السبت، 21 أكتوبر 2017
IbnArabi
كتاب فصوص الحكم 15- فص حكمة نَبَوِيَّة في كلمة عيسوية
15- فص حكمة نَبَوِيَّة في كلمة عيسوية
عن ماء مريم أوعن نفخ جبرين ...في صورة البشرالموجود من طين
تكوَّن الروح في ذات مطهرة .. من الطبيعة تدعوها بسجين
لأجل ذلك قد طالت إقامته ....... فيها فزاد على ألْفٍ بتعيين
روح من اللَّه لا من غيره فلذا ..... أحيا الموات و أنشا الطير من طين
حتى يصح له من ربه نَسَبٌ ..... به يؤثر في العالي و في الدون
اللَّه طهره جسماً و نزهه ....... روحاً
و صيَّره مثلًا بتكوين
اعلم أن من خصائص الأرواح أنها لا تطأ شيئاً إلا حَيِيَ ذلك الشيء و سَرَت
الحياة فيه. و لهذا قبض السامري قبضة من أثر الرسول الذي هو جبريل عليه السلام و
هو الروح . و كان السامري عالماً بهذا الأمر. فلما عرف أنه جبريل، عرف أن
الحياة قد سَرَتْ فيما وطئ عليه، فقبض قبضة من أثر الرسول بالصاد أو بالضاد أي
بملء أو بأطراف أصابعه، فنبذها في العِجْلِ فخار العجل، إذ صوْتُ البقر إنما هو
خُوَار، و لو أقامه صورة «2» أخرى لنُسِبَ إليه اسم الصوت الذي لتلك الصورة
كالرغاء للإبل و الثؤاج للكباش «3» و اليُعَار «4» للشياه و الصوت للإنسان أو
النطق أو الكلام. فذلك القدر من الحياة السارية في الأشياء يُسمى «5» لاهوتاً و
الناسوت هو المحل القائم به ذلك الروح. فسمي «6» الناسوت روحاً بما قام به. فلما
تمثل الروح الأمين الذي هو جبريل لمريم عليهما السلام بشراً
سويّا تخيلت أنه بشر يريد مواقعتها، فاستعاذت باللَّه منه استعاذة بجمعية منها
ليخلصها اللَّه منه لما تعلم أن ذلك مما لا يجوز. فحصل لها حضور «1» تام مع اللَّه
و هو الروح المعنوي «5». فلو نفخ فيها في ذلك الوقت على هذه الحالة لخرج عيسى لا
يطيقه أحد لشكاسة خُلقِهِ لحال أُمِّه. فلما قال لها «إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ»
جئت «لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا» انبسطت عن ذلك القبض و انشرح صدرها.
فنفخ فيها في ذلك الحين «2» عيسى: فكان جبريل ناقلًا كلمة اللَّه «3» لمريم
كما ينقل الرسول كلام اللَّه «4» لأمته، و هو قوله «5» «وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها
إِلى مَرْيَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ». فسرت الشهوة في مريم:
فخُلِقَ جسم عيسى من ماء محقق من مريم و من ماء متوهم من جبريل «6»، سرى «6»
في رطوبة ذلك النفخ لأن النفخ من الجسم الحيواني رطبٌ لما فيه من ركن الماء.
فتكوَّن جسم عيسى من ماء متوهم و ماء محقق، و خرج على صورة البشر من أجل أُمه،
و من أجل تمثل جبريل في صورة البشر حتى لا يقع التكوين في هذا النوع الإنساني إلا
على الحكم المعتاد «7». فخرج عيسى «8» يُحْيِي الموتى لأنه روح إلهي، و كان
الإحياء للَّه «9» و النفخ لعيسى، كما كان النفخ لجبريل و الكلمة للَّه. فكان
إحياء عيسى للأموات إحياء محققاً «10» من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة
أُمه. و كان إحياؤه أيضاً متوهماً «11» أنه منه و إنما كان للَّه. فجمع بحقيقته
التي «12» خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم و ماء محقق:
ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق «13» من وجه و بطريق التوهم
من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هُوَ يُحْيِ الْمَوْتى»، و قيل فيه من
طريق التوهم «فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً «1» بِإِذْنِي» فالعامل في
المجرور «يكون» لا قوله «2» «تنفخ». و يحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون
طائراً من حيث صورته الجسمية الحسية «7». و كذلك «تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ
الْأَبْرَصَ» و جميع ما ينسب «3» إليه و إلى إذْنِ اللَّه و إذْنِ الكناية في مثل
قوله بِإِذْنِي و بِإِذْنِ «4» اللَّهِ.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذوناً له في النفخ و يكون الطائر
عن «5» النافخ بإذن اللَّه. و إذا كان النافخ نافخاً لا عن الإذن، فيكون التكوين
للطائر طائراً بإذن اللَّه، فيكون العامل عند ذلك «يكون». فلو لا أن في الأمر توهماً
و تحققاً ما قَبِلَتْ هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة
العيسوية تعطي ذلك. و خرج عيسى من التواضع إلى أن شُرِّعَ لأمته أن «يُعْطُوا
الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ» و أن أحدهم إذا لطم في خده وضع الخدَّ
الآخر لمن لطمه، و لا يرتفع عليه و لا يطلب القصاص منه. هذا له من جهة أمه، إذ
المرأة لها السِّفَل، فلها التواضع لأنها تحت الرجل حكماً و حساً. و ما كان فيه من
قوة الإحياء و الإبراء فمن جهة نفخ جبريل في صورة البشر. فكان عيسى يحيي الموتى
بصورة البشر. و لم يأت جبريل في صورة البشر و أتى في صورة غيرها من صور الأكوان
العنصرية من حيوان أو نبات أو جماد لكان عيسى لا يحيى إلا حتى يتلبس بتلك الصورة و
يظهر فيها. و لو أتى جبريل أيضاً بصورته النورية الخارجة عن العناصر و الأركان- إذ
لا يخرج عن طبيعته «8» لكان
عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا
العنصُرية مع الصورة البشرية من جهة أمه. فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا
هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكريِّ إذا رأى
شخصاً بشرياً من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا
إحياء الحيوان، بقي الناظر حائراً، إذ يرى الصورة بشراً بالأثر «1» الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو اللَّه بما أحيا به من الموتى، و
لذلك نُسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا اللَّه الذي أحيا الموتى بصورة
بشرية «2» عيسى «9». فقال تعالى «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ
هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ»* فجمعوا بين الخطأ و الكفر «3» في تمام الكلام
كله لأنه «4» لا بقولهم هو اللَّه، و لا بقولهم ابن مريم، فعدلوا بالتضمين من
اللَّه من حيث إحياء «5» الموتى إلى الصورة الناسوتية البشرية بقولهم ابن مريم و
هو ابن مريم بلا شك. فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية «6» لصورة و جعلوها عين
الصورة و ما فعلوا، بل جعلوا الهوية «7» الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن
مريم، ففصلوا بين الصورة و الحكم «8»، لا «9» أنهم جعلوا الصورة عين الحكم كما
كان جبريل في صورة البشر و لا نفخ، ثم نفخ، ففصل بين الصورة و النفخ و كان «10»
النفخ من الصورة، فقد كانت و لا نفخ، فما هو النفخ من حدها الذاتي «10». فوقع
الخلاف بين أهل الملل في
عيسى ما هو؟ فمَنْ نَاظَرَ فيه من حيث صورته الإنسانية البشرية فيقول هو ابن
مريم، و من ناظر فيه من حيث الصورة الممثلة البشرية فينسبه «1» لجبريل، و من ناظر
فيه من حيث ما ظهر عنه من إحياء الموتى فينسبه إلى اللَّه بالروحية، فيقول روح
اللَّه، أي به ظهرت الحياة فيمن نفخ فيه. فتارة يكون الحق فيه متوهَّماً- اسم
مفعول- و تارة يكون المَلَكُ فيه متوهماً، و تارة تكون البشرية «2» الإنسانية «3»
فيه متوهمة: فيكون عند كل ناظر بحسب ما يغلب عليه.
فهو كلمة اللَّه و هو روح اللَّه و هو عبد اللَّه، و ليس ذلك في الصورة الحسية
لغيره، بل كل شخص منسوب إلى أبيه الصوري لا إلى النافخ روحه في الصورة البشرية.
فإن اللَّه إذا سوَّى الجسم الإنساني كما قال تعالى «فَإِذا سَوَّيْتُهُ»*
نفخ فيه هو تعالى من روحه فنسب الروح في كونه و عينه إليه تعالى «11». و عيسى ليس
كذلك، فإنه اندرجت تسوية جسمه و صورته البشرية بالنفخ الروحي، و غيره كما ذكرناه
لم يكن مثله. فالموجودات كلها كلمات اللَّه التي لا تنفد «4»، فإنها عن «كن» «12»
و كن كلمة اللَّه. فهل تنسب الكلمة إليه بحسب ما هو عليه فلا تعلم ماهيتها، أو
يَنْزِل هو تعالى إلى صورة من يقول «كن» فيكون قول كن حقيقة لتلك الصورة التي
نَزَل إليها و ظهر فيها؟ فبعض العارفين يذهب إلى الطرف الواحد، و بعضهم «5» إلى
الطرف الآخر، و بعضهم يحار في الأمر و لا يدري. و هذه مسألة لا يمكن أن تُعْرَف
إلا ذوقاً كأبي يزيد «6» حين نفخ في النملة التي قتلها فحييت فعلم عند ذلك بمَنْ
ينفخ فنفخ فكان عيسوي المشهد.
و أما الإحياء المعنوي بالعلم فتلك الحياة الإلهية الدائمة «7» العليَّة
النورية التي
قال اللَّه فيها «أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَ جَعَلْنا لَهُ
نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ» فكلُّ من أحيا «1» نفساً ميتة بحياة علمية «2»
في مسألة خاصة متعلقة بالعلم باللَّه، فقد أحياه بها و كانت له نوراً يمشي به في
الناس أي بين أشكاله في الصورة.
فلولاه و لولانا
|
لما كان الذي كانا
|
|
فإنا أعْبُدُ حقاً
|
و إن اللَّه مولانا
|
|
و إنا عينه فاعلم
|
إذا ما قلت إنسانا «13»
|
|
فلا تُحْجَبْ بإنسان
|
فقد أعطاك برهانا
|
|
فكن حقاً و كن خلقاً
|
تكن باللَّه رحمانا
|
|
و غذ خلقه منه
|
تكن رَوْحاً وَ ريحانا «14»
|
|
فأعطيناه ما يبدو
|
به فينا و أعطانا
|
|
فصار الأمر مقسوما
|
بإياه و إيانا
|
|
فأحياه الذي يدري
|
بقلبي حين أحيانا
|
|
فكنا فيه أكواناً
|
و أعياناً و أزمانا
|
|
و ليس بدائم فينا
|
و لكن ذاك أحيانا
|
|
و مما يدل على ما ذكرناه في أمر النفخ الروحاني مع صورة البشر العنصري هو «3»
أن الحق وصف نفسه بالنَّفَس الرحماني و لا بد لكل موصوف بصفة أن يتبع الصفةَ جميعُ
ما تستلزمه تلك الصفة. و قد عرفت أن النَّفَسَ في المتنفس ما
يستلزمه. فلذلك قبِل النَّفَس الإلهي صور العالم «15». فهو «1» لها كالجوهر
الهيولاني، و ليس إلا عين الطبيعة. فالعناصر «2» صورة من صور الطبيعة «3». و ما
فوق العناصر و ما تولد عنها فهو أيضاً من صور الطبيعة و هي الأرواح العلوية التي
فوق السموات السبع. و أما أرواح السموات السبع و أعيانها فهي عنصرية «16»، فإنها
من دخان «4» العناصر المتولد عنها، و ما تكوَّن «5» عن كل سماء من الملائكة فهو
منها، فهم عنصريون وَ مَنْ فوقهم طبيعيون: و لهذا وصفهم اللَّه بالاختصام- أعني
الملأ الأعلى- لأن الطبيعة متقابلة، و التقابل الذي في الأسماء الإلهية التي هي
النِّسَب، إنما أعطاه النَّفَس. أ لا ترى الذات الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها
الغِنَى عن العالمين؟. فلهذا أُخْرِجَ العالم على صورة من أوجدهم، و ليس إلا
النَّفَس الإلهي «17». فبما فيه من الحرارة علا، و بما فيه من البرودة و الرطوبة
سَفُلَ، و بما فيه من اليبوسة ثبت و لم يتزلزل. فالرسوب للبرودة و الرطوبة. ألا
ترى الطبيب إذا أراد سَقْيَ دواء لأحد ينظر في قارورة مائه، فإذا رآه راساً علم أن
النضج قد كمل فيسقيه الدواء ليسرع في النجح «6».
و إنما يرسب لرطوبته «7» و برودته الطبيعية. ثم إن هذا الشخص الإنساني
عَجَنَ «8» طينته بيديه و هما متقابلتان و إن كانت كلتا يديه يميناً «18» «9»،
فلا خفاء بما بينهما من الفرقان، و لو لم يكن «10» إلا كونهما اثنين أعني يدين،
لأنه لا يؤثر في الطبيعة إلا ما «11» يناسبها و هي متقابلة. فجاء باليدين: و لما
أوجده باليدين سماه بَشَراً للمباشرة اللائقة بذلك الجناب «19» باليدين المضافتين
إليه. و جعل ذلك من
عنايته بهذا النوع الإنساني فقال لمن أبى عن السجود له «ما مَنَعَكَ أَنْ
تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ» على من هو مثلك- يعني عنصرياً-
أم كنت من العالين- عن «1» العنصر و لست كذلك. و يعني بالعالين من علا بذاته عن
أن يكون في نشأته النورية عنصرياً و إن كان طبيعياً. فما فَضَل الإنسانُ غيرَه من
الأنواع العنصرية إلا بكونه بشراً من طين، فهو أفضل نوع من كل ما خلق «2» من
العناصر من غير مباشرة. و الإنسان في الرتبة فوق الملائكة الأرضية و السماوية، و
الملائكة العالون خير من هذا النوع الإنساني بالنص الإلهي. فمن أراد أن يعرف
النَّفَسَ الإلهي فليعرف العالم فإنه من عرف نفسه عرف ربه الذي ظهر فيه: أي العالم
ظهر في نَفَسِ الرحمن الذي نفَّس اللَّه به عن الأسماء الإلهية ما تجده من «3»
عدم ظهور آثارها. فامتنَّ على نفْسه بما أوجده في نَفَسِه، فأول أثر كان للنَّفَس
إنما كان في ذلك الجناب، ثم لم يزل الأمر ينزل بتنفيس العموم إلى آخر ما وجد «20».
فالكل في عين النَّفس
|
كالضوء في ذات الغلس
|
|
و العلم بالبرهان في
|
سلخ النهار لمن نعس
|
|
فيرى الذي قد قلته
|
رؤيا تدل على النَّفَس
|
|
فيريحه من كل غم
|
في تلاوته «عبس»
|
|
و لقد تجلى للذي
|
قد جاء في طلب القبس
|
|
فرآه ناراً و هو نور
|
في الملوك و في العسس «21»
|
|
فإذا فهمت مقالتي
|
تعلم بأنك مبتئس «1»
|
|
لو كان «2» يطلب غير ذا
|
لرآه فيه و ما نكس
|
|
و أما هذه الكلمة العيسوية لما قام لها الحق في مقام «حَتَّى نَعْلَمَ» «22»
و يعلم، استفهما عما نسب إليها هل هو حق أم لا مع علمه الأول بهل وقع ذلك الأمر أم
لا فقال له «أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ
دُونِ اللَّهِ». فلا بد في الأدب من الجواب للمستفهم لأنه لما تجلى له في هذا
المقام و هذه الصورة اقتضت الحكمة الجواب في التفرقة بعين الجمع، فقال: و قدَّم
التنزيه «سُبْحانَكَ» فحدد بالكاف التي تقتضي المواجهة و الخطاب «ما يَكُونُ
لِي» من حيث أنا لنفسي دونك «أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ» أي ما تقتضيه
هويتي و لا ذاتي. «إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ» لأنك أنت القائل، و من
قال أمراً فقد علم ما قال، و أنت اللسان الذي أتكلم به كما أخبرنا رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه و سلم عن ربه في الخبر الإلهي فقال «كنت لسانه الذي يتكلم به». فجعل
هويته عين لسان المتكلم، و نسب الكلام إلى عبده.
ثم تمم العبد الصالح الجواب بقوله «تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي» و المتكلم الحق،
و لا أعلم ما فيها. فنفى العلم عن هوية عيسى من حيث هويته لا من حيث إنه قائل و ذو
أثر.
«إِنَّكَ أَنْتَ» فجاء بالفصل «3» و العماد تأكيداً للبيان و اعتماداً عليه،
إذ لا يعلم الغيب إلا اللَّه. ففرق «4» و جمع، و وحَّد و كثر، و وسَّع و ضيَّق ثم
قال متمماً للجواب «ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ» فنفى أولًا «5»
مشيراً إلى أنه ما هو «6». ثم أوجب القول
أدباً مع المستفهم، و لو لم يفعل ذلك «1» لاتصف بعدم علم الحقائق و حاشاه من
ذلك، فقال «إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ» و أنت المتكلم على لساني و أنت لساني.
فانظر إلى هذه التنبئة «2» الروحية الإلهية ما ألطفها و أدقها «23»، «أَنِ
اعْبُدُوا اللَّهَ» فجاء بالاسم «اللَّه» لاختلاف العبَّاد في العبادات و اختلاف
الشرائع، لم يخص اسماً خاصاً دون اسم، بل جاء بالاسم الجامع للكل. ثم قال «رَبِّي
وَ رَبَّكُمْ»، و معلوم أن نسبته إلى موجود ما بالربوبية ليست عين نسبته إلى موجود
آخر، فلذلك فصّل بقوله «رَبِّي وَ رَبَّكُمْ» بالكنايتين كناية المتكلم و كناية
المخاطب.
«إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ» فأثبت نفسه مأموراً و ليست سوى عبوديته «3»، إذ
لا يؤمر إلا مَنْ يتصوَّر منه الامتثال و إن لم يفعل «24». و لما كان الأمر ينزل
بحكم المراتب، لذلك ينصبغ كل من ظهر في مرتبةٍ ما بما تعطيه حقيقة تلك المرتبة:
فمرتبة المأمور لها حكم يظهر في كل مأمور، و مرتبة الآمر لها حكم يبدو في كل
آمر. فيقول الحق «أَقِيمُوا الصَّلاةَ»* فهو الآمر و المكلّف و المأمور. و يقول
العبد «رَبِّ اغْفِرْ لِي»* فهو الآمر و الحق المأمور. فما يطلب الحق من العبد
بأمره هو بعينه يطلبه «4» العبد من الحق بأمره «5». و لهذا كان كل دعاء مجاباً
«6» و لا بد، و إن تأخر كما يتأخر بعض المكلفين ممن أقيم مخاطباً بإقامة الصلاة
فلا يصلي في وقت فيؤخر الامتثال و يصلي في وقت آخر إن كان متمكناً من ذلك. فلا بد
من الاجابة و لو بالقصد. ثم قال «وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ» و لم يقل على نفسي معهم
كما قال ربي و ربكم. «شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ» لأن الأنبياء
شهداء على أممهم ما داموا «1» فيهم. «فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي»: أي رفعتني
إليك و حجبتهم عني «2» و حجبتني عنهم «كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ» في
غير مادتي، بل «3» في موادهم إذ كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة. فشهود الإنسان
نفسه شهود الحق إياه. و جعله بالاسم الرقيب لأنه جعل الشهود له فأراد أن يفصل بينه
و بين ربه حتى يعلم أنه هو لكونه عبداً «4» و أن الحق هو الحق لكونه ربّاً له،
فجاء لنفسه بأنه شهيد و في الحق بأنه رقيب، و قدمهم في حق نفسه فقال «عَلَيْهِمْ
شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ» إيثاراً لهم في التقدم و أدباً، و أخّرَهم في جانب
الحق عن الحق في قوله «الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ» لما يستحقه الرب من التقديم
بالرتبة. ثم أَعلم «5» أن للحق الرقيب الاسمَ الذي جعله عيسى لنفسه و هو الشهيد
في قوله عَلَيْهِمْ شَهِيداً. فقال «وَ أَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ».
فجاء «بكل» للعموم و «بشيء» لكونه أنكر النكرات. و جاء بالاسم الشهيد، فهو الشهيد
على كل «6» مشهود بحسب ما تقتضيه حقيقة ذلك المشهود. فنبه على أنه تعالى هو
الشهيد على قوم عيسى حين قال «وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ».
فهي شهادة الحق في مادة عيسوية كما ثبت أنه لسانه و سمعه و بصره. ثم قال كلمة
عيسوية و محمدية: أما كونها عيسوية فإنها قول عيسى بإخبار اللَّه عنه في كتابه، و
أما كونها محمدية فلموقعها «7» من محمد صلى اللَّه عليه و سلم بالمكان الذي وقعت
منه، فقام بها ليلة كاملة يرددها لم يعدل «8» إلى غيرها حتى مطلع الفجر. «إِنْ
تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ». و «هم» ضمير الغائب كما أن «هو» ضمير الغائب «9».
كما قال «هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا»* بضمير الغائب، فكان «1» الغيب ستراً لهم
عما يراد بالمشهود الحاضر «25». فقال «إِنْ تُعَذِّبْهُمْ» بضمير الغائب و هو عين
الحجاب الذي هم فيه عن الحق.
فذكرهم اللَّهَ قبل حضورهم حتى إذا حضروا تكون الخميرة قد تحكمت في العجين
فصيرته مثلها «26». «فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ» فأفرد الخطاب للتوحيد الذي كانوا عليه.
و لا ذلة أعظم من ذلة العبيد «2» لأنهم لا تصرف لهم في أنفسهم. فهم «3» بحكم ما
يريده «4» بهم سيدهم و لا شريك له فيهم فإنه قال «عبادك» فأفرد. و المراد
بالعذاب «5» إذلالهم و لا أذل منهم لكونهم عباداً. فذواتهم تقتضي أنهم أذلاء، فلا
تذلهم فإنك لا تذلهم بأدون مما هم فيه من كونهم عبيداً. «وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ»
أي تسترهم عن إيقاع العذاب الذي يستحقونه بمخالفتهم «6» أي تجعل لهم غفراً «7»
يسترهم عن ذلك و يمنعهم منه.
«فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ «8»» أي المنيع الحمى. و هذا الاسم إذا أعطاه
الحق لمن أعطاه من عباده تسمى الحق بالمعز، و المعطَى له هذا الاسم بالعزيز. فيكون
منيع الحمى عما يريد به المنتقم و المعذب من الانتقام و العذاب. و جاء بالفصل و
العماد أيضاً تأكيداً للبيان و لتكون الآية على مساق واحد في قوله «إِنَّكَ
أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ» و قوله «كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ». فجاء
أيضاً «فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ».
فكان سؤالًا من النبي عليه السلام و إلحاحاً منه على ربه في المسألة ليلته
الكاملة إلى طلوع الفجر يرددها «9» طلباً للإجابة. فلو سمع الإجابة في أول سؤال ما
كرَّر.
فكان الحق يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب عرضاً مفصلًا فيقول له في
عرْض عرْض «1» و عين عين «إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ
تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ». فلو رأى في ذلك العرض
ما يوجب تقديم الحق و إيثار جنابه لدعا عليهم لَا لَهُمْ. فما عرض عليه إلا ما
استحقوا «2» به ما تعطيه هذه الآية من التسليم للَّه و التعريض لعفوه «3». و قد
ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه
حباً فيه لا إعراضاً عنه، و لذلك «4» جاء بالاسم الحكيم، و الحكيم هو الذي يضع
الأشياء مواضعها «5» و لا يَعْدِل بها عما تقتضيه و تطلبه حقائقها بصفاتها.
فالحكيم العليم «6» بالترتيب. فكان صلى اللَّه عليه و سلم بترداد هذه الآية على
علم عظيم من اللَّه تعالى. فمن تلا فهكذا «7» يتلو، و إلا فالسكوت أولى به. و إذا
وفق اللَّه عبداً «8» إلى النطق «9» بأمر ما فما و فقه اللَّه إليه إلا و قد أراد
إجابته فيه و قضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وُفق له، و ليثابر مثابرة
رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه
أو بِسَمْعِهِ كيف شئت أو كيف أسمعك اللَّه الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، و إن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.
الموضوع التـــــــالي .... الموضوع الســـابق
التسميات:
Fusus-AlHikam
،
IbnArabi
مواضيع ذات صله :
IbnArabi
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
اشترك في قناتنا علي اليوتيوب
المشاركات الشائعة
-
كتاب عقلة المستوفز الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
-
مقدمة كتاب إبداع الكتابة وكتابة الإبداع في شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية د. سعاد الحكيم
-
كتاب إنشاء الدوائر الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
-
كتاب تاج الرّسائل ومنهاج الوسائل . الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
-
المقالة الخامسة والثلاثون سؤال طائر آخر الأبيات من 2966 - 3023 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري
-
ثانيا شرح الأبيات 17 - 29 من القصيدة العينية .إبداع الكتابة وكتابة الإبداع لشرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية
-
الفصل الثالث في بيان رموز هذه الشجرة وما في ضمن الدائرة المذكورة من التنبيه على الحوادث الكونية . كتاب الشجرة النعمانية للشيخ الأكبر ابن الع...
-
مقتطفات من الباب 559 من الفتوحات المكية .كتاب شرح مشكلات الفتوحات المكية وفتح الأبواب المغلقات من العلوم اللدنية
-
28 - فهرس الموضوعات المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتافهرس الموضوعات المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
-
من هو محمد بن عبد الجبار بن الحسن النفري؟ محمد بن عبد الجبار بن الحسن بن أحمد النفَّري من اعلام التصوف مولده : ...
أرشيف المدونة الإلكترونية
-
▼
2017
(72)
-
▼
أكتوبر
(72)
- فصل تعلقت الأحرف "بالألف" ولا تعلق للألف بشيء من ا...
- فصل الالف لما كانت الألفة مشتقه منه ألف بين الحروف...
- فصل الباء هي النفس وهي حرف ظلماني كتاب الكهف والرق...
- فصل تقول النقطة للباء أيها الحرف إني أصلك لتركيبك ...
- فصل نقطة حرف الباء واحدة في عالم غيبها كتاب الكهف ...
- مقدمة كتاب الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن ال...
- كتاب فصوص الحكم 27- فص حكمة فردية في كلمة محمدية
- كتاب فصوص الحكم 26- فص حكمة صمدية في كلمة خالدية
- كتاب فصوص الحكم 25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية
- كتاب فصوص الحكم 24- فص حكمة إمامية في كلمة هارونية
- كتاب فصوص الحكم 23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقم...
- كتاب فصوص الحكم 22- فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية
- كتاب فصوص الحكم 21- فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية
- كتاب فصوص الحكم 20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية
- كتاب فصوص الحكم 19 - فص حكمة غيبية في كلمة أَيوبية
- كتاب فصوص الحكم 18 - فص حكمة نَفْسيَّة في كلمة يون...
- كتاب فصوص الحكم 17- فص حكمة وجودية في كلمة داودية
- كتاب فصوص الحكم 16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
- كتاب فصوص الحكم 15- فص حكمة نَبَوِيَّة في كلمة عي...
- كتاب فصوص الحكم 14 - فص حكمة قَدَرِيَّة في كلمة عُ...
- كتاب فصوص الحكم 13 - فص حكمة مَلْكية في كلمة لوطية
- كتاب فصوص الحكم 12- فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
- كتاب فصوص الحكم 11- فص حكمة فتوحية في كلمة صالحية
- كتاب فصوص الحكم 10- فص حكمة أحدية في كلمة هودية
- كتاب فصوص الحكم 9 - فص حكمة نورية في كلمة يوسفية
- كتاب فصوص الحكم 8 - فص حكمة روحية في كلمة يعقوبية
- كتاب فصوص الحكم 7 - فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية
- كتاب فصوص الحكم 6- فص حكمة حقية في كلمة إِسحاقية
- كتاب فصوص الحكم 5- فص حكمة مُهَيَّمية في كلمة إِبر...
- كتاب فصوص الحكم 4- فص حكمة قدوسية في كلمة إدريسية
- كتاب فصوص الحكم 3- فص حكمة سبوحية في كلمة نوحية
- الفتح الرباني والفيض الرحماني "12" المجلس الثاني عشر
- الفتح الرباني والفيض الرحماني "11" المجلس الحادي عشر
- الفتح الرباني والفيض الرحماني "10" المجلس العاشر
- الفتح الرباني والفيض الرحماني "9" المجلس التاسع
- الفتح الرباني والفيض الرحماني "8" المجلس الثامن
- الفتح الرباني والفيض الرحماني "7" المجلس السابع
- العشق ماء الحياة "8" مختارات من ديوان شمس تبريز ال...
- الشكر للعدم"7"مختارات من ديوان شمس تبريز الجزء الا...
- المناجاة العطائية "5" إلهي وصفت نفسك باللطف والرأف...
- المناجاة العطائية "4" إلهي مني ما يليق بلؤمي ومنك...
- يوم موتي "6" مختارات من ديوان شمس تبريز الجزء الاو...
- ولدت من عشقها "5" مختارات من ديوان شمس تبريز الجز...
- مختارات من ديوان شمس تبريز ايتها الحسناء ..لقد جن...
- ذلك الذي يغمر حرمي السري الذي ابتنيته "1" مختارات ...
- ادراك ذلك الولي للمرض وعرضه الامر علي الملك "4"الج...
- لقاء الملك مع ذلك الولي الذي أبدي له في النوم "3" ...
- عشق الملك لجارية مريضة وتدبيره من اجل شفائها الجزء...
- العاشق والناي المثنوي الجزء الاول مولانا جلال الدي...
- الفتح الرباني والفيض الرحماني "6" المجلس السادس
- الفتح الرباني والفيض الرحماني"5" المجلس الخامس
- الفتح الرباني والفيض الرحماني"4" المجلس الرابع
- الفتح الرباني والفيض الرحماني"3" المجلس الثالث فق...
- الفتح الرباني والفيض الرحماني "2" المجلس الثاني
- الفتح الرباني والفيض الرحماني "1" المجلس الأول
- مختارات من ديوان شمس تبريز "3" مدينة السعداء
- مختارات من ديوان شمس تبريز "2" ماذا يقول الرباب
- مختارات من ديوان شمس تبريز "1" مثل موسى
- المناجاة العطائية الثالثة إلهي أن اختلاف تدبيرك وس...
- المناجاة العطائية الثانية إلهي أنا الجاهل في علمي...
- المناجاة العطائية المناجاة الأولى إلهي أنا الفقير ...
- كتاب فصوص الحكم المقدمة لابن عربي الحاتمي الطائي
- الامام محيي الدين ابن عربي الشيخ الاكبر لاعلام التصوف
- كتاب ايقاظ الهمم 2 - إرادتك التجريد مع إقامة الله ...
- كتاب ايقاظ الهمم 1- من علامة الاعتماد على العمل ن...
- كتاب فصوص الحكم 2 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثيَّة
- كتاب فصوص الحكم 1 - فص حكمة إلهية في كلمة آدميَّة
- الإمام الشيخ محيي الدين عبد القادر الجيلاني
- سلطان العاشقين عمر بن عليّ الملقب ابن الفارض
- مولانا جلال الدين الرومي
- محمد بن عبد الجبار بن الحسن النفري
- الحسين بن منصور الحلاج
-
▼
أكتوبر
(72)
تابعونا علي فيس بوك
https://www.facebook.com/groups/146820946026951/?ref=bookmarks
تغريداتي علي التويتر
التسميات
Abdelkader-Jilani
al-Junayd-al-Baghdadi
al-Kahf-Wa-al-Raqim
AlFateh-AlRabbani
AlMasnavi-Vol1
AlNafri
alnnadirat-aleiniat-eabd-alkarim-aljili
alsafar_alkhatum_fusus_alhikam
alshajara-alnumaniyya
altanazulat-almawsilia
Divan-Shams-Tabrizi
divine-manifestations
divine-providence
eabd-alkarim-aljili
farid-aldiyn-aleitar
Fusus-AlHikam
Hallaj
hikam
Ibn-AlFarid
Ibn-Ata-Allah
IbnArabi
mantiq-altayr
mathnawi-ma'nawi-Part1-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part1-muhamad-kaffafi
mathnawi-ma'nawi-Part2-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part2-muhamad-kaffafi
mathnawi-ma'nawi-Part3-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part4-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part5-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part6-iibrahim-aldasuqi
Mongah_IbnAtaAllah
Rumi
sharah-alkahf-walraqim-fie-sharah-bismi-allah-aljili
sharah-mushkilat-alftwhat-almakia
taj-altarajum
the-eighth-book-of-fusus-alhikam
the-fifth-book-of-fusus-alhikam
the-first-book-of-fusus-alhikam
the-fourth-book-of-fusus-alhikam
the-ninth-book-of-fusus-alhikam
the-second-book-of-fusus-alhikam
the-seventh-book-of-fusus-alhikam
the-sixth-book-of-fusus-alhikam
the-tenth-book-of-fusus-alhikam
the-third-book-of-fusus-alhikam
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق