السبت، 7 أكتوبر 2017

كتاب ايقاظ الهمم  1- من علامة الاعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وجود الزلل

كتاب ايقاظ الهمم 1- من علامة الاعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وجود الزلل

1- من علامة الاعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وجود الزلل

الاعتماد على الشيء هو الأستناد عليه والركون إليه والعمل حركة الجسم      

 أو القلب فان تحرك بما يوافق الشريعة سمى طاعة وان تحرك بما يخالف الشريعة الشريعة سمى معصية والأعمال عند أهل الفن على ثلاثة أقسام عمل الشريعة وعمل الطريقة وعمل الحقيقة أو تقول عمل الاسلام وعمل الإيمان وعمل الأحسان أو تقول عمل العبادة وعمل العبوديه وعمل العبودة أي الحرية أو تقول عمل أهل البداية وعمل أهل الوسط وعمل أهل النهاية فالشريعة أن تعبده والطريقة أن تقصده والحقيقة أن تشهده أو تقول الشريعة لاصلاح الظواهر والطريقة لاصلاح الضمائر والحقيقة لاصلاح السرائر، واصلاح الجوارح بثلاثة أمور بالتوبة والتقوى والاستقامة، واصلاح القلوب بثلاثة أمور بالاخلاص والصدق والطمأنينة، واصلاح السرائر بثلاثة أمور بالمراقبة والمشاهدة والمعرفة أو تقول أصلاح الظواهر باجتناب النواهي وامتثال الأوامر، واصلاح الضمائر بالتخلية من الرذائل والتحلية بأنواع الفضائل، واصلاح السرائر وهي هنا الأرواح بذلها وانكسارها حتى تتهذب وترتاض الأدب والتواضع وحسن الخلق، وأعلم أن الكلام هنا
إنما هو في الأعمال التي توجب تصفية الجوارح أو القلوب أو الأرواح وهي ما تقدم تعيينها لكل قسم وأما العلوم والمعارف فأنما هي ثمرات التصفية والتطهير فإذا تطهرت الأسرار ملئت بالعلوم والمعارف والأنوار ولا يصح الانتقال إلى مقام حتي يحقق ما قبله فمن أشرقت بدايته أشرقت نهايته فلا ينتقل إلى عمل الطريقة حتى يحقق عمل الشريعة وترتاض جوارحه معها بأن يحقق التوبة بشروطها ويحقق التقوي بأركانها ويحقق الاستقامة بأقسامها وهي متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله فإذا تزكي الظاهر وتنور بالشريعة انتقل من عمل الشريعة الظاهرة إلى عمل الطريقة الباطنة وهي التصفية من أوصاف البشرية على ما يأتي فإذا تطهر من أوصاف البشرية تحلى بأوصاف الروحانية وهي الأدب مع الله في تجلياته التي هي مظاهره فحينئذ ترتاح الجوارح من التعب وما بقي ألا حسن الأدب قال بعض المحققين من بلغ إلى حقيقة الاسلام لم يقدر أن يفتر عن العمل ومن بلغ إلى حقيقة الإيمان لم يقدر أن يلتفت إلى العمل بسوى الله ومن بلغ إلى الحقيقة الاحسان لم يقدر أن يلتفت إلى أحد سوى الله اه ولا يعتمد المريد في سلوك هذه المقامات على نفسه ولا على عمله ولا على حوله وقوته وإنما يعتمد على فضل ربه وتوفيقه وهدايته وتسديده قال تعالى وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان
لهم الخيرة وقال تعالى ولو شاء ربك ما فعلوه ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك وقال صلى الله عليه وسلم لن يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته فالاعتماد على النفوس من علامة الشقاء والبؤس. والأعتماد على الأعمال من عدم التحقق بالزوال، والاعتماد على الكرامة والاحوال، من عدم صحبة الرجال، والاعتماد على الله من تحقق المعرفة بالله، وعلامة الاعتماد على الله أنه لا ينقص رجاؤه إذا وقع في العصيان، ولا يزيد رجاؤه إذا صدر منه احسان، أو تقول لا يعظم خوفه إذا صدرت منه غفلة كما لا يزيد رجاؤه اذا وقعت منه يقظة قد استوى خوفه ورجاؤه على الدوام لأن خوفه ناشيء عن شهود الجلال ورجاؤه ناشيء عن شهود الجمال وجلال الحق وجماله لا يتغيران بزيادة ولا نقصان فكذا ما يتشأ عنهما بخلاف المعتمد على الأعمال إذا قل عمله قل رجاؤه وأذا كثر عمله كثر رجاؤه لشركه مع ربه وتحققه بجهله ولو فني عن نفسه وبقي بربه لاستراح من تعبه وتحقق بمعرفة ربه ولا بد من شيخ كامل يخرجك من تعب نفسك إلى راحتك بشهود ربك فالشيخ الكامل هو الذي يريحك من التعب لا الذي يدلك على التعب من دلك على العمل فقد أتعبك ومن دلك على الدنيا فقد غشك ومن دلك على الله فقد نصحك
كما قال الشيخ ابن مشيش رضي الله عنه والدلالة على الله هي الدلالة على نسيان النفس فإذا نسيت نفسك ذكرت ربك قال تعالى وأذكر ربك اذا نسيت أي ما سواه وسبب التعب هو ذكر النفس والاعتناء بشؤنها وحظوظها وأما من غاب عنها فلا يلقى إلا الراحة وأما قوله تعالى لقد خلقنا الأنسان في كبد أي في تعب فهو خاص بأهلي الحجاب أو تقول خاص بأحياء النفوس وأما من مات فقد قال تعالى فيه " فأما أن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم " أي فروح الوصال وريحان الجمال وجنة الكمال وقال تعالى لا يمسهم فيها نصب أي تعب ولكن لا تدرك الراحة إلا بعد التعب ولا يحصل الظفر إلا بالطلب حفت الجنة بالمكاره لهم الخيرة
وقال تعالى ولو شاء ربك ما فعلوه ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك
وقال صلى الله عليه وسلم لن يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله
قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته
فالاعتماد على النفوس من علامة الشقاء والبؤس.
والأعتماد على الأعمال من عدم التحقق بالزوال،
والاعتماد على الكرامة والاحوال، من عدم صحبة الرجال،
والاعتماد على الله من تحقق المعرفة بالله،
وعلامة الاعتماد على الله أنه لا ينقص رجاؤه إذا وقع في العصيان،
ولا يزيد رجاؤه إذا صدر منه احسان،
أو تقول لا يعظم خوفه إذا صدرت منه غفلة كما لا يزيد رجاؤه اذا وقعت منه يقظة
قد استوى خوفه ورجاؤه على الدوام لأن خوفه ناشيء عن شهود الجلال ورجاؤه ناشيء عن شهود الجمال وجلال الحق وجماله لا يتغيران بزيادة ولا نقصان .
فكذا ما يتشأ عنهما بخلاف المعتمد على الأعمال إذا قل عمله قل رجاؤه وأذا كثر عمله كثر رجاؤه لشركه مع ربه وتحققه بجهله
ولو فني عن نفسه وبقي بربه لاستراح من تعبه وتحقق بمعرفة ربه ولا بد من شيخ كامل يخرجك من تعب نفسك إلى راحتك بشهود ربك
فالشيخ الكامل هو الذي يريحك من التعب لا الذي يدلك على التعب
من دلك على العمل فقد أتعبك
ومن دلك على الدنيا فقد غشك
ومن دلك على الله فقد نصحك
كما قال الشيخ ابن مشيش رضي الله عنه والدلالة على الله هي الدلالة على نسيان النفس فإذا نسيت نفسك ذكرت ربك قال تعالى وأذكر ربك اذا نسيت
أي ما سواه وسبب التعب هو ذكر النفس والاعتناء بشؤنها وحظوظها وأما من غاب عنها فلا يلقى إلا الراحة
وأما قوله تعالى لقد خلقنا الأنسان في كبد أي في تعب فهو خاص بأهلي الحجاب
أو تقول خاص بأحياء النفوس وأما من مات
فقد قال تعالى فيه " فأما أن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم "
أي فروح الوصال وريحان الجمال وجنة الكمال
وقال تعالى لا يمسهم فيها نصب أي تعب ولكن لا تدرك الراحة إلا بعد التعب ولا يحصل الظفر إلا بالطلب حفت الجنة بالمكاره.
أيها العاشق معنى حسننا ... مهرنا غال لمن يخطبنا
جسد مضني وروح في العنا ... وجفون لا تذوق الوسنا
وفؤاد ليس فيه غيرنا ... وإذا ما شئت اد الثمنا
فافن أن شئت فناء سرمدا ... فالفنا يدني إلى ذاك الفنا
واخلع النعلين أن جئت إلى ... ذلك الحي ففيه قد سنا
وعن الكونين كن منخلعا ... وازل ما بيننا من بيننا
واذا قيل من تهوى فقل ... أنا من أهوى ومن أهوى أنا
وقال في حل الرموز: ثم اعلم أنك لا تصل إلى منازل القربات، حتى تقطع ست عقبات،
العقبة الأولى فطم الجوارح عن المخالفات الشرعية،
العقبة الثانية فطم النفس عن المألوفات العادية،
العقبة الثالثة فطم القلب عن الرعونات البشرية،
العقبة الرابعة فطم النفس عن الكدورات الطبيعية،
العقبة الخامسة فطم الروح عن البخورات الحسية،
العقبة السادسة فطم العقل عن الخيالات الوهمية،
فتشرف من العقبة الأولى على ينابيع الحكم القلبية
وتطلع من العقبة الثانية على أسرار العلوم اللدنية
وتلوح لك في العقبة الثالثة أعلام المناجات الملكوتية
ويلمع لك في العقبة الرابعة أنوار المنازلات القربية
وتطلع لك في العقبة الخامسة أنوار المشاهدات الحبية
وتهبط من العقبة السادسة على رياض الحضرة القدسية
فهنالك تغيب بما تشاهده من اللطائف الأنسية عن الكثائف الحسية
فإذا أرادك لخصوصيته الإصطفائية سقاك بكأس محبته شربة تزداد بتلك الشربة ظمأ وبالذوق شوقاً وبالقرب طلباً وبالسكر قلقاً اه
المراد منه تتميم اشكل على بعض الفضلاء قوله تعالى ادخلوا الجنة بما كنتم تعلمون مع قوله صلى الله عليه وسلم لن يدخل أحدكم الجنة بعمله الحديث
والجواب أن الكتاب والسنة وردا بين شريعة وحقيقة أو تقول بين تشريع وتحقيق فقد يشرعان في موضع ويحققان في آخر في ذلك الشيء بعينه
وقد يحققان في موضع ويشرعان فيه في آخر وقد يشرع القرآن في موضع وتحققه السنة وقد تشرع السنة في موضع ويحققه القرآن
فالرسول عليه السلام مبين لما أنزل الله قال تعالى " وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم فقوله تعالى ادخلوا الجنة بما كنتم تعلمون هذا تشريع لأهل الحكمة وهم أهل الشريعة
وقوله صلى الله عليه وسلم لن يدخل أحدكم الجنة بعمله هذا تحقيق لأهل القدرة وهم أهل الحقيقة كما أن قوله تعالى وما تشاؤن إلا أن يشاء الله تحقيق
وقوله صلى الله عليه وسلم إذا هم أحدكم بحسنة كتبت له حسنة تشريع والحاصل أن القرآن تقيده السنة والسنة يقيدها القرآن فالواجب على الإنسان أن تكون له عينان أحداهما تنظر إلى الحقيقة والأخرى تنظر إلى الشريعة فإذا وجد القرآن قد شرع في موضع فلا بد أن يكون قد حقق في موضع آخر أو تحققه السنة .
وأذا وجد السنة قد شرعت في موضع فلا بد أن تكون قد حققت في موضع آخر أو حققها القرآن ولا تعارض حينئذ بين الآية والحديث ولا أشكال .
وهنا جواب آخر وهو أن الله تعالى لما دعا الناس إلى التوحيد والطاعة على أنهم لا يدخلون فيه من غير طمع فوعدهم بالجزاء على العمل فلما رسخت أقدامهم في الإسلام أخرجهم عليه السلام من ذلك الحرف ورقاهم إلى إخلاص العبودية والتحقق بمقام الأخلاص
فقال لهم لن يدخل أحدكم الجنة بعمله والله تعالى أعلم
وهنا أجوبة لأهل الظاهر لا تجدي شيئاً ولما كان الإنتقال من عمل الظاهر إلى عمل الباطن لا بد أن يظهر أثره على الجوارح
قال تعالى أن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها الآية
وظهور الأثر هو التجريد أشار إليه بقوله:
التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: