الأحد، 28 يونيو 2020

فصل ذا النون المصري يزور أبا يزيد .كتاب التنزلات الموصلية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي

فصل ذا النون المصري يزور أبا يزيد .كتاب التنزلات الموصلية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي

فصل ذا النون المصري يزور أبا يزيد .كتاب التنزلات الموصلية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي

الشيخ الأكبر محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي رضي الله عنه

فصل ذا النون المصري يزور أبا يزيد

قال يوسف بن الحسين سمعت ذا النون المصري  يقول لبعض من يزور أبا يزيد قل لأبي يزيد" "إلى متى هذا النوم والراحة وقد جازت القافلة".

 قال : فخرج الرجل قاصدا لأبي يزيد وسلم عليه وقال له ذو النون المصري يقرئك السلام ويقول لك: " إلى متى هذا النوم والراحة وقد سارت القافلة".

فقال أبو يزيد قل لأخي ذي النون:" أن الرجل كل الرجل من ينام الليل كله فإذا أصبح أصبح آمنا في المنزل قبل نزول القافلة" .

قال فرجع الرجل إلى ذي النون فأخبره .

فقال :" هذا كلام لا تبلغه أحوالنا هنيئا له هذا المنزل منزل عال شريف فيه أسرار عجيبة ومعان لطيفة القائم بهذا المنزل عبد الرب وهو الإمام الأكمل الذي تقدم فيه سر الصباح والظلام والذحول والنمائم والرموز والتحاسد .

سلوك أهل الطريق إلى الحق على طريقين :

طريق يسلكونها بأنفسهم وهو قوله :"من عرف نفسه عرف ربه".

وطريق يسلك بهم عليها وهذه حالة المرادين المنقطعين .

والأولى حالة المریدین والمنقطعين ومع هذا فكلا الفريقين سالك وإن سلك به .

و مثالهما في السفر الحسي سلوك المشاة في قطع المفازات وسلوك راكبي البحر ولهذا شبه بعضهم سير العمر بالإنسان براکب البحر قال قائلهم.

فسيرك ياهذا کسیر سفينة    ….   بقوم قعود والقلاع تطير

فيظهر من كلام أبي يزيد أنه يريد هذا السفر بقوله أصبح آمنا في المنزل قبل نزول القافلة فدل كلامه على أنه طالب ما طلبت القافلة فزاد عليهم بالراحة والنعيم مثل الفقراء مع الأغنياء بنصف اليوم الذي يختصون به في نعيم الجنة.

ثم تقع الشركة بعد ذلك هذا هو الظاهر من كلام أبي يزيد .

ولكن له عندنا مدرك رفيع خلاف هذا مذكور في شرح أحواله في الكتاب الذي سميناه "مفتاح أقفال إلهام التوحيد" فلينظر هناك .

ثم نرجع ونقول قال الله تعالی :."سبحان الذي أسرى بعبده، ليلا" [الإسراء: 1] وقال: "ثم دنا فتدلى . فكان قاب قوسين أو أدنى " [النجم: 8 -9 ]  .

" ما كذب الفؤاد ما رأى " [النجم: 11] .

وقال ما وسعني أرضي ولا سمائي وقد وسعني قلب عبدي وهذه بحور لا سواحل لها ولكن لا بد لنا أن نظهر منها قدر ما يليق بهذا الكتاب حتى نستوفيها على مقتضى ما تعطيه مرتبة هذا الكون إن شاء الله .

فاعلم أن القلوب التي اعتني الله بها على ضربين قلوب غلب عليها الشوق وقلوب لم يغلب عليها الشوق .

فالقلوب التي لا شوق لها وصلت إلى شاهد علمها بسير من أنواع المعاملات وقنعت واطمأنت ولذا قيل للمطمئنة "ارجعي إلى ربك" [الفجر: 28.].

وأين هذا المقام من قوله: " ألم ترى إلى ربك " ثم سدل الحجاب.

فقال :"كيف مد الظل " فرده إليه فواحد يدعوه من نفسه الأضعف والأقوى والأكبر والأصغر والأعلى والأسفل والأشرف و الأوضع. وجهان :

وجه يجتمع به مع ضده يدل على الله .

ووجه ينفرد به كل واحد عن صاحبه يدل به أيضا على العلم بالله .

فالطرق وإن تنوعت وتشعبت فكلها منه انبعثت وإليه تعود كالخطوط الخارجة من نقطة الدائرة إلى المحيط .

فإذا تقرر هذا وتبين تشعب الطرق إليه فاعلم أيضا أن له جل وعلا لكل طريق وجه لا يشبه الوجه الآخر كما لا يشبه الطريق.

فاختلفت إذن المعارف ولا تقول تضادت فصار كل متکلم عن الله بعد مشاهدة کانت منه إليه إنما ينطق عن حقيقة وقد خالف طريق صاحبه فاختلفت المشاهدة فتنوع المشهود فتنوعت العبارة فوقع الإنكار عند السامع المحجوب الذي ليس له مدخل في هذه الحقائق.

فسمع محققين قد اختلفا وكلاهما يقول أن الله اريد بما أقول فيحمل السامع كلاهما على الجهل ويقول لا بد أن يكون الحق عند أحدهما.

أو ليس عندهما حق على حسب ما تعطيه القسمة في الانتشار أو الانحصار وكلاهما مصيب لا محالة عند المحقق العارف بالحضرة الإلهية .

فإذا ثبت هذا فقد تبين أن الساري إلى الحق والنائم في المنزل كلاهما سار وكلاهما عند الصباح واصل .

غير أن المشاهدة اختلفت إذ ليس طريق النوم طريق التعب كان عليه السلام يحمد على السراء بالمنعم المفضل وعلى الضراء يعلى كل حال.

 والمحمود واحد من حيث الذات .

والمحمود مختلف من حيث الصفات والأسماء .

فإن الأسماء التي عينها تكون الذات ليست الصفة التي عينها تكون الآلام فلا وجود للصفات إلا بالذات فلا معنى للذات إلا بالصفات والأسماء .

فإذا بالجملة يسلم لمن قال الحمد الله الراحم ويسلم لمن قال الرحمن ولهذا حق يرجع إليه فالأمر دقيق يعسر على الأفهام .

فأبو یزید نام عاشقا فاستيقظ ومحبوبه عند رأسه التي تطلبه القافلة والقافلة أصبحت فحطت عند مطلوبها في الوقت الذي استيقظ فيه أبو يزيد برفيقتين صحيحتين مختلفتين متماثلتين.

وقد ذكرنا هذا المقام مرموزا في كتاب عنقاء مغرب في مرجانة .


التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: