السبت، 27 يونيو 2020

الباب الحادي والخمسون في اختصاص المعرفة بيوم الجمعة ومن هو الامام فيه وما يظهر فيه من الانفعالات .كتاب التنزلات الموصلية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي

الباب الحادي والخمسون في اختصاص المعرفة بيوم الجمعة ومن هو الامام فيه وما يظهر فيه من الانفعالات .كتاب التنزلات الموصلية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي

الباب الحادي والخمسون في اختصاص المعرفة بيوم الجمعة ومن هو الامام فيه وما يظهر فيه من الانفعالات .كتاب التنزلات الموصلية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي

الشيخ الأكبر محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي رضي الله عنه

الباب الحادي والخمسون في اختصاص المعرفة بيوم الجمعة ومن هو الامام فيه وما يظهر فيه من الانفعالات

يوم العروبة آخر الأيام * الستة المشهورة الأعلام

فيه تلقف لوحنا أسراره * من ربه بوسائط الأقلام

في كل ما يجريه في تعريفه * بوسائط [ الأحكام ] في الأحلام

فالسر [ بالنفوس ] وبالنهي * كتلاعب الأفلاك بالأيام

حتى إذا ما تنقضي أيامه * يبقى جهولا بالمقام السامي

 

ثم نزلنا من سماء النظام إلى سماء التصوير التام ، بحسن الانتظام لنأخذ ورثنا من يوسف ( ع ) ، فوجدناه على سرير قدسه ، فاستتر لنا روحانية نفسه ،

فنزل في حسنه البديع ، موافقا زمان حركة الربيع ، فأبصرنا وجها كأنه البدر التم ، أو الشمس انجلى عنها الغيم ، فتصدعت القلوب وتيمت النفوس ،

وهيمت الأرواح ، وتقيدت العقول ، وتوقفت الحواس ، وانكشف البال ، وتغير الحال ، وبليل بليل الوجد بين الجوانح ، وتقصفت الأعضاء ،

وخدرت الجوارح ، ودعا داعي الأشواق ، وقام بالقلب الاصطلاح والإحراق ، وتمكن الأرق واشتد القلق ، واستوى سلطان الذبول بجيش النحول ، وأرسلت سماء الدموع على أرض

 

الخضوع ، فقلنا له : « هذا فعلك على النصف ، فكيف لو اجتمع الموصوف بالوصف » وبين يديه صورة ينشؤها وبنية يهيؤها ، قد زينها أحسن تزيين ، وأسرى في مسالكها أحوال التلوين ، وأرسلها في الكون محبوبة إلى كل عين ، تسحر الناظر ، وتقيد الخاطر ،

 

وتعطي اللذة قبل النيل ، وتحير السمع في ترجيع القول : إن غنت : غنت ، وإن نظرت : سحرت ، وإن لمست أبلست ، وإن ملكت : فتكت ، وإن لعبت : أتعبت ، وإن لهت ولهت ،

وإن عرفت :

أرعفت : على رأسها تاج من الغمام وعلى جبينها أكليل من الدر التام ، وفي أصبعها خاتم الحمام : إن هجرت : أقبرت ، وإن وصلت قتلت .

إلّا أن لها سياسة مدنية ، ورئاسة إنسانية ، تتواضع فتهتك السرائر ، وتترافع فتتعب البصائر ، والهيبة منوطة بذاتها ، والجلال من جملة صفاتها .

فبينا أنا أنظر في جمالها ، وأهيم بين دلها ودلالها ، إذ أقيمت صلاة المغرب ، فقالت : ( قم لمشاهدة الأمر المغرب ) فقمت .

وقد رويت أبياتا من الشعر في أنزه ما يكون في المغرب من الأمر ، في غيابات السر ، وهي هذه [ الأبيات : رب يسر كل عسير ] :

أفلت شمسنا بمغرب ذاتي * فدعاني إلى الصلاة الشهيد

فتوضأت ثم جئت إليه * من قريب ، وأنه لبعيد

قلت : ربي ، فقال لبيك عبدي * أين حمدي فقلت : أنت الحميد

فافتتحنا به ، فرد علينا * [ مثله ] وأكتفى ، وكان المزيد

وتدانى ، فكان مني كأني * ثم ولى فقلت : أين تريد ؟

قال : تمضي ، فإن قومك جاءوا * ومقامي مع الكيان شديد

قم فحييهم ، فقلت : السلام * وبقلبي من الفراق : وقود

ما ألذ الخلو باللّه ليلا * لو تصح العصور صح الوجود

فاستمع رمز ما أغار عليه * يا حبيبي ، وأنه لكنود

يشبه العسجد الكريم وجودي * وهو شخص وجدي : منه الوريد

لو رأى عالما به ، لا بذاتي * لتوالى علي منه الشهود

فأنا عالم به وبذاتي * فوصال . وقتا ، ووقتا صدود

 

فلما كبرنا : كبرنا ، فلما قرأنا أنبئنا ، فلما ركعنا رفعنا ، فلما رفعنا وضعنا ، فلما سجدنا : شهدنا ، فلما جلسنا يئسنا ، فلما سلمنا : حكمنا ، فلما فرغت الصلاة وأجيبت الدعوات ، قمت إلى منبر من الياقوت الأكهب بخطبة ذهبت فيها أحسن مذهب ،

وقلت :" الحمد للّه الذي - أحسن كل شيء ، وبدأ خلق الإنسان من طين . ثم يواه ونفخ فيه من روحه - المسكين فلما أقامه في أحسن تقويم ، رده إلى أسفل سافلين ، فلما أناطه بالمركز ليقيم به دولة العز : أعطاه سر التدبير والتفصيل ،

 

ووهبه في كل ما علمه قوة التحصيل ، فما بقي روح مجرد إلّا سجد ، ولا ريح معبد إلّا شهد ، ولو تكبر وجحد ، ولا صامت إلّا تكلم ، ولا مائت  إلّا حيا وسلّم : فإنه النور الأعلى ، والقطعة المثلى ، ولولا ما هو من ذلك المقام ما أنقادت لسلطانه الروحانيات الجسام ، فشقت هذه السدفة الترابية أنواره ،

وتخللت مسالكها أسراره ، ونفدت إلى حضرة توحيد موجودها ، وعاينت كريم مشهدها ، من غير أن تؤثر فيها هذه الظلمة ، لما هي عليه من نفوذ الهمة ، فأقرت الأرواح المجردة بعلو منصبها ، واعترفت بسمو مذهبها ، وأن لها أرفع المناصب ، وأشرف المناسب ، ثم اختصت دونها بالمكاسب ، وتعظمت لديها المواهب ،

فكم روح مجرد تكلم فيها بما لا يعلم ، قبل أن يعلم منها ما علم ،

ثم أقر لها بعد ذلك بكمال المقام ، وأن الروح المجسد له الكمال والتمام ، وحسن التقويم والنظام ، ثم صبغها في الجمال العرضي للتعشق الغرضي ، فعشقت نفسها بنفسها ، حتى لا تتعلق بغير جنسها فتذعن لغير الجنس ، فكان يذهب عنها ما كان لها من العز بالأمس ، ويظهر التيه عليها ممن نقص عن مقامها ، وتقاصر عن تمامها ، فبقيت بذلك عزتها عليها موقوفة ، وهمم غير جنسها إليها بالخدمة

مصروفة ، وهي بذاتها في ذاتها مشغوفة ، وجعل لها هذا الشغف الغرضي في الجمال العرضي : حجابا على الجمال المطلق ، والحسن البديع الفائق المحقق ، القائم بذات الحق ، الذي لا يتقيد بالوقت ، ولا يدرك بالنعت ، ومن مراتب الكمال قوله ( عليه الصلاة والسلام ) : أن اللّه جميل يحب الجمال

ومن غوامض السر المكنون قوله تعالى : وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

فمن أنحجب من هذه الأرواح المجسدة بهذا الحجاب عن هذا الجمال : لم يزل في سفال العوال ، ومن لم ينحجب به :

[ صح له المقام العالي ، وسجدت له الظلال بالغدو والآصال ، ومن انحجب عنها بهذه الأرواح المعبدة عن هذا الحجاب ، لم يزل في سفال السفال ] .

جعلنا اللّه وايّاكم ممن تعشق بربه ، وأن لم ير به : آمين بعزته .

 

التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: