الجمعة، 28 يونيو 2019

.سفر خطبة الكتاب فص حكمة ختمية في كلمة محمدية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

.سفر خطبة الكتاب فص حكمة ختمية في كلمة محمدية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

.سفر خطبة الكتاب فص حكمة ختمية في كلمة محمدية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 

الفقرة الثالثة: الجزء الثاني
كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940هـ:
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (أما بعد: فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مبشرة أريتها في العشر الآخر من محرم سنة سبع وعشرون وستمائة بمحروسة دمشق، وبيده صلى الله عليه وسلم  كتاب. فقال لي: هذا "كتاب فصوص الحکم" خذه واخرج به إلى الناس ينتفعون به.)
قال الشيخ الأكبر :  [ أما بعد : فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم في مبشرة أريتها في العشر الآخر من محرم سنة سبع و عشرون و ستمائة بمحروسة دمشق، و بيده صلى الله عليه و سلم كتاب، فقال لي: هذا »كتاب فصوص الحكم« خذه و اخرج به إلى الناس ينتفعون به، فقلت: السمع و الطاعة لله و لرسوله و أولي الأمر منا كما أمرنا] . 
قال الشارح قوله: (أما بعد فإني رأيت) أسند الرؤية إلى نفسه الكريمة مع تأكيد قوله، فإني إشارة إلى بقائه وحضوره التام بعد الفناء العام وكمال الفرق بعد الجمع و الفرقان بعد القرآن.
كما هو حال العالم الوارث الباقي بنفسه، وهو أتم من أن يرى بالحق كالعارف الفاني عن نفسه، فالرائي هو العبد لا الحق .
قال رضي الله عنه في الفصل التاسع و الأربعين من "الأسئلة ":
قال صلى الله عليه وسلم عن نفسه : "انا سيد الناس ولا فخر" بالراء والزي روايتان أي أقولها غير متبجح بباطل أي أقوالها ولا أقصد الأفتخار على من بقي من العالم .
فانى وان كنت أعلى المظاهر الانسانية فانا أشد الخلق تحققا بعيني فليس الرجل من تحقق بربه وانما الرجل من تحقق بعينه .
لما علم ان الله أوجده له تعالى لا لنفسه وما فاز بهذه الدرجة ذوقا إلا محمد صلى الله عليه وسلم وكشفا إلا الرسل وراسخوا علماء هذه الأمة المحمودية .
ومن سواهم فلا قدم لهم في هذا الأمر وما سوى من ذكرنا ما علم ان الله أوجده له تعالى بل يقولون انما أوجد العالم للعالم فرفع بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا وهو غني عن العالمين هذا مذهب جماعة من العلماء بالله.
قال رضي الله عنه في الباب الرابع عشر من "الفتوحات" : إن المكاشف يعاين النبي صلى الله عليه و سلم و يسأله عن الأحاديث وصحتها فينكرها أو يصدقها . 
ثم قال: إن الولي يشترك مع النبي في إدراك ما تدركه العامة في النوم في حال اليقظة سواء . 
وقال رضي الله عنه في الباب الثامن و الثمانين و مائة من "الفتوحات " : و قد يتقوى الأمر على بعض الناس فيدركون في اليقظة ما كانوا يدركونه في النوم . 
ويشير إلى هذا قوله صلى الله عليه وسلم : "ومن رآني في المنام فسيراني في اليقظة، ولا يتمثل الشيطان بي" ذكره السيوطي في "جمع الجوامع".
و رواه البخاري و مسلم عن أبي هريرة، والترمذي و الطبراني في "الكبير" عن مالك بن عبد الله الخثعمي . 
وقال رضي الله عنه: ذلك نادر وهو لأهل هذه الطريق من نبيّ ووليّ، هكذا عرفناه. انتهى كلامه. 
وإنما قلنا: إنّ الرؤية والأخذ كانتا في الحس لا في النوم للأصلين الثابتين عنه رضي الله عنه أنّ الحس لا غلط فيه. 
كما قال رضي الله عنه في الباب الرابع و الثلاثين: إنه ما غلط حسّ أبدا.
فإن قيل: إن الصفراوي يرى السكّر مرّا، و ليس هذا إلا من غلطه الحسي .
قلنا: هذا الغلط من الحاكم الذي هو العقل و ذلك لأن المنسوب إلى الحس إدراك المرارة، و هو واقع بلا شبهة، و لكن إسناد هذه المرارة إلى السكر غلط العقل.
فإن الخلط الصفراوي حائل بين الذائقة و بين السكر، فما أدرك مما أدرك إلا الصفراء و هي مرة بلا شك.
وكذلك راكب السفينة يرى حركة ولكن قائمة على من في البر، فرؤية الحركة صحيحة من الحس ولكن نسبتها إلى الخارج من حكم العقل، و قد غلط في حكمه فلا ينسب الغلط أبدا في الحقيقة إلا إلى الحاكم لا الشاهد . 
أما ترى في شرف الحواس أنه قال تعالى فيه : "كنت سمعه و بصره"  .
و ما ذكر فيه القوى العقلية و الروحية، و لا أنزل نفسه تعالى منزلتها منزلة الافتقار إلى الحواس، و الحق لا ينزل منزلة يفتقر إلى غيره . 
وأمّا الحواس فمفتقرة إلى الله لا إلى غيره، فنزل لمن هو يفتقر إليه و لم يشرك به أحدا، فأعطاها الغنى فهو يأخذ منها و عنها، ولا تأخذ هي عن غيرها من القوى إلا من الله تعالى، فاعرف شرف الحس و قدره و أنه عين الحق.
ولهذا لا تكمل النشأة إلا به، فالقوى الحسية هم الخلفاء على الحقيقة في أرض هذه النشأة عن الله تعالى . 
أما ترى أنه سبحانه وصف نفسه بأنه سميع بصير، و لم يصف بأنه عاقل يفكر مخيل، و ما أبقى له من القوى الروحانية إلا ما للحس مشاركة فيه، كالحافظ و المصور فافهم .
حتى تعلم ترجيح جانب الحس عن الخيال، ووجه اختيارنا الحس من بين القوى جعلنا الله و إياكم ممن مشي على مدرجته، حتى يلحق بدرجته آمين . 
و ثانيهما: أي من الأصلين أنه لو كان يطلب التعبير، و معنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر.
فإن كان أخذ الكتاب من موطن الرؤيا لعبره رضي الله عنه، فلما لم يعبره علمنا قطعا أنه كان في الحس لا في الخيال .
أما ترى ما يقوله رضي الله عنه بطريق الذم بقي ابن مخلد حين رأى لبنا سقاه النبي صلى الله عليه و سلم فصدق الرؤيا، فاستقاه فقال: لبنا، و لو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما، فحرّمه الله علما كثيرا على قدر ما شرب فافهم . 
و ما كان الله ينهانا عن أخذ الربا و هو يأخذ منا، و ما كان رضي الله عنه يأمرنا بمكارم الأخلاق، و يكون جنابه العالي خال منها . 
أما ترى في قوله في "الفصوص" في ذكر ابن مخلد: 
فإن خرج في الحس كما كان في الخيال، فتلك لا تعبير لها و لهذا اعتمد ابن مخلد فإنه ذكره في مقام التقصير لا من حيث المحمدة . 
ذكر ابن سودكين و هو أبو الطاهر إسماعيل بن سودكين بن عبد الله النوري شارح كتاب "التجليات" للشيخ رضي الله عنه في شرحه : لقد قال لي إمامي و قدوتي إلى الله تعالى ذات يوم: يا والدي رأيت البارحة كأني أعطيتك هذه العمامة التي على رأسي، و أصبحت علي أن أعطيتكما، ثم أحببت أن يكون تأويله ذلك ما يقتضي باطن الرؤية، و حقيقتها فتركت إيصالها لك ظاهرا يا والدي لهذا السرّ.
فانظر: أي هذا المنع الذي قد ملأ عطاء، فافهم .
فإن خالفنا في هذا التأسيس و النمط الشرّاح بأسرهم لهذين الأصلين المذكورين . 
( رسول الله صلى الله عليه و سلم) أشار بقوله: رسول الله و لم يقل: نبي الله، إلا أن الأمر الإلهي بواسطة الرسول، فافهم .
(في مبشرة ) قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه في الباب العاشر و ثلاثمائة من "الفتوحات ": إن المبشرات التي أبقيت علينا من آثار النبوّة وهي الرؤيا يراها الرجل، أو ترى له وهي حق ووحي، ولا يشترط فيها النوم لكن قد يكون في النوم، وفي غير النوم و في أي حال كانت، فهي رؤيا في الخيال بالحس لا في الحس والتخيل قد يكون من داخل القوة، وقد يكون من خارج بتمثيل روحاني أو التجلي المعروف عند القوم.
ولكن هو خيال حقيقي إذا كان المزاج المستقيم مهيأ للحق سبحانه. انتهى كلامه رضي الله عنه. 
أو يقول في بيان قوله رضي الله عنه في مبشرة أو تصديق قوله صلى اللّه عليه و سلم : 
"الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا". رواه البيهقي  و أبو نعيم بالحلية والمناوي في فيض القدير
قال رضي الله عنه: الأمر و الله في غاية الأشكال، لأنا خلقنا في هذه الدنيا نياما فلا تدري لليقظة طعما، فنبه بلفظ مبشرة أنّ ما أدركتموه في هذه الدنيا هو مثل إدراك النائم بل هو إدراك النائم في النوم فسماه مبشرة . 
أما ترى قوله تعالى: "وما جعلنا ُّالرؤْيا الّتي أرْنياك إلّا فتْنةً للنّاسِ والشّجرة الملْعونة في القُرْآنِ و نخِّوفُـهُمْ فما يزيدُهُمْ إلّا طغْياناً كبيرًاً" [ الإسراء: 60] .
وأراد تعالى بالرؤيا العيان الذي رأى صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، فسمّاه الرؤيا وهو رؤية عيان لا منام بالإنفاق . 
قال تعالى: "ومِنْ آياتهِ منامُكُمْ باللّيْلِ والنّهارِ" [ الروم: 23] . ولم يذكر اليقظة وهي من جملة الآيات، فذكر المنام دون اليقظة في حال الدنيا، فدلّ على أن اليقظة لا تكون إلا عند الموت.
وأن الإنسان في الدار الدنيا نائم أبدا، فإن لم يمت وإنه في منام بالليل والنهار في يقظته ونومه. 
أما ترى عدم إعادة الباء في قوله(والنهار) واكتفى بباء الليل يشير إلى التحقق بهذه المشاركة، ويقوى الوجه الذي أثر زيادة في هذه الآية.
فلهذا جعل الدنيا عبرة و جسرا ليعبر: أي يعبر كما يعبر الرؤيا التي يراها الإنسان في المنام المعتاد.
فلهذا قيل في المثل المضروب: الدنيا جسر يعبر ولا يعمر.
فكلما يرى العارف أو يسمع كان ما كان: أي من كان بأي وجه كان يأخذ لنفسه حظا منه، إن كان بشارة فبشارة وإن كان إنذارا فإنذار، كما يفعله صاحب الرؤيا المعتاد. 
صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتفاءل و يقول بالتفاؤل حتى كان صلى الله عليه و سلم إذا سيق له لبن في اليقظة تناوله كما رؤياه.
أما سمعت أنه صلى الله عليه و سلم لما أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن، و إناء فيه خمر، فشرب اللبن .
فقال له الملك: أصبت الفطرة أصاب الله بك أمتك، فجعله بمنزلة الرؤيا للنائم خيالا لا بد من تأويل فافهم .
قال رضي الله عنه في الباب الثاني و السبعين و ثلاثمائة من "الفتوحات": إن ما في الكون كلاما لا يتأوّل، و لا يعبر عنه و لذلك .
قال تعالى: "ولنعلِّمهُ مِنْ تأويلِ الْأحادِيثِ" [ يوسف: 21] وكل كلام يصدق أنه حادث عند السامع فمن التأويل، ما يكون إصابة لما أراد المتكلم بحديثه، ومنه ما يكون خطأ عن مراده لا في نفس الأمر.
فإن ما من أمر إلا وله وجه صواب فيعرفه من يعرف المواطن وأحكامها، والتأويل عبارة عما يؤّوّل إليه ذلك.
والتعبير عبارة عن الحوز بما يتكلم به من حضرة نفسه إلى نفس السامع فهو ينقله من خيال إلى خيال لأن السامع يتخيله على قدر فهم .
فقد يطابق الخيال: أي خيال المتكلم خيال السامع، و قد لا يطابق فإذا طابق سمّي فهما منه، و إن لم يطابق فليس بفهم .
وإنما قصدنا بهذا الذكر أن يقرع أذنك ما أنت غافل عنه، وهو معنى الحديث المشهور :"والناس نيام".الحديث .
وإنك خيال و كل ما تدركه خيال فالوجود كله خيال في خيال، والوجود الحق إنما هو لله خاصة من حيث ذاته لا من حيث أسمائه، فإن الأسماء نسب و النسب لا عين لها.
قال رضي الله عنه: و الكل بحمد الله خيال في نفس الأمر لأنه لا ثبات له دائما على حال واحد و الناس نيام، و كل ما يراه النائم قد عرف ما يرى و في حضرة، فإذا ماتوا انتبهوا من هذا النوم. في النوم فما برحوا في رؤيا، فلم يزل الأمر كذلك, ولا يزال في الحياة الدنيا والآخرة فافهم .
ذكره رضي الله عنه في الباب الرابع عشر وأربعمائة من "الفتوحات": فإن قيل فإذا كان الأمر هكذا فلما لم يأوّل آخذ الكتاب؟!
قلنا: إن التأويل الذي على مذهب الشيخ للرؤيا التي بالخيال لا الذي رآه بالحس فافهم.
ولا تخلط المواطن بالمواطن لتكون عارفا قابلا للمحاورة والمكالمة، أن لكل موطن حكما لا يتغير، وإنما سمّيت مبشرة لتأثيرها في بشرة الإنسان، فإن الصورة البشرية تتأثر بما يرد عليها فيظهر لذلك أثر في البشرة لا بد من ذلك، فإنه حكم الحضرة الطبيعية، وإن لم يكن وجه التسمية مطردا. 
( أريتها) يشير رضي الله عنه إلى أن الرؤية كانت من أداة الحق لا بتعمّله وقصده . 
قال تعالى: "سنريهِمْ آياتنا فِي الْآفاقِ وفي أنْـفُسِهِمْ حتّى يتبيّن لهُمْ أنّهُ الحق أو لمْ يكْفِ بربِّك أنّهُ على كُل شيْءٍ شهِيدٌ" [ فصلت: 53] . 
وهذا من مقام قوله صلى الله عليه وسلم : "أراني ليلة عند الكعبة فرأيت" الحديث من الأحاديث المتفق عليه . 
( في العشر الأخر من محرم سنة سبع وعشرين وستمائة بمحروسة دمشق وبيده) "كتابٌ مرْقومٌ" [ المطففين: 9] "يشْهدُهُ المُقرُّبون" [ المطففين: 21] . 
قال رضي الله عنه في الباب الخامس و الستين و مائة من الفتوحات :
" قوله تعالى في عيسى إنه كلمة الله والكلمة جمع حروف وسيأتي علم ذلك في باب النفس بفتح الفاء فأخبر أنه آتاه الكتاب يريد الإنجيل ويريد مقام وجوده من حيث ما هو كلمة والكتاب ضم حروف رقمية لإظهار كلمة أو ضم معنى إلى صورة حرف يدل عليه فلا بد من تركيب فلهذا ذكر أن الله أعطاه الكتاب مثل قوله "أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ" ويريد بالوصية بالصلاة والزكاة العبادة كما تدل على العمل " أهـ
إنّ الكتاب ضمّ حروف رقمية، أو ضمّ معنى إلى صورة حروف تدل عليه، فكان مرتبة الحروف في مرتبة الأعيان، ثم نزل من العلم إلى العيان . 
قال تعالى: "كتابٌ أحْكِمتْ آياتهُ ثمّ فِّصلتْ مِنْ لدُنْ حكيمٍ خبيرٍ" [ هود: 1] ولا يعلم ما قلناه إلا من كان خلقه القرآن، بل من كان قلبه القرآن فإنه يتقلب بتقلبه، و يدور حيثما دار . 
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم : "خرج وفي يده كتابان مطويان قابض بكل يد على كتاب فأخبر: "إنّ في الكتاب الذي بيده اليمنى أسماء أهل الجنة، وأسماء آبائهم وقبائلهم وعشائرهم من أول خلقهم إلى يوم القيامة، والكتاب الآخر فيه أسماء أهل النار, إنّ في الكتاب الذي بيده اليمنى أسماء أهل الجنة، وأسماء آبائهم وقبائلهم وعشائرهم من أول خلقهم إلى يوم القيامة، والكتاب الآخر فيه أسماء أهل النار". رواه الترمذي والشيباني و أبو نعيم .
على الشرح المذكور ولو كان بالكتاب الغير المعهود ما وسع ورقة المدينة، ذكره رضي الله عنه في الباب السادس و السبعين من "الفتوحات" . 
وهكذا فيما نحن بصدد بيانه فلا يكون إلا مكتوبا مقروءا ملفوظا، وإلا فلم يسمّ كتابا فافهم كما يفهم من الحديث الشريف . 
فإن لخاتم الولاية أسوة حسنة في خاتم النبوّة في الأخذ والعطاء فافهم.
فقال لي : هذا كتاب (فصوص الحكم) والمشار إليه هو المجموع المرتب الذي كان بيده صلى الله عليه و سلم، فإن المشار إليه لا يكون إلا موجودا. 
وأما قوله: هذا كتاب "فصوص الحكم" فيحتمل أن تكون التسمية من الحق تعالى، أو من النبي صلى الله عليه وسلم فلما كان ظهور الحكم الختمية من يد الخاتم إلى يد الخاتم فناسب أن يكون فصوصا وعلى الحكم الخاتمية نصوصا. 
( خذه واخرج به ) : أي خذ الكتاب حسّا واخرج به شهادة . 
قال الشارح القيصري قدّس سره: واخرج به إلى الحسن بتعبيرك إياه وتقريرك معناه بعبارة تناسبه وإشارة توافقه . انتهى  كلامه . 
و هذا خروج عن ظاهر منطوق العبارة بلا ضرورة، فإنه قال: خذ الكتاب واخرج به والكتاب على رأي الشيخ رضي الله عنه كما فهمته سابقا ضمّ حروف رقمية، أو ضمّ معنى إلى صورة حروف، أو على الطريقين ليس الكتاب هو المعاني الصرفة وأيضا على رأي القيصري قدّس سره: يلزم تنزيل مرتبة الشيخ رضي اللّه عنه من الأكمل إلى الأدنى كما سيظهر لك إن شاء الله تعالى فافهم . 
( إلى الناس ) : الناس مشتق من النسيان: أي خذه و أخرج به إلى الناس تذكرة للناسين 
قال رضي الله عنه في الباب السابع و السبعين و مائتين من "الفتوحات" : 
إن علم الناس دائما إنما هو تذكّر، فمنا من إذا ذكر تذكّر أنه كان علم ذلك المعلوم ونسبه لذي النون المصري قدّس سره، ومنا من لم يتذكر مع إيمانه به أنه قد كان شهده كما أنساهم الله تعالى شهادتهم بالربوبية في أخذ الميثاق، مع كونه قد وقع وعرفناه ذلك بتعريف إلهي، فافهم .
فالمراد من الناس المطلعون على الكتاب المذكور، وأمّا المتأهلون وهم أهل التذكرة فإذا ذكروا تذكّروا، وأمّا المتأهلون وهم أهل التقوى وأهل المغفرة وهم أهل الحجاب والستر القابلون للتعريفات الإلهية، ينتفعون به بإثبات النون خبرا عن الصادق وبشارة منه يتحقق النفع به البتة، فمن لم ينتفع به فليس من الناس، فافهم . 
وعلى الجملة الناظر إليه والمطلع عليه إمّا متحقق وإمّا متوقف فيه، وإمّا منكر له فالكل منتفع به وإن كانت المنافع مختلفة باختلاف القوابل . 
أمّا انتفاع المتحقق والمؤمن فظاهر، وأمّا المتوقف فيه فلو لا إيمانه ما توقف، وإمّا نفع المنكر . 
فقال رضي الله عنه في "الفتوحات": إن الكامل يعفو عمّن سمع بذكره، أو رأى أثره فسبه و ذمّه، وهذا ذقته من نفسي وإعطاء نية ربي بحمد الله، و وعدني بالشفاعة بهم يوم القيامة . 
ونقل رضي الله عنه فيها عن المشايخ أنهم أوّل ما يشفعون يوم القيامة فيمن آذاهم، فقيل :  المؤاخذة . 
وقال هذا نص أبي يزيد قدّس سره وهو مذهبنا، فإن المحسنين إليهم يكفيهم عين إحسانهم و العافين عن الناس هم المحسنون، ومن هذا المشرب ما ورد عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال لربه عزّ و جل : 
"يا رب إني بشر أغضب كما يغضب البشر، اللهم من دعوت عليه أو سببته يعني في وقت غضبه، فأجّل ذلك حتى أنه يوما دعا صلى الله عليه وسلم على صبية صغيرة أضجرته فخافت من دعائه، فقال صلى الله عليه وسلم: لا تخافي فقد سألت الله". رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني.
وذكر هذا الخبر فكان دعاؤه بالشرّ خيرا في حق المدعو عليهذكره الشيخ رضي الله عنه في "سرّ الألفاظ اليوسفية" فافهم.
(ينتفعون به) وأذن بالكتاب فانتفع كل من عليه أطلع.
.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: