الأربعاء، 20 مايو 2020

المقالة الحادية والأربعون في وصف وادي الاستغناء الأبيات من 3558 - 3672 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

المقالة الحادية والأربعون في وصف وادي الاستغناء الأبيات من 3558 - 3672 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

المقالة الحادية والأربعون في وصف وادي الاستغناء الأبيات من 3558 - 3672 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد بن أبي بكر إبراهيم بن أبي يعقوب إسحاق العطار النيسابوري

المقالة الحادية والأربعون في وصف وادي الاستغناء الأبيات من 3558 - 3580

بعد ذلك يأتي وادي الاستغناء ، وهو خال من كل دعوى ومعنى ، وفيه تسرع الريح العاتية مما بها من قوة ، حيث تشمل كل إقليم في لحظة .

والبحار السبعة ما هي إلا بركة ماء هنا ، والكواكب السبعة ما هي إلا ومضة ضوء هنا ، وتكون فيه الجنات السبع في موت مطبق ،

كما تصبح النيران السبعة فيه كالثلج المتجمد ، وفيه تصبح للنملة ويا للعجب ، قوة مائة فيل بلا أدنى سبب ، ولكي يصبح الغراب ممتلئ الحوصلة ،

فلن يبقى أحد قط على قيد الحياة من مائة قافلة ، ولقد احترق مئات الألوف من الملائكة حتى أضاء مصباح لآدم .

وخلت آلاف الأجسام من الروح ، حتى أصبح نوح نجارا في تلك الحضرة .

وهجم العديد من البعوض على الجيش ، حتى سما إبراهيم فوق الجميع .

وسفك دم العديد من الأطفال ، حتى أصبح كليم اللّه صاحب رؤية .

وعقد مئات الألوف من البشر الزنار ، حتى أصبح عيسى محرم الأسرار . واضطرت مئات الألوف من الأرواح والقلوب ، حتى أدرك محمد ذات ليلة المعراج .

الجديد والقديم هنا لا قيمة لهما ، فلا ترغب في شيء هنا مطلقا ، وإن كنت قد رأيت الدنيا مكتوبة القلب ، فما رأيته ليس إلا حلما ،

وإذا سقطت آلاف الأرواح في هذا البحر ، فكأنها قطرة ندى سقطت في هذا البحر اللانهائي ،

وإذا استسلم مئات الألوف إلى النوم ، فإنهم يصبحون بفعل الشمس كذرة مع الظل،

وإذا تساقطت الأفلاك والأنجم قطعة قطعة ، فكأنما سقطت ورقة شجر واحدة في هذه الدنيا ،

وإذا أصبحت الدنيا من البحر إلى القمر عدما في عدم ، فكأنما عرجت نملة في قاع بئر ،

وإذا خرب العالمان دفعة واحدة ، فهب أن حبة رمل قد انعدمت من الأرض .

وإذا لم يبق أدنى أثر للناس والشيطان ، فكأنما سقطت قطرة مطر واحدة ،

وإذا سار الكل إلى التراب ، فأي بأس إن اختفت شعرة كائن حي واحدة ،

وإذا ضاع الجزء والكل هنا ، فقد نقصت ورقة تبن واحدة من على وجه الأرض ،

وإذا نقصت هذه الأفلاك التسعة مرة واحدة ، فما نقصت غير قطرة ماء من البحار السبعة . 

المقالة الحادية والأربعون حكاية 1

الأبيات من  3581 - 3594

كان في قريتنا شاب في جمال البدر ، فسقط هذا البدر الشبيه بيوسف في البئر ، وانهال عليه الكثير من التراب ، وأخرجه في النهاية أحد الأشخاص ، فاضطرب حاله ، كما أصابه الزمان بالعديد من المصائب .

كان اسم هذا الشاب الطيب المحتد « محمدا » وهكذا تسمى بعد قدومه إلى الحياة مباشرة .

وقد قال له الوالد حين رآه مضطربا : يا ولدي ، ويا نور العين ويا روح الوالد ، ويا محمد ، تلطف مع أبيك ، وانطق بكلمة واحدة !

فقال في النهاية : ما الكلمة ؟

ومن محمد ؟

ومن الغلام ؟

ومن الإنسان ؟

قال هذا وأسلم الروح . وهذا ما حدث .وكفى .

انظر أيها السالك ، يا من يتصف ببعد النظر ، أين محمد ؟

وأين آدم ، وتنبه ! ثم أين آدم ، وأين ماله من ذريات ؟

وأين أسماء الجزئيات والكليات ؟

وأين الأرض ؟

وأين الجبال والبحار ؟

وأين الفلك ؟

وأين الملائكة والشياطين ؟

وأين الخلق والملك ؟

وأين الآن الألوف المؤلفة التي واراها التراب ؟

وأين الآن الملائكة الأطهار ؟

وأين من أسلموا الروح في اضطراب ؟

وأين الإنسان ؟

وأين الروح والجسد ؟

وأين العدم ؟

فإن تنخل كلا العالمين ومائة مثليهما ، وتغربلهما ، فلن تجد أي شيء في الغربال ، ما دامت الحياة قد أقبلت عليك مضطربة مختلة .

المقالة الحادية والأربعون حكاية 2

الأبيات من   3595 - 3615

كان يوسف الهمداني يأمل في المسير ، وكان له صدر طاهر وقلب كبير ، وقد قال : لتسم دائما فوق العرش ، ثم اهبط بعد ذلك تحت الفرش .

فكل ما كان وما يكون وما سيكون سواء أكان حسنا أو سيئا ، فليس إلا ذرة تافهة ، وهذا كله مجرد قطرة من بحر الوجود ،

فلا جدوى من وجوده أو عدمه ، وليس هذا الوادي هكذا بسيطا سهلا ؛ يا سليم العقل ، بل أنت الذي تعتبره سهلا بجهلك ،

يا سليم العقل ، حتى ولو أصبح البحر غاصا بدماء قلبك ، فلن تستطيع قطع سوى منزلة واحدة منه فقط ، وإن تتخل عن الدنيا في كل لحظة ،

فستكون لك الخطوة الأولى إن تمعن النظر ، وما رأى شخص قط نهاية لهذه الطريق ، وما رأى شخص قط دواء لهذا الداء .

فإن تتجمد كالحجر في الحياة . فأنت جيفة أو ميت ، وإن تسرع وتظل في عدو دائم ، فلن تسمع صوتا يدعوك للدخول مطلقا ، وليس الإسراع مقبولا منك ، ولا التوقف كذلك ، وليس الموت أفضل لك ، ولا الولادة كذلك .

صعب ذلك الأمر الذي حل بك ، فما الفائدة ؟

إن أمرك صعب مشكل ، فما جدوى توقفك ؟

وسواء أكنت جامحا أو مطيعا ، أيها الخامل ؛ وسواء تخليت عن العمل أو اجتهدت فيه ، وسواء قلت بترك العمل أو بالسعي فيه ،

وسواء أكان عملك قليلا أو كثيرا ؛ فلعلك تزاول العمل طالما العمل موجود ، حيث يلازمك العمل على الدوام ،

وإن لا يتقدم أي شخص لمعالجة الأمر ، فما أطول ما أنت فيه من بطالة .

واترك الأعمال التي كنت تعملها سلفا ، فسواء فعلتها أو امتنعت عنها .

وكيف تدرك العمل ، وهو أمر لا يمكن إدراكه ، حتى ولو أدركته فمتى تستطيع مزاولة العمل ؟

تبين حقيقة عدم الاحتياج ، وأمعن النظر إلى الاستغناء ، سواء كنت فرحا أو نائحا .

وما أن أضاء برق الاستغناء هكذا ، حتى أحرق لهيبه مائة دنيا في لحظة واحدة ، وستنهار المائة دنيا ، وتخلد إلى التراب ، وأي خوف لو تلاشت الدنيا في هذا الوادي ؟ 

المقالة الحادية والأربعون حكاية 3

الأبيات من    3616 - 3626

لعلك رأيت ذلك الحكيم ذا العقل الكبير ، وقد أحضر أمامه لوحة ترابية ، وقد أخذ يزين اللوحة بالكثير من النقوش والرسوم ، حتى بدت عليها الثوابت والسيارة ،

وبين عليها كذلك الأفلاك والأرض ، فكان يوجه أوامره لهذه تارة ولتلك تارة أخرى ،

وأظهر عليها النجوم والبروج كذلك ، كما وضح عليها الأفول والعروج ،

ورسم عليها علامات النحس والسعادة ، وصور فيها مرتبة الموت والولادة ، وعندما يحسب النحس يتولد السعد منه ، لذا لزم جوار هذه اللوحة .

إنك تقول : دع هذا الهراء الذي لا يحدث مطلقا ، فهذه النقوش والرسوم لا توجد مطلقا .

إن صورة هذا العالم المضطرب شبيهة بصورة تلك اللوحة ، ولن تستطيع تحمل كل هذا فتخير الكنز ، وقلل الطواف حول العالم ، والزم ركنك .

فقد أصبح جميع الرجال نساء هنا ، بعد أن عجزوا عن معرفة أي شيء عن هذين العالمين ، وإن تعجز عن سلوك هذا الطريق فلن تساوي قشة تبن حتى ولو تزن جبلا . !

المقالة الحادية والأربعون حكاية 4

الأبيات من  3627 - 3638

قال ذلك الرجل الذي يعد من أهل السر ؛ لقد أنكشف النقاب عن عالم الأسرار ، وجاء الهاتف قائلا : أسرع أيها الشيخ ، واطلب كل ما تبغي ، وانطلق بسرعة ،

فقال الشيخ : إنني أرى الأنبياء مبتلين دائما ويحيط بهم البلاء ، وأينما تكثر الهموم والبلايا تجد الأنبياء سباقين إليها ، فإذا كان البلاء من نصيب الأنبياء ، فكيف تدرك الراحة هذا الشيخ الغريب ؟

فلست بطامع في عزة أو ذلة ، وليتك تتركني أسير عجزي !

إذا كان نصيب العظماء المصائب والنوائب ، فكيف يستطيع الصغار إدراك الكنز؟

الأنبياء دائما في اضطراب ، أما أنا فلا أستطيع تحمل كل هذا ؛ فارفع يدك عني . إذا كان كل ما أقوله نابعا من روحي ، فأي جدوى منه ؟

وإن لم يرق لك الأمر ، فأي جدوى مما يصدر عني ؟

لو كنت قد سقطت في بحر الخطر ، فأنت تشبه بطة ضعيفة الجناح ، وإن يتملكك الخوف من تمساح القهر ، فكيف يروق لك سلوك هذا الطريق ؟ وستظل في البداية لا يقر لك قرار مما بك من تفكير وخوف ، فإن تسقط ، فكيف تستطيع روحك الوصول إلى الشاطئ ؟

المقالة الحادية والأربعون حكاية 5

الأبيات من   3639 - 3652

كانت ذبابة تطير باحثة عن طعام ، فرأت خلية عسل في زاوية ، فاضطرب قلبها شوقا إلى العسل ،

وصاحت قائلة : أين ذلك الرجل الحر ؟

لعله يأخذ دانقا مني أنا المسكينة ، ويجلسني داخل الخلية ، وإن يثمر فرع وصلي هذا ، فما أجمل أن تكون جذوره في العسل .

أخيرا يسر شخص لها ما أرادت ، وأدخلها الخلية بعد أن أخذ منها دانقا ، وما أن دخلت الذبابة إلى العسل ،

حتى كبل العسل يديها ورجليها ووهنت مفاصلها من الاختلاج ، واشتد قيدها كلما زادت حركتها ،

فصاحت قائلة : يا سوء ما وقع لي ، لقد أصبح العسل أثقل على نفسي من السم ، إن كنت قد أعطيت دانقا ، فالآن أعطي دانقين ، لعلي أخرج من هذا المأزق ، وأتخلص من هذه الذلة .

إلهي ، لا تجعل إنسانا في فراغ لحظة في هذا الوادي ، ولا تحرم إنسانا من بلوغ المراد ، لقد اضطربت زمنا أيها القلب ، فإلام تقضي العمر غافلا ؟

فانهض واقطع هذا الوادي الصعب ، وتخلص من الروح ، واقطع صلتك بالقلب ، وذلك لأنك إن تظل رفيقا للقلب والروح ، فإنك مشرك ،

بل أكثر غفلة من المشركين . فابذل الروح في الطريق ، وقدم قلبك نثارا ، وإلا فابعد عن طريق الاستغناء . 

المقالة الحادية والأربعون حكاية 6

الأبيات من    3653 - 3669

كان هناك شيخ صوفي مشهور ، قد شغفته بنت الكلّاب حبا ، وأصبح واهنا في عشق تلك المعشوقة ، كما تلاطمت الدماء في قلبه كأمواج البحر ،

وأملا في رؤية وجهها ، كان ينام ليله مع كلاب محلتها ، ففطنت والدة الفتاة لتلك الحيلة ، وقالت للشيخ أي ضلال هذا ؟

إن كنت صادقا في هذا الحب ، فعملنا هو تربية الكلاب ، وحسب .

فإن تكن على شاكلتنا ، وتقم بتربية الكلاب ، نعقد قرانك بعد عام ونقم حفل العرس .

ولما كان العشق متمكنا من قلب الشيخ ، فقد ألقى الخرقة ، وبادر إلى مزاولة العمل ، وذهب إلى السوق بمصاحبة كلب ، وقضى قرابة عام على هذا العمل .

وكان يصادقه صوفي آخر ، فعندما رآه هكذا ،

قال له : يا عديم المروءة ، لقد قضيت ثلاثين عاما رجلا ، ونعم الرجل ، فلم فعلت هذا ؟

ومن فعل هذا ؟

قال : أيها الغافل ، لا تطل الحديث ، حتى لا يرتفع الستر عن هذه القصة .

إن الحق تعالى يعلم بهذه الأسرار ، وبإمكانه إصابتك بمثل ما أصابني ، فإن يستمر لومك لي ، فقد ينقل الكلب من يدي إلى يدك .

ما أكثر ترديدي الأقوال حتى دمى قلبي من آلام الطريق ، وما تقدم أحد للسلوك ، وما أكثر ما تكلمت دون جدوى ، حيث لم يتقدم واحد منكم باحثا عن الأسرار ، فإن تصبحوا عالمين بأسرار الطريق ، تدركوا في هذا الوقت مقدار آلامي .

حتى ولو تكلمت أكثر من هذا في وصف الطريق ، فالجميع في سبات عميق ، وأين السالك الحق ؟ .

المقالة الحادية والأربعون حكاية 7

3670 - 3672

قال مريد لشيخه : لتقل لنا نكتة عن الحضور ،

فقال الشيخ ابتعد ، فإن تغسلوا وجوهكم في هذا الزمان ، أقدم النكتة أثناء ذلك .

ولكن أي جدوى من العطر في النجاسة ؟

وأي جدوى من أن تقول نكتة أمام السكارى ؟ 

التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: