السبت، 29 يونيو 2019
the-first-book-of-fusus-alhikam
الفقرة السابعة والعشرون الجزء الثاني .السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

الفقرة السابعة والعشرون :الجزء الثاني
كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940 هـ:
قال الشيخ رضي الله عنه : (فالعالم شهادة والخليفة غيب، ولذا تحجب السلطان.
ووصف الحق نفسه بالحجب الظلمانية وهي الأجسام الطبيعية، والنورية وهي الأرواح اللطيفة.
فالعالم بين كثيف ولطيف، وهو عين الحجاب على نفسه، فلا يدرك الحق إدراكه نفسه.
فلا فلا يزال في حجاب لا يرفع مع علمه بأنه متميز عن موجده بافتقاره.
ولكن لا حظ له في الوجوب الذاتي الذي لوجود الحق، فلا يدركه أبدا. )
قال المصنف رضي الله عنه : [فالعالم شهادة، والخليفة غيب، ولهذا يحجب السلطان]
قال الشارح رحمه الله :
فالعالم و هو ما سوى الله تعالى على اختلاف أنواعه و أشخاصه روحا و مثالا و جسما شهادة لأنها من أحكام الظاهر، و الخليفة من حيث أنه خليفة لا من حيث أنه إنسان غيب حقيقيّ من أحكام الباطن لأنه سرّ العالم.
والسر من ثنائه أن يكون غيبا. فلو ظهر لم يكن سرا حقيقيا، و قد قلنا أنه سرّ العالم و هو أحدية جمعه و هو روح العالم و مدبره و هويته لا تزال غيبا "فلا يظهِرُ على غيْبهِ أحداً" [ الجن: 26] أبدا .
هذا وهنا إشارات لا يمكن إظهارها، وأسرار لا يقبل إبرازها، ومن هذا المقام ما ورد عن بعض المجاذيب العقلاء: إنه سكر و باح و قال: أما عرفته؟ وأمّا هو ما أعرفه هل عرفني أم لا؟
يشير إلى هذا الغيب المطلق، فافهم .
فهو يعلم غيب ربه، يعلم غيبه بنفسه، فمن عرف نفسه فقد عرف ربه .
قال تعالى: "عالمُ الغيْبِ فلا يظهِرُ على غيْبهِ أحداً . إلّا منِ ارتضى مِنْ رسُولٍ فِإنّهُ يسْلكُ مِنْ بيْنِ يديهِ ومِنْ خلْفِهِ رصداً" [ الجن: 26، 27] .
قال تعالى: "وعلّم آدم الْأسْماء كُلّها" [ البقرة: 31] و منها (الاسم الباطن)
و هو الغيب، و لهذا: أي لأجل عزة المرتبة بحجب السلطان لأن المرتبة أمر اعتباريّ لا عين لها في الخارج، فهو مستور عن أعين الشهادة لعزة المنصب بالمشاكلة .
"" إضافة الجامع : يقول أ. نهاد خياط عن االخليفة :
" إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً " والمراد بالخليفة آدم ـ عليه السلام ـ وهو يرمز إلى الإنسان الكامل الذي تجمعت فيه الأسماء الإلهية التي لا يبلغها الإحصاء.
وهو بهذه الصفة قد جمع بين صورة العالم وصورة الحق.
وهما ـ الصورتان ـ يدا الحق تعالى المشار إليهما في مخاطبة الله تعالى لإبليس بقوله " مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ " [ص: 75].
يقول الشيخ الأكبر:
ولهذا كان آدم خليفة، فإن لم يكن ظاهرا بصورة من استخلفه فيه فما هو خليفة، وإن لم يكن فيه جميع ما تطلبه الرعايا التي استخلف عليها ـ لأن استنادها إليه فلابد أن يقوم بجميع ما تحتاج إليه ـ وإلا فليس بخليفة عليهم.
فما صحت الخلافة إلا للإنسان الكامل، فأنشأ صورته الظاهرة من حقائق العالم وصوره وأنشأ صورته الباطنة على صورته تعالى، ولذلك قال فيه " كنت سمعه ... ، وبصره .. الخ)
(إشارة إلى حديث قرب النوافل الذي سوف نذكره فيما بعد) .
ما قال كنت عينه وأذنه: ففرَّقَ بين الصورتين وهكذا هو في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود ولكن ليس لأحدٍ مجموع ما للخليفة، فما فاز إلا بالمجموع.
لكن ما الغاية من خلق الإنسان الخليفة؟
يجيب الشيخ الأكبر :
هي أن يرى الله تعالى عينه في كونٍ جامع يحصر الأمر كله لكونه متصفاً بالوجود.
ويظهر به سره إليه: فإن رؤية الشيء لنفسه بنفسه ما هي مثل رؤيته نفسه في أمرٍ آخر يكون له كالمرآة.
فإنه يظهر له نفسه في صورة يعطيها المحل المنظور فيه مما لم يكن يظهر له من غير وجود هذا المحل ولا تجليه له .أهـ ""
قال الشيخ المصنف رضي الله عنه : [ و وصف الحق نفسه الحجب الظلمانية و هي الأجسام الطبيعية الكثيفة و النورية و هي الأرواح اللطيفة و العقول و النفوس و عالم الأمر و الإبداع . فالعالم بين كثيف و لطيف، فلا يدرك الحق إدراكه نفسه . فلا يزال في حجاب لا يرفع، مع علمه بأنه متميز عن موجده بافتقاره إليه، و لكن لا حظ له في الوجوب الذاتي الذي لوجود الحق، فلا يدركه أبدا].
قال الشارح رحمه الله :
(و وصف الحق نفسه بالحجب) . كما ورد في الخبر الصحيح : "إن لله تعالى سبعين ألف حجاب أو سبعين حجابا من شك الراوي من نور و ظلمة لو كشفها لأحرقت، سبحان وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه" .
اعلم أن الحجب منها: (حجب عناية) مثل قوله صلى الله عليه وسلم: " إن لله سبعين ألف حجاب الحديث" .
ومنها (حجب نقمة و عذاب) مثل قوله تعالى : "كلّا إنّـهُمْ عنْ ربِّهِمْ يوْمئذٍ لمحْجُوبون" [ المطففين: 15] .
و إن اللّه تعالى لما خلق الحجب، و لا بد فلو لم يحجب لما كانت حجبا، و خلق الله تعالى هذه الحجب على نوعين معنوية و مادية .
و خلق (الحجب المادية) على نوعين كثيفة و لطيفة .
و (الحجب اللطيفة) على نوعين شفافة و غير شفافة .
فـ (الحجب الكثيفة) لا يدرك البصر سواها ما فيها و ما ورائها، و يحصل له الالتباس إذا أدرك ما فيها و يقول كما قيل :
رقّ القلوب و رقت الخمر .... فتشاكلا فتشابه الأمر
فكأنما خمر و لا قدح ..... و كأنما قدح و لا خمر
و أمّا المرئي في الأجسام الصقيلة فلا يدرك موضع الصور منها، و لا يدرك ما ورائها، و يدرك الصور الغائبة عن أعين المدرك بها لا فيها .
فـ (الصور المرتبة) حجاب بين البصر و الصقيل و هو صور لا يقال فيها لطيفة و لا كثيفة، و تشهدها الأبصار كثيفة، و تتغير أشكالها بتغير شكل الصقيل، و يتموج بتموّجه، و يتحرك بتحركه بل بحركته، و يسكن بسكونه فما في الجود إلا حجب مسدلة، و الإدراكات متعلقها الحجب، و لها الأثر في صاحب العين المدرك لها، و أما الحجب المعنوية فأعظم الحجب حجابان حجاب الجهل و حجاب حسيّ، وهو رؤيتك أنانيتك، فما جعل حجابا عليك سواك و هو أكثف الحجب.
فأنت حجاب القلب عن سرّ .... و لولاك لم يطبع عليه ختامه
فافهم فإن الأمور كلها أمثال و عبر .
قال تعالى:" فاعْتبرُوا يا أولي الْأ بصارِ" [ الحشر: 2] فافهم .
فـ (الحجب الظلمانية) و هي الأجسام الطبيعية يشير رضي الله عنه إلى بيان الحديث المذكور حيث جعل صلى الله عليه و سلم الحجب من نور و ظلمة،
و (النورية ): أي الحجب النورية و هي الأرواح اللطيفة و الأجساد اللطيفة النورية
أي (الحجب النورية) و هي الأرواح اللطيفة و الأجساد اللطيفة النورية .
فهذه هي الحجب التي وردت في الحديث أنهما من نور و ظلمة.
فمن الظلمة وقع التنزيه، فنفينا عنه صفات المحدثات فلم نره.
فنحن جعلنا الحجب على أعيننا بهذا النظر، ومن النور هو ظهوره لنا حتى نشهده وننكر أنه هو كما وقع التجلي في القيامة. فيشهده العارف في صور الممكنات وينكره المحجوب.
فهو الظاهر للعارف والباطن للمحجوب دنیا وآخره، وكون الحجاب نورا من أعز المعارف؛ إذ لا يتمكّن النور أن يكون حجابا مستورا، فإنه لذاته يخرق الحجب و يهتك الأستار .
فـ (العالم) الذي هو عين السرّ على نفسه بين (حجاب كثيف) و (حجاب لطيف ).
و ليس العالم سوى هذه الأجسام و الأجساد كثيفها و لطيفها و هو عين الحجاب على نفسه، و انحجب بعينه و تقيده عن الأصل المطلق الذي لا يتقيد بالتقييد، كما لا يتقيد بالإطلاق، فافهم .
فلا يدرك الحق سبحانه: أي العالم لا يدركه تعالى من حيث إطلاقه إدراكه تقسه: أي مثل إدراكه تعالى نفسه، وذاته تعالى و هو مطلق لأن المقيد لا يدرك المطلق لعدم المناسبة، فلا يدرك المطلق إلّا المطلق، و العالم مقيد فلا يدرك الحق المطلق، فلا يزال أي العالم في حجاب لا يرفع:
منحتها الصفات و الأسماء ..... أن ترى دون برقع اسما
قد تسمّت بهم و ليسوا ...... فالمسمى أولئك الأسماء
و ذلك لتقييد العالم و عدم إطلاقه، و إطلاق الحقّ تعالى و عدم تقيده، و المقيد لا يدرك المطلق أبدا .
قال تعالى: " وما مِنّا إلّا لهُ مقامٌ معْلومٌ" [ الصافات: 164] لأن الإطلاق مشرف على التقييد لا بالعكس، فيعلمنا و لا نعلمه، و يدركنا و لا تدركه.
و أيضا أن ( المطلق) له أن يقيد نفسه إن شاء . ومن هذا المقام أوجب على نفسه الرحمة، فيدرك المقيد بإدراكه لنفسه بخلاف المقيد لا يصح أن يرجع مطلقا بوجه من الوجوه ما دامت عينه، فإن القيد صفة نفسه له فلا يفارقها أبدا .
هذا حكم العالم من حيث أنه عالم لا حكم الإنسان الكامل فإنه مخلوق على الصورة يا أهل يثرب لا مقام لكم، فافهم .
( مع علمه بأنه متميز عن موجده بافتقاره) فـ (الحجاب) مسدل مع العلم بالتميز لأن علمه ما تعدى نفسه من حيث لوازمه الذاتية، فلا أفاد في إدراك الحق تعالى شيئا، و لكن أي و إن كان له العلم بالتميز عن موجده بافتقاره.
و لكن لا حظّ له في (الوجوب الذاتي لوجود الحق سبحانه ): أي و لو ميزه لم يميزه إلّا بما هو عليه في نفسه لا بما في نفس الحق و هو الوجوب الذاتي . الذي لوجود الحق، فلا يدركه أبدا.
كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940 هـ:
قال الشيخ رضي الله عنه : (فالعالم شهادة والخليفة غيب، ولذا تحجب السلطان.
ووصف الحق نفسه بالحجب الظلمانية وهي الأجسام الطبيعية، والنورية وهي الأرواح اللطيفة.
فالعالم بين كثيف ولطيف، وهو عين الحجاب على نفسه، فلا يدرك الحق إدراكه نفسه.
فلا فلا يزال في حجاب لا يرفع مع علمه بأنه متميز عن موجده بافتقاره.
ولكن لا حظ له في الوجوب الذاتي الذي لوجود الحق، فلا يدركه أبدا. )
قال المصنف رضي الله عنه : [فالعالم شهادة، والخليفة غيب، ولهذا يحجب السلطان]
قال الشارح رحمه الله :
فالعالم و هو ما سوى الله تعالى على اختلاف أنواعه و أشخاصه روحا و مثالا و جسما شهادة لأنها من أحكام الظاهر، و الخليفة من حيث أنه خليفة لا من حيث أنه إنسان غيب حقيقيّ من أحكام الباطن لأنه سرّ العالم.
والسر من ثنائه أن يكون غيبا. فلو ظهر لم يكن سرا حقيقيا، و قد قلنا أنه سرّ العالم و هو أحدية جمعه و هو روح العالم و مدبره و هويته لا تزال غيبا "فلا يظهِرُ على غيْبهِ أحداً" [ الجن: 26] أبدا .
هذا وهنا إشارات لا يمكن إظهارها، وأسرار لا يقبل إبرازها، ومن هذا المقام ما ورد عن بعض المجاذيب العقلاء: إنه سكر و باح و قال: أما عرفته؟ وأمّا هو ما أعرفه هل عرفني أم لا؟
يشير إلى هذا الغيب المطلق، فافهم .
فهو يعلم غيب ربه، يعلم غيبه بنفسه، فمن عرف نفسه فقد عرف ربه .
قال تعالى: "عالمُ الغيْبِ فلا يظهِرُ على غيْبهِ أحداً . إلّا منِ ارتضى مِنْ رسُولٍ فِإنّهُ يسْلكُ مِنْ بيْنِ يديهِ ومِنْ خلْفِهِ رصداً" [ الجن: 26، 27] .
قال تعالى: "وعلّم آدم الْأسْماء كُلّها" [ البقرة: 31] و منها (الاسم الباطن)
و هو الغيب، و لهذا: أي لأجل عزة المرتبة بحجب السلطان لأن المرتبة أمر اعتباريّ لا عين لها في الخارج، فهو مستور عن أعين الشهادة لعزة المنصب بالمشاكلة .
"" إضافة الجامع : يقول أ. نهاد خياط عن االخليفة :
" إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً " والمراد بالخليفة آدم ـ عليه السلام ـ وهو يرمز إلى الإنسان الكامل الذي تجمعت فيه الأسماء الإلهية التي لا يبلغها الإحصاء.
وهو بهذه الصفة قد جمع بين صورة العالم وصورة الحق.
وهما ـ الصورتان ـ يدا الحق تعالى المشار إليهما في مخاطبة الله تعالى لإبليس بقوله " مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ " [ص: 75].
يقول الشيخ الأكبر:
ولهذا كان آدم خليفة، فإن لم يكن ظاهرا بصورة من استخلفه فيه فما هو خليفة، وإن لم يكن فيه جميع ما تطلبه الرعايا التي استخلف عليها ـ لأن استنادها إليه فلابد أن يقوم بجميع ما تحتاج إليه ـ وإلا فليس بخليفة عليهم.
فما صحت الخلافة إلا للإنسان الكامل، فأنشأ صورته الظاهرة من حقائق العالم وصوره وأنشأ صورته الباطنة على صورته تعالى، ولذلك قال فيه " كنت سمعه ... ، وبصره .. الخ)
(إشارة إلى حديث قرب النوافل الذي سوف نذكره فيما بعد) .
ما قال كنت عينه وأذنه: ففرَّقَ بين الصورتين وهكذا هو في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود ولكن ليس لأحدٍ مجموع ما للخليفة، فما فاز إلا بالمجموع.
لكن ما الغاية من خلق الإنسان الخليفة؟
يجيب الشيخ الأكبر :
هي أن يرى الله تعالى عينه في كونٍ جامع يحصر الأمر كله لكونه متصفاً بالوجود.
ويظهر به سره إليه: فإن رؤية الشيء لنفسه بنفسه ما هي مثل رؤيته نفسه في أمرٍ آخر يكون له كالمرآة.
فإنه يظهر له نفسه في صورة يعطيها المحل المنظور فيه مما لم يكن يظهر له من غير وجود هذا المحل ولا تجليه له .أهـ ""
قال الشيخ المصنف رضي الله عنه : [ و وصف الحق نفسه الحجب الظلمانية و هي الأجسام الطبيعية الكثيفة و النورية و هي الأرواح اللطيفة و العقول و النفوس و عالم الأمر و الإبداع . فالعالم بين كثيف و لطيف، فلا يدرك الحق إدراكه نفسه . فلا يزال في حجاب لا يرفع، مع علمه بأنه متميز عن موجده بافتقاره إليه، و لكن لا حظ له في الوجوب الذاتي الذي لوجود الحق، فلا يدركه أبدا].
قال الشارح رحمه الله :
(و وصف الحق نفسه بالحجب) . كما ورد في الخبر الصحيح : "إن لله تعالى سبعين ألف حجاب أو سبعين حجابا من شك الراوي من نور و ظلمة لو كشفها لأحرقت، سبحان وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه" .
اعلم أن الحجب منها: (حجب عناية) مثل قوله صلى الله عليه وسلم: " إن لله سبعين ألف حجاب الحديث" .
ومنها (حجب نقمة و عذاب) مثل قوله تعالى : "كلّا إنّـهُمْ عنْ ربِّهِمْ يوْمئذٍ لمحْجُوبون" [ المطففين: 15] .
و إن اللّه تعالى لما خلق الحجب، و لا بد فلو لم يحجب لما كانت حجبا، و خلق الله تعالى هذه الحجب على نوعين معنوية و مادية .
و خلق (الحجب المادية) على نوعين كثيفة و لطيفة .
و (الحجب اللطيفة) على نوعين شفافة و غير شفافة .
فـ (الحجب الكثيفة) لا يدرك البصر سواها ما فيها و ما ورائها، و يحصل له الالتباس إذا أدرك ما فيها و يقول كما قيل :
رقّ القلوب و رقت الخمر .... فتشاكلا فتشابه الأمر
فكأنما خمر و لا قدح ..... و كأنما قدح و لا خمر
و أمّا المرئي في الأجسام الصقيلة فلا يدرك موضع الصور منها، و لا يدرك ما ورائها، و يدرك الصور الغائبة عن أعين المدرك بها لا فيها .
فـ (الصور المرتبة) حجاب بين البصر و الصقيل و هو صور لا يقال فيها لطيفة و لا كثيفة، و تشهدها الأبصار كثيفة، و تتغير أشكالها بتغير شكل الصقيل، و يتموج بتموّجه، و يتحرك بتحركه بل بحركته، و يسكن بسكونه فما في الجود إلا حجب مسدلة، و الإدراكات متعلقها الحجب، و لها الأثر في صاحب العين المدرك لها، و أما الحجب المعنوية فأعظم الحجب حجابان حجاب الجهل و حجاب حسيّ، وهو رؤيتك أنانيتك، فما جعل حجابا عليك سواك و هو أكثف الحجب.
فأنت حجاب القلب عن سرّ .... و لولاك لم يطبع عليه ختامه
فافهم فإن الأمور كلها أمثال و عبر .
قال تعالى:" فاعْتبرُوا يا أولي الْأ بصارِ" [ الحشر: 2] فافهم .
فـ (الحجب الظلمانية) و هي الأجسام الطبيعية يشير رضي الله عنه إلى بيان الحديث المذكور حيث جعل صلى الله عليه و سلم الحجب من نور و ظلمة،
و (النورية ): أي الحجب النورية و هي الأرواح اللطيفة و الأجساد اللطيفة النورية
أي (الحجب النورية) و هي الأرواح اللطيفة و الأجساد اللطيفة النورية .
فهذه هي الحجب التي وردت في الحديث أنهما من نور و ظلمة.
فمن الظلمة وقع التنزيه، فنفينا عنه صفات المحدثات فلم نره.
فنحن جعلنا الحجب على أعيننا بهذا النظر، ومن النور هو ظهوره لنا حتى نشهده وننكر أنه هو كما وقع التجلي في القيامة. فيشهده العارف في صور الممكنات وينكره المحجوب.
فهو الظاهر للعارف والباطن للمحجوب دنیا وآخره، وكون الحجاب نورا من أعز المعارف؛ إذ لا يتمكّن النور أن يكون حجابا مستورا، فإنه لذاته يخرق الحجب و يهتك الأستار .
فـ (العالم) الذي هو عين السرّ على نفسه بين (حجاب كثيف) و (حجاب لطيف ).
و ليس العالم سوى هذه الأجسام و الأجساد كثيفها و لطيفها و هو عين الحجاب على نفسه، و انحجب بعينه و تقيده عن الأصل المطلق الذي لا يتقيد بالتقييد، كما لا يتقيد بالإطلاق، فافهم .
فلا يدرك الحق سبحانه: أي العالم لا يدركه تعالى من حيث إطلاقه إدراكه تقسه: أي مثل إدراكه تعالى نفسه، وذاته تعالى و هو مطلق لأن المقيد لا يدرك المطلق لعدم المناسبة، فلا يدرك المطلق إلّا المطلق، و العالم مقيد فلا يدرك الحق المطلق، فلا يزال أي العالم في حجاب لا يرفع:
منحتها الصفات و الأسماء ..... أن ترى دون برقع اسما
قد تسمّت بهم و ليسوا ...... فالمسمى أولئك الأسماء
و ذلك لتقييد العالم و عدم إطلاقه، و إطلاق الحقّ تعالى و عدم تقيده، و المقيد لا يدرك المطلق أبدا .
قال تعالى: " وما مِنّا إلّا لهُ مقامٌ معْلومٌ" [ الصافات: 164] لأن الإطلاق مشرف على التقييد لا بالعكس، فيعلمنا و لا نعلمه، و يدركنا و لا تدركه.
و أيضا أن ( المطلق) له أن يقيد نفسه إن شاء . ومن هذا المقام أوجب على نفسه الرحمة، فيدرك المقيد بإدراكه لنفسه بخلاف المقيد لا يصح أن يرجع مطلقا بوجه من الوجوه ما دامت عينه، فإن القيد صفة نفسه له فلا يفارقها أبدا .
هذا حكم العالم من حيث أنه عالم لا حكم الإنسان الكامل فإنه مخلوق على الصورة يا أهل يثرب لا مقام لكم، فافهم .
( مع علمه بأنه متميز عن موجده بافتقاره) فـ (الحجاب) مسدل مع العلم بالتميز لأن علمه ما تعدى نفسه من حيث لوازمه الذاتية، فلا أفاد في إدراك الحق تعالى شيئا، و لكن أي و إن كان له العلم بالتميز عن موجده بافتقاره.
و لكن لا حظّ له في (الوجوب الذاتي لوجود الحق سبحانه ): أي و لو ميزه لم يميزه إلّا بما هو عليه في نفسه لا بما في نفس الحق و هو الوجوب الذاتي . الذي لوجود الحق، فلا يدركه أبدا.
.
التسميات:
Fusus-AlHikam
،
IbnArabi
،
the-first-book-of-fusus-alhikam
مواضيع ذات صله :
the-first-book-of-fusus-alhikam
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
اشترك في قناتنا علي اليوتيوب
المشاركات الشائعة
-
كتاب عقلة المستوفز الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
-
مقدمة كتاب إبداع الكتابة وكتابة الإبداع في شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية د. سعاد الحكيم
-
كتاب تاج الرّسائل ومنهاج الوسائل . الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
-
01 - مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
-
كتاب إنشاء الدوائر الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
-
ثانيا شرح الأبيات 17 - 29 من القصيدة العينية .إبداع الكتابة وكتابة الإبداع لشرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية
-
28 - فهرس الموضوعات المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتافهرس الموضوعات المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
-
كتاب شق الجيب بعلم الغيب بكن ويكون ودرّ الدر . الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
-
المقالة الخامسة والثلاثون سؤال طائر آخر الأبيات من 2966 - 3023 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري
-
الهوامش والشروح 1489 - 1914 المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
أرشيف المدونة الإلكترونية
-
▼
2019
(447)
-
▼
يونيو
(216)
- الفقرة الخامسة الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قد...
- الفقرة الرابعة الجزء الثاني السفر الرابع فص حكمة ق...
- الفقرة الرابعة الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قد...
- الفقرة الثالثة الجزء الثاني السفر الرابع فص حكمة ق...
- الفقرة الثالثة الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قد...
- الفقرة الثانية الجزء الثاني السفر الرابع فص حكمة ق...
- الفقرة الثانية الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قد...
- الفقرة الأولى السفر الرابع فص حكمة قدوسية فى كلمة ...
- الفقرة الرابعة والعشرون السفر الثالث فص حكمة سبوحي...
- الفقرة الثالثة والعشرين السفر الثالث فص حكمة سبوحي...
- الفقرة الثانية والعشرين السفر الثالث فص حكمة سبوحي...
- الفقرة الحادية والعشرين السفر الثالث فص حكمة سبوحي...
- الفقرة العشرين الجزء الثاني السفر الثالث فص حكمة س...
- الفقرة العشرين الجزء الأول السفر الثالث فص حكمة سب...
- الفقرة التاسعة عشر الجزء الثاني السفر الثالث فص حك...
- الفقرة التاسعة عشر الجزء الأول السفر الثالث فص حكم...
- الفقرة الثامنة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة السابعة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة السادسة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة الخامسة الجزء الثاني عشرة السفر الثالث فص ح...
- الفقرة الخامسة عشرة الجزء الأول السفر الثالث فص حك...
- الفقرة الرابعة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول السفر الثالث فص حكم...
- الفقرة الثالثة عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة الثانية عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة الحادية عشر السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى ...
- الفقرة العاشرة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة التاسعة الجزء الثاني السفر الثالث فص حكمة س...
- الفقرة التاسعة الجزء الأول السفر الثالث فص حكمة سب...
- الفقرة الثامنة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة السابعة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة السادسة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة الخامسة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة الرابعة السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة الثالثة الجزء الأول السفر الثالث فص حكمة سب...
- الفقرة الثانية الجزء الثالث السفر الثالث فص حكمة س...
- الفقرة الثانية الجزء الثاني السفر الثالث فص حكمة س...
- الفقرة الثانية الجزء الأول السفر الثالث فص حكمة سب...
- الفقرة الأولى السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة...
- الفقرة السابعة والثلاثون السفر الثاني فص حكمة نفثي...
- الفقرة السادسة والثلاثون الجزء الثاني السفر الثاني...
- الفقرة السادسة والثلاثون الجزء الأول السفر الثاني ...
- الفقرة الخامسة والثلاون السفر الثاني فص حكمة نفثية...
- الفقرة الرابعة والثلاثون السفر الثاني فص حكمة نفثي...
- الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الرابع السفر الثاني...
- الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الثالث السفر الثاني...
- الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الثاني السفر الثاني...
- الفقرة الثالثة والثلاثون الجزء الأول السفر الثاني ...
- الفقرة الثانية والثلاثون الجزء الثاني السفر الثان...
- الفقرة الثانية والثلاثون الجزء الأول السفر الثاني ...
- الفقرة الحادي والثلاثون الجزء الثاني .السفر الثاني...
- الفقرة الحادي والثلاثون الجزء الأول .السفر الثاني ...
- الفقرة الثلاثون الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ...
- الفقرة الثلاثون الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة ن...
- الفقرة التاسعة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة التاسعة والعشرون الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الثامنة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة الثامنة والعشرين الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة السابعة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة السابعة والعشرين الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة السادسة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة السادسة والعشرون الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الخامسة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة الخامسة والعشرون الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الرابعة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة الرابعة والعشرون الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الثالثة والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة الثالثة والعشرين الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الثانية والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ...
- الفقرة الثانية والعشرون الجزء الأول السفر الثاني ف...
- الفقرة الحادي والعشرون الجزء الثاني السفر الثاني ف...
- الفقرة الحادي والعشرين الجزء الأول السفر الثاني فص...
- الفقرة العشرون الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ن...
- الفقرة العشرون الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نف...
- الفقرة التاسعة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حك...
- الفقرة التاسعة عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الثامنة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حك...
- الفقرة الثامنة عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة السابعة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حك...
- الفقرة السابعة عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة السادسة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حك...
- الفقرة السادسة عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الخامسة عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حك...
- الفقرة الخامسة عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الثامنة الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نف...
- الفقرة الرابع عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الرابع عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة...
- الفقرة الثالث عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الثالث عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة...
- الفقرة الثاني عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الثاني عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة...
- الفقرة الحادي عشر الجزء الثاني السفر الثاني فص حكم...
- الفقرة الحادي عشر الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة...
- الفقرة العاشرة الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ن...
- الفقرة العاشرة الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نف...
- الفقرة التاسعة الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ن...
- الفقرة التاسعة الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نف...
- الفقرة الثامنة الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ن...
- الفقرة الثامنة الجزء الأول السفر الثاني فص حكمة نف...
- الفقرة السابعة الجزء الثاني السفر الثاني فص حكمة ن...
-
▼
يونيو
(216)
تابعونا علي فيس بوك
https://www.facebook.com/groups/146820946026951/?ref=bookmarks
تغريداتي علي التويتر
التسميات
Abdelkader-Jilani
al-Junayd-al-Baghdadi
al-Kahf-Wa-al-Raqim
AlFateh-AlRabbani
AlMasnavi-Vol1
AlNafri
alnnadirat-aleiniat-eabd-alkarim-aljili
alsafar_alkhatum_fusus_alhikam
alshajara-alnumaniyya
altanazulat-almawsilia
Divan-Shams-Tabrizi
divine-manifestations
divine-providence
eabd-alkarim-aljili
farid-aldiyn-aleitar
Fusus-AlHikam
Hallaj
hikam
Ibn-AlFarid
Ibn-Ata-Allah
IbnArabi
mantiq-altayr
mathnawi-ma'nawi-Part1-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part1-muhamad-kaffafi
mathnawi-ma'nawi-Part2-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part2-muhamad-kaffafi
mathnawi-ma'nawi-Part3-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part4-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part5-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part6-iibrahim-aldasuqi
Mongah_IbnAtaAllah
Rumi
sharah-alkahf-walraqim-fie-sharah-bismi-allah-aljili
sharah-mushkilat-alftwhat-almakia
taj-altarajum
the-eighth-book-of-fusus-alhikam
the-fifth-book-of-fusus-alhikam
the-first-book-of-fusus-alhikam
the-fourth-book-of-fusus-alhikam
the-ninth-book-of-fusus-alhikam
the-second-book-of-fusus-alhikam
the-seventh-book-of-fusus-alhikam
the-sixth-book-of-fusus-alhikam
the-tenth-book-of-fusus-alhikam
the-third-book-of-fusus-alhikam

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق