الاثنين، 11 مايو 2020

خامسا شرح الأبيات 113 - 126 عن المقام المحمدي .كتاب إبداع الكتابة وكتابة الإبداع لشرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية

خامسا شرح الأبيات 113 - 126 عن المقام المحمدي .كتاب إبداع الكتابة وكتابة الإبداع لشرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية

خامسا شرح الأبيات 113 - 126 عن المقام المحمدي .كتاب إبداع الكتابة وكتابة الإبداع لشرح قصيدة النادرات العينية فى البادرات الغيبية

كتاب إبداع الكتابة وكتابة الإبداع عين على العينية العارف بالله عبد الكريم الجيلي شرح معاصر للقصيدة العينية د. سعاد الحكيم 

خامسا شرح الأبيات 113 إلى126  : المقام المحمدي

(113) شددنا مطيّ العزم نحو محمّد   .....   وطفنا وداعا والدّموع هوامع

(114) وجبنا  بتهذيب النّفوس مفاوزا  .....   سباسب فيها للرّجال مصارع

(115) حمى درست للعاشقين رسومه.....   فعزّ وكم قد خاب في العزّ طامع

(116) محلّ مجال القرب حال طريقه .....   وأوج منيع دونه البرق لامع

(117) ينكّس رأس الرّيح عند ارتفاعه .....   وكم زال عنه السّحب والغيث هامع

(118) ترى تحته بهرام في الأوج ساجدا  .....   وكيوان من فوق السّموات راكع

(119) وكم  رامح مذ رامه صار أعزلا   .....   وفي قلبه من عقرب الفقر لاذع

(120) سريت به والليل أدجى من العمى   .....   على بازل أفديه ما هو ضالع

(121) يجوب الفلا جوب الصّواعق في الدّجى  ..ويرحل عن مرعى الكلا وهو جائع

(122) وإن مرّ بعد العسر بالماء إنّه   .....   على ظمأ عن ذاك بالسّير قانع

(123) هي النّفس نعمت مركبا ، مطمئنّة .....   فليس لها دون المرام موانع

(124) فيا سعد إن رمت السعادة فاغتنم .....   فقد جاء في نظم البديع بدائع

(125) مفاتيح أقفال الغيوب أتتك في   .....   خزائن أقوالي ، فهل أنت سامع

(126) كشفت عن اسرار الشّريعة فانحها  .....   فما وضعت إلا لتلك الشّرائع

شرح الأبيات :-

( 113 ) شددنا مطّي العزم نحو محمّد   .....   وطفنا وداعا والدّموع هوامع

المفردات :

مطي : جمع . مطية ، وهي الناقة التي يركب مطاها أي ظهرها . وطفنا وداعا : إشارة إلى طواف الوداع ، وهو الطواف الذي يقوم به الحاجّ قبل مغادرته مكة .

المعنى :

طاف الجيلي طواف الوداع قبل مغادرته مكة ، ثم شدّ العزم نحو المقام المحمدي . نفهم من ذلك أن الجيلي بعد أن قام بالأركان الخمسة على تمام أحكامها وأسرارها ، يتهيّأ ويشد عزمه ليتهذب بالمقامات ويترقى فيها

 . وها هو حين يضع قبالة توجّه بدنه روضة النبي صلّى اللّه عليه وسلم في المدينة المنورة ، يضع قبالة توجه أعماقه المقام المحمدي الذي هو غاية كل مقرب وأعلى مقامات القرب الإلهي ، وهو أوج منيع دونه البرق لامع.

 

( 114 )  وجبنا بتهذيب النّفوس مفاوزا  ..... سباسب فيها للرّجال مصارع

المفردات :

جبنا : قطعنا ، واخترقنا .

مفاوزا : مهالكا ، ج . مفازة ، وسميت الصحراء مفازة لأن من خرج منها وقطعها فاز .

سباسب : جمع . سبسب ، وهو الأرض المقفرة .

مصارع : مقاتل ، مهالك ، ومصارع القوم حيث قتلوا .

المعنى :

يقول الجيلي ؛ قطعنا طرقا مهلكة لتهذيب نفوسنا . وهذه الطرق كم قتل فيها من رجال .

 

( 115 ) حمى درست للعاشقين رسومه   .....   فعزّ ، وكم قد خاب في العزّ طامع

المفردات :

حمى : موضع محمي مصان .

درست : محيت ، وزالت .

رسومه : آثاره ، 

المعنى :

إن المقام المحمدي محمي مصان عن كل دخيل ، والطريق إليه كذلك مصانة ومسيجة بأنواع المقاتل والمهالك من تخلّق وتعبّد وتهذيب . . .

وقد محيت آثارها وعلاماتها بحيث يزداد الوصول إلى المقام المحمدي صعوبة واعتزازا . . .

وكم ارتدّ عن طريقه طامع ، وخاب في الإقتراب من أعتابه.

 

( 116 )  محلّ مجال القرب حال طريقه   .....   وأوج منيع دونه البرق لامع 

المفردات :

حال طريقه : استحال وصعب . أوج : حصن ، قمة . منيع : يمتنع الوصول إليه .

 

المعنى :

إن المقام المحمدي ، بل فلك هذا المقام ومجاله ، يستحيل الطريق اليه ويصعب ، لأنه حصن منيع يعلو فوق البرق .

 

( 117 ) ينكّس راس الرّيح عند ارتفاعه  .....  وكم زال عنه السّحب والغيث هامع

المفردات :

ينكس رأس الريح : يميل الريح ويقلبها إلى أسفل . والغيث هامع : والمطر هاطل ، وفي ذلك إشارة إلى الإغاثة والإمداد غير المنقطع .

 

المعنى :

هذا الحصن المنيع المرتفع ، يميل الريح عندما تريد الارتفاع إليه ، ويرجعها منكّسة إلى الأسفل . . . ويحمّل السحب أنواع رحماته ، فتغادره مثقلة بعطايا ترسلها غوثا للطالبين الملهوفين .

 

( 118 ) ترى تحته بهرام في الأوج ساجدا  .....  وكيوان من فوق السّموات راكع

المفردات :

بهرام : اسم المريخ . كيوان : زحل ، والمانع له من الصرف العجمة.

المعنى :

إن المقام المحمدي هو حصن منيع يعلو في رتبته فوق الأجرام السماوية ، ونرى تحته المريخ ساجدا ، وزحل من فوق السماوات راكعا . . .

والجيلي هنا يستوحي سجود الملائكة لآدم سجودا حسيا ، ليصور سجود الأجرام السماوية كلها للنبي صلّى اللّه عليه وسلم سجود مرتبة . . . 

ولا نستغرب تصوير الجيلي سجود المريخ وزحل بالمرتبة للنبي صلّى اللّه عليه وسلم ، لأنه هو وحده الموعود من دون كل الكائنات “ بالمقام المحمود “ أعلى مكان ومقام في الجنة ، والجنة تعلو على الأجرام كلها .

 

( 119 ) وكم رامح مذ رامه صار أعزلا   .....   وفي قلبه من عقرب الفقر لاذع

المفردات :

رامح : نجم في السماء يقال له السماك ، سمي بالرامح لأن قبله كوكبا كأنه له رمح . رامه : طلبه وأراده .

من عقرب الفقر : من عقرب الحرمان والعجز عن الوصول إلى مطلوبه .

المعنى :

كم نجم رامح أراد الوصول إلى المقام المحمدي ، ولكنه قصّر ولذعه عقرب الحرمان .

 

( 120 ) سريت به والليل أدجى من العمى   .....   على بازل أفديه ما هو ضالع

المفردات :

سريت : سرت ليلا . أدجى : أشدّ ظلاما . بازل : البعير إذا استكمل السنة الثامنة ، وفطر نابه يقال له حينئذ بازل ، والإشارة هنا إلى النفس البشرية التي يمتطيها الطالب للوصول إلى المقام المرجو .

أفديه : بمعنى نفسي فداه . ما هو ضالع : لما هو فاعل .

المعنى :

يقول الجيلي ؛ سرت في طريقي إلى طلب المقام المحمدي ، والليل أشدّ ظلاما من العمى . ركبت نفسي ، امتطيتها ولجمت رغباتها واهواءها كلها ، ولم أكتف بلجمها وامتطائها بل قدمتها فداء في مقابل ما تجنيه من قرب.

 

(121) يجوب الفلا جوب الصّواعق في الدّجى ...ويرحل عن مرعى الكلا وهو جائع

المفردات :

يجوب الفلا : يخترق الفلاة . مرعى الكلا : موضع الأكل والعشب .

جائع : الجوع من أركان الطريق الصوفي في البدايات عند أهل السلوك .

المعنى :

يتابع الجيلي وصف أحواله في طلب المقام المحمدي ، فيقول ؛ هذا البازل الذي هو نفسي ، يخترق الفلوات اختراق الصواعق للظلمات ، ويمر على مواضع الأكل دون أن يقترب بل يرحل عنها وهو جائع . . .

هنا سيبدأ الجيلي في تعداد مجاهداته على طريق التحقق بالمقام المحمدي ، وهو مقام يفنى فيه الواصل عن ذاته لتصبح ذاته مرآة تنعكس عليها أنوار كمالات محمد صلّى اللّه عليه وسلم.

 

( 122 ) وإن مرّ بعد العسر بالماء إنّه   .....   على ظمأ عن ذاك بالسّير قانع 

المفردات :

بالسير قانع : مقتنع ، أي أنه مقتنع بأن يكمل سيره دون أن يشرب .

المعنى :

وكما يمر البازل ، الذي يرمز إلى نفس الجيلي ، على المراعي ويرحل عنها جائعا ، كذلك يمر بعد الظمأ بالماء ولكنه يقتنع بأن الأجدى والأولى له هو أن يترك الماء ويسير على ظمأ . . . مجاهدات تختلف من سالك لآخر . . . 

قال أبو جعفر الحداد [ الرسالة القشيرية 1 / 446 ] : “ رآني أبو تراب النخشبي ، وأنا في البادية جالس على بركة ماء ، ولي ستة عشر يوما لم آكل ولم أشرب ، فقال لي : ما جلوسك ؟

فقلت : أنا بين العلم واليقين أنتظر ما يغلب فأكون معه ؛ يعني ، أن غلب عليّ العلم شربت ، وإن غلب اليقين مررت “ . . . 

وهكذا لكل سالك مجاهدات مخصوصة ، والغاية المطلوبة واحدة .

 

( 123 ) هي النّفس نعمت مركبا ، ومطيّة   .....   فليس لها دون المرام موانع 

المفردات :

المرام : المراد والمطلوب .

المعنى :

هنا يعبّر الجيلي عن رضاه عن نفسه ، فهي نعم المركب والمطية إلى المطلوب ؛ لأنها لا تقف ولا تتعثر ولا تلتفت إلى أي مانع يحاول أن يقطع عليها طريق مطلوبها .

 

(124) فيا سعد إن رمت السعادة فاغتنم ،   .....   فقد جاء في نظم البديع بدائع 

المفردات :

رمت : أردت ، طلبت .

في نظم البديع بدائع : إشارة إلى قصيدته هذه العينية ، المنظومة .

المعنى :

يقول الجيلي هنا مخاطبا الطالبين للمقام المحمدي ؛ يا سعد إن أردت السعادة فاغتنم هذه الفرصة ، ذلك أنني أفصل لك في قصيدتي هنا أسرار طريق المقام المحمدي الذي تتم سعادتك بالوصول إليه .

 

( 125 ) مفاتيح أقفال الغيوب أتتك في   .....   خزائن أقوالي ، فهل أنت سامع 

المفردات :

الغيوب : ج . غيب .

أقوالي : أي قصيدتي . والمعنى أن مفاتيح أقفال الغيوب مخزونة في هذه القصيدة .

المعنى :

يخاطب الجيلي طالب المقام المحمدي بقوله ؛ إن مفاتيح أقفال الغيوب تكشفت لك في قصيدتي هذه ، فهل أنت سامع ؟ 

بكلام آخر ، أيها السامع إفهم كلامي ، واعمل به ؛ تفتح لك أقفال الغيوب .

 

( 126 ) كشفت عن اسرار الشّريعة فانحها   .....   فما وضعت إلا لتلك الشّرائع 

المفردات :

كشفت : الكشف في المفرد الصوفي هو بيان ما يستتر على الفهم ، فيكشف عنه للعبد كأنه رأي عين [ الطوسي ، اللمع ، ص 422 ] . 

فانحها : فاتجه نحو معرفتها .

المعنى :

كشفت لك أيها الطلب عما استتر على فهمك من أسرار الشريعة في قصيدتي هذه ، فتوجه نحو معرفتها وفهمها .

لأن الشرائع إنما وضعت من أجل الأسرار التي تطويها.

 العودة إلى الفهرس    


واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: