السبت، 21 أكتوبر 2017

كتاب فصوص الحكم  25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية

كتاب فصوص الحكم 25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية

كتاب فصوص الحكم  25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية

الشيخ الاكبر محيي الدين بن عربي  

25- فص حكمة علوية في كلمة موسوية

حكمة قتل الأبناء من أجل موسى ليعود إليه بالإمداد حياة كل من قُتِل من أجله لأنه قتل على أنه موسى.
وما ثَمَّ جهلٌ‏ ، فلا بد أن تعود حياته على موسى أعني حياة «3» المقتول من أجله- و هي حياة طاهرة على الفطرة لم تدنسها الأغراض‏ «4» النفسية، بل هي على فطرة «بلى».
فكان موسى مجموع حياة من قتل على أنه هو، فكل ما كان
مهيئاً لذلك المقتول مما كان استعدادُ روحه له، كان في موسى عليه السلام.
و هذا اختصاص إلهي بموسى لم يكن لأحد من قبله: فإن حِكَمَ موسى كثيرة و أنا إن شاء اللَّه أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري. فكان هذا أول ما شوفهتُ به من هذا الباب، فما ولد موسى إلا وهو مجموع أرواح كثيرة جمع قوى فعَّالة لأن الصغير يفعل في الكبير.
ألا ترى الطفل يفعل في الكبير بالخاصية فينزل الكبير من رياسته إليه فيلاعبه و يزقزق‏  له و يظْهَر له بعقله.
فهو تحت تسخيره و هو لا يشعر، ثم شغله بتربيته و حمايته و تفقد مصالحه و تأنيسه‏ حتى لا يضيق صدره.
هذا كله من فعل الصغير بالكبير و ذلك لقوة المقام، فإن الصغير حديث عهد بربه لأنه حديث التكوين‏ و الكبير أبعد.
فمن كان من اللَّه أقرب سخَّر من كان من اللَّه أبعد، كخواص المَلِك للقرب منه يسخِّرون الأبعدين.
كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم يبرز بنفسه‏ للمطر إذا نزل و يكشف رأسه له حتى يصيب منه و يقول إنه حديث عهد بربه.
فانظر إلى هذه المعرفة باللَّه من هذا النبي ما أجلَّهَا و ما أعلاها و أَوضَحَها.
فقد سخَّر المطرُ أفضل البشر لقربه من ربه فكان مِثْلَ الرسول الذي ينزل بالوحي عليه، فدعاه‏  بالحال بذاته فبرز إليه ليصيب منه ما أتاه به من ربه فلو لا ما حصلت له منه الفائدة الإلهية بما أصاب منه، ما برز بنفسه إليه.
فهذه رسالة ماء جعل اللَّه منه كل شي‏ء حي فافهم.
و أما حكمة إلقائه في التابوت و رميه في اليمِّ: فالتابوت ناسوته، و اليم ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم مما أعطته القوة النظرية الفكرية و القوى‏ الحسية و الخيالية التي لا يكون شي‏ء منها و لا من أمثالها لهذه النفس الإنسانية إلا بوجود هذا الجسم العنصري.
فلما حصلت النفس في هذا الجسم و أُمِرَت بالتصرف فيه و تدبيره، جعل اللَّه لها هذه القوى آلات يُتَوَصَّل‏ بها إلى ما أراده اللَّه منها في تدبير هذا التابوت الذي فيه سكينة الرب.
فرُمِي به في اليم ليحصُلَ بهذه‏ القوى على فنون العلم‏ فأعلمه بذلك أنه و إن كان الروح المدبر له هو المَلِك، فإنه لا يدبره إلا به.
فأصحبه هذه القوى الكائنة في هذا الناسوت الذي عبر عنه بالتابوت‏ في باب الإشارات و الحِكَم.
كذلك تدبير الحق العالَم ما دبَّره إلا به أو بصورته، فما دبَّره إلا به كتوقف الولد على إيجاد الوالد ، و المسببات على‏أسبابها، و المشروطات على شروطها، و المعلولات‏  على عللها ، و المدلولات على أدلتها، و المحقَّقات‏
على حقائقها.
و كل ذلك من العالم و هو تدبير الحق فيه. فما دبره إلا به. و أما قولنا أو بصورته- أعني صورة العالم- فأعني به الأسماء الحسنى و الصفات العلى التي تَسمّى الحق بها و اتصف بها. فما وصل إلينا من اسم تَسَمّى به إلا وجدنا معنى ذلك الاسم و روحه في العالم. فما دبر العالم أيضاً إلا بصورة العالم.
و لذلك قال في خلق آدم الذي هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات و الصفات و الأفعال «إن اللَّه خلق آدم على صورته». و ليست صورته سوى الحضرة الإلهية. فأوجد في هذا المختصر الشريف الذي هو الإنسان الكامل جميع الأسماء الإلهية و حقائق‏ «1» ما خرج عنه في العالم الكبير المنفصل، و جعله روحاً للعالم فسخر له العلو و السفل لكمال الصورة «2». فكما أنه ليس شي‏ء من‏ «3» العالم إلا و هو يسبح بحمده، كذلك ليس شي‏ء من‏ «4» العالم إلا و هو مسخر لهذا الإنسان «5» لما تعطيه حقيقة صورته. فقال تعالى‏ «وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ». فكل ما في العالم تحت تسخير «5» الإنسان، عَلِمَ ذلك من علمه- و هو الإنسان الكامل- و جهل ذلك من جهله، و هو الإنسان الحيوان. فكانت صورة إلقاء موسى في التابوت، و إلقاء التابوت في اليم صورة هلاك، و في الباطن كانت نجاة له من القتل. فحيي كما تحيا النفوس بالعلم من موت الجهل، كما قال تعالى‏ «أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً» يعني بالجهل‏ «فَأَحْيَيْناهُ» يعني‏ «6» بالعلم، «وَ جَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ» و هو الهدى، «كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ» و هي الضلال‏ «لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها» أي لا يهتدي أبداً: فإن الأمر «7» في نفسه لا غاية له يوقف‏ «8» عندها «6». فالهدى هو أن يهتدي الإنسان‏
إلى الحيرة، فيعلم‏ «1» أن الأمر حيرة و الحيرة قلق و حركة، و الحركة حياة. فلا سكون، فلا موت، و وجود، فلا عدم. و كذلك في الماء الذي به حياة الأرض و حركَتُها، قوله تعالى‏ «اهْتَزَّتْ» و حَمْلُهَا، قوله‏ «وَ رَبَتْ»، و ولادَتُهَا قوله‏ «2» «وَ أَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ». أي أنها ما ولدت إلا من يشبهها أي طبيعياً مثلها. فكانت الزوجية التي هي الشفعية لها بما تولد منها و ظهر عنها. كذلك وجود الحق كانت الكثرة له و تعداد الأسماء أنه كذا و كذا بما ظهر عنه من العالم الذي يطلب بنشأته حقائق الأسماء الإلهية. فثبت‏ «3» به و بخالقه‏ «4» أحدية الكثرة، و قد كان أحدي العين من حيث ذاته كالجوهر الهيولاني أحدي العين من حيث ذاته، كثير بالصور «5» الظاهرة فيه التي هو حامل لها بذاته. كذلك الحق بما ظهر منه من صور «6» التجلي، فكان مجلى صور «7» العالم مع الأحدية المعقولة «7». فانظر ما أحسن هذا التعليم الإلهي الذي خص اللَّه بالاطلاع عليه من شاء من عباده. و لما وجده آل فرعون في اليمِّ عند الشجرة سماه فرعون مُوسى: و المو هو الماء بالقبطية و السَّا هو الشجرة «8»، فسماه بما وجده عنده، فإن التابوت وقف عند الشجرة «9» في اليم. فأراد قتله فقالت‏ «10» امرأته- و كانت مُنْطَقَةً بالنطق الإلهي- فيما قالت‏
لفرعون، إذ كان اللَّه تعالى خلقها للكمال كما قال عليه السلام عنها حيث شهد «1» لها و لمريم بنت عمران بالكمال الذي هو للذُّكران‏ «2»- فقالت لفرعون في حق موسى إنه‏ «قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَ لَكَ». فبه قرَّت عينها بالكمال‏ «3» الذي حصل لها كما قلنا، و كان قرة عين لفرعون‏ «4» بالإيمان الذي أعطاه اللَّه عند الغرق.
فقبضه طاهراً مطهراً ليس فيه شي‏ء من الخبث لأنه قبضه عند إيمانه «8» قبل أن يكتسب شيئاً من الآثام. و الإسلام يَجُبُ‏ «5» ما قبله. و جعله آية على عنايته سبحانه بمن شاء «6» حتى لا ييأس أحد من رحمة اللَّه، «فإنه‏ «7» لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ‏ «8» إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ». فلو كان فرعون ممن‏ «9» يئس ما بادر إلى الايمان.
فكان موسى عليه السلام كما قالت امرأة فرعون فيه «إنه‏ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَ لَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى‏ أَنْ يَنْفَعَنا». و كذلك وقع فإن اللَّه نفعهما به عليه السلام و إن كانا ما شعرا بأنه هو النبي الذي يكون على يديه هلاك ملك فرعون و هلاك آله. و لما عصمه اللَّه من فرعون‏ «أَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى‏ فارِغاً» من الهم الذي كان قد أصابها. ثم إن اللَّه حرم عليه المراضع حتى أقبل على ثدي أمه فأرضعته ليكمِّل اللَّه لها سرورها به. كذلك‏ «10» علم الشرائع، كما قال تعالى‏ «لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً» أي طريقاً. و منهاجاً أي من تلك الطريقة جاء «9». فكان هذا القول إشارة إلى الأصل الذي منه جاء. فهو غذاؤه كما أن فرع الشجرة لا يتغذى إلا من أصله.
فما «11» كان حراماً في شرع يكون حلالًا في شرع آخر يعني في الصورة: أعني‏
قولي يكون حلالًا، و في نفس الأمر ما هو عين ما مضى، لأن الأمر خلق جديد و لا تكرار. فلهذا نبهناك. فكنَّى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع:
فأمه على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته، فإن أم الولادة حملته على جهة الأمانة فتكوَّن فيها و تغذى بدم طمثها من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان، فإنه ما تغذى إلا بما «1» لو لم يَتَغَذَّ به و لم‏ «2» يَخْرُج عنها ذلك الدم لأهلكها و أمرضها. فللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها و لا يخرج و لا يتغذى به جنينها. و المرضعة ليست كذلك، فإنها قصدت برضاعته حياته و إبقائه. فجعل اللَّه ذلك لموسى في أم ولادته، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته لتقر «3» عينها أيضاً بتربيته و تشاهد انتشاءه‏ «4» في حجرها، «وَ لا تَحْزَنَ». و نجاه اللَّه من غم التابوت، فخرق ظلمة الطبيعة بما أعطاه اللَّه من العلم الإلهي و إن لم يخرج عنها، و فتنه فتوناً أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقق في نفسه صبره على ما ابتلاه اللَّه‏ «5» به. فأول ما أبلاه اللَّه به‏ «6» قتله القبطي بما ألهمه اللَّه و و فقه له في سِرِّه‏ «7» و إن لم يعلم بذلك، و لكن لم يجد في نفسه اكتراثاً بقتله مع كونه ما توقف حتى يأتيه أمر ربه بذلك، لأن النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى يُنَبَّأ أي يخبر بذلك. و لهذا أراه الخضر قتل الغلام فأنكر «8» عليه قتله و لم يتذكر قتله القبطي فقال له الخضر «ما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي» ينبهه‏ «9» على مرتبته قبل أن ينبأ أنه كان معصوم الحركة في نفس الأمر و إن لم يشعر بذلك. و أراه أيضاً خرق السفينة التي ظاهرها هلاك و باطنها نجاة «10» من يد الغاصب. جعل له ذلك‏
في مقابلة التابوت له الذي كان في اليمِّ مُطبقاً عليه. فظاهره هلاك و باطنه نجاة.
و إنما فعلت به أمه ذلك خوفاً من يد الغاصب فرعون أن يذبحه صبراً «11» «1» و هي تنظر إليه، مع الوحي الذي ألهمها اللَّه به من حيث لا تشعر. فوجدت في نفسها أنها ترضعه فإذا خافت عليه ألقته في اليم لأن في المَثَل «عين لا ترى قلب لا يفجع» «2». فلم تخفْ عليه خوف مشاهدة عين، و لا حزنت عليه حزن رؤية بصر، و غلب على ظنها أن اللَّه ربما ردَّه إليها لحسن‏ «3» ظنها به. فعاشت بهذا الظن في نفسها، و الرجاء يقابل الخوف و اليأس، و قالت حين أُلْهِمَتْ لذلك‏ «4» لعل هذا هو الرسول الذي يهلك فرعون و القبط على يديه. فعاشت و سُرَّتْ بهذا التوهم و الظن بالنظر إليها، و هو علم في نفس الأمر. ثم‏ «5» إنه لما وقع عليه الطلب خرج فارّاً- خوفاً في الظاهر، و كان في المعنى حبًّا للنجاة. فإن الحركة أبداً إنما هي حبِّية، و يُحْجب‏ «6» الناظر فيها بأسباب أخر «12»، و ليست تلك 34. و ذلك لأن الأصل حركة العلم من العدم الذي كان ساكناً فيه إلى الوجود، و لذلك يقال إن الأمر حركة عن سكون: فكانت‏ «7» الحركة التي هي وجود العالم حركة حب. و قد نبَّه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم على ذلك بقوله «كنت كنزاً «8» لم أُعْرَف فأحببت أن أُعْرف‏ «9»». فلو لا هذه المحبة ما ظهر العالم في عينه. فحركته من العدم إلى الوجود حركة حب الموجِد لذلك: و لأن العالم أيضاً يحب شهود نفسه وجوداً كما شهدها ثبوتاً، فكانت بكل وجه حركته من العدم الثبوتي إلى الوجود حركة «10» حبٍ من جانب الحق و جانبه: فإن‏
الكمال محبوب لذاته، و علمه تعالى بنفسه من حيث هو غني عن العالمين، هُوَ لَهُ‏ «1». و ما بقي إلا تمام مرتبة العلم بالعلم‏ «2» الحادث الذي يكون من هذه الأعيان، أعيان العالم، إذا وجدت. فتظهر صورة الكمال بالعلم المحدَث و القديم فتكمل مرتبة العلم بالوجهين، و كذلك تكمل مراتب الوجود: فإن الوجود منه أزلي و غير أزلي و هو «3» الحادث. فالأزلي وجود الحق لنفسه، و غير الأزلي وجود الحق بصورة «4» العالم الثابت. فيسمى‏ «5» حدوثاً لأنه ظهر بعضه لبعضه و ظهر لنفسه بصور «6» العالم. فكمل الوجود فكانت حركة العالم حبيَّة للكمال فافهم «13». أ لا تراه كيف نفَّس عن الأسماء الإلهية ما كانت تجده من عدم ظهور آثارها في عين‏ «7» مسمى العالم، فكانت الراحة محبوبة له‏ «8»، و لم يوصل إليها إلا بالوجود «9» الصوري الأعلى و الأسفل. فثبت أن الحركة كانت للحب، فما ثَمَّ حركة في الكون إلا و هي حبيَّة. فمن العلماء من يعلم ذلك و منهم من يحجبه السبب الأقرب لحكمه‏ «10» في الحال و استيلائه على النفس. فكان الخوف لموسى مشهوداً له بما وقع من قتله القبطي، و تضمَّن الخوفُ حبَّ النجاة من القتل «14». ففر لمَّا خاف، و في المعنى ففر لمَّا أحبَّ النجاة من فرعون و عمله به.
فذكر السبب الأقرب المشهود له في الوقت الذي هو كصورة الجسم للبشر.
و حب النجاة مُضَمن‏ «11» فيه تضمين الجسد للروح المدبر له. و الأنبياء لهم لسان الظاهر به يتكلمون لعموم الخطاب، و اعتمادهم على فهم العالِمِ السامع.
فلا يَعْتَبر الرسل إلا العامة لعلمهم بمرْتبة «12» أهل الفهم، كما نبه عليه السلام على‏
هذه المرتبة «1» في العطايا فقال «إني لأعطي الرجل و غيرُهُ أَحب إليّ منه مخافة أن يكبه اللَّه في النار». فاعتبر الضعيف العقل و النظر الذي غلب عليه الطمع و الطبْع. فكذا ما جاءوا به من العلوم جاءوا به و عليه خِلْعَة أدنى الفهوم ليقف من لا غوْصَ‏ «2» له عند الخلعة، فيقول ما أحسن هذه الخلعة و يراها غاية الدرجة. و يقول صاحب الفهم الدقيق الغائص على درر الحِكَم- بما استوجب هذا- «هذه الخلعة من الملك». فينظر في قدر الخلعة و صنفها من الثياب، فيعلم منها قدر من خلعت عليه، فيعثر على علم لم يحصل لغيره ممن لا علم له بمثل هذا.
و لما علمت الأنبياء و الرسل و الورثة أن في العالم و أممهم‏ «3» من هو بهذه المثابة، عمدوا «4» في العبارة إلى اللسان الظاهر الذي يقع فيه اشتراك‏ «5» الخاص و العام، فيفهَم منه الخاص ما فهم العامة منه و زيادة مما صح له به اسم أنه‏ «6» خاص، فيتميز به عن العامي. فاكتفى‏ «7» المبلغون‏ «8» العلوم بهذا. فهذا حكمة قوله عليه السلام‏ «فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ»، و لم يقل ففررت منكم حباً في السلامة و العافية. فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين‏ «فَسَقى‏ لَهُما» من غير أجر، «ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ» الإلهي فقال‏ «رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ» فجعل عين عمله‏ «9» السقي عين الخير الذي أنزله اللَّه إليه، و وصف نفسه بالفقر إلى اللَّه في الخير الذي عنده. فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه‏ «10» على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم‏ «11» يذكر حتى تمنى صلى اللَّه عليه و سلم أن يسكت موسى عليه السلام و لا يعترض حتى يقص‏ «12» اللَّه عليه من أمرهما
فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير «1» علم منه. إذ لو كان على‏ «2» علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد اللَّه له عند موسى و زكاه و عدَّله‏ «3». و مع هذا غفل موسى عن تزكية اللَّه‏ «4» و عما شرطه‏ «5» عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر اللَّه. و لو كان موسى عالماً بذلك لما قال له الخضر «ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا «15». فأنْصَفَ. و أما حكمة فراقه فلأن الرسول يقول اللَّه فيه‏ «وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا». فوقف العلماء باللَّه الذين يعرفون قدر الرسالة و الرسول عند هذا القول. و قد علم الخضر أن موسى رسول اللَّه فأخذ يرقب ما يكون منه ليوفي الأدب حقه مع الرسول‏ «6»: فقال له‏ «إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْ‏ءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي» فنهاه عن صحبته. فلما وقعت منه الثالثة قال: «هذا فِراقُ بَيْنِي وَ بَيْنِكَ». و لم يقل له موسى لا تفعل و لا طلب صحبته لعلمه بقدر الرتبة التي هو فيها التي نطقته بالنهي عن أن يصحبه. فسكت موسى و وقع الفراق. فانظر إلى كمال هذين الرجلين في العلم و توفيقة الأدب الإلهي حقه و إنصاف الخضر فيما اعترف به عند موسى عليه السلام حيث قال له «أنا على علم علمنيه اللَّه لا تعلمه أنت، و أنت على علم علمكه اللَّه لا أعلمه أنا». فكان هذا الإعلام في الخضر لموسى دواء لما جرحه به في قوله‏ «وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى‏ ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً» مع علمه بعلو رتبته بالرسالة، و ليست تلك الرتبة للخضر. و ظهر ذلك في الأمة المحمدية في حديث إبَار النخل، فقال عليه السلام لأصحابه «أنتم أعلم بمصالح دنياكم».
و لا شك أن العلم بالشي‏ء خير من الجهل به: و لهذا «7» مدح اللَّه نفسه بأنه بكل‏
شي‏ء عليم‏ «1» فقد اعترف صلى اللَّه عليه و سلم لأصحابه بأنهم أعلم بمصالح الدنيا «2» منه لكونه لا خبرة «3» له بذلك فإنه علم ذوق و تجربة و لم يتفرغ عليه السلام لعلم ذلك، بل كان‏ «4» شغله بالأهم فالأهم. فقد نبهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه. و قوله‏ «فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً» يريد الخلافة، «وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ» يريد الرسالة «16»: فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. و الرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ‏ «5» ما أُرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول. فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة- أي ما أُعْطِيَ الملك و لا التحكم فيه. و أما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يَكن‏ «6» عن جهل، و إنما كان عن اختبار «17» حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه- و قد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم- فيستدل بجوابه على صدق دعواه. و سأل سؤال إيهام‏ «7» من أجل الحاضرين حتى يعرِّفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: ف إذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون- إبقاء لمنصبه- أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين- لقصور فهمهم- أن فرعون أعلم من موسى. و لهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي- و هو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه، و قد علم فرعون أنه لا يجيبه إلا بذلك- فقال لأصحابه‏ «إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ» أي مستور عنه علم ما سألته عنه، إذ لا يتصور أن يعلم أصلًا. فالسؤال صحيح، فإن السؤال‏
عن الماهية سؤال عن حقيقة المطلوب، و لا بد أن يكون على حقيقة في نفسه‏ «1».
و أما الذين جعلوا الحدود مركبة من جنس و فصل، فذلك في كل ما يقع فيه الاشتراك، و مَنْ لا جنس له لا يلزم ألّا «2» يكون على حقيقة في نفسه لا تكون لغيره. فالسؤال صحيح على مذهب أهل الحق و العلم الصحيح و العقل السليم، و الجواب عنه لا يكون إلا بما أجاب به موسى. و هنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم. فكأنه قال في جواب قوله‏ «وَ ما رَبُّ الْعالَمِينَ»- قال- الذي يظهر فيه صور العالمين من علو- و هو السماء- و سفل و هو الأرض: «إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ»، أو يظهر «3» هو بها. فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنوناً، زاد موسى في البيان‏ «4» ليَعْلم فرعون رتبته‏ «5» في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ» فجاء بما يَظْهَر و يُسْتَر، و هو الظاهر و الباطن، و ما بينهما و هو قوله‏ «بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ»*. «إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ»* «18»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد «6». فالجواب الأول جواب الموقنين و هم أهل الكشف و الوجود.
فقال له‏ «إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ» أي أهل كشف و وجود، فقد أعلمتكم بما تيقنتموه في شهودكم و وجودكم، فإن‏ «7» لم تكونوا من هذا الصنف، فقد أجبتكم في الجواب الثاني إن كنتم أهل عقل و تقييد و حصر. ثم الحقُّ فيما تعطيه أدلة عقولكم. فظهر موسى بالوجهين ليعلم فرعون فضله و صدقه. و علِمَ موسى أن فرعون علم ذلك‏
- أو يعلم ذلك- لكونه سأل عن الماهية، فعلم أنه ليس سؤاله على اصطلاح القدماء في السؤال بما «1»، فلذلك‏ «2» أجاب. و لو «3» علم منه غير ذلك لخطَّأه في السؤال. فلما جعل موسى المسئول عنه عين العالم، خاطبه فرعون بهذا اللسان‏ «4» و القوم لا يشعرون. فقال له‏ «لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ».
و السين في «السجن» من حروف الزوائد: أي لأسترنك: فإنك أجبت بما أيدتني به أن أقول لك مثل هذا القول. فإن قلت لي: فقد جهلت يا فرعون بوعيدك إياي، و العين واحدة، فكيف فرقت، فيقول فرعون إنما فرَّقَتْ المراتب‏ «5» العينَ، ما تفرقت العين و لا انقسمت في ذاتها. و مرتبتي الآن التحكم فيك يا موسى بالفعل، و أنا أنت بالعين و غيرك بالرتبة. فلما فهم‏ «6» ذلك موسى منه أعطاه حقه في كونه‏ «7» يقول له لا تقدر على ذلك، و الرتبة «8» تشهد له بالقدرة عليه و إظهار الأثر فيه: لأن الحق في رتبة فرعون من الصورة «9» الظاهرة، لها التحكم على الرتبة التي كان فيها ظهور موسى في ذلك المجلس. فقال له، يظهر «10» له المانع من تعديه عليه، «أَ وَ لَوْ جِئْتُكَ بِشَيْ‏ءٍ مُبِينٍ». فلم يسَعْ فرعونَ إلا أن يقول له‏ «فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ» حتى لا يظهر فرعون عند الضعفاء الرأي من قومه‏ «11» بعدم الإنصاف فكانوا يرتابون فيه، و هي الطائفة التي استخفها «12» فرعون فأطاعوه‏ «إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ»: أي خارجين عما تعطيه العقول الصحيحة من إنكار ما ادعاه فرعون باللسان الظاهر «13» في العقل،
فإن له حداً يقف عنده إذا جاوزه‏ «1» صاحب الكشف و اليقين. و لهذا جاء موسى في الجواب‏ «2» بما يقبله الموقن و العاقل خاصة «19». «فَأَلْقى‏ عَصاهُ»*، و هي صورة ما عَصَى به فرعونُ موسى في إبائه عن إجابة دعوته، «فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ»* أي حيَّة ظاهرة. فانقلبت المعصية التي هي السيئة طاعة أي حسنة كما قال‏ «يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ» يعني في الحكم. فظهر الحكم هنا عيناً متميزة في جوهر واحد «20». فهي العصا و هي الحية و الثعبان الظاهر، فالتقم أمثاله من الحيَّات من كونها حية و العصيَّ من كونها عصاً. فظهرت‏ «3» حجة موسى على حجج فرعون في صورة عِصيّ و حيات و حبال، فكانت للسحرة الحبال‏ «4» و لم يكن لموسى حبل. و الحبل التل الصغير: أي مقاديرهم بالنسبة إلى قدر موسى بمنزلة الحبال من الجبال الشامخة. فلما رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم، و أن الذي رأوه ليس من مقدور البشر: و إن كان من مقدورا لبشر فلا يكون إلا ممن له تميز «5» في العلم المحقَّق عن التخيل و الإيهام. فآمنوا برب العالمين رب موسى و هارون: أي الرب الذي يدعو إليه موسى و هارون، لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ما دعا لفرعون. و لما كان فرعون في منصب التحكم صاحب الوقت، و أنه الخليفة بالسيف- و إن جار في العرف الناموسي- لذلك قال‏ «أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى‏»: أي و إن كان الكل أرباباً بنسبة ما «6» فأنا الأعلى منهم بما أُعْطِيته في الظاهر من التحكم فيكم. و لما علمت السحرة صدقه في مقاله لم ينكروه و أقروا له بذلك فقالوا له: إنما تقضي هذه الحياة الدنيا
فاقض ما أنت قاض‏ «1»، فالدولة لك‏ «2». فصح قوله‏ «أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى‏». و إن كان عين‏ «3» الحق فالصورة لفرعون. فقطع الأيدي و الأرجل و صلب بعين حق في صورة باطل لنيل مراتب لا تنال إلا بذلك الفعل. فإن الأسباب لا سبيل إلى تعطيلها لأن الأعيان الثابتة اقتضتها، فلا تظهر في الوجود إلا بصورة ما هي عليه في الثبوت إذ لا تبديل لكلمات اللَّه. و ليست كلمات اللَّه سوى أعيان الموجودات «21»، فينسب إليها القدم من حيث ثبوتها، و ينسب إليها الحدوث من حيث وجودها و ظهورها. كما تقول حدث عندنا اليوم إنسان أو ضيف، و لا يلزم من حدوثه أنه ما «4» كان له وجود قبل هذا الحدوث. لذلك‏ «5» قال تعالى في كلامه العزيز أي في إتيانه مع قدم كلامه‏ «ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَ هُمْ يَلْعَبُونَ»: «ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ». و الرحمن‏ «6» لا يأتي إلا يأتي إلا بالرحمة. و من أعرض عن الرحمة استقبل العذاب الذي هو عدم الرحمة. و أما قوله‏ «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ» إلا قوم يونس، فلم يدل ذلك على أنه لا ينفعهم في الآخرة لقوله‏ «7» في الاستثناء إلا قوم يونس، فأراد أن ذلك لا يرفع عنهم الأخذ في الدنيا، فلذلك أخذ فرعون مع وجود الإيمان منه. هذا إن كان أمره أمر «8» من تيقن بالانتقال في تلك الساعة. و قرينة الحال تعطي أنه ما كان على يقين من الانتقال، لأنه عاين المؤمنين يمشون في الطريق اليَبَس الذي ظهر بضرب موسى بعصاه البحر. فلم يتيقن فرعون بالهلاك إذ آمن، بخلاف‏
المحتضر حتى لا يلحق به. فآمن بالذي آمنت به بنو إسرائيل على التيقن‏ «1» بالنجاة، فكان كما تيقن لكن على‏ «2» غير الصورة التي أراد. فنجاه اللَّه من عذاب الآخرة في نفسه، و نجَّى بدَنه كما قال تعالى‏ «فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً»، لأنه لو غاب بصورته ربما قال قومه احتجب. فظهر بالصورة المعهودة ميتاً ليُعْلَم أنه هو. فقد عمته النجاة حساً و معنى. و من حَقَّت عليه كلمة العذاب الأخروي لا يؤمن و لو جاءته كل آية حتى يروا «3» العذاب الأليم، أي يذوقوا العذاب الأخروي. فخرج فرعون من هذا الصنف. هذا هو الظاهر الذي ورد به القرآن. ثم إنّا نقول بعد ذلك: و الأمر فيه إلى اللَّه، لما استقر في نفوس عامة الخلق من شقائه، و ما لهم نص‏ «4» في ذلك يستندون إليه. و أما آله فلهم حكم آخر ليس هذا موضعه. ثم لتعلم أنه ما يقبض اللَّه أحداً إلا و هو مؤمن أي مصدِّق بما جاءت به الأخبار الإلهية: و أعني من المحتضرين «22»: و لهذا يُكرَه موت الفجاءة و قتل الغفلة. فأما موت الفجاءة فحدُّه أن يخرج النفس الداخل و لا يدخل النفس الخارج. فهذا موت الفجاءة. و هذا غير المحتضر. و كذلك قتل الغفلة بضرب عنقه من ورائه و هو لا يشعر: فيقبض على ما كان عليه من إيمان أو كفر. و لذلك قال عليه السلام «و يحشر على ما عليه مات‏ «5»» كما أنه يُقْبَض على ما كان عليه. و المحتضر ما يكون إلا صاحب شهود، فهو صاحب إيمان بما ثَمَّة «6». فلا يقبض إلا على ما كان عليه، لأن «كان» حرف وجودي‏ «7» لا ينجر معه الزمان إلا بقرائن الأحوال: فيفرق بين الكافر المحتَضَر في الموت و بين الكافر المقتول غفلة أو الميت فجاءة كما قلنا في حد الفجاءة. و أما حكمة التجلي و الكلام‏
في صورة النار، فلأنها «1» كانت بغية موسى «23». فتجلى له في مطلوبه ليُقْبِلَ عليه و لا يعرض عنه. فإنه لو تجلى له في غير صورة مطلوبه أعرض عنه لاجتماع همه‏ «2» على مطلوب خاص. و لو أعرض لعاد عمله عليه و أعرض‏ «3» عنه الحق، و هو مصطفىً مقرب. فمن قربه أنه تجلى له في مطلوبه و هو لا يعلم.
كنار موسى رآها عين حاجته‏

و هو الإله و لكن ليس يدريه‏

 الموضوع  التـــــــالي    ....    الموضوع  الســـابق  

التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: