الجمعة، 28 يونيو 2019

سفر خطبة الكتاب فص حكمة ختمية في كلمة محمديةالفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

سفر خطبة الكتاب فص حكمة ختمية في كلمة محمديةالفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

سفر خطبة الكتاب فص حكمة ختمية في كلمة محمديةالفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   
الفقرة الرابعة :الجزء الثاني
كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940هـ:
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فقلت: السمع والطاعة لله ولرسوله وأولي الأمر منا كما أمرنا . فحققت الأمنية، وأخلصت النية وجردت القصد والهمة إلى إبراز هذا الكتاب كما حده لي رسول الله صلى الله عليه وسلم  من غير زيادة ولا نقصان.)
(فقلت: السمع و الطاعة لله و لرسوله و أولي الأمر منا كما أمرنا ). 
أشار إلى امتثال قوله تعالى"أطِيعوا اللّه وأطِيعوا الرّسُول وأولي الْأمْرِ مِنْكُمْ" [ النساء: 59] و هم الأقطاب والخلفاء والولاة منا ولهم لأمر فيما هو مباح لهم ولنا، فإذا أمرونا بالمباح و أطعناهم في ذلك أجرنا في ذلك أجر من أطاع الله فيما أوجبه عليه.
وذلك لأنه إذا أمر الإمام المفترض الطاعة بأمر مباح وجبت إطاعته، وارتفع حكم الإباحة، فافهم لتعلم ما منزلة الخلافة والإمامة وما أثمرت هذه المرتبة. 
فكأنه قال رضي الله عنه: السمع و الطاعة للمتحقق بأحدية الجمع، والمتنزل إلى مرتبة الفرق بالرسالة، و المتلبس بخلعة الخلافة و النيابة آمرا و ناهيا من نبي وأطعته بالانقياد له مع تحقيقي بمرتبة الجمع لتحقيقي بجمع الجمع، فافهم . 
وإنما أظهر رضي الله عنه اللام في الرسول ليفصل بين الحق والخلق بإعادة حروف الجر ولم يجمع بين الله و الرسول فيه إشارة إلى بعد الحقائق الخفية والخلقية . 
ورد في الخبر الصحيح أنه صلى الله عليه و سلم قال لخطيب : "بئس الخطيب أنت"رواه مسلم و أبو داود و النسائي.
لما سمعه قد جمع بين الله تعالى ورسوله في ضمير واحد لا يوحي من الله تعالى ومن يعصمها، وفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم كفاية لمن أنار الله بصيرته . 
أما ترى عدم إظهار اللام في قوله رضي الله عنه: و أولي الأمر منا بلا إعادة لقرب المناسبة و الدلالة على أنهم منه صلى الله عليه و سلم . 
قال الله تعالى: "لقدْ جاءكُمْ رسُولٌ مِنْ أنْـفُسِكُمْ" [ التوبة: 128] . 
فمن شدة الملابسة حذف اللام في الثاني، و لبعد المناسبة أثبت في الأول ليكون أدل على الفصل فافهم . 
قال الشيخ قدس سره: [فحققت الأمنية، و أخلصت النية و جردت القصد و الهمة إلى إبراز هذا الكتاب كما حدّه لي رسول الله صلى الله عليه و سلم من غير زيادة و لا نقصان و سألت الله تعالى أن يجعلني فيه و في جميع أحوالي من عباده الذين ليس للشيطان عليهم سلطان، و أن يخصني في جميع ما يرقمه بناني و ينطق به لساني و ينطوي عليه جناني بالإلقاء السّبوحي و النفث الروحي في الروع النفسي بالتأييد الاعتصامي حتى أكون مترجما لا متحكما، ليتحقق من يقف عليه من أهل الله أصحاب القلوب أنه من مقام التقديس المنزه عن الأغراض النفسية التي يدخلها  التلبيس] .
قال الشارح: قوله رضي الله عنه: (فحققت الأمنية ) أي جعلت مواد رسول الله صلى الله عليه وسلم حقا، وأظهرت عتبة في الخارج إخراجا محققا. 
قال الشارح القيصري قدّس سره: أي جعلتها حقا محققا أي ثابتا في الخارج و ظاهرا في الحس بتعبيري إياه، و إظهاري فحواه. 
كما قال تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام: هذا تأويلُ رؤياي مِنْ قبْلُ قدْ جعلها ربِّي حقًّا" [ يوسف: 100]: أي أخرجها في الحس انتهى كلامه . 
اعلم أيدك الله وإيانا بروح منه أن تعبير الرؤيا عند المصنف رضي الله عنه هو الجواز عن صورة ما رآه إلى صورة أخرى.
والتأويل عبارة عما يؤّوّل إليه تلك الرؤيا ويراد منها، والرؤيا موطن التعبير والتأويل كان ما كان، والرأي كان من يكون هذا مذهبه رضي الله عنه، فالتعبير جواز من صورة المرئي إلى صورة تناسبها. 
فلهذا قال الشيخ رضي الله عنه: إن التجلي الصوري في حضرة الخيال يحتاج إلى علم آخر وهو علم المناسبات تدرك به ما أراد الله بهذا مثلا أن المعاني التي رؤيت في الرؤيا يأخذها، و يكسبها ألفاظ و يعبر بها عن المعاني التي رآها كما يفعل لإخبار معناها وإعلام فحواها.
وذلك وإن كان تعبيرا ولكن ليس هو التعبير المصطلح الذي نحن بصدد بيانه وما ذلك إلا مغالطة واشتباها . 
وأما قوله قدّس سرّه: إن هذه الحكاية كحكاية يوسف عليه السلام . 
قال تعالى: "هذا تأويلُ رؤياي مِنْ قبْلُ قدْ جعلها ربِّي حقًّا" [ يوسف: 100] . 
فليست الحكاية كالحكاية ولا الرؤيا كالرؤيا، وكيف لا؟
و رؤية يوسف عليه السلام هي المثل المضروب، وهي رؤية الإخوة، و الأبوين ساجدين له على صورة الكواكب، والشمس، والقمر فصدق في قوله عليه السلام: هذا تأويل رؤياي فإنه جاوز، وعبر من صورة إلى صورة أخرى أريد منها قد جعلها حقّا في الخارج، فعرف أن الذي رآه  أريد منها هذه إلا ما رأى من الكواكب، والشمس، والقمر فأين صورة رؤياه عليه السلام ؟
فإنها مثل مضروب وجسر يعبر، وصورة مسألتنا .
فإنه رضي الله عنه أمر بإبراز عين الكتاب بلا تأويل و لا تعبير سيما إن كانت صورة واقعته رضي الله عنه في الرؤيا كما قررناه، فيكون في اليقظة عند اتخاذ المدارك، فيرى في اليقظة ما يرى في المنام، و لا يسمّى ذلك رؤيا المنام لأنه في اليقظة، فافهم . 
( و أخلصت النية ): أي جعلتها للإطاعة خالصة، فجردت القصد. 
فجردت القصد والهمّة) القصد : التوجه فى الصدق والإخلاص لله ورسوله.
والمراد من الهمّة الهمّة الحقيقية التي هي جمع الهمم بصفاء الإلهام .
فتلك همم الشيوخ الأكابر من أهل الله، فتجريدها جمع الهمم، و تفريدها بأحدية الهمّة و جعلها همّة واحدة لأحدية المتعلق كما أن تجريد القصد أن تجعل المقاصد المتكثرة مقصدا واحدا هربا من الكثرة لتوحيد الكثرة أو للتوحيد، فافهم . 
إلى إبراز هذا الكتاب قوله رضي الله عنه: هذا الكتاب مشير إلى أنه كان بالألفاظ و الحروف المرتبة و ذلك لأن مخدرات المعاني من حيث أنها معان صرفة قاصرات الطرف ما تبرجن عن خيام المراتب، و لا تبرزن إلى مراتب الصون إلا مبرقعات بحجاب صور الألفاظ، و الحروف، و القوالب . 
فلهذا ما أمر رضي الله عنه إلا ليبرز ما كان مستورا و هو كتاب فصوص الحكم حيث كان في أمر الكتاب مسطورا كما حدّها لي رسول الله صلى الله عليه و سلم، يشير إلى ما صرّح رضي الله عنه في آخر الخطبة بأن ما وقف عليه لا يسعه كتاب ولكن ما أظهر .
( إلا ما حدّه لي رسول الله صلى الله عليه و سلم ): أي بحدود الألفاظ، و رسوم قوالب العبارات المدوّنة المبوّبة المسمّاة بفصوص الحكم، فإنه كتاب فصّلت آياته، و خطاب بينت متشابهاته، فمحكماته متشابهات، و متشابهاته محكمات من غير زيادة و لا نقصان.
ولو رام رضي الله عنه زيادة على ذلك ما استطاع لأنه غير مختار بل هو فيه  مجبور مقهور، فإنه الحضرة حضرة الأمانة.
(من غير زيادة و لا نقصان) فكما لا تقبل النقصان كذلك لم تقبل الزيادة فإن التصرف بغير الإذن خيانة مع أن الزيادة في غير محلها نقصان و جناية.
أما ترى أن الأصابع خمسة فإن زادت فالزائد منها نقص .  
.

واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: