الاثنين، 18 مايو 2020

المقالة الخامسة والعشرون عذر طائر آخر الأبيات من 2194 – 2279 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

المقالة الخامسة والعشرون عذر طائر آخر الأبيات من 2194 – 2279 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

المقالة الخامسة والعشرون عذر طائر آخر الأبيات من 2194 – 2279 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد بن أبي بكر إبراهيم بن أبي يعقوب إسحاق العطار النيسابوري

المقالة الخامسة والعشرون عذر طائر آخر الأبيات من 2194 – 2219

قال آخر له : أيها الطائر العظيم القدر إن عشق المحبوب ألقاني في الأسر ،

فقد اعترض عشقه طريقي فسلبني عقلي وفعل معي فعله وأصبح خيال وجهه قاطع طريقي وأضرم النار في كل بيادري وبدونه لا يمكن أن يقر لي قرار لحظة والصبر عن هذا المعشوق كفر عندي ،

وإذا كان قلبي قد احترق بين الآلام والأحزان فكيف أستطيع سلوك الطريق أنا الولهان ؟!

إذا كان هناك واد يجب سلوكه فهناك مئات البلايا يجب تحملها ، وبدون وجه ذلك القمري الوجه كيف أستطيع سلوك الطريق ؟

إن دائي لا دواء له وأمري خارج عن نطاق الكفر والإيمان وكفري وإيمانه من نتاج عشقه كما أن النار في روحي مبعثها عشقه ،

وإن أعدم المعين على هذا الغم فلا رفيق لي في العشق غير الغم وعشقه ألقاني وسط التراب والدم وأخرجتني زلفتاه من عالم الحجب وعندما عدمت القدرة معه

فإنني لا أستطيع الصبر لحظة دون طلعته ، ولقد غرق تراب طريقي في الدم فماذا أصنع ؟

وهذا هو حال قلبي فالآن ماذا أصنع ؟

قال الهدهد : يا من بقيت أسير الصورة ويا من ظللت أسير الهم من الرأس إلى القدم ،

إن عشق الصورة ليس عشق المعرفة بل هو اللعب بالشهوة يا حيواني الصفة ،

إن الجمال الذي يؤول إلى النقصان يكون في عشقه للرجل كل خسران ، والصورة التي تزين بالأخلاط والدم تسمى بعد ذلك بقمر التم ،

ولكن إذا بهتت ألوان تلك الصورة لما وجد أقبح منها في هذا العالم ،

ومن يكن حسنه من الأخلاط والدماء فأنت تعلم كيف تكون نهاية هذا الحسن ..

ما أكثر ما طفت حول الصورة تبحث عن العيوب ، أما الحسن ففي عالم الغيب فابحث عن الحسن لدى الغيب ،

وإذا سقط الحجاب من أمام العمل فلن تبقى الديار ولا الديار وتنمحي صورة الآفاق جميعها ويتبدل عز الجميع إلى ذل وعشق الصورة يا من يبحث عن المعنى يعادي بعضه بعضاً ، أما من يعشق عالم الغيب فهذا هو العشق الحق إذ يخلو من كل عيب فإن يقطع شيء غير هذا العشق الطريق عليك فلن يكون هناك إلا ندم كثير يصيبك .. 

المقالة الخامسة والعشرون حكاية 1

الأبيات من 2220 – 2227

كان أحد المهمومين يبكي أمام الشبلي فسأله الشبلي : لم هذا البكاء ؟

فقال : أيها الشيخ لقد كان لي حبيب سلبني الروح وبالأمس توفى فمت غماً وكمداً عليه وأصبحت الدنيا بموته مجللة بالسواد أمامي ..

قال الشيخ : إن كنت قد فقدت قلبك بسبب هذا فالنتيجة هذا الغم ولا يليق بك أكثر من هذا وما عليك إلا أن تتخذ حبيباً آخر حبيباً لا يموت حتى لا تموت كمداً عليه ، فالمحبة التي يصيبها النقصان بالموت صداقتها تجلب للروح الهموم والمشقة ..

كل من ابتلي بعشق الصورة تحدق به المصائب من هذه الصورة وسرعان ما تخرج تلك الصورة من يده فتتملكه الحيرة ويبقى أسير حزنه وكمده ..

المقالة الخامسة والعشرون حكاية 2

الأبيات من 2228 – 2239 

ملك أحد التجار الكثير من الأموال والعقار كما كان لديه جارية شفتها في حلاوة السكر ،

وفجأة باعها فرحلت عن الديار فتملكه اليأس والقنوط والصغار فذهب إلى سيدها وهو لا يقر له قرار ذهب ليشتريها ثانية بثمن يزيد ألف دينار وقد أصيب بالحرقة أمام هذه الرغبة ولكن سيدها لم يبعها ثانية فكان التاجر يهيم في الطرق على الدوام وهو ينثر التراب على رأسه

وأخذ ينوح قائلاً : إن غمي لجد عظيم ومن ذا الذي ابتلي بمثل هذا الغم إذ تملكته الحماقة وأغلق عينه وعقله وباع بدينار معشوقته ،

كم زينتها بنفسك يوم السوق وطلبت لنفسك المضرة والمشاق !

كل نفس من أنفاس عمرك جوهر وكل ذرة منك لدى الحق بمثابة مرشد ،

ونعماء الحبيب تشملك من أولك إلى آخرك فأحص بنفسك نعماء حبيبك حتى تعلم عمن بعدت وتعلم أنك صبرت كثيراً على الفراق ،

لقد خلقك الله غاية في العز والدلال أما أنت فقد بقيت مع الغير مما بك من جهل .. 

المقالة الخامسة والعشرون حكاية 3

الأبيات من 2240 – 2260

ذهب أحد الملوك إلى الصحراء للصيد وقال لمدرب الكلاب : أحضر الكلب السلوقي .

كان للملك كلب مدرب له رداء مخيط من الحرير والأطلس وطوق مرصع بالجواهر تدلى من عنقه للزينة والفخر ووضعت في رجليه ويديه خلاخيل ذهبية كما وضع في رقبته خيط حريري ناعم الملمس ،

وكان الملك يعامل كلبه برقة فأمسك بخيط الكلب وتقدم الملك فتبعه الكلب مسرعاً ثم اعترض طريق الكلب بعض العظم فما تخلى الكلب عن مكان العظم .

نظر الملك حيث توقف الكلب فاشتعلت نار الغيرة في رأس الملك اشتعلت نارها لأن الكلب قد ضل الطريق

فقال : أفي النهاية مع ما لمثلي من سلطان يمكن النظر إلى غيري ؟ فقطع ذلك السلطان الخيط

وقال : أطلقوا سراح هذا الجاهل في التو والحال ، لو طعم الكلب مائة ألف إبرة لكان هذا أفضل من هذا العمل الشائن .

قال مدرب الكلاب : إن الكلب مزدان بالجواهر وقد فكت جميع قيوده فإذا كان هذا الكلب قد أصبح بالصحراء والفيافي أليق فالحرير والذهب والجواهر بنا أليق ..

قال الملك : اتركه على ما هو عليه وامض وطهر قلبك من الذهب والفضة وامض ،

حتى إذ عاد إلى رشده رأى نفسه مزداناً هكذا فيتذكر أن كان له صاحب وأنه قد انفصل عن ملك مثلي ..

يا من صادقت رفيقاً في البداية ثم عن طريق الغفلة انفصلت عنه في النهاية ،

ضع قدمك في طريق العشق الحقيقي تماماً واشرب الكأس مع التنانين كالرجال ومهما مثلت التنانين بالطريق فعلى العشاق سفك دمائهم ، ومن يؤذ روح إنسان تكن التنانين مجرد نملة أمام إيذائه ، وإذا كان عاشقوه واحداً أو مائة فإنهم يظلون في طريقه متعطشين لدمائه ..

المقالة الخامسة والعشرون حكاية 4

الأبيات من 2261 – 2272

عندما علق الحلاج على الأعواد في ذلك الزمان ما ردد لسانه غير قولة أنا الحق ، ولما لم يفهم الخلق قوله قطعوا أوصاله وما أن نزف الدم غزيراً حتى علا الاصفرار وجهه إذ كيف يظل احمرار وجه الإنسان في ذلك الموقف ؟!

وذلك الذي له مسلك الشمس سرعان ما حك وجهه القمري بيده المقطوعة وقال :

إذا كانت الحمرة التي تزين وجه الرجال هي الدماء فقد جعلت الآن وجهي أشد حمرة بتلك الدماء ،

وذلك حتى لا يبدو أصفر في عين أحد فما أكثر حاجتي لأن يكون وجهي مشرباً بالحمرة لأني لو بدوت لأحد أصفر الوجه فربما ظن أن الخوف هنا قد تملكني ،

ولما لم يخامرني الخوف قيد شعرة فلا بد وأن يكتسي وجهي بالحمرة ، وحينما يوجه الجلاد رأسي نحو المشنقة فسيكون تجاه أسد في الشجاعة ،

ولما كانت دنياي كحلقة حرف الميم فكيف يتملكني الخوف في هذا الموقف ؟

ومن استطاع أن يرقد ويطعم مع الحية ذات الرؤوس السبعة في شهر تموز قد صادف الكثير من هذه الترهات وأقل شيء أصابه هو الشنق .. 

المقالة الخامسة والعشرون حكاية 5

الأبيات من 2273 – 2279

تكلم الجنيد قدوة الدين وذلك البحر العميق ذات ليلة في بغداد فدفع سمو كلماته السماء للركوع على أعتابه صادية القلب ،

وكان للجنيد ابن يماثل الشمس في الجمال والحسن فقطعت رأس ذلك الابن وألقيت بين الجمع في ذلة وانكسار ،

وعندما رأى الجنيد تلك الرأس الطاهرة لم ينطق بحرف وأسلم قلبه للجمع مرة أخرى

ثم قال : ذلك القدر العظيم الذي وضعته الليلة من الأسرار القديمة إذا كان في احتياج لنار تطهيه فلن يحتاج إلى أقل من هذه ولا أكثر .

التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: