الجمعة، 19 يونيو 2020

الباب الرابع عشر في سياسة الحروب وترتيب الجيوش عند اللقاء .كتاب التدبيرات الإلهية فى إصلاح المملكة الإنسانية الشيخ الأكبر ابن العربي

الباب الرابع عشر في سياسة الحروب وترتيب الجيوش عند اللقاء .كتاب التدبيرات الإلهية فى إصلاح المملكة الإنسانية الشيخ الأكبر ابن العربي

الباب الرابع عشر في سياسة الحروب وترتيب الجيوش عند اللقاء .كتاب التدبيرات الإلهية فى إصلاح المملكة الإنسانية الشيخ الأكبر ابن العربي

الشيخ الأكبر محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي

الباب الرابع عشر في سياسة الحروب وترتيب الجيوش عند اللقاء

عليك أيّها السيّد الكريم بالمحافظة على ذاتك الشريفة فاقصد أنزه موضع عندك وأحصنه فالزمه واجعله موضع سكناك ألا "وهو الكرسىّ موضع القدمين ".

وذلك المنزل هو دار السنّة وحصن الشرع الحامي المانع العالي الذّروة ولا تباشر الحروب بنفسك فإنّك إن هلكت هلك ملكك وإن بقيت في حضرتك وتوجّه المباشرة الحرب  بعض قوّادك وأمرائك الّذين ذكرناهم ورتّبناهم لك فإن هربوا بقيت أنت وبقي ملكك وعندك من الرجال والأجناد بما تمدّهم ألا ترى إذا يبس الفرع وهلك جبره الأصل وتفرعت الشجرة وإن هلك الأصل فسدت الشجرة كلّها .

 فالملك أصل ملكه فببقائه وعدله بقاء ملكه وبهلاكه وجوره هلاك ملكه والدولة جسم روحه الملك فمتى هلك الروح هلك الجسم وإذا انفسد في الجسم شيء والروح باق أصلحه الطبيب والتدبير هو طبيبك فحافظ على نفسك ولا تباشر بها عدوّك.

 مكيدة :

إذا نزل بك عدوّ والتقى الجمعان فقف على ساحل العلم ثمّ اضرب بعصا الهمّة متن ذلك البحر العلمىّ فإذا انفتح لك طريق فادخل فيه فإنّ عدوّك سيقفو أثرك فإنّ العلم باب الرئاسة والعجب والشيطان يطمع فيه

 

فإذا توسّط العدوّ بحرّ العلم خلفك فإنّه ضرورة ينطبق عليه فيغرق من غير قتال ولا صداع ولهذا قال بعض العلماء طلبنا العلم لغير اللّه فأبى العلم أن يردّنا إلّا إلى اللّه وهذا من أحسن مكر اللّه "وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ " فإنّ فرعون اقتفى أثر موسى وغاب عن مكر اللّه وهلك .

 

فإذا قال لك عدوّك اطلب العلم لتسود به على أبناء زمانك وتخضع لك الملوك ويفتقر إليك الخلق فلا تقل هذا خاطر شيطانىّ فيتفطّن لك عدوّك

ولكن اشرع في طلب العلم فإنّ الشيطان وهواك يفرحان بعملك في غير معمل وغاب عنهم أنّ العلم يأبى إلّا أن يعطى حقيقته

والجهل الّذي طرأ على إبليس في هذه المسألة أنّه تخيّل أنّه بالعلم ضلّ .

وظنّ قوله "أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ "

وأنّ السجود لغير اللّه على طريق العبوديّة .

لذلك وهذا كلّه جهل محض لا علم وهو يتخيّل أنّه علم فقال بالعلم ضللت فلهذا ويحرّض على طلب العلم ولا يعلم أنّ العلم يكشف عورته وجهله .

 

وهكذا أيّها السيّد جميع مطالب الخيرات إذا حرّض عليها عدوّك بالمقاصد الفاسدة فلا ترجع عنها فإنّ المرائي العامل أحسن من المخلص البطّال فإنّ العمل إذا استمرّ وإن لم يكن خالصا لا بدّ من نور يحصل للقلب يردّه في لحظة إلى الإخلاص فيقلب جميع أعماله السالفة .


ولهذا يكثر حزن العدوّ وأسفه فإنّه المحرّض لك على هذه الأفعال الّتي انقلبت في حقّك حسنى فاعلم وأمّا ترتيب الجيش عند اللقاء فكما ذكرنا لك في الباب قبل هذا ولتكن أنت في القلب مع خواصّك .


فإنّ هذا ممّا يهول العدوّ منظره فإنّه لعنه اللّه لا يقاتلك أبدا وإنّما يريد غدرك فإنّ مقاتلته إنّما هي مع الملك عليك ولك أنت الردّ والقبول وترتيبه على التفصيل تضيق هذه العجالة عن بسطه ولا فائدة فيه لعدم القتال من العدوّ فغايتك معه أن تحذر مواضع الغدر .

فافهم وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ *

 

التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: