السبت، 29 يونيو 2019

الفقرة السابعة والعشرون الجزء الثاني .السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

الفقرة السابعة والعشرون الجزء الثاني .السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

الفقرة السابعة والعشرون الجزء الثاني .السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


الفقرة السابعة والعشرون :الجزء الثاني

كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940 هـ:
قال الشيخ رضي الله عنه : (فالعالم شهادة والخليفة غيب، ولذا تحجب السلطان.
ووصف الحق نفسه بالحجب الظلمانية وهي الأجسام الطبيعية، والنورية وهي الأرواح اللطيفة.
فالعالم بين كثيف ولطيف، وهو عين الحجاب على نفسه، فلا يدرك الحق إدراكه نفسه.
فلا فلا يزال في حجاب لا يرفع مع علمه بأنه متميز عن موجده بافتقاره.
ولكن لا حظ له في الوجوب الذاتي الذي لوجود الحق، فلا يدركه أبدا. )

قال المصنف رضي الله عنه : [فالعالم  شهادة، والخليفة غيب، ولهذا يحجب السلطان]
قال الشارح رحمه الله :
فالعالم و هو ما سوى الله تعالى على اختلاف أنواعه و أشخاصه روحا و مثالا و جسما شهادة لأنها من أحكام الظاهر، و الخليفة من حيث أنه خليفة لا من حيث أنه إنسان غيب حقيقيّ من أحكام الباطن لأنه سرّ العالم.
والسر من ثنائه أن يكون غيبا. فلو ظهر لم يكن سرا حقيقيا، و قد قلنا أنه سرّ العالم و هو أحدية جمعه و هو روح العالم و مدبره و هويته لا تزال غيبا "فلا يظهِرُ على غيْبهِ أحداً" [ الجن: 26] أبدا .
هذا وهنا إشارات لا يمكن إظهارها، وأسرار لا يقبل إبرازها، ومن هذا المقام ما ورد عن بعض المجاذيب العقلاء: إنه سكر و باح و قال: أما عرفته؟ وأمّا هو ما أعرفه هل عرفني أم لا؟
يشير إلى هذا الغيب المطلق، فافهم .
فهو يعلم غيب ربه، يعلم غيبه بنفسه، فمن عرف نفسه فقد عرف ربه .
قال تعالى: "عالمُ الغيْبِ فلا يظهِرُ على غيْبهِ أحداً . إلّا منِ ارتضى مِنْ رسُولٍ فِإنّهُ يسْلكُ مِنْ بيْنِ يديهِ ومِنْ خلْفِهِ رصداً" [ الجن: 26، 27] .
قال تعالى: "وعلّم آدم الْأسْماء  كُلّها" [ البقرة: 31] و منها (الاسم الباطن) 
و هو الغيب، و لهذا: أي لأجل عزة المرتبة بحجب السلطان لأن المرتبة أمر اعتباريّ لا عين لها في الخارج، فهو مستور عن أعين الشهادة لعزة المنصب بالمشاكلة .

"" إضافة الجامع يقول أ. نهاد خياط  عن االخليفة :
" إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً " والمراد بالخليفة آدم ـ عليه السلام ـ وهو يرمز إلى الإنسان الكامل الذي تجمعت فيه الأسماء الإلهية التي لا يبلغها الإحصاء.
وهو بهذه الصفة قد جمع بين صورة العالم وصورة الحق.
وهما ـ الصورتان ـ يدا الحق تعالى المشار إليهما في مخاطبة الله تعالى لإبليس بقوله " مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ " [ص: 75].
يقول الشيخ الأكبر:
ولهذا كان آدم خليفة، فإن لم يكن ظاهرا بصورة من استخلفه فيه فما هو خليفة، وإن لم يكن فيه جميع ما تطلبه الرعايا التي استخلف عليها ـ لأن استنادها إليه فلابد أن يقوم بجميع ما تحتاج إليه ـ وإلا فليس بخليفة عليهم.
فما صحت الخلافة إلا للإنسان الكامل، فأنشأ صورته الظاهرة من حقائق العالم وصوره وأنشأ صورته الباطنة على صورته تعالى، ولذلك قال فيه " كنت سمعه ... ، وبصره .. الخ)
(إشارة إلى حديث قرب النوافل الذي سوف نذكره فيما بعد) .
ما قال كنت عينه وأذنه: ففرَّقَ بين الصورتين وهكذا هو في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود ولكن ليس لأحدٍ مجموع ما للخليفة، فما فاز إلا بالمجموع.
لكن ما الغاية من خلق الإنسان الخليفة؟
يجيب الشيخ الأكبر :
هي أن يرى الله تعالى عينه في كونٍ جامع يحصر الأمر كله لكونه متصفاً بالوجود.
ويظهر به سره إليه: فإن رؤية الشيء لنفسه بنفسه ما هي مثل رؤيته نفسه في أمرٍ آخر يكون له كالمرآة.
فإنه يظهر له نفسه في صورة يعطيها المحل المنظور فيه مما لم يكن يظهر له من غير وجود هذا المحل ولا تجليه له .أهـ ""
قال الشيخ المصنف رضي الله عنه : [ و وصف الحق نفسه الحجب الظلمانية و هي الأجسام الطبيعية الكثيفة و النورية و هي الأرواح اللطيفة و العقول و النفوس و عالم الأمر و الإبداع . فالعالم بين كثيف و لطيف، فلا يدرك الحق إدراكه نفسه . فلا يزال في حجاب لا يرفع، مع علمه بأنه متميز عن موجده بافتقاره إليه، و لكن لا حظ له في الوجوب الذاتي الذي لوجود الحق، فلا يدركه أبدا].

قال الشارح رحمه الله :
(و وصف الحق نفسه بالحجب) . كما ورد في الخبر الصحيح : "إن لله تعالى سبعين ألف حجاب أو سبعين حجابا من شك الراوي من نور و ظلمة لو كشفها لأحرقت، سبحان وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه"  .
اعلم أن الحجب منها: (حجب عناية) مثل قوله صلى الله عليه وسلم: " إن لله سبعين ألف حجاب  الحديث" .
ومنها (حجب نقمة و عذاب) مثل قوله تعالى : "كلّا إنّـهُمْ عنْ ربِّهِمْ يوْمئذٍ لمحْجُوبون" [ المطففين: 15] .
و إن اللّه تعالى لما خلق الحجب، و لا بد فلو لم يحجب لما كانت حجبا، و خلق الله تعالى هذه الحجب على نوعين معنوية و مادية .
و خلق (الحجب المادية) على نوعين كثيفة و لطيفة .
و (الحجب اللطيفة) على نوعين شفافة و غير شفافة .
فـ (الحجب الكثيفة) لا يدرك البصر سواها ما فيها و ما ورائها، و يحصل له الالتباس إذا أدرك ما فيها و يقول كما قيل :
رقّ القلوب و رقت الخمر   .... فتشاكلا فتشابه الأمر
فكأنما خمر و لا قدح     ..... و كأنما قدح و لا خمر
و أمّا المرئي في الأجسام الصقيلة فلا يدرك موضع الصور منها، و لا يدرك ما ورائها، و يدرك الصور الغائبة عن أعين المدرك بها لا فيها .
فـ (الصور المرتبة) حجاب بين البصر و الصقيل و هو صور لا يقال فيها لطيفة و لا كثيفة، و تشهدها الأبصار كثيفة، و تتغير أشكالها بتغير شكل الصقيل، و يتموج بتموّجه، و يتحرك بتحركه بل بحركته، و يسكن بسكونه فما في الجود إلا حجب مسدلة، و الإدراكات متعلقها الحجب، و لها الأثر في صاحب العين المدرك لها، و أما الحجب المعنوية فأعظم الحجب حجابان حجاب الجهل و حجاب حسيّ، وهو رؤيتك أنانيتك، فما جعل حجابا عليك سواك و هو أكثف الحجب.

فأنت حجاب القلب عن سرّ ....   و لولاك لم يطبع عليه ختامه  
فافهم فإن الأمور كلها أمثال و عبر .
قال تعالى:" فاعْتبرُوا يا أولي الْأ بصارِ" [ الحشر: 2] فافهم .
فـ (الحجب الظلمانية) و هي الأجسام الطبيعية يشير رضي الله عنه إلى بيان الحديث المذكور حيث جعل صلى الله عليه و سلم الحجب من نور و ظلمة،
و (النورية ): أي الحجب النورية و هي الأرواح اللطيفة و الأجساد اللطيفة النورية
أي (الحجب النورية) و هي الأرواح اللطيفة و الأجساد اللطيفة النورية .
فهذه هي الحجب التي وردت في الحديث أنهما من نور و ظلمة.
فمن الظلمة وقع التنزيه، فنفينا عنه صفات المحدثات فلم نره.
فنحن جعلنا الحجب على أعيننا بهذا النظر، ومن النور هو ظهوره لنا حتى نشهده وننكر أنه هو كما وقع التجلي في القيامة. فيشهده العارف في صور الممكنات وينكره المحجوب.
فهو الظاهر للعارف والباطن للمحجوب دنیا وآخره، وكون الحجاب نورا من أعز المعارف؛ إذ لا يتمكّن النور أن يكون حجابا مستورا، فإنه لذاته يخرق الحجب و يهتك الأستار .

فـ (العالم) الذي هو عين السرّ على نفسه بين (حجاب كثيف) و (حجاب لطيف ).
و ليس العالم سوى هذه الأجسام و الأجساد كثيفها و لطيفها و هو عين الحجاب على نفسه، و انحجب بعينه و تقيده عن الأصل المطلق الذي لا يتقيد بالتقييد، كما لا يتقيد بالإطلاق، فافهم . 

فلا يدرك الحق سبحانه: أي العالم لا يدركه تعالى من حيث إطلاقه إدراكه تقسه: أي مثل إدراكه تعالى نفسه، وذاته تعالى و هو مطلق لأن المقيد لا يدرك المطلق لعدم المناسبة، فلا يدرك المطلق إلّا المطلق، و العالم مقيد فلا يدرك الحق المطلق، فلا يزال أي العالم في حجاب لا يرفع: 
منحتها الصفات و الأسماء  ..... أن ترى دون برقع اسما
قد تسمّت بهم و ليسوا    ...... فالمسمى أولئك الأسماء
و ذلك لتقييد العالم و عدم إطلاقه، و إطلاق الحقّ تعالى و عدم تقيده، و المقيد لا يدرك المطلق أبدا . 
قال تعالى: " وما مِنّا إلّا لهُ مقامٌ معْلومٌ" [ الصافات: 164] لأن الإطلاق مشرف على التقييد لا بالعكس، فيعلمنا و لا نعلمه، و يدركنا و لا تدركه.
و أيضا أن ( المطلق) له أن يقيد نفسه إن شاء . ومن هذا المقام أوجب على نفسه الرحمة، فيدرك المقيد بإدراكه لنفسه بخلاف المقيد لا يصح أن يرجع مطلقا بوجه من الوجوه ما دامت عينه، فإن القيد صفة نفسه له فلا يفارقها أبدا . 
هذا حكم العالم من حيث أنه عالم لا حكم الإنسان الكامل فإنه مخلوق على الصورة يا أهل يثرب لا مقام لكم، فافهم . 

( مع علمه بأنه متميز عن موجده بافتقاره) فـ (الحجاب) مسدل مع العلم بالتميز لأن علمه ما تعدى نفسه من حيث لوازمه الذاتية، فلا أفاد في إدراك الحق تعالى شيئا، و لكن أي و إن كان له العلم بالتميز عن موجده بافتقاره.
و لكن لا حظّ له في (الوجوب الذاتي لوجود الحق سبحانه ): أي و لو ميزه لم يميزه إلّا بما هو عليه في نفسه لا بما في نفس الحق و هو الوجوب الذاتي .  الذي لوجود الحق، فلا يدركه أبدا.
.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: