الجمعة، 20 أكتوبر 2017
IbnArabi
كتاب فصوص الحكم 7 - فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية
7 - فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية
أعلم أن مسمى اللَّه أحديٌّ بالذات كلٌ بالأسماء. و كل موجود فما له
من اللَّه إِلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل. و أما الأحدية الإلهية فما
لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء و لآخر منها شيء، لأنها لا تقبل
التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة «2». و السعيد من كان عند ربه مرضياً، و ما
ثَمَّ إِلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو
سعيد.
و لهذا قال سهل إِن للربوبية سراً- وهو أنت: يخاطب كل عين- لو ظهر
لبطلت الربوبية. فأدخل عليه
«لو» و هو حرف امتناع لامتناع «1»، و هو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه «2» لا
وجود لعين إِلا بربه. و العين موجودة دائماً فالربوبية لا تبطل دائماً. و كل مرضي
محبوب، و كل ما يفعل المحبوب محبوب، فكله مرضي، لأنه لا فعل للعين، بل الفعل لربها
فيها فاطمأنت العين أن يضاف إِليها فعل، فكانت «راضية» بما يظهر فيها و عنها من
أفعال ربها، «مرضية» تلك الأفعال لأن كل فاعل و صانع راض عن فعله و صنعته، فإِن
وفَّى فعله و صنعته حقَّ ما عليه «أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى»
أي بيَّنَ أنه أعطى كل شيء خلقه، فلا يقبل النقص و لا «3» الزيادة. فكان
إِسماعيل «4» بعثوره على ما ذكرناه عند ربه مرضياً. و كذا كل موجود عند ربه مرضي
«4» «5». و لا يلزم إِذا كان كل موجود عند ربه مرضياً على ما بيَّنَّاه أن يكون
مرضياً عند رب عبد آخر لأنه ما أخذ الربوبية إِلا من كلٍ لا من واحد. فما تعين له
من الكل إِلا ما يناسبه، فهو ربه. و لا يأخذه أحد من حيث أحديته. و لهذا منع أهل
اللَّه التجلي في الأحدية «5»، فإِنك إِن نظرته به «6» فهو الناظر نفسه فما زال
ناظراً «7» نفسه بنفسه، و إِن نظرته بك فزالت الأحدية بك، و إِن نظرته به و بك
«8» فزالت الأحدية أيضاً. لأن ضمير التاء في «نظرتَه» ما هو عين المنظور، فلا بد
من وجود نسبة ما اقتضت أمرين ناظراً و منظوراً، فزالت الأحدية و إِن كان لم ير
إِلا نفسه بنفسه. و معلوم أنه في هذا الوصف ناظر و منظور. فالمرضي لا يصح أن يكون
مرضياً مطلقاً إِلا إِذا كان جميع ما يظهر به من
فعل الراضي فيه. فَفَضَل
إِسماعيل غيرَه من الأعيان بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضياً. و كذلك كل
نفس مطمئنة قيل لها «ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ» فما أمرها أن ترجع إِلا إِلى ربها
الذي دعاها فعرفته «1» من الكل، «راضِيَةً مَرْضِيَّةً».
«فَادْخُلِي فِي عِبادِي» من
حيث ما لهم هذا المقام. فالعباد المذكورون هنا كل عبد عرف ربه تعالى و اقتصر عليه
و لم ينظر إِلى رب غيره مع أحدية العين: لا بد من ذلك «وَ ادْخُلِي جَنَّتِي»
التي بها «2» سِتْري «6».
و ليست جنتي سواك فأنت
تسترني «3» بذاتك. فلا أُعْرَف إِلا بك كما أنك لا تكون إِلا بي. فمن عرفك عرفني
و أنا لا أُعرف فأنت لا تعرف. فإِذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أُخرى
غير المعرفة التي عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إِياها. فتكون صاحب معرفتين «4»:
معرفة به من حيث أنت، و معرفة به بك من حيث هو لا من حيث أنت «7».
فأنت
عبد و أنت ربٌ
|
لمن
له فيه أنت عبد
|
|
و
أنت رب و أنت عبد
|
لمن
له في الخطاب عهد
|
|
فكل
عقد عليه شخص
|
يحله
من سواه عقد «8»
|
|
فرضي اللَّه عن عبيده، فهم
مرضيون، و رضوا عنه فهو مرضي. فتقابلت الحضرتان «5» تقابل الأمثال و الأمثال
أضداد «9» لأن المثلين «6» لا يجتمعان إِذ لا يتميزان و ما ثم إِلا متميز فما ثم
مثل، فما في «7» الوجود مثل، فما في «8» الوجود ضد، فإِن الوجود حقيقة واحدة و
الشيء لا يضاد نفسه.
فلم
يبق إِلا الحق لم يبق كائن
|
فما
ثم موصول و ما ثم بائن
|
|
بذا «1»
جاء
برهان العيان فما أرى
|
بعيني
إِلا عينه إِذ أُعاين
|
|
«ذلِكَ
لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ «2»» أن يكونه «3» لعلمه بالتمييز. دلنا «4» على ذلك جهل
أعيان في الوجود بما أتى به عالم. فقد وقع التمييز بين العبيد، فقد وقع التمييز
بين الأرباب. و لو لم يقع التمييز «5» لفُسِّر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه
بما يفسر الآخر. و المعز لا يفسر «6» بتفسير المذل إِلى مثل ذلك، لكنه هو من وجه
الأحدية كما تقول «7» في كل اسم إِنه دليل على الذات و على حقيقته من حيث هو.
فالمسمى واحد: فالمعز هو المذل من حيث المسمى، و المعز ليس المذل من حيث نفسه و
حقيقته، فإِن المفهوم يختلف «8» في الفهم في كل واحد منهم:
فلا
تنظر إِلى الحق
|
و
تعريه عن الخلق
|
|
و
لا تنظر إِلى الخلق
|
و
تكسوه سوى الحق
|
|
و
نزهّه و شبّهه
|
و
قم في مقعد الصدق
|
|
و
كن في الجمع إِن شئت
|
و
إِن شئت ففي الفرق
|
|
تحزْ
بالكل- إِن كل
|
تبدى-
قصب السبق
|
|
فلا
تفنى و لا تبقى
|
و
لا تفني و لا تبقي
|
|
و
لا يلقى عليك الوحي
|
في
غير و لا تلقي
|
|
الثناء بصدق الوعد لا بصدق
الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها «9» بصدق الوعد
لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ
رُسُلَهُ»
لم يقل و وعيده، بل قال «وَ
نَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إِسماعيل بأنه كان
صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.
فلم
يبق إِلا صادق الوعد وحده
|
و
ما لوعيد الحق عين تعَايَن
|
|
و
إِن دخلوا دار الشقاء فإِنهم
|
على
لذة فيها نعيم مباين
|
|
نعيمَ
جنان الخلد فالأمر واحد
|
و
بينهما عند التجلي تباين
|
|
يسمى
عذاباً من عذوبة طعمه
|
و
ذاك له كالقشر و القشر صاين
|
الموضوع التـــــــالي .... الموضوع الســـابق
التسميات:
Fusus-AlHikam
،
IbnArabi
مواضيع ذات صله :
IbnArabi
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
اشترك في قناتنا علي اليوتيوب
المشاركات الشائعة
-
كتاب عقلة المستوفز الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
-
مقدمة كتاب إبداع الكتابة وكتابة الإبداع في شرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية د. سعاد الحكيم
-
كتاب إنشاء الدوائر الشيخ الأكبر محيي الدين محمد ابن العربي الطائي الحاتمي
-
كتاب تاج الرّسائل ومنهاج الوسائل . الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي
-
المقالة الخامسة والثلاثون سؤال طائر آخر الأبيات من 2966 - 3023 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري
-
ثانيا شرح الأبيات 17 - 29 من القصيدة العينية .إبداع الكتابة وكتابة الإبداع لشرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية
-
الفصل الثالث في بيان رموز هذه الشجرة وما في ضمن الدائرة المذكورة من التنبيه على الحوادث الكونية . كتاب الشجرة النعمانية للشيخ الأكبر ابن الع...
-
مقتطفات من الباب 559 من الفتوحات المكية .كتاب شرح مشكلات الفتوحات المكية وفتح الأبواب المغلقات من العلوم اللدنية
-
28 - فهرس الموضوعات المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتافهرس الموضوعات المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
-
من هو محمد بن عبد الجبار بن الحسن النفري؟ محمد بن عبد الجبار بن الحسن بن أحمد النفَّري من اعلام التصوف مولده : ...
أرشيف المدونة الإلكترونية
-
▼
2017
(72)
-
▼
أكتوبر
(72)
- فصل تعلقت الأحرف "بالألف" ولا تعلق للألف بشيء من ا...
- فصل الالف لما كانت الألفة مشتقه منه ألف بين الحروف...
- فصل الباء هي النفس وهي حرف ظلماني كتاب الكهف والرق...
- فصل تقول النقطة للباء أيها الحرف إني أصلك لتركيبك ...
- فصل نقطة حرف الباء واحدة في عالم غيبها كتاب الكهف ...
- مقدمة كتاب الكهف والرقيم في شرح بسم الله الرحمن ال...
- كتاب فصوص الحكم 27- فص حكمة فردية في كلمة محمدية
- كتاب فصوص الحكم 26- فص حكمة صمدية في كلمة خالدية
- كتاب فصوص الحكم 25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية
- كتاب فصوص الحكم 24- فص حكمة إمامية في كلمة هارونية
- كتاب فصوص الحكم 23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقم...
- كتاب فصوص الحكم 22- فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية
- كتاب فصوص الحكم 21- فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية
- كتاب فصوص الحكم 20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية
- كتاب فصوص الحكم 19 - فص حكمة غيبية في كلمة أَيوبية
- كتاب فصوص الحكم 18 - فص حكمة نَفْسيَّة في كلمة يون...
- كتاب فصوص الحكم 17- فص حكمة وجودية في كلمة داودية
- كتاب فصوص الحكم 16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
- كتاب فصوص الحكم 15- فص حكمة نَبَوِيَّة في كلمة عي...
- كتاب فصوص الحكم 14 - فص حكمة قَدَرِيَّة في كلمة عُ...
- كتاب فصوص الحكم 13 - فص حكمة مَلْكية في كلمة لوطية
- كتاب فصوص الحكم 12- فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
- كتاب فصوص الحكم 11- فص حكمة فتوحية في كلمة صالحية
- كتاب فصوص الحكم 10- فص حكمة أحدية في كلمة هودية
- كتاب فصوص الحكم 9 - فص حكمة نورية في كلمة يوسفية
- كتاب فصوص الحكم 8 - فص حكمة روحية في كلمة يعقوبية
- كتاب فصوص الحكم 7 - فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية
- كتاب فصوص الحكم 6- فص حكمة حقية في كلمة إِسحاقية
- كتاب فصوص الحكم 5- فص حكمة مُهَيَّمية في كلمة إِبر...
- كتاب فصوص الحكم 4- فص حكمة قدوسية في كلمة إدريسية
- كتاب فصوص الحكم 3- فص حكمة سبوحية في كلمة نوحية
- الفتح الرباني والفيض الرحماني "12" المجلس الثاني عشر
- الفتح الرباني والفيض الرحماني "11" المجلس الحادي عشر
- الفتح الرباني والفيض الرحماني "10" المجلس العاشر
- الفتح الرباني والفيض الرحماني "9" المجلس التاسع
- الفتح الرباني والفيض الرحماني "8" المجلس الثامن
- الفتح الرباني والفيض الرحماني "7" المجلس السابع
- العشق ماء الحياة "8" مختارات من ديوان شمس تبريز ال...
- الشكر للعدم"7"مختارات من ديوان شمس تبريز الجزء الا...
- المناجاة العطائية "5" إلهي وصفت نفسك باللطف والرأف...
- المناجاة العطائية "4" إلهي مني ما يليق بلؤمي ومنك...
- يوم موتي "6" مختارات من ديوان شمس تبريز الجزء الاو...
- ولدت من عشقها "5" مختارات من ديوان شمس تبريز الجز...
- مختارات من ديوان شمس تبريز ايتها الحسناء ..لقد جن...
- ذلك الذي يغمر حرمي السري الذي ابتنيته "1" مختارات ...
- ادراك ذلك الولي للمرض وعرضه الامر علي الملك "4"الج...
- لقاء الملك مع ذلك الولي الذي أبدي له في النوم "3" ...
- عشق الملك لجارية مريضة وتدبيره من اجل شفائها الجزء...
- العاشق والناي المثنوي الجزء الاول مولانا جلال الدي...
- الفتح الرباني والفيض الرحماني "6" المجلس السادس
- الفتح الرباني والفيض الرحماني"5" المجلس الخامس
- الفتح الرباني والفيض الرحماني"4" المجلس الرابع
- الفتح الرباني والفيض الرحماني"3" المجلس الثالث فق...
- الفتح الرباني والفيض الرحماني "2" المجلس الثاني
- الفتح الرباني والفيض الرحماني "1" المجلس الأول
- مختارات من ديوان شمس تبريز "3" مدينة السعداء
- مختارات من ديوان شمس تبريز "2" ماذا يقول الرباب
- مختارات من ديوان شمس تبريز "1" مثل موسى
- المناجاة العطائية الثالثة إلهي أن اختلاف تدبيرك وس...
- المناجاة العطائية الثانية إلهي أنا الجاهل في علمي...
- المناجاة العطائية المناجاة الأولى إلهي أنا الفقير ...
- كتاب فصوص الحكم المقدمة لابن عربي الحاتمي الطائي
- الامام محيي الدين ابن عربي الشيخ الاكبر لاعلام التصوف
- كتاب ايقاظ الهمم 2 - إرادتك التجريد مع إقامة الله ...
- كتاب ايقاظ الهمم 1- من علامة الاعتماد على العمل ن...
- كتاب فصوص الحكم 2 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثيَّة
- كتاب فصوص الحكم 1 - فص حكمة إلهية في كلمة آدميَّة
- الإمام الشيخ محيي الدين عبد القادر الجيلاني
- سلطان العاشقين عمر بن عليّ الملقب ابن الفارض
- مولانا جلال الدين الرومي
- محمد بن عبد الجبار بن الحسن النفري
- الحسين بن منصور الحلاج
-
▼
أكتوبر
(72)
تابعونا علي فيس بوك
https://www.facebook.com/groups/146820946026951/?ref=bookmarks
تغريداتي علي التويتر
التسميات
Abdelkader-Jilani
al-Junayd-al-Baghdadi
al-Kahf-Wa-al-Raqim
AlFateh-AlRabbani
AlMasnavi-Vol1
AlNafri
alnnadirat-aleiniat-eabd-alkarim-aljili
alsafar_alkhatum_fusus_alhikam
alshajara-alnumaniyya
altanazulat-almawsilia
Divan-Shams-Tabrizi
divine-manifestations
divine-providence
eabd-alkarim-aljili
farid-aldiyn-aleitar
Fusus-AlHikam
Hallaj
hikam
Ibn-AlFarid
Ibn-Ata-Allah
IbnArabi
mantiq-altayr
mathnawi-ma'nawi-Part1-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part1-muhamad-kaffafi
mathnawi-ma'nawi-Part2-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part2-muhamad-kaffafi
mathnawi-ma'nawi-Part3-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part4-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part5-iibrahim-aldasuqi
mathnawi-ma'nawi-Part6-iibrahim-aldasuqi
Mongah_IbnAtaAllah
Rumi
sharah-alkahf-walraqim-fie-sharah-bismi-allah-aljili
sharah-mushkilat-alftwhat-almakia
taj-altarajum
the-eighth-book-of-fusus-alhikam
the-fifth-book-of-fusus-alhikam
the-first-book-of-fusus-alhikam
the-fourth-book-of-fusus-alhikam
the-ninth-book-of-fusus-alhikam
the-second-book-of-fusus-alhikam
the-seventh-book-of-fusus-alhikam
the-sixth-book-of-fusus-alhikam
the-tenth-book-of-fusus-alhikam
the-third-book-of-fusus-alhikam
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق