الاثنين، 1 يوليو 2019

الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قدوسية فى كلمة إدريسية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قدوسية فى كلمة إدريسية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول السفر الرابع فص حكمة قدوسية فى كلمة إدريسية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة عشر:الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر الطائي الحاتمي رضي الله عنه  : ( و ما ثم إلا هذا:
فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا ... وليس خلقا بذاك الوجه فاذكروا
من يدر ما قلت لم تخذل بصيرته ... وليس يدريه إلا من له بصر
جمع و فرق فإن العين واحدة ... و هي الكثيرة لا تبقى و لا تذر)
(إلا هذا) الذي ذكر من ظهوره تعالی منصبغا بصبغة كل مم?ن علمه فأراده فقدر عليه، فقد حكم عليه تعالى ذلك الممكن، فكان محكوم عليه بعين ما حكم هو به.
وقد أشار إليه الشيخ رضي الله عنه من النظم بقوله:
(فالحق) سبحانه (خلق بهذا الوجه)، لأن المخلوقات كلها مم?نات مقدرة لا وجود لها يمسكها الحق تعالی بعلمه وإرادته وقدرته، فيتجلى بها عليها وهو الموجود الصرف، فينصبغ بصبغتها في ظهوره لها لا هو في نفسه.
كذلك منصبغ بها إذ يستحيل على الموجود أن يتغير بالمعلومات القائمة به (فاعتبروا) بذلك يا أولي الأبصار، وافهموا هذه الحكم والأسرار.
(وليس) الحق تعالی (خلقا بذلك الوجه) الذي هو عليه في نفسه من الإطلاق الحقيقي والتنزيه الصرف.
(فاذ?روا) بتشديد الذال المعجمة، أي تذكروا ولا تغفلوا (من يدر ما)، أي الذي (قلت) من الكلام الحق والمعنى الصدق على حسب ما أردت من غير تحريف ولا تصحيف (لم تخذل).
أي لا يخذل الله تعالى (بصيرته) بل يوفقها لمعرفة الأسرار والحقائق ويوفقها على أقوم الطرائق (وليس بدريه).
أي يدري ما قلته (إلا من له بصر) منور بنور الاتباع مغسول من قذى الابتداع، وأما الأعمى الذي يظن نفسه بصيرة، فإنه بعيد الفهم عن درایته هذا المجال، وما يدري نساء النفوس ما بين عقول الرجال .
(جمع) يا أيها السالك، أي كن في مقام الجمع فانظر الحق في كل شيء، فإنه واحد قائم على كل شيء والأشياء كلها معلومات، لولا إمساكها لها ما وجدت به، فالوجود له لا لها والصور لها لا له.
(وفرق)، أي كن في مقام الفرق فانظر كل شيء موجودة بالحق تعالى قائمة به تعالی (فإن العين) الموجودة (واحدة) من حيث هي في نفسها لا كثرة فيها.
وإن ?ثرت صورها الممكنة العدمية المسماة خلقة الممسوكة بها وهو راجع إلى قوله جمع.
(وهي)، أي تلك العين الواحدة (الكثيرة) أيضا في نفس وحدتها إذ حضراتها لا تعد ولا تحصى، وهي في كل حضرة غيرها في الحضرة الأخرى وكل صورة كونية ممكن عدمي ممسوك بحضرة إلهية تقتضيه وهو راجع إلى قوله وفرق .
(لا تبقى)، أي لا تترك شيئا تلك العين الواحدة من جزئيات العالم إلا كان ظهورا لها في حضرة من حضراتها (ولا تذر)، معنی مطلقا صوابا أو خطأ كذلك.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر الطائي الحاتمي رضي الله عنه  : ( و ما ثم إلا هذا:
فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا ... وليس خلقا بذاك الوجه فاذكروا
من يدر ما قلت لم تخذل بصيرته ... وليس يدريه إلا من له بصر
جمع و فرق فإن العين واحدة ... و هي الكثيرة لا تبقى و لا تذر)
(وما ثمة إلا هذا) أي وليس في وسع المخلوق في العلم بالله إلا ما قاله فلا مرتبة فوقه .
فلما فرغ عن بيان الحق وأحكامه شرع في تلخيصه بالأبيات فقال :
(فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا ... و ليس خلقا بذاك الوجه فاذكروا)
(شعر: فالحق) الفاء نتيجة ما ذكر (خلق بهذا الوجه) و هر گونه متنوعة بأحكام الموجودات (فاعتبروا).
وفيه إشارة إلى أن هذا الوجه معتبر عنده و جلیل القدر و عظيم الشأن وإلا لما أمر وأوصى بالاعتبار .
(وليس خلقا بذاك الوجه فاذكروا) وهذا الوجه هو كون الحق مرآة للموجودات والحق مختفي منزه عن أحكام الخلقية .
(من يدر ما قلت لم تخذل بصيرته ... و ليس يدريه إلا من له بصر)
(من يدر) أي من يعلم (ما قلت) عن بيان الحق (لم تخذل بصيرته). وهي بصر القلب (وليس يدريه) أي ما قلته (إلا من له بصر) الذي لا يعجز في مشاهدته الحق في ظهوراته.
(جمع و فرق فإن العين واحدة ... وهي الكثيرة لا تبقى ولا تذر)
(جمع) بين الحق والخلق وقلت الحق عين الخلق (وفرق بينهما فقلت: الحق لب بخلق (فإن العين واحدة وهي الكثيرة) فيقبل الجمع والفرق (لا تبقى) أنت في الجمع بعد الجمع بل فرقه (ولا تذر).
أي لا تترك الجمع في التفريق بل أجمع في عين التفريق وفرق في عين الجمع.
فإن من فرق فلم يجمع في عين تفريقه وجمع ولم يفرق في عين جمعه فقد تفرق نظره .
فما ثمة إلا حيرة وهذا هو خلاصة ما ذكره تفصيلا .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر الطائي الحاتمي رضي الله عنه  : ( و ما ثم إلا هذا:
فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا ... وليس خلقا بذاك الوجه فاذكروا
من يدر ما قلت لم تخذل بصيرته ... وليس يدريه إلا من له بصر
جمع و فرق فإن العين واحدة ... و هي الكثيرة لا تبقى و لا تذر)
وما ثم إلا هذا :
فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا     ……    وليس خلقا بذاك الوجه فاذ?روا
من يدر ما قلت لم تخذل بصيرته     …..    وليس  يدريه إلا  من له بصر
جمع  وفرق فإن  العين واحدة      …… وهي الكثيرة  لا تبقي ولا تذر
واعلم أن ما ذكره، رضي الله عنه، من هنا إلى آخر هذه الحكمة ينضبط بأن الحق تعالى هو الوجود، وتعيناته، التي منشؤها عن قوة وجوده هي عدمية والعدمية لا تكثر الواحد الحق الذي تسميتنا له واحدا بها هو مجاز. ظهرت الأعداد بالواحد في المراتب، يعني أنك لو عددت دنانير مثلا فكلها ذهب والواحد منها هو حقيقة كل واحد منها في الذهبية والمراتب ?ثرت الواحد.
ألا ترى أن الإثنين هي واحد وواحد، والثلاثة هي واحد وواحد وواحد، فهو الواحد يتكرر إلى غير نهاية فإذا اتحد المعدود في الحقيقة فلا أثر لتعدد المراتب فقد بان معنى قوله، رضي الله عنه: فظهرت الأعداد بالواحد في المراتب.
إنه الجامع لجميع الكمالات، فإن ظاهر ?لامه، رضي الله عنه، يقتضي أن لها جميعا وما يلحق ذلك مما يرى ومما لا يرى فلا شك أن هذا له كله والجميع وإن تفصل بالجزئيات في المستقبل إلى غير نهاية.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر الطائي الحاتمي رضي الله عنه  : ( و ما ثم إلا هذا:
فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا ... وليس خلقا بذاك الوجه فاذكروا
من يدر ما قلت لم تخذل بصيرته ... وليس يدريه إلا من له بصر
جمع و فرق فإن العين واحدة ... و هي الكثيرة لا تبقى و لا تذر)
قال رضي الله عنه :
فالحقّ خلق بهذا الوجه فاعتبروا    ....    وليس خلقا بذاك الوجه فادّكروا
يعني رضي الله عنه : أنّ الوجود الواحد الحق من كونه متعيّنا في مرتبة الألوهيّة هو عين الله ، فهو بحسب الله وبحسب الصورة الأحدية الجمعيّة الإلهية ليس خلقا مخلوقا ، بل خالق المخلوقات ، موجد الموجودات ، فليس هو هي ، ولا هي هو.
« ما للتراب وربّ الأرباب ؟ » فادّكر ، ولا تخلَّط بين المراتب ، ولا تخبط خبط عشواء في الحقائق والمذاهب .
ثم الوجود الواحد الحق من كونه متعيّنا في المرتبة الخلقية المنفعلة والأعيان المتأثّرة الكونية ، قابلا لصور الأكوان خلق ليس حقّا كذلك.
ولكنّ الوجود الحق الواحد المطلق من كونه قابلا لصور الحقيقة الإلهية ، وقابلا أيضا لصور الخلقيّة عين الحق والخلق ، فهو فيهما معا حق وخلق .
فيصدق من حيث هذا الوجه وضع كلّ منهما أعني الحقّ والخلق وحمل الآخر عليه . فاعتبر هذه الاعتبارات كلَّها ، ولا تطلق القضايا إلَّا بوجوهها المعتبرة ، ولا تغفل عن الحقيقة الوجودية المطلقة الظاهرة في المراتب كلَّها ، إن شاء الله تعالى .
قال رضي الله عنه :
من يدر ما قلت ، لم تخذل بصيرته  .... وليس يدريه إلَّا من له بصر
جمّع وفرّق ، فإنّ العين واحدة   .... وهي الكثيرة لا تبقي ولا تذر
وعين الوجود الحق واحد ، ولا تحقّق إلَّا له في عينه كما عرفت ، فما ثمّ إلَّا هو ، تعيّن في مرتبة الجمع واحدا إلها ، وفي مرتبة التفرقة كثيرا خلقا ، والوحدة والكثرة ، والجمع والفرق ، والحق والخلق ، والإطلاق والتقييد ، والتعيّن واللاتعيّن ، والظهور والبطون نسب نفسيّة له ، ولا تحقّق لها بدونه ، فما ثمّ موجود إلَّا هو.

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر الطائي الحاتمي رضي الله عنه  : ( و ما ثم إلا هذا:
فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا ... وليس خلقا بذاك الوجه فاذكروا
من يدر ما قلت لم تخذل بصيرته ... وليس يدريه إلا من له بصر
جمع و فرق فإن العين واحدة ... و هي الكثيرة لا تبقى و لا تذر)
(فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا ) أي باعتبار ظهوره في صور الأعيان وقبول الأحكام منها
(وليس خلقا بهذا الوجه فادكروا ) أي بحسب الأحدية الذاتية وأسمائه الأول في الحضرة الإلهية الواحدية ، فإنه بذلك الوجه موجد الموجودات وخالق المخلوقات ، فلا يكون خلقا بذلك الاعتبار .
(من يدر ما قلت لم تخذل بصيرته  .... وليس يدريه إلا من له بصر)
ظاهر فإن البصيرة التي يدرك بها باطن الحق والبصر الذي يدرك به ظاهره إذا وفقهما الله وأيد صاحبهما بنوره ، فرق بهما بين الاعتبارين ، وعلم أن الحق بأى الاعتبارين خلق وبأيهما حق :
(جمع وفرق فإن العين واحدة   ....    وهي الكثيرة لا تبقى ولا تذر )
أي الوجود الواحد الحق في مرتبة الجمع الأسمائى إله ، وفي مرتبة الفرق مخلوق ، فليس في الوجود غيره فإنه العين الواحدة ، وهي بعينه الكثيرة بالتعينات ، وهي نسب لا تحقق لها بدونه فلا موجود إلا وحده.

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر الطائي الحاتمي رضي الله عنه  : ( و ما ثم إلا هذا:
فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا ... وليس خلقا بذاك الوجه فاذكروا
من يدر ما قلت لم تخذل بصيرته ... وليس يدريه إلا من له بصر
جمع و فرق فإن العين واحدة ... و هي الكثيرة لا تبقى و لا تذر)
(فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا  ..... وليس خلقا بذاك الوجه فاذكروا)
أي، إذا كان الحق يتنوع في مجاليه ويقبل كل ما يحكم عليه الأعيان من الأحكام الكونية، فالحق خلق من حيث إنه ظهر في المظاهر الخلقية واختفى فيها،
فالمشهود، غيبا وشهادة، حق صرف لا غير معه.
قال رضي الله عنه : "فالحق المنزه هو الخلق المشبه."
فقوله: (بهذا الوجه) إشارة إلى ما مر، من أن الحق هو الظاهر في مرايا الأعيان.
وقوله: (وليس خلقا بذاك الوجه فاذكروا) إشارة إلى أن الظاهر في مرآة الحق هي الأعيان الخلقية، فالحق ليس خلقا حينئذ، بل منزه من الصفات الخلقية ومختف بحجاب عزته، باق في غيبيته لا يشهد ولا يرى، وكل ما يشهد ويرى فهو خلق.
(من يدر ما قلت لم تخدل بصيرته   ..... وليس يدر به إلا من له البصر)
أي، من عرف ما أشرت إليه من الوجهين، لم يخذل بصيرته. على البناء للفاعل أو المفعول. وليس يدريه إلا من له البصر الحاد الذي لا يعجز عن
مشاهدة الحق في عالم الغيب والشهادة، كما قال تعالى في حق نبيه، صلى الله عليه وسلم: (فبصرك اليوم حديد).
و (البصيرة) عبارة عن عيني القلب اللتين يشهد بهما المشاهد الغيبية، شهودا معنويا أو مثاليا. قال، صلى الله عليه وسلم: "ما منعبد إلا ولقلبه عينان، هما غيب ينظر بهما الغيوب. فإذا أراد الله بعبد خيرا، فتحعيني قلبه ليرى بهما ما خفى عن بصره".
وقال: "تنام عيني ولا ينام قلبي."
(جمع وفرق فإن العين واحدة   ..... وهي الكثير لا تبقى ولا تذر)
أي، جمع بين الخلق والحق في مرتبة المعية، كما جمع الحق بقوله: (وهو معكم أينما كنتم).
بين هويته وعين العبد، وفي قوله: "كنت سمعه وبصره". - إذ الضميرراجع إلى العبد - وفرق بينهما بمشاهدة الحق وحده عند غلبة الوحدة عليك.
كما فرق بقوله: (قل الله ثم ذرهم). وبشهود الخلق وحده عن غلبة الكثرة عليك، كقوله تعالى: "هو الذي خلقكم من نفس واحدة".
إذ العين في الحقيقة واحدة وهي الذات الإلهية، وهي الكثيرة أيضا بحسب مظاهرها وأسمائها وصفاتها.
وفاعل قوله: (لا تبقى ولا تذر) هو العين الواحدة.
أي، إذا تجلت هذه العين الواحدة، لا تبقى ولا تذر من الكثرة شيئا، بل تفنيها وتجعلها هباء منثورا.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر الطائي الحاتمي رضي الله عنه  : ( و ما ثم إلا هذا:
فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا ... وليس خلقا بذاك الوجه فاذكروا
من يدر ما قلت لم تخذل بصيرته ... وليس يدريه إلا من له بصر
جمع و فرق فإن العين واحدة ... و هي الكثيرة لا تبقى و لا تذر)
قال الشيخ رضي الله عنه :  " وما ثم إلا هذا:
فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا ... و ليس خلقا بذاك الوجه فاذكروا
من يدر ما قلت لم تخذل بصيرته ... و ليس يدريه إلا من له بصر
جمع و فرق فإن العين واحدة ... وهي الكثيرة لا تبقى ولا تذر"
وإليه الإشارة بقوله: (ما ثم) أي: في الواقع (إلا هذا) التجلي لا حلول الحوادث فيه، ولا اتحادها به من كل وجه، وإذا عرفت أنه يتنوع بالتجلي، ويقبل أحكام الحوادث منه (فالحق خلق بهذا الوجه) أي: بتنوعه بالتجلي، وقبول تلك الأحكام.
(فاعتبروا) في العين الواحدة جهة الحقية، والخلقية .
(وليس خلقا بذلك الوجه) أي: باعتبار تنزهه عن الأحكام الإمكانية بالنظر إلى ذاته و صفاته الأزلية .
(فاذكروا) أي: ظهور الحق في مرآة الخلق فإن الظاهر في ذلك النظر (من) وجهي عينية الحق للخلق، وغيرينه لهم .
(لم تخذل بصيرته) بنفي ما هو ثابت من الحق، وإثبات ما ليس بثابت من الخلق إلا من جهة إشراق نور الحق عليهم، (وليس يدريه إلا من له بصر) يبصر به الأشياء كما هي.
ثم أشار إلى ذلك الإبصار بقوله: (جمع وفرق) أي: قل بالجمع والفرق ما إذ إفراد الجمع زنادقة، وإفراد التفرقة تعطيل، والعرب أخذهما معا.
(فإن العين واحدة) باعتباره (وهي) العيون الكثيرة باعتبارات أخرى بحيث (لا تبقي) وحدتها بتلك الاعتبارات، (ولا تذر) وحدتها بالاعتبار الأول على ما نبه عليه في مثال الواحد مع العدد والطبيعة مع الإفراد.
وهذا اقتباس يشير إلى أنه في الحيرة كحيرة من وقع في سقر التي وصفها الله تعالی بأنها "لا تبقى ولا تذر" [المدثر: 28]، فافهم.
إذا كانت العين الواحدة جامعة للموجودات ذاتا، وصفات، ونسبا، وجمعا، وفرقا؛ فلها العلم الذاتي بذلك، إذ لا يمكن اعتباره بالنسبة إلى مكان أو مكانة.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر الطائي الحاتمي رضي الله عنه  : ( و ما ثم إلا هذا:
فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا ... وليس خلقا بذاك الوجه فاذكروا
من يدر ما قلت لم تخذل بصيرته ... وليس يدريه إلا من له بصر
جمع و فرق فإن العين واحدة ... و هي الكثيرة لا تبقى و لا تذر)
وإلى ذينك الوجهين أشار بقوله نظما قال الشيخ رضي الله عنه:
( فالحق خلق بهذا الوجه فاعتبروا  ..... وليس خلقا بذاك الوجه فادّكروا)
وهذا مبدأ بدء المتقابلات ، ومنشأ جمع المتناقضات التي عجزت البصائر المحجوبة المخذولة عن إدراكه ، ووقفت أقدام أفهام ذوي العقول الفكريّة - التي لا تقع قوى شعورها إلا على مجرّد التجريد ومفترق التقديس والتنزيه ، دون بلوغها إليه - محرومة عن مجمع الإطلاق والتوحيد دون العارفين بالحقائق الذوقيّة ، الناظرين إلى العين الواحدة بالبصر الحسّيّ الشهوديّ الواقع أشعّة إدراكه على اللطائف الجمعيّة ، وإليه أشار بقوله :
(من يدر ما قلت لم يخذل بصيرته   ..... وليس يدريه إلَّا من له بصر)
وذلك لأنّ العين الشاملة للكلّ هي الواحدة بالوحدة الإطلاقيّة - كما هو المشاهد المحسوس - وإنّما يفصّلها الاعتبارات العقليّة ، تفصيل الجمعيّة والتفرقة بفرضه واعتباره - لا أنّها في نفسها كذلك - والمنبّه على ذلك صيغة الأمر في قوله :
(جمّع وفرّق ، فإنّ العين....    واحدة وهي الكثيرة لا تبقى ولا تذر)
تلك العين الواحدة غيرها ( ولا تذر ) اشتمال الاسم الجلالة وإحاطته بجميع الأمور والنسب  وإذ قد تقرّر أنّ العين لها الشمول والإحاطة .
.
يتبع الجزء الثاني
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: