السبت، 27 يونيو 2020

الباب السادس والثلاثون في معرفة أسرار الفرق بين الفاتحة والسورة .كتاب التنزلات الموصلية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي

الباب السادس والثلاثون في معرفة أسرار الفرق بين الفاتحة والسورة .كتاب التنزلات الموصلية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي

الباب السادس والثلاثون في معرفة أسرار الفرق بين الفاتحة والسورة .كتاب التنزلات الموصلية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي

الشيخ الأكبر محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي رضي الله عنه

الباب السادس والثلاثون في معرفة أسرار الفرق بين الفاتحة والسورة

نور الكواكب موقوف على السور * سورة الحمد : نور الشمس والقمر

فانظر إلى فلك إن دار في فلك * أعطاك علما بمعنى الروح والصور

فسورة الحمد فرقان تبين على * عليّ أطرافها بانفصال الحق م البشر

كما تبيّن : إذا حققت صورتها * إليك قرآنها في برزخ السور

فانظر إلى سور تأتي على صور * بصورة النفع : أحيانا ، وبالضرر

 

نزل الروح الأمين على القلب ، وقال : أعلم أن الفاتحة لها طرفان وواسطة ، ومقدمتان ورابطة ، فهي الفاتحة للتجليات الواضحة ، وهي المثاني لما في الربوبية والعبودية من المعاني ، وهي الكافية لتضمها البلاء والعافية ، وهي السبع المثاني ، ( لا ) لاختصاصها بصفات المعاني ، وهي القرآن العظيم :

لأنها تحتوي على سر المحدّث والقديم ، وهي أم الكتاب ، لأنها جامعة للنعيم والعذاب .

فالطرف الواحد بالحقائق الإلهية منوط ، والطرف الآخر بالحقائق الإنسانية

مربوط والواسطة تأخذ منهما على قدر ما تخبر به عنهما .

 

والمقدمة الواحدة سماوية ، والمقدمة الأخرى أرضية ، والرابطة لهما هوائية .

فيقول الأول : « الحمد للمعين ، فيصلح عالم الكون بالهين واللين » ،

فيقول الآخر حمدني الأول في أبدي ، لما علم أنه لا ينقضي أمدي .

ثم يقول الآخر : الحمد للّه رب العالمين ، على الحكاية المعقولة .

 

وما ثبت له في الرواية المنقولة .

فيقول الأول : أثبتني الآخر وملكني ، وعليه وعلى غيره سودني ، وجعلني مرتبا أينه ، ومصلحا عينه .

ثم يقول الأول بسطت رحمانيتك على عامتك ، ورحيميتك على خاصتك ، فكنت بهذا الفصل : إبراهيمي الأصل .

فيقول الآخر : لقد اثنى على الأول بما جعل عندي من فيضه ، وأقامني به بين بسطه وقبضه ، وجعلنا حاكما في سماء اللّه وأرضه .

 

ثم يقول الآخر : الرحمن الرحيم ، فيقول الأول أثنى الآخر على حين أسند المحامد إلى ، فله عندي ما خبأته وراء حدي ، ثم يقول الأول : يا آخر قمت في ملكك

وأحطت عينا بما حصل في ملكك ونهيت وأمرت ، وشكرت وكفرت

، ثم أقر لك بالملك ، وسلم لك باب الملك ، وناداك الملك بالملك ، حين خرجت عن حكم دورة الفلك ، واتخذك ربك وكيلا ، وما وجدت

 

إلى الانفصال سبيلا ، فجاز قومك بأعمالهم ، وأوقفهم على أعمالهم .

فيقول الآخر : أن الأول قد أثبت لي الشرف والمجد ، ومنحني الرتبة العلية حين ساعدني الجد ، فنعم الجد ، وفوض إلي تدبير كونه بمغيب عينه .

ثم يقول الآخرمالِكِ يَوْمِ الدِّينِ

فيقول الأول : رد الآخر على وكالتي ، وصرف إلي عمالتي ، وقال : شهودي إِيَّاكَ يمنعني من التصرف ، ونظري إيّاك يحول بيني وبين التعرف ، فأنت العلي الماجد ، والرب الواحد .

وانتهى الطرف الواحد والمقدمة ، وبانت المراتب المسومة .

 

ثم يقول الأول : يا آخر ، إليك أويت بالنزول الذاتي ، وبالتنزيل الصفاتي ، في ديجور الليل المظلم ، لايضاح السر المبهم ، ثم أويت إليك لأظهار الصنائع العملية ، واستخراج المنافع المعدنية ، فأنت ربها وإمامها ، وعرافها وعلامها ، وبك ثبوتها وقوامها .

فيقول الآخر : الأمر بيننا مشترك ، فمن يضمن الدرك ، وأنا قد أقمت سؤالك ، وقمت أريك أعمالك .

 

ثم يقول الآخر :إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ.

فيقول الأول : إن الآخر قد قام لي في ذلة العبودية ، ليثبت عز الربوبية ، وقد سأل العون في تدبير الكون ، فلي منها شرب وله شرب ، ولي السقاية وله الشرب ، فله ما سأل ، فقل له ينفصل .

فهذا سر الواسطة قد أعلن ، ومعنى الرابطة قد بيّن .

ثم يقول الأول للآخر : ابن لي عن طريق العقائد والأعمال ، ومراتب الولياء والأبدال ، والخلفاء والإرسال ، المبسوط إليهم نعم العارف ، والمهدي إليهم حكم اللطائف ، وأوضح لي طريق الأشقياء والضلال ، ومراتب العلما ( به ) .

 

 المستدرجين والعمال ، فيحق عليهم كلمة العذاب والنقمة ، وتحيد منهم كلمة النعيم والرحمة ، فيتيهون في قفر الظلمة .

فيقول الآخر : قد نزل الأول بحجابه ، واستثر خلف بابه ، فله ما سألني عمله ، إذ أقامني بدله .

ثم يقول :اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ

فيقول الأول : قد سألني أن أهديه سراطه ، وأشد رباطه ، وأقيمه بالمحبة البيضاء ، واجعل متنزهه المهجة الغضاء ، واجعله وارثا لرسلي ، وقائما بسبلي ، واجنبه موارد الهلاك ومصارع الهلاك فله ما سأل وما أمل .

ثم يقول الأول : يا آخر أجبني إلى ما سألتك .

فيقول الآخر : قد أجبت .

ثم يقول الآخر : آمين .

فيقول الأول : إن أخلصت فقد فعلت .

فقد أبانت الفاتحة عن الصورة الصادية ، والحكمة العادية ، وبقيت الصورة السينية القائمة بالمنازل السنية ، وهي في الأعالي والأسافل من مائتين وثمانين وسبع منازل ، إلى ثلاث منازل ، وتضيق هذه العجالة عن إيرادها فيها ، وقد ذكرناها في الفتوحات المكية ، في المنازل بأمهات معانيها لمن يعانيها .

 وأريد أن أقصد هنا إلى هنا إلى بعض سورة الإسراء ، وما تحصل فيها بالتلاوتين من الأنباء فأقول بالتلاوة الإلهية إلي لا تسأل عنها بالكيفية ولا بالماهية وَالنَّجْمِ إِذا هَوى

في قلب تعرى عن الهوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى ولكنه شرب فارتوى وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوىلخروجه من كرة الهوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى

أنزلناه عليه بلا واسطة : كشفا وتلويحا ، فكان به عند نزول الواسطة في عالم الألفاظ عجولا فصيحاعَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى بحضرة الأستوا ذو مِرَّةٍ فَاسْتَوى

بما أيده به من القوى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى غاية مراتب روحانيات  العلى ثُمَّ دَنا

 

فَتَدَلَّى على المقام الأجلي :فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنىمن المقام الأسنى ( لأنه ) خلف حجاب العزة الأحمى فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى فما أمسى عليه يوم ولا أضحى ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى

من حسن الرؤىأَ فَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى وهوى بحيث لا يرى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى عند الصيحة الكبرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى

 

ومستقر الحسن والبها عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى المحفوفة بالبلوى ،

حضرة ارتفاع الشكوى المنتجة للنجوى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى فيعدم البصير ويظهر الأعشى ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى ولو طغى لسفل ، ولو زاغ ما ارتقا ، فتحقق تلاوة هذه المشاهد ( أيها المشاهد ) وحصل هذه المنافع من هذا الاسم الجامع .

 

ثم أقول : بالتلاوة الإنسانية : الجسمانية والروحانية :وَالنَّجْمِ إِذا هَوى بالسر الأنسى في الموقع الرباني ، لتحصل معرفته وتكمل مرتبتهما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى نقول قد أصاب المطلوب وظفر بالمحبوب وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى لأنه مقدس عن التأليف والتركيب ، والتدبير والترتيب إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى من اللّه إلى الرب .

 

كما تقول في شاهد الغيب : من السر إلى القلب عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى رحمن الاستوا : إله الاستوى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى جبار قهار مقتدر أقوى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى فوق فلك الإشارات العلى ثُمَّ دَنا من حضرة المنى فَتَدَلَّى حين تجلى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى أو كحبل الوريد الأدنى فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى لما اشتغل بمنافعه وهو قاعد ،

 

وقام بأسبابه وهو راقد ما كَذَبَ الْفُؤادُ النكتة الجامعة الإلهية ما رَأى من الحقائق الإنسانية وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى ولا كون يرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى حضرة ذات الانتها عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى

حيث مقام السوا إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى 

عند صلاة الظهر والعشا ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى لأنه في خط الاستوا .

جعلنا اللّه وإيّاكم ممن عرج به إلى الملأ الأعلى ، وهيئت لقدومه الحضرات العلى .


التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: