الجمعة، 19 يونيو 2020

الباب العاشر في المسدّدين والعاملين أصحاب الجبايات والخراج .كتاب التدبيرات الإلهية فى إصلاح المملكة الإنسانية الشيخ الأكبر ابن العربي

الباب العاشر في المسدّدين والعاملين أصحاب الجبايات والخراج .كتاب التدبيرات الإلهية فى إصلاح المملكة الإنسانية الشيخ الأكبر ابن العربي

الباب العاشر في المسدّدين والعاملين أصحاب الجبايات والخراج .كتاب التدبيرات الإلهية فى إصلاح المملكة الإنسانية الشيخ الأكبر ابن العربي

الشيخ الأكبر محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي

الباب العاشر في المسدّدين والعاملين أصحاب الجبايات والخراج

اعلم أيّها السيّد الكريم حفظ اللّه عليك سلطانك أنّ اللّه تعالى قد رفع الموجودات بعضها على بعض وجعلها رئيسة مرءوسة ومالكة مملوكة وأنّ اللّه تعالى يطالبك يوم القيمة بالعدل في رعيّتك باديتها وحاضرتها وأنّ اللّه تعالى سيسألهم عنك كما قال  : إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا .

وقال : يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ . يعنى بها

وقال : حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ

وقال يبيّن  الحقائق : " وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ " وأمثال هذا .

فالعين والأذن واللسان واليد والبطن والفرج والرجل من عمّالك وأمنائك من أهل باديتك وكلّ واحد منهم رئيس وخازن على صنف من أصناف المال الّذي يجبيه ورئيسهم وإمامهم الحسّ الّذي ترجع هذه الحواسّ كلّها بأعمالها إليه وإنّ الحسّ برئاسته ومملكته مرءوس تحت سلطان الخيال .

والخيال بما فيه من صحّة وفساد مرءوس تحت سلطان الذّكر والذكر مرءوس تحت سلطان الفكر والفكر مرءوس تحت سلطان العقل والعقل وزيرك وأنت الرئيس الإمام المعبّر عنه بالروح القدسىّ .

والّذي ينبغي لك أيّها الإمام الكريم إذ لا تتمكّن أن تباشر الأشياء بنفسك أن تجعل الأمر متّحدا فتنظر في أمين ثقة قوىّ الجأش ينظر في استخراج هذه الجبايات من أيدي الرعيّة على طريق العدل والسياسة فإنّك لا بقاء لك دون بيت مال ولا غنى عنه البتّة وأنت مطالب بجميعها تطلبك الرعيّة بالرفق وحسن المعاشرة ويطلبك من استخلفك بامتثال الأمر وتمشية العدل فاحذر هذين المقامين ولا تولّ مسدّدا ولا عاملا إلّا عارفا بقدر ماله وعليه شحيحا .

 

وليكن واحدا فإنّ الكثيرة تؤدّى إلى الفساد في الأمر الواحد فإنّك إن ولّيت أكثر من واحد طلب كلّ واحد منهم الجاه عندك والظهور على صاحبه فيظهرون الاجتهاد والرعيّة ضعيفة فربّما حملوا عليها ما لا تحتمل فيكون ذلك سببا إلى قطعتهم وهلاكهم فالّذي يفسده بهذا النظر أكثر ممّا يصلحه

وقد قال صلى الله عليه وسلم  إنّ المنبتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى

وقال من يشادّ هذا الدين يغلبه وقال من استخلفك : وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ .

فصم وأفطر وقم ونم وقد اخترت لك مسدّدا لن تعدم خيرا ما دام معك وقد نظرت له في وزعة يمشون معه .

فابعثه على هذه الجبايات بوزعته فإنّك تحمد سيرته وتشكر بصيرته ألا وهو العلم ووزعته الثبات والاقتصاد والحزم والرفق فإنّه إذا دخل إلى عمالتك مع وزعته أقام ميزان العدل وحسن السياسة فإنّه نافذ .

البصيرة يعرف خبث الرعيّة ومكايدها فيأخذ ما يجب له ويكلّف على قدر المصلحة والوسع ولم يتجاوز فاعتمد عليه وأمّره على ما ذكرناه من الرؤساء أصحاب الخراج فإنّك تحمد عاقبته إن شاء اللّه

 

التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: