الأربعاء، 20 مايو 2020

خاتمة الكتاب الأبيات من  4424 - 4474 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

خاتمة الكتاب الأبيات من 4424 - 4474 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

خاتمة الكتاب الأبيات من  4424 - 4474 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد بن أبي بكر إبراهيم بن أبي يعقوب إسحاق العطار النيسابوري
خاتمة الكتاب الأبيات من  4424 - 4474

لقد نثرت يا عطار نافجة المسك المليئة بالأسرار ، على هذا العالم في كل آونة ، فامتلأت آفاق الدنيا بعطرك ، كما زاد اضطراب عشاق الدنيا بسببك ،

فتكلم دائما في العشق ، وردد دواما أغاني العشاق ، فشعرك يمد العشاق بذخيرة على الدوام ، كما يتخذه العشاق حلية على مر الأيام ،

وختم عليك منطق الطير ومقامات الطيور ، كما ختم على الشمس بالنور ، وهذه المقامات طريق أي حائر، كما أنها ديوان أي مضطرب،

فتخل عن اضطرابك وحيرتك وتقدم إلهذا الميدان ، وفي هذه الحالة لا تظهر الروح في ذلك الميدان ، بل لا يظهر الميدان نفسه ،

وإن تتقاعس عن التقدم إليه مما بك من اضطراب ، فلن تظهر لك منه ذرة من تراب وإذا انطلقت مطية آلامك ، فتقدم .

وإن تخط فيه ، فحقق أملك . . . وطالما لا يصبح اليأس قوتك ، فكيف يستطيع قلبك المبهوت العيش ، وتحمل الآلام فدواؤك هو داؤك ، وداؤك في كلا العالمين هو دواء روحك .

أيها السالك ، لا تنظر إلى كتابي على أنه شعر أو أنه يتسم بالتقدير ، ولكن انظر في دفتري من باب الآلام والاضطراب ، فلعلك تصدق ألما واحدا من آلامي العديدة ،

ويحمل كرة الحظ على الأعتاب من ينظر إلى العمل من زاوية الألم والاضطراب ، فتخل عن الزهد والسذاجة ، إذ لابد من التردي في الألم .

 إلهي ، لتحرم كل من شغل بالآلام من كل دواء ، ولتحرم كل راغب في الدواء من الروح ، ولتجعل الإنسان على الدوام ظمآن ، جائعا ، ساهدا ، ولا توصله إلى الماء أبدا ،

فكل من يتنسم قولا من هذا الديوان دون أن يدرك شعرة من طريق العشاق ، ليس خليقا بأفعال الرجال .

أما من اطلع عليه فقد أصبح خليقا بالأعمال ، ومن أدركه تحققت سعادته .

أهل الصورة غرقى بحار كلامي ، وأهل المعنى رجال أسراري ، وهذا الكتاب حلية الأيام ، وفيه نصيب للخاص والعام ، ومن يشبه الثلج ويطلع على هذا الكتاب ، يخرج كالنار متقدا من خلف الحجاب .

ونظمي يتسم بميزة عجيبة ، إذ يولد في كل آونة معاني جديدة ، فإذا تيسرت لك مطالعته أكثر من مرة ، فسيزداد ، بلا ريب ، حسنا لديك في كل مرة ، ولا يمكن أن ترتفع الحجب عن هذه العروس المدللة ، إلا بالتدرج .

وإلى يوم القيامة لن يكتب إنسان قط كلاما مثل كلامي أنا الولهان ، فقد نثرت الدر من بحر الحقيقة ، كما ختم الكلام علي ، وهذه هي الوثيقة . .

وإن أثن كثيرا على نفسي ، فمتى يستعذب شخص ذلك الثناء مني ؟

ولكن المنصف نفسه يعرف قدري ، لذا فلن يختفي نور بدري ، ولقد أخفيت حالي ، ولم أقل إلا القليل ، حيث سينصفني ، بلا ريب ، كل عالم بفنون القول .

وإن لا أبق حتى يوم القيامة ، فقد بقيت بذلك الذي نثرته على مفرق البرية ، لذا سأذكر على لسان القوم حتى يوم القيامة ، وكفاني هذه التذكرة ،

وإن تلاشت من الوجود هذه الأفلاك التسعة ، فلن تضيع من هذه التذكرة أي نقطة ، وإن يوضح هذا الكتاب الطريق لأي شخص ،

فإنه يرفع بعد ذلك الحجب من أمامه ، ومن يصل إلى الطمأنينة من هذه التذكرة ؛ فليدع : ليحفظ اللّه قائلها . .

لقد نثرت الورد من هذا البستان ، فتذكروني بالخير ، أيها الأصدقاء ، ولكل إنسان ما يوافقه في هذا الكتاب ، وقد تجلى لحظة ، وولى مسرعا ،

ولا جرم أنني كالسالكين ، جلوت طائر الروح على النائمين . وإن كنت قد قضيت عمرا مديدا في سبات ،

فلعل قلبك يتنبه إلى الأسرار بهذا الكلام ذات لحظة ، واعلم بلا ريب أن عملي سيحرز التوفيق ، ويتلاشى غمي وتتبدد أحزاني . .

وما أكثر ما أحرقت نفسي كمصباح ، حتى أضأت الدنيا وكأنني شمع ، وأصبحت رأسي كالمشكاة من الدخان ، فإلام يشعل شمع خلدي المصباح ؟

لقد ولى نهار طعامي ، وانقضى ليل نومي ، ونضب ماء كبدي من نار قلبي ، وقلت لقلبي : أيها الثرثار ، لقد تكلمت كثيرا ، فصه ، وابحث عن الأسرار !

فقال : إنني غريق ناري ، فلا تلمني .

إن أكف عن الكلام ، أحترق ، لقد ماجت مئات الاضطرابات في بحر روحي ، فكيف أكف عن الكلام ساعة ؟

لست أفاخر أحدا بهذا ، وانما أشغل نفسي بهذا ، وما أكثر ما أقول

مع أن القلب لا يخلو من آلام هذا ، إذ كيف لا أكون رجل هذا ؟

إن هذا كله خرافة باطلة ، لأن عمل الرجال متحرر من الأنية ، وأي قلب يشغل بهذه الخرافة ، ماذا يصدر عنه ، إذا كان الحديث قد أصابه البلى ؟

ولكن يجب ترك الروح لتتحدث مئات المرات لتطلب المغفرة عن المفاسد كلها ، وكم يلزم أن يظل بحر الروح في هياج وغليان ، كما يجب نثر الروح ، والتذرع بالصمت . . .

خاتمة الكتاب حكاية 1

الأبيات من 4488 - 4492

أشرف أحد العلماء على النزع الأخير ، فقال : ليتني كنت أعلم من قبل أن السماع له الشرف على القول ، وقد أتلفت عمري في الثرثرة والقول .

وإذا كان الكلام كالذهب في حسنه ، فإن الكلام الذي لم يقل أفضل منه ، لقد أصبح العمل من نصيب الرجال ، ومحور ألمي ، أن نصيبنا كان في الأقوال ، فإن أصابتك كالرجال الآلام من أجل الدين ،

فسيكون ما أقوله لك من باب اليقين ، أما إذا كان قلبك بعيدا عن المعرفة ، فكل ما أقوله يكون بالنسبة لك كالخرافة ، فارقد في النعيم مثل العصاة ،

حتى أقول لك خرافة جميلة ، وقد أجاد لك العطار ، حتى ولو كان حديثه خرافة ، والنوم أفضل لك ، فارقد في غبطة . .

ما أكثر ما سكبنا الدهن على الرمال !

وما أكثر ما علقنا الجواهر حول أعناق الخنازير ! وما أكثر ما زينا هذا الخوان !

ولكن ما أكثر ما نهضنا جائعين من على هذا الخوان !

وما أكثر ما قلت ، ولكن النفس لم تطع !

وما أكثر ما صنعت للنفس من دواء ، ولكنه لم ينجع ! .

وما دمت لا أستطيع القيام بأي عمل، فقد نفضت يدي من نفسي ،وانتحيت جانبا.

لابد من همة تطلب من السباقين ، لأن ما بيدي لن يستقيم مطلقا ، وإذا كانت النفس تزداد سمنة في كل آونة ،

فليس هذا سببا يعلي مما لها من مكانة ، إنها لم تسمع شيئا ، لذا زادت سمنة ، بل لقد سمعت كل شيء ، ومع ذلك لم يتحسن حالها .

وحتى لو أموت متألما متأوها ، فلن تمتثل للنصح فالأمان . . يا رب ، الأمان . . 

خاتمة الكتاب حكاية 2

الأبيات من  4493 - 4515

عندما مات الإسكندر في طريق الدين ،

قال له ارسطا طاليس : يا سلطان الدين لقد كنت تنصح الناس في حياتك ، أما وقد مت فقد اكتملت اليوم هذه النصائح للخلق ! .

أيها القلب ، لتمتثل للنصح ، فأنت دوامة البلاء ، ولتكن حي القلب ، فإن الموت في إثرك ؛ لقد قلت لك لغة الطير وكلامها كله ،

فافهم أيها الجاهل الأبله ، وبين الطيور تنفق بعض الطيور ، لذا فهي تطير من أقفاسها قبل أن يدهمها الأجل ، ولهذا كلّه شرح وبيان آخر ،

وذلك لأن للطير لغة ولسانا آخر ، وذلك الشخص قد صنع إكسيرا أمام السيمرغ ؛ وذلك لأنه عرف لغة الطير كلها . .

أنّى لك أن تعرف عالم الروحانيين من بين حكمة اليونانيين ؟

وإن لم تستطع التخلي عن هذه الحكمة ؛ فكيف تستطيع أن تكون رجلا لما في الدين من حكمة ، وكل من يتمثلها في طريق العشق ،

فهو في مجال الدين ليس خبيرا بالعشق .

وبحق المعرفة إنني أفضل في هذا المجال كاف الكفر على فاء الفلسفة ، وذلك إن تتكشف الحجب عن الكفر ؛

فإنك تستطيع أن تحترز من الكفر ، ولكن إذا قطع علم الجدل الطريق فما أكثر ما يقطع على العارفين الطريق .

وإذا قدر وأضاء قلب من تلك الحكمة فلم أحرقها الفاروق عمر كلها ؟

فمنذ أن أحرق شمع الدين حكمة اليونان ، ما استطاع شمع الدين الاشتعال من هذا العلم .

فيا رجل الدين حسبك حكمة يثرب ، ثم انثر التراب على اليونان من طريق الدين . .

يا عطار ، إلام تتكلم ، وأنت لست رجل هذا العمل العظيم ؟

لتتطهر من وجودك ، ولتكن ترابا من العدم منثورا على وجه الأرض .

وما دمت ذليلا لكل حقير ؛ فلن تكون تاجا لمفرق أي شخص .

ولتفن نفسك حتى تفسح جميع الطيور لك طريقا للبقاء حتى الإيوان .

إن قولي مرشد لكل شخص ، فليكن هذا القول مرشد طريقك وكفى !

ولو أنني لست شيئا يذكر بالنسبة لطيور الطريق ، فيكفيني أنني قد ذكرتها .

وأخيرا هل يصيبني الدوار من هذه القافلة ؟

وهل يكون نصيبي الألم من هؤلاء السالكين ؟ 

خاتمة الكتاب حكاية  3

الأبيات من   4516 - 4550

قال شيخ مسن لرجل صوفي : إلام تتحدث عن رجال الحق ؟

قال : إنه يطيب للساني على الدوام كل ما يقال عن هؤلاء الأقوام ، وإن لم أكن منهم ، فكفاني أن أتحدث عنهم . ويسعدني أن أقول هذا بوحي من روحي ، فحينما لا يكون لي نصيب من السكر غير الاسم ؛ فهذا أفضل بكثير من أن يكون في السم . .

ديواني كله ضرب من جنون ، والعقل جد غريب عنه ، ولا أعلم إلام أتكلم ويا للعجب ! وإلام أبحث عن شيء لم يضع ويا للعجب ! من

الحماقة أنني قلت بترك الحظ وقلت درس المتعطلين الغافلين ،

وإن يقولوا لي : يا من ضللت الطريق اطلب لنفسك المعذرة من الذنوب .

فلا أعلم متى يستقيم هذا الأمر ، وهل أستطيع طلب المعذرة عن هذا العمر المديد؟

فإذا كان لي مقام في طريقه ، فإن شين شعري قد أصبحت شين شرى على الدوام ، ولو شغلت بالسير في طريقه ؛ فكيف استغرق هكذا في الشعر ؟

وقول الشعر حجة الإخفاق ، ورؤية النفس دليل الجهل . ولقد أكثرت من قول الشعر ؛ ما دمت لم أر في الدنيا إنسانا محرما . .

إن كنت من أهل الأسرار فداوم البحث ، وابذل الروح واسفك الدماء وابحث عن السر ، وها أنا قد نثرت الدم مع الدمع ، وتحدثت بحديث دام ، فإن تتنسم بحري العميق ، فإنك تتنسم رائحة الدم من كلامي .

وكل من أضير بسموم البدعة ، كانت هذه الكلمات العظيمة الترياق له .

ومع أنني عطار وصانع ترياق ، فلي كبد محترق كأي محزون . .

الخلق كلهم بلا وفاء ، وغاية في الجهل ، لذا فقد تحملت الآلام وحدي ، وإذا أقمت مائدة من خبز جاف .

أبلله بدموع عيني ، ثم أطهو طعامي على نار قلبي ، وأحيانا أدعو جبريل ليكون ضيفي ، وإذا كان روح القدس نديمي ، فكيف أستطيع قضم خبز أي خطّاء ؟

وأنا لا أرغب في خبز كل ذي طبع سئ ، ويكفيني ما عندي من خبز وإدام . .

لقد أصبح غنى القلب هو سعادتي ، وأصبحت الحقيقة كنزي الذي لا يفنى ، وكل غني يكون مثل هذا الكنز في حوزته ،

كيف يذل نفسه لمنة من السفلة ، فشكرا للّه أني لم ألجأ إلى قصر ، ولم أكن ذليلا لأي حقير ولم أربط قلبي بأي شخص ،

ولم أجعل أي حقير سيدا ، ولم أطعم من خوان أي ظالم ، ولم أهد أي كتاب لأي شخص ؛ فممدوحي هو الهمة العالية فقط ، وقوة جسدي هي قوة روحي فقط .

وقد استدعاني الأخيار إلى صفهم ، فلم يكون اهتمامي بمن يعجبون بأنفسهم ؟ .

ما أن تخلصت من أمور الخلق ، حتى عمني السرور ولو أحاطت بي مئات المصائب .

لقد تخلصت من جميع الأشرار والأطهار ، سواء كنت ممدوحا لديهم أو مذموما .

وهكذا شغلت بآلامي ، ونفضت يدي من جميع الأقوام .

فإذا سمعت آلامي وأحزاني ، فستكون أكثر حيرة مني ، والآن هزل الجسم ونضبت الروح ، وما عاد لي نصيب من الروح والجسم سوى الحسرة والألم . . 

خاتمة الكتاب حكاية 4

الأبيات من  4551 - 4569

قال أحد السالكين وقت حلول الأجل : إنني لا أملك زاد الطريق ، لقد عجنت قبضة من طين بللتها بعرق خجلي ، وصنعت منها آجرة ،

وفي حوزتي زجاجة مليئة بالدمع ، وجمعت كل ممزق من أجل الكفن ، فغسلوني بالدموع أولا ،

ثم ضعوا الأجرة تحت رأسي ثانية ، وقد لوثت هذا الكفن بالدمع ؛ فوا أسفاه على كل ما كتبت . وعندما تلبسوا جسدي هذا الكفن الطاهر ؛

فسارعوا بمواراته التراب وإذا فعلتم هذا فلن يسقط من الغمام على قبري غير الندم حتى يوم الحشر .

وهل تعلم من أين يتولد هذا الندم ؟

إن البعوضة لا تستطيع الحياة مع الرياح ، كما أن الظل يبحث دائما عن الوصال مع الشمس ، وما حظي به مطلقا ؛ فما أعظم عشق المحال !

ومع أن هذا يبدو غاية في المحال ، فلا عمل له إلا التفكير في المحال .

وكل من يفكر في ذلك ؛ فأي شي أفضل منه يستحق التفكير فيه ؟ . .

إن مشكلتي تزداد تعقيدا في كل لحظة ، فكيف يتخلص قلبي من هذه المشكلة ؟

فمن ذا ظل وحيدا فريدا مثلي ؟

ومن ظل صادي الشفة وهو غريق في البحر ؟

فلا صديق لي قط ولا رفيق ، ولا قرين لي في الآلام ، ولا محرم.

وليس لي همة في الجنوح إلى ممدوح ، وليس لي من الظلمة خلوة مع الروح ، ولست متعلقا بقلب أحد ، ولا بقلبي كذلك ، ولا أهتم بحسن أو بقبح كذلك ،

ولا أميل إلى لقمة أو إحسان من سلطان ، ولا إلى صفعة على القفا من حاجب سلطان !

ولا أستطيع الصبر على الوحدة لحظة واحدة ، ولا أستطيع البعد عن الخلق بالقلب لحظة واحدة ، وهذه حالي في سموها وخستها ، وبمثل هذا حدثني الشيخ عن نفسه . .

خاتمة الكتاب حكاية 5
الأبيات من 4570 - 4581

قال أحد الأطهار : لقد قضيت ثلاثين عاما ، وأنا في حالة وله دواما ، وقد كنت كإسماعيل في غم خفي ، عندما هم أبوه بذبحه ، فهل يوجد شخص يقضي عمرا مديدا كتلك اللحظة التي قضاها إسماعيل ؟

وهل يعلم أي شخص كيف أقضي في هذا الحبس والألم ليلي ونهاري ؟

إنني أحترق أحيانا كالشمعة من الانتظار ، وأبكي أحيانا كسحب الربيع .

فأنت ترى ضياء الشمعة، ولكنك لا ترى النار تشتعل في رأسها ، فمن ينظر إلى خارجي، كيف يجد الطريق إلى داخلي؟

إنني ككرة مضطربة في رأس صولجان ، فلا أعلم قدمي من رأسي ، ولا رأسي من قدمي . .

إنني لا أرى نفعا من وجودي ، لأن ما قلته ، وما فعلته ، ضاع وتبدد ، وا أسفاه ليست لي بأحد صداقة ،

وضاع عمري في بطالة ، وعندما كنت قادرا ، كنت جاهلا ، فما الفائدة ، وعندما أدركت ، فقدت  المقدرة .

وفي هذا الزمان حيث العجز والمسكنة ، لا أعرف لي حيلة سوى الذلة والغم ! 

خاتمة الكتاب حكاية 6

الأبيات من  4582 - 4599

ما أن رحل الشبلي عن هذه الدار الخراب، حتى رآه بعد ذلك في منامه شاب ، فقال له : ماذا فعل الحق معك أيها الموفق؟

قال : حينما اشتد معي في الحساب ، ورآني عدو نفسي ، كما رأى عجزي وضعفي ويأسي ، تنزلت رحمته علي أنا المسكين ، وصفح عني مرة واحدة بعظيم كرمه .

يا خالقي ، إنني ذليل في الطريق بسببك ، وكالنملة العرجاء في قاع البئر بسببك ، ولست أعرف من أي صنف أكون ؟

وإلى أين أسير ؟

ومن أكون ؟

إنني ضعيف واهن مغموم ، كما أنني حزين لا أعرف الاستقرار وكلي هموم ، وفي الأحزان قضيت كل عمري ، ولم أنل نصيبا من هذا العمر ،

فكل ما فعلته كان ذنوبا وخطايا ، وها قد تراقصت روحي على شفتي ، ووصل عمري إلى النهاية !

لقد ولى الدين من يدي ، كما ضاعت متع الدنيا مني ، ولم تبق الصورة لدي ، كما ضاع المعنى مني . لم أعد مسلما ، ولا كافرا ، فقد تملكتني الحيرة بين كلا الأمرين ، وحيث أني لست مسلما ولا كافرا ، فماذا أفعل ؟

لقد تملكتني الحيرة والاضطراب ، فماذا أفعل ؟

إنني أصبحت أسير طريق الضيق ، وظل وجهي في الحائط وراودني ظن عميق ، فافتح أمامي أنا المسكين هذا الباب ،

وأجل الطريق مما راودني فيه ، وإذا لم يملك العبد زاد الطريق مطلقا ، فلن يستريح من الدموع والآهات مطلقا .

وأنت تستطيع إحراق الخطايا بآهاتي ، وتستطيع أن تغسل هذا الديوان المسطر بدموعي ، فلتقل لكل من ذرف الدمع كالبحار ،

أقبل ، فهو جدير بهذه الديار ، وقل لمن لم يصب بالهموم والأحزان ، امض ، فهو غير جدير بالأعمال . .  

خاتمة الكتاب حكاية  7

الأبيات من  4600 - 4611

كان أحد المرشدين يسير في طريق ، فرأى جمعا من الملائكة ، وكان المال رائجا بينهم ، وقد تخاطفه الملائكة فيما بينهم ، فسأل الشيخ هؤلاء القوم سؤالا : ألا تقولون لي ما هذا المال ؟

فقال طائر روحهم : يا شيخ الطريق ، لقد مر مكلوم من هنا ، وزفر زفرة من قلبه الطاهر ومضى ، وأسقط دمعة ساخنة على التراب ، ومضى ،

ونحن الآن نحمل تلك الدمعة الساخنة ، والآهة الباردة ، ونتناقلها بيننا في طريق الألم والغصة . .

إلهي ، لقد تعددت دموعنا وآهاتنا ، أفلا نجد مثل هذا الاهتمام مطلقا ؟

وإذا كانت الدموع والآهات مقبولة هناك ، فعبدك يملك الكثير من هذا المتاع هناك ، فلتطهر روحي بالآهة ، ولتغسل لوحي بالدمعة .

لقد ظللت مقيدا في الحبس والسجن ؛ فمن ذا يأخذ بيدي غيرك في مثل هذا السجن ؟

لقد تلوث جسدي في السجن كما بلي قلبي بالكثير من المحن ، فإذا كنت قد أقبلت ملوثا هكذا في الطريق فاعف عنّي ، حيث أقبلت من الحبس والسجن . . 

خاتمة الكتاب حكاية 8

الأبيات من 4612 - 4619

قال العزيز : إن يبادرني ذو الجلال ، في الغداة ببيداء الحشر بهذا السؤال : ماذا أحضرت من الطريق أيها الواهن ؟

أبادر بالقول أي شي جدير بالإحضار من هذا السجن ؟

لقد جئت من السجن غريق إدباري ، جئت حائرا فاقدا رأسي وقدمي ، وليس في يدي غير قبض الريح ، ولست إلا تراب محلتك ،

ولست إلا عبدا سجينا في محبسك ، وكم آمل ألا تبيعني ، وأن تخلع عليّ خلعة من فضلك ، وأن تطهرني من كل هذا الدنس ،

وأن تواريني التراب على الإسلام ، وأن تصفح عن كل ما فعلته من خير وشر ، وعندما يختفي جسدي بين التراب والآجر ، فكيف يكون خلقي قد تم عبثا ؟

ولكن ما أجمل أن تغفر لي عبثي ! . 

خاتمة الكتاب حكاية 9

الأبيات من  4620 - 4628

عندما أصبح نظام الملك في النزع الأخير ، قال : إلهي ، هكذا أرحل ، وما في كفي سوى قبض الريح ! .

إلهي ، وخالقي ، كل ما قلته ، وما رأيته كان من أقوالك . لقد اخترته من بين كل شيء ، وصاحبته ولازمته .

وتعلمت منك فن الشراء ، لذا فلن أبيعك يوما بآخر مطلقا ،

وما أكثر ما اشتريتك ، ولم أبعك مطلقا ، كما يفعل كل شخص ، ففي النهاية اشترني يا إلهي ؛

فأنت خليل من لا خليل له ، فأعني يا إلهي ، وساعدني يا رب لحظة في تلك الآونة ، إذ لا حاجة بي لأي شخص غيرك في هذه اللحظة .

وعندما ينفض أصدقائي المشيعون الأطهار أيديهم من ترابي ، مد إلي يدك في تلك الساعة ، حتى أسارع بالتعلق بأذيال فضلك .

"" نظام الملك : أعظم وزير في الدولة السلجوقية وما قبلها وزير لألب أرسلان وملك شاه من الفترة من 455 إلى 485 هـ .

وكان نظام الملك ذا فضل عظيم على الثقافة الإسلامية بإنشائه المدارس النظامية ، كما ألف كتابا في سياسة الحكم هو ( سياست ‌نامه ) .

ومات قتيلا على أيدي الإسماعيلية في عام 485 هـ . راجع ابن الأثير ، حوادث عام 451 - 485 هـ. "" 

خاتمة الكتاب حكاية 10

الأبيات من  4629 - 4637

على الرغم من عظمة سليمان ، فقد وجه هذا السؤال إلى نملة عرجاء بكل مسكنة ، فقال : تكلمي يا من أكثر غما مني !

أي طينة قد عجنت بالهموم والأحزان أكثر من الكل ؟

قالت : إنها الأجرة الأخيرة في المقبرة الضيقة ، حيث أن الأجرة الأخيرة التي تلتصق بالأرض تقطع الصلة بكل أمل . .

من يقبع تحت التراب مثلي ، يا طاهر الذات ، يقطع الأمل من كل الكائنات . وأخير تخفي الأجرة وجهي ،

فلا تبعد وجه الفضل عن وجهي ، فحينما ينهال علي التراب ، أكون في اضطراب ، فلا توجه نحو وجهي أي شي من أي صوب .

وكم أتمنى ألا تواجهني بأي شيء من خطاياي العديدة يا إلهي ، أنت كريم مطلق ، فاصفح عن كل ما انقضى وولى يا إلهي ! . 

خاتمة الكتاب حكاية 11

الأبيات من 4638 - 4647

كان أبو سعيد ميهنه في حمام ، وكان القائم بالخدمة غير ذي تجربة ، ففرك الأوساخ عن جسد الشيخ ، وجمعها كلها أمام الشيخ .

ثم قال :خبرني يا طاهر الروح ، كيف تكون المروءة في الدنيا ؟

فقال الشيخ : يجب إخفاء الدنس ، وعدم إظهاره أمام أعين الناس .

كان الجواب في محله ، فخر القائم بالعمل ساجدا أمام قدمه ، وعندما أقر بجهله ، استحسن الشيخ ذلك منه ، وطلب المغفرة له .

يا خالقي المنعم ، ويا سلطاني المبدع المكرم ، إن مروءة خلق العالم ما هي إلا قطرات من بحر فضلك .

أنت قائم مطلق ، ولكن بالذات ، ومن المروءة أنك لا تأتي في الصفات ، فاصفح عن وقاحتنا وجسارتنا ، ولا تورد دنسنا أمام أعيننا ! . .

التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: