الجمعة، 28 يونيو 2019

سفر خطبة الكتاب فص حكمة ختمية في كلمة محمدية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

سفر خطبة الكتاب فص حكمة ختمية في كلمة محمدية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

سفر خطبة الكتاب فص حكمة ختمية في كلمة محمدية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


الفقرة السادسة :الجزء الثاني
كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940هـ:
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وأن يخصني في جميع ما يرقمه بناني وينطق به لساني وينطوي عليه جناني بالإلقاء السبوحي والنفث الروحي في الروع النفسي بالتأييد الاعتصامي.)
(وإن يخصني في جميع ما يرقمه بتأني، وينطق به لساني، وينطوي عليه جناني بالإلقاء السبوحي، والنفث الروحي . )
قال رضي الله عنه في "الفتوحات " الباب الثاني والتسعون ومئتان:  
فاعلم إن لله جودا مقيدا وجودا مطلقا . فإنه سبحانه قد قيد بعض جوده بالوجوب ,
فقال : "كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ".
أي أوجب وفرض على نفسه الرحمة لقوم خواص نعتهم بعمل خاص وهو أنه "من عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ من بَعْدِهِ وأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ".
فهذا جود مقيد بالوجوب لمن هذه صفته وهو عوض عن هذا العمل الخاص والتوبة والإصلاح من الجود المطلق فجلب جوده بجوده فما حكم عليه سواه ولا قيده غيره . والعبد بين الجودين عرض زائل وعرض ماثل .
قال سهل بن عبد الله "التستري" عالمنا وامامنا لقيت إبليس فعرفته وعرف مني أني عرفته فوقعت بيننا مناظرة .
فقال لي وقلت له وعلا بيننا الكلام وطال النزاع بحيث إن وقفت ووقف وحرت وحار فكان من آخر ما قال لي : يا سهل الله عز وجل يقول "ورَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فعم ولا يخفى عليك إني شيء بلا شك لأن لفظة كل تقتضي الإحاطة والعموم وشيء أنكر النكرات.
فقد وسعتني رحمته؟!.
قال سهل : فو الله لقد أخرسني وحيرني بلطافة سياقه وظفره بمثل هذه الآية .
وفهم منها ما لم نفهم وعلم منها ومن دلالتها ما لم نعلم فبقيت حائرا متفكرا وأخذت أتلو الآية في نفسي , فلما جئت إلى قوله تعالى فيها "فَسَأَكْتُبُها " لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الأعراف "الآية سررت وتخيلت أني قد ظفرت بحجة وظهرت عليه بما يقصم ظهره .
وقلت له يا ملعون إن الله قد قيدها بنعوت مخصوصة يخرجها من ذلك العموم .
فقال: "فَسَأَكْتُبُها" فتبسم إبليس وقال يا سهل ما كنت أظن أن يبلغ بك الجهل هذا المبلغ ولا ظننت إنك هاهنا ألست تعلم يا سهل أن التقييد صفتك لا صفته.
قال سهل: فرجعت إلى نفسي وغصصت بريقي وأقام الماء في حلقي و والله ما وجدت جوابا ولا سددت في وجهه بابا وعلمت أنه طمع في مطمع .
وانصرف وانصرفت و والله ما أدري بعد هذا ما يكون فإن الله سبحانه ما نص بما يرفع هذا الإشكال فبقي الأمر عندي على المشيئة منه في خلقه لا أحكم عليه في ذلك بأمد ينتهي أو بأمد لا ينتهي.
فاعلم يا أخي أني تتبعت ما حكي عن إبليس من الحجج فما رأيت أقصر منه حجة ولا أجهل منه بين العلماء .
فلما وقفت له على هذه المسألة التي حكى عنه سهل ابن عبد الله تعجبت وعلمت أنه قد علم علما لا جهل فيه فهو أستاذ سهل في هذه المسألة .
وأما نحن فما أخذناها إلا من الله فما لإبليس علينا منة في هذه المسألة بحمد الله ولا غيرها وكذا أرجو فيما بقي من عمرنا وهي مسألة أصل لا مسألة فرع.
فإبليس ينتظر رحمة الله إن تناله من عين المنة والجود المطلق الذي به أوجب على نفسه سبحانه ما أوجب, وبه تاب على من تاب وأصلح , "فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ" عن التقييد في التقييد فلا يجب على الله إلا ما أوجبه على نفسه .""
( السبوح ) كالقدوس بمعنى: المسبح كالمقدّس أسماء المفعول: أي الإلقاء المطهر عن التغيير في ذاته، و النفث لغة بسكونالفاء و الثاء المثلثة إرسال النفس بفتح الفاء رخوا و هنا عبارة عن إفاضة النفس الروحاني الذي يحيى بنفخة، و من عادة الروح ما يمر على محل إلا قد أحياه . 
في (الروع) و الورع بضم الراء المهملة هو القلب وهو القوة التي طورها وراء طور العقل، ينقلب بتقلب التجليات وهو برزخ بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء من رحمة إلى رحمة، فافهم . 
( النفسي) قال تعالى: "ونفْسٍ وما سوّاها * فألهمها فجُورها وتقْواها" [ الشمس: 7، 8].
فجعل النفس برزخا وسطا وحلا قابلا لما يلهم من الفجور والتقوى، فتميز الفجور فتجتنبه، و التقوى فتسلك طريقه و من وجه آخر تطلبه الآية . 
( و هو أنه إنما ألهمها عراها عن الكسب ): أي عن، أن يكون لها فيها كسب و تعمّل بل إنما هي محل ظهورهما، فهي برزخ بين هذين الحكمين.
وأما الخاطر المباح مندرج في قوله: و ما سوّاها لأن المباح ذاتي لها فبنفس ما خلق عينها ظهر عين المباح فهو من صفاتها النفسية التي لا تعقل النفس إلا به . 
فالخاطر المباح على الحقيقة نعت خاص للإنسان، و إن لم يكن من الفصول المقوّمة فهو حد لازم رسمي فإنه من خاصية النفس جلب المنافع، و دفع المضار، و إنها هي المحركة بما يغلب عليها إمّا من ذاتها، أو مما يقبله فيما يلهمها به الملهم من ملك، أو شيطان، فافهم .
فالقلب النفسي هو القلب البرزخي المتقلب بإحكام النفس المحركة المميزة بين الفجور و التقوى، فافهم . 
أو تقول: إن النفس بسكون الفاء هي النفس الكلي التي هي اللوح المحفوظ ذكر الشيخ رضي الله عنه في رسالة القدس من هذا المقام عن عبد الله بن سهل أنه قال: سمعت أبا يزيد، و سئل عن اللوح المحفوظ، فقال: أنا اللوح المحفوظ، و إنما أضاف هنا القلب إلى النفس لأنها أصل و إجمال لما فصّل في القلب . 
( بالتأييد الاعتصامي )، قال تعالى: "ومنْ يعْتصِمْ باللّهِ فقدْ هُدِي إلى  صِراطٍ مُسْتقِيمٍ" [ آل عمران: 101]، و الاعتصام بالله هو الترقي عن كل موهوم و التخلص عن كل تردد، و هو شهود الحق تفريد إلا شيء معه، و ذلك لفناء الشاهد في المشهود.
حتى أكون: أي في جميع أحوالي و في جميع ما يرقمه بناني، و ينطق به لساني مترجما . 
اعلم أن العارف التام المعرفة بالمقامات والمواطن و الآداب والحكم ترجمان لسان الحقائق إن ادّعي إلى الحق يشهد من يسمع، ومن يرد فيتنعّم بالقبول والرد لصدق مشهده أحكام الأسماء الإلهية هو الدّاعي، واسم وهو القابل، واسم وهو الرادّ . 
وهذا العارف متفرّج بحياة طيبة بهذا الكشف والشهود إلى هذا المقام حرض الله حبيبه صلى الله عليه وسلم إلى هذا الشهود الأتم .  
.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: