السبت، 29 يونيو 2019

الفقرة الحادي والعشرون الجزء الثاني .السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

الفقرة الحادي والعشرون الجزء الثاني .السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

الفقرة الحادي والعشرون الجزء الثاني .السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


الفقرة الحادي والعشرون :الجزء الثاني 
كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940 هـ:قال الشيخ رضي الله عنه : (ولما اقتضاه لذاته كان واجبا به. ولما كان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من كل شيء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتي فإن ذلك لا يصح في الحادث وإن كان واجب الوجود ولكن وجوبه بغيره لا بنفسه. )
قال المصنف رضي الله عنه : [و لما اقتضاه بذاته كان واجبا به ]
قال الشارح رضي الله عنه :
أي واجبا بواجب الوجود لأن الذاتيات لا تتخلف عن ذواتها، و الأشياء إذا اقتضت الأمور لذواتها لا للوازمها و إعراضها لم يصح أن تتبدل ما دامت ذواتها .
و الذوات لها الدوام في نفسها لنفسها فالمقتضى الذاتي كذلك، فإني أدرجت لك في هذه العبارة إشارات لم يسعها أواني الألفاظ و ظروف الحروف، و أدرجت فيها معان غير واهية، و تعيها أذن واعية، فافهم .

قال المصنف رضي الله عنه : [ و لما كان استناده إلى من ظهر عنه لذاته اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من كل شيء من اسم و صفة، ما عدا الوجوب الذاتي فإن ذلك لا يصح للحادث و إن كان واجب الوجود و لكن وجوبه بغيره لا بنفسه .]

قال الشارح رضي الله عنه :
( و لما كان استناده إلى من ظهر عنه لذاته) لا لأمر عرضي اقتضى أن يكون على صورته .
قال الله تعالى: "قلْ كُلٌّ  يعْملُ على شاكلتهِ " [ الإسراء: 84] .
ورد في الخبر الصحيح : "إن الله خلق آدم على صورته". رواه الشيخان البخاري و مسلم رضي الله عنهما .
أي لما كان استناد المحدث إلى المحدث من اقتضاء ذاتي من المحدث الفاعل، و ذلك لأنه متصوّر الحق تعالى لما جاء في الحديث ذكر الصورة، فعلمنا أن الله تعالى إنما أراد خلقه على الصورة من حيث أنه يتصوّر إلا من حيث ما يعلمه من غير تصور.
فكل ما يتصوّره المتصورون فهو عينه لا غيره كان من كان لأنه ليس بخارج عنه.
ولا بد للعالم أن يكون متصوّرا له على ما تظهر عينه إذ لم يبق في الإمكان معنى إلا و قد ظهر في العالم متصور، ولا خفاء أن الشكل و الصورة يألف شكله و صورته و هو الإنسان الكامل الذي لا يماثل في "ليس كمثله  شيء"، و هو محل الجمع لصورة الحضرة الإلهية و لصورة العالم الكبير، و انفصل من جميع المولدات لأن جميع المولدات ما عدا الإنسان الكامل موجود عن العالم، فهو أم بغير أب كوجود عيسى عليه السلام من حيث الطبيعية، بخلاف الإنسان الكامل فإنه بين أب و أم، فافهم .

قال رضي الله عنه في الباب الثامن و الثمانين و مائتين من الفتوحات بعد ذكر هذه المسألة: 
و إنما نبهتك على هذا لئلّا تقول أن جميع المولدات وجدت بين الله و العالم و ما كان الأمر كذلك، و إلا فلا فائدة لقوله صلى الله عليه و سلم : "خلق آدم على صورته". 
ولا كما يتوهمه بعض أصحابنا بل شيوخنا من كونه ذاتا و سبع صفات، فإن ذلك غير صحيح .
فإن الإنسان الحيواني معلوم أن له الذات و الصفات، بل لكل حيوان كما للإنسان الكامل، و إن كان التفاوت بالنقصان و الزيادة و ليس الأمر في نفس الأمر كذلك، بل كان يبطل اختصاص الإنسان الكامل بالصورة، فابحث على هذا الكنز حتى يفتح الله عليك كما فتح به على من يشاء من عباده، انتهى كلامه رضي الله عنه .
و إنما خلقت على صورته حتى تطلع منك على ما أخفاه فيك من قرة أعين، بل حتى تطلع على ما في نفسه تعالى .
قال رضي الله عنه: العلم الذي يعطي السعادة للعبد هو العلم الذي يعلم ما في نفس الحق و لا يعلم ذلك أحد من خلق الله إلا بإعلام الله .
قال تعالى: "و لا يحِيطون بشيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إلّا  بما شاء " [ البقرة: 255] .
قال الله تعالى عن الكامل عليه السلام: إنه قال اعترافا أو تأدبا بأدب النبوّات: "تعلمُ ما في نفْسِي" أي من حيث أنه عينها .
"ولا أعْلمُ ما فِي نفْسِك" [ المائدة: 117] من حيث أني غيرك في هذا الموطن .

يقول: المحمّدي الذي يغبطه النبيون يوم الفزع الأكبر بلا خوف و لا فزع، وأعلم ما في نفسك، وذلك إمّا من مقام من عرف نفسه فقد عرف ربه لأن نفسه استهلكت و فنيت.
و ما قال ما قال إلا بلسان الذات هذا كمالهم عند البقاء، فلا يعلم ما في نفسه سواه لأن هذا لسان الولاية، و الله الولي الحميد و على ما نقول شهيد، فافهم .
وإن خرجنا عن المقصود و لكن ما خرجنا بالكلية، بل نحن ندندن حواليه، و أردت أن أظهر لك هذه الإشارة لتكون لك بشارة إن كنت من المحمّديين حتى تعرف قدر سيدك صلى اللّ ه عليه و سلم، و قدر وارثيه لتعلم معنى قوله صلى الله عليه و سلم : "أوتيت جوامع الكلم".
و قوله صلى الله عليه و سلم : "علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل".
كما قال القطب الوارث في هذا المقام: أوتيتم اللقب، و أوتينا ما لم تؤتوا، فافهم . 
فإن قيل: إذا كان ظهوره على الصورة، فما هذا التغير الذي يطرأ على الإنسان في نفسه، وصورة الحق لا تقبل التغير الذي يطرأ على الإنسان في نفسه؟ 
قلنا: إن الله تبارك وتعالى قال في هذا المقام: "سنفْرغُ لكُمْ أيُّه الثّقلانِ" [ الرحمن: 31] . 
و قال صلى الله عليه و سلم : "إن الحق يتجلى في أدنى صورة". رواه البخاري ومسلم  
لم يتحول عند إنكارهم إلى الصورة التي عرفوها فيها بالعلامة التي يعرفونها، فقد أضاف إلى نفسه هذا المقام وهو العلي عن مقام التغير بذاته، ولكن التجليات الإلهية في المظاهر على قدر العقائد، فيختلف باختلافها.
وبهذا الاعتبار ارتفع الاعتراض الوهمي تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا .

"" قال سيدي عبد الوهاب الشعراني: يا أخي : (أن للحق تبارك وتعالى تجليين تجلي في رتبة الإطلاق حيث لا خلق، وتجلي في رتبة التقييد بعد خلق الخلق، ولكل من هذين التجليين جاءت الشرائع والأخبار الإلهية، فمن قال بتنزل الحق تعالى في مرتبة التقييد على الدوام أزلا وأبدا کالمجسمة والحلولية والقائلين بالاتحاد أخطأوا، ومن قال بعدم التنزل من مرتبة الإطلاق على الدوام أبدا كالمنزهة فقد أخطأوا، فرجع يا أخي كل كلام يعطي التنزيه إلى مرتبة الإطلاق، وكل كلام يعطي ظاهره التشبيه إلى مرتبة التقيد،  يرتفع الخلاف عندك والتعارض من جميع الآيات والأخبار) انتهى . ""

"" أضاف المحقق: أعلم يا أخي أن تجلى الإطلاق هو: كل ما أشعر بعدم وجود العالم المشار إليه بس كان الله ولا شيء معه.
وتجلي التقييد هو: كل ما أشعر بعدم وجود العالم المشار إليه بـ «كان الله ولا شيء معه.
و تجلي التقييد هو: كل ما أشعر بوجود العبد مع الرب من سائر حضرات الأسماء الإلهية .
فتجلى الإطلاق هو: تجليه تعالى في ذاته لذاته على الدوام، وذلك لا يكون إلا في حضرة الاسم (الله) ، والاسم (الأحد)
و تجلي التقييد هو: تجليه تعالى لعباده في بقية الأسماء التي تطلبهم: كالرب، والخالق، والرازق، والرحمن، والمعز، والمذل، والمنتقم، وغيرها من سائر ما علمناه، وما استأثر الله بعلمه؛ فإن الرب يطلب المربوب و جودا وتقديرا في العلم الإلهين، ولا يعقل إلا معه، وكذلك الخالق وما بعدها
وأما حضرة الذات التي هي تجليه تعالى في الاسم الله أو الاسم الأحد فلا تطلب شيئا من العالم، "ومن جاهد فإنما يجاهد نفسه إن الله لغني عن العالمين" [العنكبوت:6].
ولذلك كان لا يعقل لحضرها أحكام، ولا يصح أن يؤخذ عنها بشرائع ولا أحكام؛ اذ ليس معها سواها.
وتأمل يا أخي لو يقع التجلي في رتبة التقييد ، كان التحلي في رتبة الإطلاق كما كان قبل حلق الخلق المشار إليه ب «كان الله ولا شيء معه» من كان معه حتى بتلقي عنه شرائع، ومن كان هناك يعمل بما أو لا يعمل من أهل القبضتين.
وأنشدوا:
قد كان ربك موجودا ولا معه     …. شيء سواه ولا ماض ولا ات
فلما خلق الله تعالى الخلق وتجلى في رتبة التقيد التي هي كناية على المرآة المنطبع فيها صور الموجودات أجمع وسمي لنا نفسه بالأسماء الطالبة لأهل حضراتها.
ولا بد لك أيضا من إثبات من تحكم فيه حضرات الأسماء الإلهية: کـ المعز، والمنتقم، والغفور، فإن أثر هذه الأسماء في حق الحق محال .
فقد بان لك أنه تعالى من حين أظهر الخلق ما تجلى لهم قط في رتبة الإطلاق؛ لأن هذه الرتبة تنفي بذاتها وجود غيرها معها، وما تجلى بعد إظهار هم إلا في رتبة التقييد.
ومن لازم شهود أهل العقول أنفسهم معه التحييز والتحديد والحصر؛ إذ المقيد لا يشهد إلا مقيدا، وأما الإطلاق فإنما يعلم فقط بالإعلام الإلهي لا بالعقل.
ولذلك قررنا غير ما مرة أن أعلى مشاهدة العبد أن يرى إطلاق الحق تعالى وتقييد الكون، فهذا إذا حقيقة وحدته تقيدا.
فإن أصل التقييد وسيبه إنما هو التمييز ، حتى لا تختلط الحقائق، وقد صار الحق تعالى في قلب هذا الشاهد مقيدا بالإطلاق؛ لأن الإطلاق بلا مقابل لا يعقل، ولو كان التجلي في كل صورة في العالم.
وبلغنا عن الشيخ محيي الدين ابن العربي رحمه الله : 
أنه كان يقول بإدراك نجلى الإطلاق ذوقا، وهذا لا يصح إلا عند من يقول أن الحق تعالى يقبل حكم كل ممكن من حيث أنه عين الوجود.
بل ولو قيل بذلك لا يتخلص له إلا عند فنائه، لا في حال بقائه مع الحق، وحينئذ فما رأى إطلاق الحق إلا الحق، فافهم.
وإياك والغلط؛ فإنه لا حلول ولا اتحاد ولا يلحق عبد رتبة ربه أبدا، ولو صار الحق تعالی سمعه وبصره وجميع قواه فإن الحق تعالى قد أثبت عين العبد معه بالضمير في قوله في الحديث القدسي: «كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به»، إلى أخر النسق.
فإن قيل: إن كلام الحق تعالى قديم، وقد قال الله تعالى"هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش" [الحديد: 4].
وهذا يشعر بأنا معه في الأزل، كما يقول بذلك الفلاسفة.
قلنا: التحقيق أن العالم كله قدم في العلم الإلهي حادث في الظهور .
وقد قال صلى الله عليه وسلم: «كان الله ولا شيء معه»،
وأجمع المحققون على أن المراد بـ (كان) الوجود، لا أنها على صورة (كان) التي هي من الأفعال الماضية، فهو حرف وجودي، لا فعل يطلب الزمان، كما يتوهمه بعضهم.
حتى أنهم أدرجوا في الحديث: (وهو الآن على ما عليه كان لتخيلهم أن تصريفها كتصريف الأفعال.
کـ کان ويكون وكائن ومكون، فمعنى الحديث: الله موجود ولا شيء معه في حضرة ذاته: أي ما ثم من وجوده واجب لذاته، إلا هو وحده. ""
فلمّا كان الإنسان على الصورة اقتضى أن يكون سريع التغيير كثير الخواطر، فلا يزال يتقلب في كل نفس لو ظهرت لرأيت عجبا لكونه على صورة الأصل .
و هو كل يوم هو في شأن، فمن المحال ثبوت العالم زمانين على حالة واحدة، فلا يزال يتقلب في كل آن، يسمّي الخواطر بحكم الأصل الذي كل يوم هو في شأن، فأصل التغيير من تغيير الأصل الذي يمدّه، و ذلك لما علمنا أنه الدهر، و أن صفة الدهر الحول القلب .

و في الحديث الصحيح : "إنه تعالى يتحوّل في الصور فيعرف و ينكر". ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب والمباركفوري في التحفة.
قال الشيخ رضي الله عنه: لما رأيت اختلاف عيني و لم يستقر لي أصل، فطلبت الإقالة من وجودي . 
فقال: أما ترضى أن تكون مثلي و ليس كمثله شيء، انتهى كلامه .
فأثر الانتقالات في الأحوال من أثر كونه تعالى كل يوم هو في شأن .

قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه: و لا يشهدها كشفا إلا أصحاب الأحوال، و لا يشهدها حالا إلا أهل السياحات، و لا يشهدها علما إلا القائلون بتحدد الأعراض في كل زمان و هم طائفة من أهل الكلام القائلون بأن الأعراض لا تبقي زمانين، فافهم .
( فيما ينسب إليه تعالى من كل شي ء ): أي فيما يجوز أن ينسب إليه إمّا في أول الأمر كالاسم فإن له الأسماء، و إمّا ثانيا  كالصفة فإن له بعد نسبتها إلينا .
فلهذا قال رضي الله عنه: (من اسم )، قال الله تعالى: "لهُ الْأسْماءُ الحُسْنى يسبِّحُ لهُ ما في السّماواتِ والْأرضِ و هُو العزيزُ الحكِيمُ" [ الحشر: 24] أثبت لنفسه الأسماء .

قال رضي الله عنه في الباب الثامن و الثلاثين و ثلاثمائة من "الفتوحات": 
أعلم الخلق بالله صلى الله عليه و سلم من هذا المقام : "لا أحصي ثناء عليك". الحديث لأن الثناء بالأسماء و أسماؤه الحسنى لا تحصى، فالثناء عليه لا يحصى، و الألسنة تكلّ فيها و تعيي .
وأمّا الثناء من حيث التسبيح تنحصر، و تحصى، و لا تكلّ به الألسنة و لا تعني لأنه نفي عن كل وصف لا إثبات فيه .
( و صفة) و هي من النسب التي لا يجوز أن ينسب إليه تعالى في أول الأمر، بل تنسب إليه بعد نسبة ذلك إلينا .
قال الله تعالى: "سُبْحان ربِّك رب العِزِّة عمّا يصِفُون" [ الصافات: 180] أطلق و لم يقيد بصفة دون صفة، و العزة المنع من الوصول إليه  شيء من الثناء عليه .
قال الإمام الغزالي رحمه الله في بعض تصانيفه إشارة إلى هذا المقام .
والمعنى: إن الناس ينزهونه عن نقائض الصفات، و أنا أنزهه عن كمالها .
أما ترى أن بعض العلماء تنبهوا لهذا المعنى، و إن لم يلم مرضى علماء الرسوم و لكن هو حق من وجه، و ذلك أنهم لما رأوا أن المشاركة بين الحق و الخلق ما يصح حتى في إطلاق الألفاظ عليه .
فإذا قيل لهم: إنه موجود.
قالوا: ليس بمعدوم.
و إذا قيل: إنه عالم.
قالوا: ليس بجاهل .
و هكذا جمع الصفات الثبوتية، فإن الحادث موصوف به و لا مشاركة، فافهم .

قال رضي الله عنه في حضرة الحضرات من "الفتوحات":
فإن الأصل التعري و التنزيه و التبري عن الصفات مطلقا و لا سيما في الله .
إذا كان أبو يزيد رضي الله عنه يقول: لا صفة لي فالحق أولى أن يطلق عن التقييد بالصفات لغنائه عن العالم لأن الصفات إنما تطلب الأكوان، فلو كان في الحق ما يطلب العالم لم يصح كونه غنيا عمّا هو طالب، فافهم .

و ذكر رضي الله عنه في الباب الثامن و الثلاثين و ثلاثمائة من "الفتوحات" : 
فانظر حكمة الله تعالى في كونه لم يحصل له صفة في كتبه، بل نزه نفسه عن الوصف .
فقال: "وللّهِ الْأسْماءُ الحُسْنى" [ الأعراف: 180] فجعلها اسما، ولم يجعلها نعوتا وصفاتا ولكن هي لنا نعوت و صفات يثني علينا بها .
قال تعالى: "بالمُؤْمِنين رؤُفٌ رحِيمٌ" [ التوبة: 128] و أذن لنا بالتخلق في الأسماء الحسنى و هو عين ما قلنا، ثم أثنينا به عليه لأنه حميد و له عواقب الثناء، فأثنى الله على نفسه بها .
و قال : "إن الكبرياء ردائي" .وهي صفة عبده و هو رداؤه، فإنه من منزل ثناء الحق على نفسه بغناه عن خلقه بخلقه، فافهم .
إن هذا عين ما سيقوله رضي الله عنه في المتن بعد سطرين .

و هو قوله: فما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف، و هكذا الأمر لما كان استناد المستند إلى المستند لذاته، اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من الأسماء.
و هو التخلق بأخلاق الله تعالى و إحصاء الأسماء الحسنى، و فيما لا ينسب إليه كالصفات لأنه تعالى جمع له التقييد و الإطلاق، كما جمع لنفسه بين التنزيه و التشبيه، فقال تعالى: "ليس كمِثلهِ شيْءٌ" [ الشورى: 12] .
و من هذا المقام قال أبو يزيد قدّس سره لما قيل له كيف أصبحت؟
فقال: لا صباح لي و لا مساء، إنما الصباح و المساء لمن تقيد بالصفة و أنا لا صفة لي، فوصف نفسه بعدم التقيد بالصفات، فإذا كانت الصفة قيدا لا يقبله العبد المقيد، فكيف تطلق على المطلق الحقيقي، و هو رضي الله عنه أشار بهذا إلى التجرد الحقيقي، فافهم . 
( غير الوجوب الذاتي) ما استفاده من أحد فإنه وصف ذاتي لا يفارقه أبدا . 

قال رضي الله عنه في الفتوحات الباب التاسع و الستين و ثلاثمائة: 
إن كل حكم في العالم لا بد أن يستند إلى نعت إلهيّ، إلا النعت الذاتي التي يستحقه الحق الذاتي و به كان غنيا، و النعت للعالم بالاستحقاق و به كان فقيرا، بل عبدا . 
و من هذا الذوق قيل: الفقير لا يحتاج فافهم، فإن المحل ما يحتمل البسط فإن ذلك: أي اقتضاؤه لذاته لا يصح في الحادث، و إن كان واجب الوجود: أي من كونه حادثا لا يصح له هذا، و إن كان يصح له وجوب الوجود من وجه آخر . 
( و لكن وجوبه بغيره لا بنفسه ): أي من حيث أنه حادث بخلاف ما نحن بصدد بيانه، فإنه من اقتضاء ذاتي من الوجه الحق، فهو واجب بوجوبه لإيجابه، فإن الذاتيات لا تفارق الذات بوجه من الوجوه و إلا يلزم خلاف المفروض، فافهم . 
قال رضي الله عنه في "الفتوحات" في الاسم الحق
إن للحق وجوب الوجود بنفسه، و للخلق وجوب الوجود لا أقول بغيره، فإن الغير ما له عين و إن كان له حكم كالنسب لا عين لها و لها الحكم . 
.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: