الجمعة، 28 يونيو 2019

سفر خطبة الكتاب فص حكمة ختمية في كلمة محمدية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

سفر خطبة الكتاب فص حكمة ختمية في كلمة محمدية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

سفر خطبة الكتاب فص حكمة ختمية في كلمة محمدية الفقرة الثانية الجزء الثاني . موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

الفقرة الثانية :الجزء الثاني
كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940هـ:
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (وصلى الله على ممد الهمم، من خزائن الجود والكرم، بالقيل الأقوم، محمد وعلى آله وسلم.)
( و صلى الله على ): أي أفاض الاسم الجامع لجميع الكمالات رحمته لجامع جميع التجليات ذاتا و اسما و صفة، فلما  كان المقام مقام الدعاء عدل من الجملة الإسمية إلى الجملة الفعلية ليدل على التجدد و الاستمرار. يشير إلى أن الصلاة من الله تعالى مجدد دائما أبدا على ممد الهمم . 
(ممد الهمم) جمع همّة، و الهمة تجريد القصد كحصول المطلوب، و هي و لو كانت كمالا و لكن هي للمتوسطين العارفين للترقي لأن كمال العلم يمنع التصرف بالهمة و التحكم بها و هما لأرباب الأحوال لا للمتمكنين.
فإن كان الأكابر يرون التصرف مزاحمة، و يتركون التصرف للحق في خلقه، فإن ظهر شيء فهو لا عن قصد منهم، فالنبي صلى الله عليه و سلم يرقيهم.
ويمدهم بالتميز بين الخواطر المذمومة والمحمودة حتى لا تتعلق هممهم بدون الحق، ويرقيهم إلى طلب الأنفس بالمقام الأقدس.
ويرغبهم في الله لا فيما عند الله، فإذا فتحت العين بذلك المراد على فضاء الإطلاق، وشهود أحدية المتصرف والمتصرّف فيه فلا يرى الغير، فعلى من يرسل الهمّة، فلهذا يرى العارف التام المعرفة بغاية العجز والفقر والضعف .
قال رضي الله عنه في "الفتوحات" : إن بعض الأبدال أرسل إلى أبي مدين قدّس سره وهو يسأل لأي شيء لا يعتاص علينا، وأنت تعتاص عليك الأشياء؟
و نحن راغبون في مقامك، و أنت غير راغب في مقامنا، انتهى كلامه . 
أما ترى صلى الله عليه وسلم كيف أمر بقول: "لا أدري ما يفعل بي ولا بكم"  .
وهو قائل صلى الله عليه وسلم: "بإني علمت علم الأولين والآخرين". رواه البيهقي في الشعب والطبراني في الكبير    
فكان الماضي و المستقبل في الآن، فلو لا حضور المعلومات له في حضرة الآن لما وصف بالعلم بها في حضرة الآن، و مع هذا يتأدّب، و يقول : "لا أدري ما يفعل بي و لا بكم"
أمّا قوله صلى الله عليه وسلم : "كن أبا ذر" رواه الحاكم، وابن عساكر عن ابن مسعود  
ليس من مقام الهمّة بل هذه كلمة حضرة مختصّة بالإلهيين إذا أراد الله شيئا أن يقول له كن فيكون، أو نقول: إن إمداد الهمم للترقي إلى ما لا يستقبل عقول الأمة بإدراكه دون التعريف الإلهي من طريق الكشف المحقق والوحي لتسموا همم النفوس إلى طلبه.
وتهتم في تحصيله من مظنته وتحصيل معرفة كيفية التوجّه إلى الحق بالقلوب والقوالب أيضا من حيث تبعيتها لأحكام القلوب من خزائن الجود والكرم. 
قال رضي الله عنه في "مواقع النجوم":
الجود عطاء بغير سؤال، والكرم عطاء بسؤال بطيبة النفس. 
وقال رضي الله عنه في "الفتوحات":
الجود من الحق امتناني ذاتي، و الجود من الأعيان ذاتي فهذا الفرق بين الجودين.
وهذا معنى قول من قال في الجود: إنه العطاء قبل السؤال، انتهى كلامه رضي الله عنه .
والخزائن ما سمّيت خزائن إلا باعتبار ما يختزن فيها من نفائس الجواهر والأموال وهي نفائس مكارم الأخلاق والأحوال، ومن هذه الأخلاق خلق الجمع الدال على الفرق، والفرق الدّال على الجمع، و خلق الجمع بينهما، وهو خلق جمع الجمع، وهو من أكبر الأخلاق، وأعلاها، وأسناها. 
و بهذا خوطب صلى الله عليه و سلم: "وإنّك لعلى خُلقٍ عظِيمٍ" [القلم: 4]. وهو الخلق النور المستور، وهذا من أعزّ المعارف إذ لا يمكن أن يكون النور مستورا لذاته، فإنه لذاته يخرق الحجب، و يهتك الأستار، فافهم . 
وأمّا أصول هذه النفائس فمتناهية، وهي الأخلاق التي منحت عطاء وجودا وكرما،وهي ثلاثمائة. 
كما ورد في الحديث الصحيح "إن لله تعالى ثلاثمائة خلق من تخلق بواحد منها دخل الجنة" ذكره رضي الله عنه في الفتوحات.
رواه الطبراني في الأوسط والحكيم الترمذي والديلمي في الفردوس والدرقطني في العلل.
وهذه الأخلاق خارجة عن الكسب، روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "إنما هذه الأخلاق بيد الله فمن شاء أن يمنحه الله خلقا حسنا فعل". ذكره الخرائطي في مكارم الأخلاق عن أبي المنهال، ذكره في جمع الجوامع . رواه البيهقى في الشعب وابن معمر في جامعة. 
فلهذا قال رضي الله عنه: (من خزائن الجود والكرم ): أي من الخزائن التي ملئت من الجود والكرم، وهي خزائن المنن فلا يخرج إلا بالجود والكرم بسؤال، وبغير سؤال فلمّا كانت المنن كثيرة متعددة طلبت عين كل منة منها خزانة.
فلهذا تعددت الخزائن بتعدد المنن الإلهية، فإذا كان هو عين المنة فأنت الخزانة.
فالعالم خزائن المنن الإلهية، ففيك اختزنت منته تعالى، بل أنت الخازن، و أنت الخزانة، و أنت ما يختزن فيها فلا يجمعهما إلا أنت فمنك إليك، فافهم.
فليس الرجل من تحقّق بربه، و إنما الرجل من تحقّق بعينه .
قال رضي الله عنه: وما فاز بهذه الدرجة ذوقا إلا نبينا صلى الله عليه وسلم، وكشفا إلا الرسل عليهم السلام، و راسخوا هذه الأمة المحمّدية الذين هم ورثته.
ومن سواهم، فلا قدم لهم في هذا الأمر، فرفع بعضهم فوق بعض درجات اختصاصا، ولا يصلح التكسّب بها لأنها لا أثر لها في الكون بل هي لرفيع الدرجات ذي العرش.
وإنما هي إعدادات قابليات بأنفسها لتجليات إلهيات على عددها للذين هم درجات عند ربهم . 
فقوله صلى الله عليه وسلم : "من تخلق بواحد منها" كما سبق في لفظ الحديث، و سبق الكلام باعتباره . 
أراد صلى الله عليه و سلم من قام به، و ظهر فيه آثار تلك الأخلاق، فافهم . 
وأمّا الخزائن على عدد أصناف الموجودات، واعتبار أشخاصها فغير متناهية، وما سمّيت خزائن إلا باعتبار ما يختزن فيها من الأخلاق المخزونة.
ولكن كل ما يدخل منه في الوجود منتاه، وأمّا من حيث الأنواع والأمهات فمتناهية الأصول فافهم.
وأمّا الخزائن باعتبار ما تحوي، فثلث خزانة تحتوي على ما تقتضيه الذوات من حيث ما هي ذوات، و خزانة تحوي على ما تقتضيه النسب الموجبة للأسماء من حيث أنها أفعال لا من حيث المفعولات ولا الانفعلات ولا الفاعلات . 
وكل خزانة من هذه الخزائن تنفتح إلى خزائن، وتلك الخزائن إلى خزائن أخرى وهلمّ جرّا، فهي تدخل تحت الكم بوجه ولا تدخل بوجه آخر . 
فالحاصل أنه كل ما دخل منها في الوجود حصره الكم، فافهم . 
فإذا انكشف للعالم المكاشف خزائن الأعيان لا يخشى من الإنفاق، أما ترى إشارة جوامع الكلم في خطاب المؤمنين وهو قوله سبحانه: "قلْ لوْ أنْـتمْ تمْلكُون خزائن رحْمةِ ربِّي إذاً لأمْسكْتمْ خيشْة الِإنفاقِ" [ الإسراء: 100] .
الممسوك عند العالم بالأعيان الثابتة، وعارفها هو خشية الإنفاق: أي لا تخشون النفاد والقلة لا خزائن الرحمة، فإنه ينفق بلا خشية إملاق لعلمه أن المخزون ينفد وما عند الله باق. 
ومن هذا المقام ما ورد في الخبر عن بلال رضي الله عنه أو عن غيره من الصحابة أنه قال له صلى الله عليه وسلم : "أنفق ولا تخف من ذي العرش إقلالا، فتبسّم رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال: بهذا أمرت " . ذكره القاضي عياض في"الشفاء" فافهم . رواه الضياء في المختارة.
(بالقيل الأقوم): أي الأبين المتوسط بين إفراط التنزيه و تفريط التشبيه . 
قال رضي الله عنه: لو أتى نوح عليه السلام ما أتى به النبي صلى الله عليه و سلم لأتته قومه لأنه عليه السلام جادلهم بالتي هي أحسن بالقول الأسدّ الأقوم .
وهو قوله تعالى: "ليس كمِثلهِ شيْءٌ وهُو السّمِيعُ البصِير"ُ [ الشورى: 11] . 
فإنه جمع التنزيه و التشبيه في آية واحدة، بل في نصفها هذا من جوامع الكلم و فصل الخطاب جمع الأضداد، و قطع الخصومة و العناد .
بخلاف نوح عليه السلام، فإن دعوته تنزيه بحت فما قبل من الأمة إلا قليل، و قد انقطع بعده بخلاف المحمديين فافهم . 
في الزيادة إلى نزول عيسى عليه السلام بل إلى يوم الدين فافهم،
وذلك من اعتدالهم وكونهم وسطا: أي لا إفراط فيهم ولا تفريط . 
قال الله تعالى: "جعلْناكُمْ أمّةً وسطاً " [ البقرة: 143] . 
سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم جمع الله سبحانه لاسمه الأشرف بين حروف الاتصال و الانفصال، ليدل الاسم على وصول المسمى به تعالى فبحرف الانفصال أشار بفصله عن العالم، و بحروف الاتصال أشار باتصاله بالأصل إشارة إلى جمعه بين الحالين، و حيازته الأمرين التنزيه والتشبيه ويتم له صلى الله عليه و سلم الأمر من جميع جهاته اسما ومسمى، والحمد لله المنعم المفضل . 
"" قال الشيخ جلال الدين السيوطي في الخصائص:
ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى قرن اسمه باسمه في كتابه عند ذکر طاعته ومعصيته وفرائضه وأحكامه ووعده ووعیده؛ تشريفا وتعظيما.
قال تعالى : "وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين" [الأنفال : 1].
قال تعالى : "ويطيعون الله ورسوله" [التوبة: 71].
قال تعالى : " إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله " [الحجرات: 15]
قال تعالى : " براءة من الله ورسوله" [التوبة:1].
قال تعالى : "وأذان من الله ورسوله " [التوبة:3].
قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله ولرسوله" [الأنفال: 24].
قال تعالى : "ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب" [الأنفال:12].
قال تعالى : "ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب " [الحشر:4].
قال تعالى : " ومن يعص الله ورسوله" [الجن:23].
قال تعالى : "ويحاربون الله ورسوله" [المائدة:33]
قال تعالى : " من دون الله ولا رسوله"  [التوبة:16].
قال تعالى : "ما حرم الله ورسوله" [التوبة:29].
قال تعالى : "قل الأنفال لله والرسول" [الأنفال: 1].
قال تعالى : "فردوه إلى الله والرسول" [النساء: 59].
قال تعالى : "ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله" [التوبة:59]
قال تعالى :  "أغناهم الله ورسوله من فضله" [التوبة: 74].
قال تعالى :  "كذبوا الله ورسوله" [التوبة:90].
قال تعالى :  "أنعم الله عليه و أنعمت عليه " [الأحزاب:37]، انتهى. ""
وكذلك اسمه أحمد صلى الله عليه وسلم بل العارفون يعرفون أخلاق الناس بحروف الأسماء، و يستدلون بها على أطوار المسمين، و ذلك من علم المناسبات .
و إنه قال صلى الله عليه و سلم : "لكل نبيّ آل وعدة وآلي وعدتي المؤمن" .
و في حديث أنس رضي الله عنه : "آل محمد كل تقيّ "  .
""قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه في الفتوحات المكية الباب الثالث والسبعون في الرد على الحكيم الترمذي السؤال الحادي والخمسون ومائة : قوله آل محمد؟
الجواب : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لكل نبي آل وعدة وآلي وعدتي المؤمن ومن أسمائه تعالى الْمُؤْمِنُ وهو العدة لكل شدة"
و الآل يعظم الأشخاص فعظم الشخص في السراب يسمى الآل فآل محمد هم العظماء بمحمد.
ومحمد صلى الله عليه وسلم مثل السراب يعظم من يكون فيه وأنت تحسبه محمدا العظيم الشأن كما تحسب السراب ماء وهو ماء في رأى العين.
فإذا جئت محمدا صلى الله عليه وسلم لم تجد محمدا ووجدت الله في صورة محمدية ورأيته برؤية محمدية.
كما أنك إذا جئت إلى السراب لتجده كما أعطاك النظر فلم تجده في شيئيته ما أعطاك النظر ووجدت الله عنده .
أي عرفت أن معرفتك بالله مثل معرفتك بالسراب أنه ماء فإذا به ليس ماء وتراه العين ماء فكذلك إذا قلت عرفت الله وتحققت بالمعرفة عرفت أنك ما عرفت الله.
فالعجز عن معرفته هي المعرفة به فما حصل بيدك إلا أنه لا يتحصل لأحد من خلقه وكل من استند إلى الله عظم في القلوب وعند العارفين بالله وعند العامة .
كما أنه من كان في السراب عظم شخصه في رأى العين .
ويسمى ذلك الشخص آلا وهو في نفسه على خلاف ما تراه العيون من التضاؤل تحت جلال الله وعظمته .
كذلك محمد يتضاءل تضاؤل السراب في جنب الله لوجود الله عنده فهذا إذا فهمت ما قلناه معنى آل محمد"" أهـ.
( و سلم) قال رضي الله عنه: بعد الصلاة إطاعة أمره و رضا نفسه حيث قال سبحانه : 
"صلُّوا عليْهِ وسلِّمُوا تسْلِيماً "[ الأحزاب: 56] . بالتأكيد يريد السلامة عن سطوات التجليات الجلالية والانحرافات الطبيعية التي هي أسفل سافلين.
وذلك من تجلي الاسم السلام المؤيد للسلامة عن كل ما يوجب النقصان في الكشف والعيان، و للناجي بين العيان والإيمان . 
قال تعالى: "ما زاغ البصرُ وما طغى" [ النجم: 17] فله حاق الوسط بلا إفراط ولا نقصان . 

.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: