الاثنين، 18 مايو 2020

المقالة السادسة والعشرون عذر طائر آخر الأبيات من 2280  – 2364 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

المقالة السادسة والعشرون عذر طائر آخر الأبيات من 2280 – 2364 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

المقالة السادسة والعشرون عذر طائر آخر الأبيات من 2280  – 2364 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد بن أبي بكر إبراهيم بن أبي يعقوب إسحاق العطار النيسابوري

المقالة السادسة والعشرون عذر طائر آخر الأبيات من 2280 – 2294

قال له آخر : إنني أخشى الموت فالطريق طويل وقد عدمت الزاد والقوت وهكذا يرهب قلبي الموت ،

إن روحي ستزهق في أول مرحلة حتى وإن أكن الآن سيد الأجل وذا حول وطول وإن يحل الأجل أمت متألماً متأوهاً ،

فكل من يغالب الأجل بقوة السيف تصبح يده قلماً ويتحطم ما بيده من سيف ،

وا أسفاه لن يبقى في هذه الدنيا من اليد والسيف غير الأسى ، فوا حسرتاه .

قال له الهدهد : أيها الضعيف العاجز إلى متى ستبقى حفنة من عظام ؟

فيا من ستختلط ببعضها البعض ومن سيذوب عقله في عظامه أنت لا تعرف هل يطول عمرك أو يقصر وما الباقي من العمر إلا لحظات إلام نعيشها ؟

كما أنك لا تعرف أن كل فرد من بني البشر مآله التراب وكل ما بيده ستذروه الرياح فلقد ربيت لموتك وبعثت إلى الأرض من أجل حملك.

ما الفلك إلا طست مقلوب ويغص هذا الطست كل ليلة بالدم من الشفق ، فإذا مرت الشمس بسيوف أشعتها فإنها تلقي كل هذه الرؤوس المدببة في طستها ، وإذا كنت قد أقبلت ملوثاً أو طاهراً فما أنت إلا قطرة ماء وسط الثرى ،

وإذا كانت قطرة الماء كلها آلام فكيف تستطيع منازلة البحر في عراك وخصام ؟

حتى ولو كنت ذا حول وطول طوال عمرك في الدنيا فستسلم روحك بكل حرقة وأسى . 

المقالة السادسة والعشرون حكاية 1

الأبيات من 2295 – 2328

الققنس النادر طائر جذاب ومقر هذا الطائر بلاد الهند والبنجاب ، له منقار صلب طويل عجيب يشبه الناي وبه العديد من الثقوب ،

ففيه ما يقرب من مائة ثقب وفتحة ، ولا زوج له إذ يعيش في عزلة ، ولكل ثقب نغمة متباينة ووراء كل نغمة أسرار مغايرة ،

فإن ينح بكل الثقوب متأوهاً يفقد السمك والطير راحتها واستقرارها ويسيطر الصمت على جميع الطيور وتصبح إزاء صوته فاقدة الشعور ،

وأمام مكانته هذه هام به فليسوف وتعلم الموسيقى من صوته العذب .

وكان عمر الققنس قد ناهز الألف أو اقترب لذا وضح أن موعد أجله قد قرب ،

وعندما حان وقت انتزاع قلبه وموته إذا به يجمع حوله من الحطب مائة كومة ويظل لا يعرف الراحة والاستقرار وسط الحطب ويواصل النواح بحرقة واضطراب ،

فكان كل ثقب يرسل بفعل روحه الطاهرة نواحاً متبايناً يحمل الأسى والحرقة وعندما ينوح بكل الثقوب يكون لكل ثقب لحن مختلف ،

وفي وسط النواح كانت فرائصه ترتعد خشية الموت وكأنه ورقة شجر .

أمام هذا الصراخ وذلك الصوت كانت الطير جميعها وكذلك الحيوانات المفترسة تقبل صوبه لتنظره وقلوبهم قد تخلت عن الدنيا لشدة أحزانهم ،

وفي ذلك اليوم وبسبب ما به من غم ما أكثر الحيوانات التي تسلم الروح أمامه ويصبح الكل حيارى من النواح ويصير البعض من العجز فاقدي الأرواح .

وأعجب الأيام يومه فهو ينزف دماً من آلام قلبه ، وعندما يصل عمره إلى آخر زفرة يرفرف بجناحيه إلى الأمام والخلف وتتطاير النار من جناحه ،

بعد ذلك تصبح النار كل حاله وسرعان ما تسقط النار في الحطب فتحرق حطبه وهو في قمة السرور ،

ويصبح الطائر والحطب كلاهما جمرة من نار ثم تتحول الجمرة بعد ذلك إلى رماد ، وما أن يختفي كل شيء حتى يبدو الققنس من بين الرماد ،

إن النار تحيل الحطب رماداً فكيف يعاود الققنس الظهور من بين الرماد ؟!

ما حدث هذا لإنسان قط في الحياة ومن ذا الذي يلد أو يولد بعد الممات ؟!

وإن تمنح عمراً مديداً كالققنس فإما أن تموت وإما أن تكلف بالمزيد من الأعمال ، كم ألم الاضطراب بالققنس خلال الألف سنة ،

فكثيراً ما كان ينوح حزناً على نفسه ويطلق الآهات ، وقد قضى تلك السنوات حبيس الأحزان والغمة بلا ولد ولا زوجة حبيس الوحدة والعزلة ،

كان عديم القربة في جميع الأرجاء وقد استراح من محنة الأولاد والنساء ،

وعندما حل به الأجل في آخر حياته أصبحت ذرات رماده نثاراً في مهب الريح ..

لعلك تعلم أنه بسبب مخلب الأجل لن يستطيع فرد إنقاذ روحه ولو بشتى الحيل وفي جميع الآفاق ،

لا وجود لإنسان لن يدركه الموت ، وانظر إلى هذه العجائب إذ لا حيلة لأي شخص حيالها أو قوة ،

ومهما كان الأجل ظالماً قاسياً فعليك أن تطأطيء له الرأس راضياً ، وإذا كانت أمور كثيرة ألمت بنا فهذا الأمر أقسى منها وأشد بالنسبة لنا . 

المقالة السادسة والعشرون حكاية 2

الأبيات من 2329 – 2334

كان أحد الأطفال يتوجه صوب قبر أبيه وهو يذرف الدمع

ويقول : أبي إن هذا اليوم الذي أصاب روحي بالآلام ما أصابني مثله من قبل طوال أيامي .

فقال له صوفي : من كان لك أب ، ما مر عليه مثل هذا اليوم مطلقاً ، وليس أمراً ذا بال ما أصاب الابن ولكن الأمر غاية في الإشكال بالنسبة للأب .

فيا من أتيت إلى الدنيا فاقداً قدمك ورأسك ستظل الريح تنثر التراب على رأسك حتى ولو تجلس في صدر المملكة فسترحل وما في يدك غير قبض الريح ! .

المقالة السادسة والعشرون حكاية 3

الأبيات من 2335 – 2344

عندما أسرع الموت صوب عازف الناي سأله أحد الأشخاص : يا من هو في عين السر كيف حالك وقت الشدة ؟

قال : لا يمكن التعبير عن حالي مطلقاً فقد كنت طوال حياتي كالريح عاتياً وسرت في النهاية صوب التراب وليس لي من داء غير مواجهة الموت فقد نضبت نضارة وجهي من الحرقة .

لقد ولدنا جميعاً من أجل الموت ولن تخلد الروح لذا أسلمنا القلب ، ومن ملك العالم تحت إمرته صار في هذا الزمان رماداً تحت الثرى ،

ومن وخذ الفلك برمحه سرعان ما أصبح كماً مهملاً في لحده ولقد رقد الجميع تحت التراب وهم غاية في الاضطراب .

 

انظر إلى الموت فما أصعبه من طريق وما القبر إلا أول مراحل هذا الطريق ولو تعلم شيئاً عن مرارة موتك لسيطر الاضطراب والهم على روحك . 

المقالة السادسة والعشرون حكاية 4

الأبيات من 2345 – 2359

شرب عيسى ماء من نهر عذب فكان طعم الماء يفوق في عذوبته ماء الورد ، وملأ شخص آخر جرة من هذا النهر ومضى ،

فجاءه عيسى وشرب من ماء الجرة فأصبح فمه غاية في المرارة من ماء الجرة ، فعاد وقد تملكته الدهشة والحيرة

وقال : إلهي إن ماء الجرة وماء النهر كلاهما من ماء واحد فما السر ؟

ولم يبدو ماء الجرة غاية في المرارة ؟

ولم يبدو ماء النهر يفوق العسل المصفى حلاوة ؟!

جاءت تلك الجرة صوب عيسى تحادثه

فقالت : يا عيسى إنني كرجل مسن أصابه الوهن فقد عشت عمراً مديداً تحت قبة الأفلاك التسعة فصرت كأساً وجرة وغرارة ،

وإن تجعلوني جرة ألف عام فلن يكون لي إلا مرارة الموت والهم وسأظل أشهر بالمرارة من الموت على الدوام كما يظل مائي بسبب هذا الهم مراً على الدوام .

أيها الغافل لتبحث عن الأسرار في النهاية لدى الجرة ولا يتملكك العجب والدلال من الغفلة أكثر من هذا ،

ولقد أفنيت نفسك يا من تبحث عن السر وقبل ذلك كانت لك روح باحثة عن السر،

وإن لا تجد حياتك مرة أخرى فكيف يكون في مقدورك عندما تموت معرفة سرك؟

ولن تستطيع بفطنتك معرفة أي خبر عن نفسك كما لن يبقى لك أي أثر بعد موتك ، الحي مآله الفناء وراء أشياء تافهة ،

فقد ولد خليقاً بالآدمية ولكنه حاد عنها بعد ذلك ، فمئات الألوف من الحجب تقف في طريق ذلك السالك فكيف يستطيع إدراك نفسه بعد ذلك ؟! 

المقالة السادسة والعشرون حكاية 5

الأبيات من 2360 – 2364 

عندما كان بقراط في النزع الأخير كان معه تلميذه  فقال : أستاذي الكبير كيف نكفنك ونطهر جسدك ؟

وفي أي مكان من الأرض نضعك ؟

قال : إن كنت ترغب في العثور علي مرة أخرى فادفني في أي مكان ترغب ، ولكني عشت عمراً مديداً ولم أجد نفسي فكيف تجدني أنت بعد موتي ؟

فإذا ما رحلت فهذا وقت الفناء حيث لن تعرف شعرة واحدة من شعر رأسي أي خبر عني.

التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: