الأربعاء، 20 مايو 2020

المقالة الأربعون بيان وادي المعرفة الأبيات من 3456 - 3557 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

المقالة الأربعون بيان وادي المعرفة الأبيات من 3456 - 3557 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

المقالة الأربعون بيان وادي المعرفة الأبيات من 3456 - 3557 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد بن أبي بكر إبراهيم بن أبي يعقوب إسحاق العطار النيسابوري

المقالة الأربعون بيان وادي المعرفة الأبيات من 3456 - 3481

بعد ذلك يتضح أمام نظرك وادي المعرفة ، وهو واد لا بداية له ولا نهاية ، ولا يوجد شخص قط في هذا المقام يشك في طول الطريق ،

وفيه يختلف كل طريق عن الآخر ، وفيه يختلف السالك بالجسد ، عن السالك بالروح ،

وفيه تداوم الروح والجسد الترقي والزوال ، وذلك عن طريق النقصان والكمال . . .

فلا جرم أن وضح الطريق لكل سالك قدر طاقته إذ كيف يكون العنكبوت المبتلي رفيقا للفيل في هذا الطريق الجليل ؟

فسلوك كل شخص مرهون بكماله ، ويتم قرب كل شخص حسب حاله ، فإن تطر بعوضة هناك بكل قوتها ،

فكيف تستطيع أن تساوي الريح الصرصر في قوتها ، فلا جرم إن كان السير فيه مختلفا ، فلن يصير كل طائر فيه سالكا . . .

وهنا تتفاوت المعرفة ، حيث يدرك هذا المحراب ، ويدرك ذاك الصنم ، وعندما تضيء شمس المعرفة من فلك هذا الطريق العالي الصفة ، فسيصبح كل فرد مبصرا قدر استاطعته ، ثم يجد صدره في الحقيقة ،

وعندما يشرق سر ذاته عليه ، يصبح موقد حمام الدنيا روضة لديه ، ويرى لبه في دخيلته لا في جسده ، كما لن يرى نفسه لحظة ، حيث يرى الحبيب وحده ، ومهما يرى ، فسيرى وجهه على الدوام ،

وسيرى محلته ذرة ذرة على الدوام ، وستظهر مئات الألوف من الأسرار وجهها له كالشمس من تحت النقاب ، وسيفني آلاف الخلق دواما ، حتى يتضح سر واحد تماما . . .

لابد لهذا الطريق من إنسان كامل ، حتى يغوص في هذا البحر العميق ، وإن يظهر ذوق من الأسرار لك ، فسيتولد في كل زمان شوق جديد لديك ،

وسيسود الظمأ الكل هنا ، وستسفك مئات الألوف من الأرواح حلالا هنا . . .

كي تصل إلى العرش المجيد ، لا تكف مطلقا عن ترديد : هل من مزيد ؟

وأغرق نفسك في بحر العرفان ، وإلا ، فأقل شيء هو أن تنثر التراب على مفرقك .

وإن لم تكن أيها الغافل من أهل التهنئة ، فلم لا تعزي نفسك ؟

وإن تعدم السعادة في وصل الحبيب ، فلا أقل من أن تقيم مأتم الهجران ، وإن تحرم من جمال محبوبك ، فانهض ولا تجلس ،

وداوم الطلب بحثا عن الأسرار ، وإن تجهل الطلب ، فليتملكك الخجل ، وإلام تظل كالحمار بلا زمام ؟ . .

المقالة الأربعون حكاية 1

الأبيات من  3482 - 3498

كان بجبال الصين رجل مشغول بتحطيم الأحجار ، وكانت عيناه تذرفان الدمع على الثرى ، وكانت دموعه تتساقط على الأرض بغزارة،

ثم تتحول إلى حجارة ، ولو سقط حجر منها في يد السحاب ، لما ظهر منه غير الأسى حتى يوم الحساب ،

ولدى هذا الرجل الصادق علم نافع ، فابحث عنه حتى ولو تسافر إلى الصين ، وكل شيء في هذه الدنيا الفانية ظلام في ظلام ، ولكن العلم لديه يشبه مصباح الهداية .

في هذه الدنيا المظلمة ، الروح هي المرشد ، وجوهر العلم يسمو بروحك ، وأنت في هذه الظلمة قد عدمت الرأس والقدم ، كما أصبحت كالإسكندر عديم المرشد ،

وإن تجمع الكثير من الجواهر ، فستجد نفسك أكثر الناس ندما ، وهذه الدنيا وتلك لا قيمة لهما في عالم الروح .

فالروح خفية عن الجسد ، والجسد خفي عن الروح .

وعندما خرجت من القلة انتقلت إلى القلة أيضا ، لأن هذه المنزلة خاصة بالآدمي فقط . .

إن تصل هناك إلى هذا المكان الخاص ، فستجد في كل لحظة مئات الأسرار ، وإن تظل في هذا الطريق ، فالويل لك ، حيث تفنى في البكاء من أولك إلى آخرك ، لا تنم بالليل ،

ولا تشغل بالأكل في النهار ، فربما يظهر هذا الطلب فيك ، فاطلب حتى يصيبك الطلب بالفناء ، وإلا فسيصيبك الأكل نهارا والنوم ليلا بالفناء !

المقالة الأربعون حكاية 2

الأبيات من  3499 - 3509

أصيب عاشق بالاضطراب من فرط العشق ، فنام على التراب في ذلة وانكسار ، ثم مر به معشوقه وهو في مرقده هذا ، فرآه نائما وقد غاب عن وعيه ،

فكتب وريقة تليق به وربطها على كم عاشقه ، وما أن استيقظ عاشقه من نومه ، وقرأ الوريقة ، حتى سيطر الحزن عليه ،

وكان المكتوب يقول : أيها الرجل الخامل ، إن كنت تاجرا للفضة ، فانهض ، واسع ، وإن كنت زاهدا ، فتهجد بالليل ، وعش في تضرع حتى النهار ، وكن للّه عابدا ، وإن كنت عاشقا ، فليعترك الخجل ،

فمتى جاز لعين العاشق أن تنام ؟

فالعاشق كالريح بالنهار ، وفي الليل يبدو في حرقته كالقمر ، ولما كنت يا عديم الضياء لا هذا ولا ذاك ، فقلل من التفاخر الكاذب بعشقنا ،

فإذا نام العاشق ففي الكفن ، أما أنت فعاشق لنفسك . وإن كنت بالعشق جاهلا ، فاهدأ بالنوم لأنك لست للعشق أهلا . 

المقالة الأربعون حكاية 3

الأبيات من   3510 - 3537

كان أحد الحراس عاشقا ولها ، لا ينام الليل ولا يقر له قرار بالنهار ،

فقال صديق حميم للعاشق المسهد : يا من لا تنام ، لتنم في النهاية لحظة من الليل .

فقال ( العاشق ) : لقد أصبح العشق قرين الحراسة ، فكيف ينام من له هذان الأمران ؟

ومتى كان النوم بالحارس لائقا ، وبخاصة إذا كان هذا الحارس عاشقا ؟

فإن كان الإنسان يخاطر أبدا ، فكثيرا ما يدفع كل أمر الإنسان إلى أمر آخر ، وكيف أستطيع النوم لحظة ، وأنا لا أستطيع استعارة النوم من أحد ؟

في كل ليلة كان العشق يعقد للحارس امتحانا ، حيث يجعله مشغولا بالحراسة ، فكان يمضي هنا وهناك ضاربا بالعصا ، وأحيانا يضرب وجهه ورأسه حزنا ،

وإذا غفا لحظة هذا المسهد الجائع ، رأى العشق في منامه ، فكان الخلق جميعا في سبات طوال الليل ، أما هو فأسير النواح والأنين .

فقال له حبيبه : يا من قضيت الليل كله في حرقة واضطراب ، لم لم تنم لحظة ؟

قال : ليس للحارس أن ينام ، ولا رواء لوجه العاشق إلا بالدمع ، فطبيعة الحارس عدم النوم ، وطبيعة العاشق شحوب الوجه ، وإذا كان الدمع ينهمر من العين وهي موضع النوم ، فكيف يمكن لها أن تكتحل بالنوم ؟

لقد اتفق العشق والحراسة ، وسلبا النوم من عينيه ، وألقياه في البحر .

وقد خاطب العاشق الحارس بكلام عذب ، فوقع أمر سهده موقعا حسنا في عقله .

فمن يسر للسهاد ويطرب ، لا يمكن للنوم أن يسيطر على رأسه ولبه ، فلا تنم أيها الرجل إن كنت طالبا ، أو لينعم عليك اللّه بالنوم الهانىء ، إن كنت بالقول متشدقا .

وكن على الدوام حارسا في محراب القلب ، فما أكثر اللصوص المتربصين بالقلب ، وقد انتزع القلب الطريق من أيدي اللصوص ، فإذا تم لك التحلي بصفة الحراسة ،

فما أسرع ظهور العشق في المعرفة ، ففي هذا البحر الملئ بالدم ، ستنبثق المعرفة للرجل من عدم النوم ، وكل من يتحمل كثرة السهاد ، سيمضي إلى الحضرة متيقظ القلب .

فقلل من النوم وكن وفي القلب ، إذا كنت من السهاد يقظ القلب ، ويجب القول أنه حينما يغرق جسدك ، لن تخلصك الاستغاثة من الغرق .

لقد مضى العشاق السابقون ، ورقدوا جميعا سكارى بالمحبة ، فاضرب رأسك ، حيث استعذب السابقون كل ما وجب فعله ، ومن بدا له ذوق العشق ، فسرعان ما وجد مفتاح العالمين ،

فإن توجد امرأة في طريق العشق ، تصبح رجلا مهيبا ، وإن يوجد رجل في هذا الطريق ، يصبح بحرا عميقا .

المقالة الأربعون حكاية 4

الأبيات من  3539 - 3550

قالت العباسة لأحد الرجال : ليس العشق إلا ذرة تقع على من يشرق عليه ألم العشق ، فإن كان رجلا تنجب المزأة منه ،

وإذا كان امرأة ، فحسبها أنها تنجب الرجل ، لقد علمت أن المرأة من نسل آدم ، وألم تعلم أن الرجل من نسل مريم ؟

وإذا لم يظهر ما يجب أن يكون تاما ، فإن الأمر لا يمكن أن يتضح لك تماما ، وعندما يتضح الملك ، ويتم تحصيله لك ، فسيتم كل ما يصبح حاصلا في قلبك ، واعلم أن هذا هو الملك ، وتلك هي السعادة ،

واعتبر أن ذرة من هذا العالم ، ما هي إلا قبس من الدين ، وإن تقنع بملك هذه الدنيا ، فستظل ضائعا إلى الأبد ،

أما السلطنة الدائمة ففي المعرفة ، فاجتهد حتى تحصل على هذه الصفة ، وكل من يكون ثملا بعالم العرفان ،

يكون بالنسبة لخلق الدنيا جميعا بمثابة السلطان ، ويصبح ملك العالم ملكا له ، وتصبح الأفلاك التسعة فلكا في بحره ، وإن يدرك ملوك الأرض طعم جرعة واحدة من ذلك البحر اللانهائي ، فإنهم يجلسون جميعا في مأتم ، لما اعتراهم من ألم ، وما رأى بعضهم وجوه بعض من شدة هذا الألم .

المقالة الأربعون حكاية 5

الأبيات من   3557 - 3551

مضى محمود صوب خرابة ، فرأى هناك مجنونا ولها ، وقد طأطأ الرأس مما به من غم ، وقصم ظهره من كثرة ما اعتراه من هم .

وما أن رأى السلطان ؛ حتى قال : ابتعد ، وإلا ألحقت بك أدى كثيرا ، فابتعد !

أنت لست سلطانا ، لأنك عديم الهمة ، كما أنك كافر بما منحك اللّه من نعمة .

قال له محمود : لا تتهمني بالكفر ، وقل لي لفظا واحدا ولا تكثر .

فقال : لعلك تعلم أيها الجاهل ، عن من ابتعدت ، يا عديم النظر ، فأنت لست إلا ترابا ورمادا بالتمام ، وستصب النار على رأسك على الدوام

التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: