليس ببرزخ .
قال تعالى: "بينهُما برْزخٌ لا يبْغِيانِ" [ الرحمن: 20] إشارة إلى ما ذكرناه، فإذا كان اللغة الوجه الذي يلتقي به الآخر فذلك هو البرزخ الحقيقي، فيكون فاصلا بين الشيئين مع وحدة الوجه .
فـ (البرزخ) يعلم بالحواس لأن ما له عين في الخارج و لا يدرك و يعقل و لا يشهد .
ذكره رضي الله عنه في الباب الثاني و الثمانين و ثلاثمائة من »الفتوحات« .
فهكذا رتبة الإنسان الكامل من حيث حقيقته و لطيفته يقابل بوجه الحقّ من حيث نسبة التنزيه، و بذلك الوجه بعينه يقابل نسبة الحق من حيث نسبة التشبيه.
و كما أن الحق الذي هو الموصوف بهاتين النسبتين واحد في نفسه، و أحديته و لم يحكم عليه هاتان النسبتان بالتعداد و التكاثر في ذاته.
كذلك العبد الكامل الخليفة في مقابلة الحق واحدة، و العين من العبد واحدة، و لكن عين العبد ثبوتية ما برحت من أصلها لأن الأعيان ما شمت رائحة الوجود، و لكن كساها الحق حلة وجوده فحينها باطن وجوده، و وجودها موجدها، فما ظهر إلا الحق تعالى و لا غير حتى يظهر، فافهم .

( فإن لم يكن ظاهرا بصورة ما استخلفه فيما استخلفه فيه ما هو خليفة) . اعلم أن الحكم في الأشياء كلها و الأمور جميعها، إنما هو للمراتب لا للأعيان، و لها النصب و العزل كانت ما كانت، وأعظم المراتب و أعلاها هو (الألوهية).
أنزلها العبودية فما ثمة الأمر ثبتان، فما ثمة إلا ربّ و عبد، و لكن للألوهية أحكام مختصة به لا يقتضي الغير، بل بنفسه لنفسه و هي كوجوب ذاته لذاته، و الحكم بغناه عن العالم، و نعوت الجلال كلها، و نفي المماثلة و أحكام ما يقتضي بذاتها عين الغير كالكرم و الجود و الرحمة.
فلا بد من عين عبد، و العبد في المرتبة العبودية فمرتبة العبد تطلب أحكامها من كونه عبدا العبد من طينة مولاه، فلا بد أن يكون ظاهرا بصورته خصوصا إذا استخلفه.
فلا بد أن يخلع عليه من استخلفه من صفاته ما تطلبه مرتبة الخلافة لأنه إن لم يظهر بصورة من استخلفه فلا يتمشّى له حكم في أمثاله، و ليس ظهوره بصورة من استخلفه سوى ما تعطيه مرتبة السيادة فأعطته رتبة الخلافة و رتبة العبودية لا يمكن أن يصرفها إلا في سيده الذي استخلفه كما أن له أحكاما لا يصرفها إلا فيمن استخلف عليه.
و الخلافة صغرى و كبرى فـ (أكبرها) التي لا أكبر منها الأمانة الكبرى على العالم.
و(أصغرها) خلافة الشخص على نفسه و التي بينهما ينطلق عليها صغرى بالنسبة إلى ما فوقها و هي بعينها كبرى بالنظر إلى ما تحتها، و أما تأثير العبد من كونه عبدا في سيده فهو قيام السيد بمصالح عبده لينفي عليه حكم السيادة، و أما التأثير الذي  يكون للعبد من كونه خليفة فيمن استخلفه كان المستخلف من كان فهو أن يبقى له عين من استخلفه لينفد حكمه فيه أيضا، فإن لم يكن كذلك فليس بخليفة .

هذا قوله رضي الله عنه(فإن لم يكن ظاهرا بصورته فما هو خليفة) .
قال رضي الله عنه: فإذا أراد الله تعالى تعظيم عبد من عباده عدل به عن منزلته، و كساه خلعته، و أعطاه أسماه، و جعله خليفة في خلقه، و ملكه زمام الأمر، و كمل الغاشية بين يديه، و أعطي الحكم له ليعطي مرتبة حقها، فإن الحضرة في الوقت له، و الوقت وقته، و الحكم للوقت في كل حاكم  كان من كان .
ألا ترى الحق أنه يقول عن نفسه أنه: "كُلّ  يوْم هُو في شأنٍ" [ الرحمن: 29] فهو يحسب الوقت لأنه لا يعطي إلا بحسب القابل فالقبول وقته حتى تجري الأمور على الحكمة .
قال صلى الله عليه و سلم : " لا يؤمن الرجل في سلطان أحد و لا يعقد على كريمته إلا بإذنه" .
فإن الخليفة إذا دخل أحد من رعيته، فـ (الأدب الإلهي) المعتاد يحكم عليه بأن يقبل حكم صاحب الدار، فحيث ما أقعده يقعد ما دام في سلطانه.
و ذلك من حكم المنزل عليه، و جعل الرئيس مرؤوسا، أما ترى وجود العالم ما ظهر إلا بإظهار الحق إيجاده، ثم تأخّر المتقدم، و تقدّم المتأخر، فلم يظهر للعلم بالله عين حتى أظهر به العلم بالعالم، قال صلى الله عليه و سلم : "من عرف نفسه فقد عرف ربه" .
فإن الأمر لا يظهر إلا بما تواطئوا عليه، و إذ ظهر لهم فعلا، فلم يظهر لهم إلا بما ألفوه في عادلتهم، و هذا من عاداتهم، و هذا من عاداتهم.
ذكره رضي الله عنه في الباب الحادي  و الثلاثين و أربعمائة من "الفتوحات" :
و إن لم يكن فيه جميع ما تطلبه الرعايا و من ( الرعايا) العقل الأول: و هو الوجود الأول الإبداعي .
و كذلك النفس: هو الوجود الانبعاثي فلهما وجوب الوجود بالغير فيزيلان الاستناد إلى الوجوب الذاتي، فكيف يكون؟
و إن لم يكن الخليفة بهذا الوصف، فأني يمكنه ذلك.
فافهم أن الخلفاء كالحبوب من الحبة، و النوى من النواة، فيعطي كل حبة ما أعطت الحبة الأصلية لاختصاصها بالصورة على الكمال، و هذا من لباب العلم بالله الذي أعطاه كشف أهل الكشف و الشهود، فمن كان عارفا بمواقع خطاب الإلهيين و تنبيهاتهم و إشارتهم فقد عرفوه حقيقة الأمر لأنهم يدعون إلى الله على بصيرة و لهم فصل الخطاب .
قال تعالى: "و على اللّهِ قصْدُ السّبيلِ " [ سورة النحل: 9] .
فإذا عرفت ما أوردناه في هذا المبحث، وقفت على الأسرار الإلهية وعلمت مرتبة عباد الله الذين هم بهذه المثابة أين تنتهي المرتبة بهم؟ فافهم .
( التي استخلف عليها) لأن استنادها إليه فلا بد أن يقوم بجميع ما تحتاج إليه و احتياج الوجوب بالغير للاستناد إلىالوجوب الذاتي ظاهر، فافهم .
و يشير إلى هذا المعنى قوله رضي الله عنه في الباب الأربعين من الفتوحات :
و عندي أن العالم هو عين العلة و المعلول و ما أقول إن الحق علة له كما انتصر له بعض النظار يعني: الإمام الغزالي فإن ذلك غاية الجهل بالأمر.
فإن القائل بذلك ما عرف الوجود و لا من هو الموجود فلا بد أن ينتهي الأمر إلى واجب الوجود الذي هو نهاية العلل.
وإلا يلزم الدود و التسلسل على رأيهم و إلا فليس بخليفة عليهم فخلق على صورته و مكّنه بالصورة من إطلاق جميع أسمائه فردا فردا أو بعضا بعضا.
ولا ينطلق عليه مجموع الأسماء معا في الكلمة الواحدة، يتميز الرب من العبد الكامل فما من اسم من الأسماء الحسنى و كل أسماء الله الحسنى ألا و للعبد الكامل أن يظهر بها، كما له أن يدعو سيده بها بلا تخصيص ولا تخصص .
أمّا وجوب الوجود فقد أظهرت لك شأنه إن كنت فاهما غير مرة، و أما الغنى الذاتي .


فاعلم أنه رضي الله عنه قال في الفنوحات الباب التاسع و السبعين و ثلاثمائة:
إنه في الخبر الصحيح و النص الصريح أن العبد يصل إلى مقام يكون الحق تعالى من حيث هويته جميع قواه، و هو سبحانه الغنيّ لذاته الذي يمكن إزالته عنه فإذا أقام الله عبده في هذا المقام فقد أعطاه صفة الغنىّ عن كل شيء لأن هويته هو عين قوي هذا العبد .
و ليس ذلك من تقاسيم الأعطيات إلا الإيثار فقد أثر بما هو له لهويته التي هي عين العبد، و هذا من بعض محتملات ما ذكر من القوم و هو أن الفقير لا يحتاج إلى الله لأنه فان في نفسه باق بالغنى على الإطلاق .

قال رضي الله عنه: و هذا من علوم الأسرار التي لا يمكن بسط التعريف فيها إلا بالإيماء لأهلها أشجعهم للعمل عليها فإنه في غاية من الخوف لقبولها و كيف الاتصاف بها ؟ فافهم و تحفّظ .
فإنها أخت مسألة وجوب الوجود في الغرابة و الندرة التي لا تجدها في كتب الصوفية لأنها دون ذوق المحققين المتصفين بالإطلاق فافهم .
"" أضاف الجامع عن آدم عليه السلام عند الشيخ الأكبر وفي الإصطلاح الصوفي :
قال الشيخ فريد الدين العطار: " آدم : هو كنز من كنوز الذات الإلهية . كان خفيا في هذا الكنز ، فلما ظهر بدت معه أسرار كثيرة من الحقيقة الإلهية ، وثارت ثائرة العالم.
يقول  الشريف الجرجاني آدم عليه السلام : آدم هو أحدية جمع جميع الصور البشرية " .
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي : " آدم : هو مظهر لاسم الله ".
يقول الشيخ مصطفى بالي زادة أفندي: " آدم: هو الروح الكلي المحمدي لا آدم الذي خلق من طين ، وهو الخليفة وهو العقل الأول ".
يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي آدم :  محل ظهور صفة اللطف الإلهي .
يقول الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السويدي: " آدم: هو الإنسان الحادث الأزلي، والنشئ الدائم الأبدي، والكلمة الفائضة الجامعة، والحكمة البالغة البارعة ".
يقول الشيخ أبو العباس التجاني: " آدم: هو الموجود الأخير من الموجودات، وهو المعبر عنه عند العارفين بالتجلي الأخير واللباس الأخير ".
يقول الشيخ عبد القادر الجزائري: " آدم عليه السلام : هو مجمع جميع الأسماء الإلهية التي توجهت على العالم، فإن الحق تعالى توجه على كل مخلوق باسم خاص، وتوجه على آدم بجميع الأسماء التي تطلب العالم، فهو يدل على جميع الأسماء " .
تقول الدكتورة سعاد الحكيم: " إن (آدم) عند الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي هو تلك الشخصية التي سبق الكلام عليها في القرآن. وأنه رمز للحقيقة الإنسانية، وللإنسان الكامل، الذي جمع في حقيقته كل الحقائق المنتشرة في الأكوان .
فهو ( الكون الجامع ) وهو ( روح العالم ) وهو (خليفة الله في الأرض) وهو النفس الواحدة التي خلق منها هذا النوع الإنساني.
يقول الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي:
" لما شاء الحق سبحانه من حيث أسماؤه الحسنى التي لا يبلغها الإحصاء أن يرى أعيانها، وإن شئت قلت: أن يرى عينه في كون جامع يحصر الأمر كله ، أوجد العالم كله وجود شبح مسوى لا روح فيه، فكان كمرآة غير مجلوة .
فآقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فكان آدم عين جلاء تلك المرآة وروح تلك الصورة فسمي هذا المذكور (آدم) إنسانا وخليفة " .
ويقول: " فآدم هو النفس الواحدة التي خلق منها هذا النوع الإنساني " .
ويقول: " آدم : هو صفة الذكورية الفاعلة في مقابل الأنثى المنفعلة (حواء)، ومحل الإجمال بالنسبة لمحل التفصيل (حواء).
ويقول: " آدم:  لجميع الصفات، وحواء لتفريق الذوات، إذ هي محل الفعل والبذر ".
ويقول: " في حين يتبوأ (آدم) في المعنى السابق مرتبة الإجمال في مقابل (حواء) مرتبة التفصيل، نرى هنا أنه يظهر في مرتبة التفصيل في مقابل (محمد) الذي له الجمع.
ويقول: آدم الأرواح : هو سيدنا محمد.
ويقول آدم الحقيقي: هو النفس الناطقة الكلية التي تتشعب عنها النفوس الجزئية.
ويقول : " محمد للجمع، وآدم للتفريق ".
كما يفرد الشيخ الأكبر الصفحات في كلامه على البسملة، ليبين كيف أنها تبدأ بآدم وتنتهي بمحمد، فآدم بداية الأمر ومحمد نهايته.
ويقول: " (فالرحيم) هو محمد و (بسم) هو أبونا آدم، واعني مقام ابتداء الأمر ونهايته " .
وواضح من كلمة ابتداء الأمر ونهايته: أن آدم هو أول ظاهر بمجموع الحقائق، ومحمد خاتم الظاهرين بمجموع الحقائق.
وتضيف الدكتورة سعاد الحكيم من نوادر الفكر الصوفي، وهي ما يتعلق بوجود أكثر من آدم في الوجود فتقول:
ينوه شيخنا الأكبر بوجود مائة ألف آدم، وإن كانت الفكرة غير جلية إلا أننا من خلال نصين سنوردهما نستطيع أن نتبين مراده من وجود مائة ألف آدم وعلاقة ذلك بالخلق. فإن الله لم يزل ولا يزال خالقا، والآجال في المخلوق لا في الخلق فيقول:
" لقد أراني الحق تعالى فيما يراه النائم وأنا طائف بالكعبة مع قوم من الناس لا أعرفهم بوجوههم.
فقال لي واحد منهم وتسمى لي باسم لا أعرف ذلك الاسم، ثم قال لي: أنا من أجدادك.
قلت له: كم لك منذ مت.
فقال لي: بضع وأربعون ألف سنة.
فقلت له: فما لآدم هذا القدر من السنين.
فقال لي: عن أي آدم تقول؟! عن هذا الأقرب إليك أو عن غيره؟
فتذكرت حديثا عن رسول الله:إن الله خلق مائة ألف آدم "."
كما يروي الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي هذه الرؤيا للنبي إدريس {عليه السلام} في معراجه، يقول:
قلت (ابن العربي الطائي الحاتمي للنبي إدريس): رأيت في واقعتي ، شخصا بالطواف أخبرني أنه من أجدادي وسمى لي نفسه فسألته عن زمان موته.
فقال لي: أربعون ألف سنة، فسألته عن آدم لما تقرر عندنا في التاريخ لمدته.
فقال لي: عن أي آدم تسأل عن آدم الأقرب؟
فقال إدريس {عليه السلام}: صدق، إني نبي الله ولا أعلم للعالم مدة نقف عندها بجملتها إلا أنه بالجملة لم يزل خالقا ولا يزال دنيا وآخرة، والآجال في المخلوق بانتهاء المدد لا في الخلق ..
قلت: فعرفني بشرط من شروط اقترابها (الساعة)؟
فقال: وجود آدم من شروط الساعة .
الدكتورة سعاد الحكيم ترى إن للفظة (آدم) عند الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لها ثلاثة معاني اصطلاحية إضافة إلى المعنى العام الوارد الإشارة إليه في القرآن الكريم وهو الشخصية النبوية. وتلك المعاني الاصطلاحية هي:
1. أنه يمثل الحقيقة الإنسانية، أو ما يعرف بـ (الإنسان الكامل).
2. أنه يمثل مرتبة الإجمال في مقابل (حواء) التي تمثل مرتبة التفصيل.
3. أنه يمثل صفة التفصيل في مقابل سيدنا محمد الذي يمثل مرتبة الإجمال.
أقوالا أخرى للشيخ الأكبرابن العربي :
ويقول آدم: هو الإنسان الكامل الذي لا يزال العالم به محفوظا.
ويقول آدم: هو الإنسان الحادث الأزلي والنشء الدائم الأبدي، والكلمة الفاصلة الجامعة، قيام العالم بوجوده، فهو من العالم كفص الخاتم من الخاتم، وهو محل النقش والعلامة التي بها يختم الملك على خزانته ".
ويقول آدم: هو الحق الخلق ، هو النفس الواحدة التي خلق منها هذا النوع الإنساني.
وهو قوله تعالى: "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ".
ومن حيث المعنى الثاني يقول:
يقول " آدم: هو كناية عن الكتاب الجامع، فهو للعالم كالروح من الجسد، فالإنسان روح العالم، والعالم الجسد.
فـ بالمجموع يكون العالم كله هو الإنسان الكبير، والإنسان فيه، وإذا نظرت في العالم وحده دون الإنسان وجدته كالجسم المسوى بغير روح ".
ويقول آدم: هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال ".
ويقول: " إن الله اختصر من هذا العالم مختصرا مجموعا يحوي على معانيه كلها من أكمل الوجوه سماه آدم وقال: إنه خلقه على صورته ".
ويقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي يقول: " ابن آدم: هو طلسم لا يدرى به إلا من اجتباه الله، وأطلعه على سره الغامض فيه.
فمن السر: أنه مرقوم على كفه الأيمن رقم 18، وعلى كفه الأيسر رقم 81، ومجموع الرقمين 99 أعني: أسماء الله الحسنى، يتجلى بها عليه على حسب استعداده من الأزل". أهـ
يقول الشيخ رضي الله عنه :
رأيت الحق في الأعيان حقا ... وفي الأسما فلم أره سوائي
ولست بحاكم في ذاك وحدي ... فهذا حكمه في كل رائي
وعند المثبتين خلاف هذا ... هو الرائي ونحن له المرائي.  ""

قال الشيخ المصنف رضي الله عنه : [فما صحت الخلافة إلا للإنسان الكامل، فأنشأ صورته الظاهرة من حقائق العالم وصوره وأنشأ صورته الباطنة على صورته تعالى.]
قال سيدنا الشارح رضي الله عنه :
( فما صحت الخلافة إلا للإنسان الكامل) فإن له الجمع بين الصورتين، فهو الأول من حيث الصورة لأنه خلق على صورته و الآخر من حيث الصورة لأنه خلق على صورته و الآخر من حيث الصورة الكونية، و الظاهر بالصورتين من حيث الخلافة و الباطن من حيث صورته لأنه على صورة الرحمن بخلاف العالم فإنه لا يقبل هذه الجمعية فافهم .
( فأنشأ صورية الظاهرة من حقائق العالم و صوره) و هي الحقائق الكلية و مقر ذاته فإن الصورة للأعيان الخارجية من حيث الأفراد و الأشخاص .
قال رضي الله عنه: إن جميع العالم برز من العدم إلى الوجود إلا الإنسان الكامل وحده،
فإنه ظهر من وجود إلى وجود، من وجود فرق إلى وجود جمع.  فتغير الحال عليه من افتراق إلى اجتماع.
و العالم تغير عليه الحال من عدم إلى وجود، فبين الإنسان والعالم كبين الوجود و العدم .
فلهذا قال تعالى: "ليس كمِثلهِ شيْءٌ" [ الشورى: 11] من العالم فافهم .
( و أنشأ صورته الباطنة على صورته تعالى) .
ورد في الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان البخاري و مسلم رحمهما الله : "إذا قاتل أحدكم أخاه فليتجنب الوجه إن الله خلق آدم على صورته" .
بإعادة الضمير إلى آدم لم يبطل المعنى المراد يعني: خلق آدم على صورته: أي صورة آدم التي كانت في العلم بمعنى طابقت صورته الحسية صورته العلمية .
لأن المثال الذي وجد العالم عليه هو العلم القائم بنفس الحق، فإنه سبحانه علمنا بنفسه و أوجدنا على حد ما علمنا و نحن على هذا الشكل المعين.
و لا شك أن مثل الشكل هو القائم بعلم الحق تعالى و لو لم يكن الأمر هكذا إلا أخذنا هذا الشكل بالاتفاق لا عن قصد و ليس كذلك.
ولو لا الشكل في نفسه تعالى ما أوجدنا عليه و لو لم يأخذ هذا الشكل من غيره لأنه ثبت كان الله ولا شيء معه إلا أن يكون ما برز عليه في نفسه من الصورة علمه.
فعلمه بنا علمه بنفسه، و علمه بنفسه أزلا عن عدم فعلمه بنا كذلك، فنحن كذلك.
فمثالنا الذي عين علمه بنا قديم بقدم الحق لأنه وصف له و لا تقوم بنفسه الحوادث جلّ الله عن ذلك فافهم .
فإنه له من لباب العارف، فلمّا أنشأ صورته على صورته فللإنسان في كل حضرة إلهية نصيب لمن عقل و عرف لأنه صورته .
.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: