الثلاثاء، 19 مايو 2020

المقالة السادسة والثلاثون سؤال طائر آخر الأبيات من 3024 - 3138 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

المقالة السادسة والثلاثون سؤال طائر آخر الأبيات من 3024 - 3138 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

المقالة السادسة والثلاثون سؤال طائر آخر الأبيات من 3024 - 3138 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري


كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد بن أبي بكر إبراهيم بن أبي يعقوب إسحاق العطار النيسابوري

المقالة السادسة والثلاثون سؤال طائر آخر الأبيات من 3024 - 3030

قال له آخر : يا قائد الطريق ، ماذا أطلب منه ، إن أصل إلى أعتابه ؟

وعندما تشرق الدنيا أمامي بفضله ، فلا أعرف ماذا أطلب منه، فإن تبصرني بأفضل شيء ، أطلبه منه عندما أصل إليه .

قال « الهدهد » : أيها الجاهل ، أنت لست عالما به ، فإن ترغب في شيء ، اطلبه منه . ومن يحظ بنفحة من أريج تراب داره ، كيف يرتد عن داره مقابل رشوة ؟

وكل من يحظى بالمثول في خلوته ، يحظى بالمعرفة ، فالأفضل للرجل أن يطلب المعرفة ، لأنها أفضل من أي شيء يطلبه .

فإن وجدت المعرفة منه في كل العالم ، فإنك ستطلب منه ما تريد أن تعرفه . . 

المقالة السادسة والثلاثون حكاية 1

الأبيات من  3044 - 3031

عندما حانت وفاة أبي علي الرودباري ، قال : وقفت روحي على شفتي انتظارا للرحيل ، ففتحت أبواب السماء على مصراعيها ، ووضع لي مسند في الجنة ، كما غنى الملائكة بأعذب الألحان وصاحوا :

"أقبل أيها العاشق ، وألهج بالشكر ، ثم سر متبخترا سعيدا ، فما رأى أحد قط هذا المقام " .

ومع كل هذا الإنعام وذلك التوفيق ، فإن روحي لا يد طولى لها في التحقيق . .

لذا كان يقول دائما : لم أبقيتني عمرا طويلا في خضم هذا العمل ، وأطلت انتظاري ؟

إنني لست واهنا حتى أطأطىء الهامة كأهل الشهوة أمام أقل رشوة . فقد امتزج عشقك بروحي ، لذا لا علم لي بالنار ولا بالجنة .

وإن تحرقني كالرماد ، فلن يكون لي معين آخر غيرك ، وأنا أعرفك أنت ، ولا علم لي بالدين أو الكفر ، ولن أحيد عن ذلك ، وأنت ما أعرف ، وأنت مني بمثابة الروح ، وروحي خالصة لك .

وأنت حاجتي في كلا العالمين ، وأنت دنياي في الأولى والآخرة ، فحقق لهذا القلب الرقيق كالشعرة حاجته ، وكن معي على وفاق ،

ولو للحظة ، وإن ترتفع روحي فمن أجلك ، وليس تحررها مني إلا أملا في وصالك . .

 

"" الرودباري : اسمه أحمد بن محمد بن القاسم بن المنصور من أبناء رؤساء الوزراء ، ويصل نسبه حتى كسرى استمع إلى الجنيد ذات مرة في المسجد فتخلى عن كل ما يملك وانقطع للطريق ، حفظ الحديث كما كان عالما فقيها وإماما وسيد قومه ، حتى قال أبو علي الكاتب عنه : ما رأيت أجمع لعلم الشريعة الحقيقية من أبي علي الرودباري رحمة اللّه عليه .

أقام في مصر واعتبر شيخ شيوخها . توفي عام 321 هـ.

( انظر : نفحات الأنس لجامي س : 200 - 203 ) .""

المقالة السادسة والثلاثون حكاية 2

الأبيات من   3045- 3056

قال الحق تعالى : يا داود الطاهر ، قل لعبادي : يا حفنة التراب ، إن لم تكن لي جنة أو نار ، لما كانت العبودية مستهجنة لدي .

ولو انعدم النور والنار ، لما كان لكم أي عمل معي ، ولأنني أستحق هذه المنزلة الرفيعة ، فأنتم تعبدونني لا رغبة ولا رهبة ،

وإذا لم يكن الرجاء والخوف يكمنان خلف ذلك ، فكيف يكون لكم معي أي صلة بعد ذلك ؟

وما دمت أنا الإله ، فجدير بكم عبادتي بأرواحكم على الدوام .

أيها العبد ، كف يدك عن الغير ، واعبدني بكل استحقاق وتقدير ، واطرح بعيدا كل ما عداني ، وحطم كل ما تطرح ،

وبعد أن تحطم كل العلائق تخلص منها وأحرقها ، ثم اجمع رمادها ذات يوم وانثره ، حتى لا  تبقى رياح الحق لها أي أثر ،

وإذا فعلت ذلك فسيخرج لك من بين الرماد ما تطلبه ، أما إن كنت مشغولا بالخلد والحور ، فاعلم يقينا بأنها أبعدتك عن نفسك . 

المقالة السادسة والثلاثون حكاية 3

الأبيات من    3057 - 3081

نادى محمود اياز ، وأجلسه على عرشه ونصبه ملكا ،

وقال : منحتك الملك كما أن الجند لك ، فكن ملكا ، فهذا الإقليم لك ، إنني أرغب في أن تكون سلطانا وتسيطر على البر والبحر .

ما أن سمع الجند هذا القول ، حتى اكفهرت عينا كل واحد منهم حسدا وغيرة ، وقالوا : ما احترم سلطان غلاما في الدنيا هكذا مطلقا .

أما اياز فقد انخرط في بكاء كله حرقة من فعلة السلطان هذه ،

فقال له الجميع : هل أصابك مس من الجنون ؟

أم أنك جاهل خرب العقل ؟

لقد وصلت إلى مرتبة السلطنة أيها الغلام ، فلم هذا البكاء ؟

يجب أن يعمك الفرح والسرور . وفي الحال أجابهم اياز قائلا :

كم أنتم عن طريق الصواب بعيدون ، ولستم مدركين أن سلطان الجميع قد أقصاني بعيدا عنه ، فقد أعطاني منصبا حتى أشغل بالجند بعيدا عنه ،

فلن أغيب عنه لحظة واحدة ، حتى ولو جعل ملك الدنيا بأسرها تحت إمرتي ، وكل ما يأمر به يمكنني تنفيذه ، إلا أن أبعد عنه لحظة ، وماذا أصنع بملكه ، فكفاني طلعته من ملك .

إن كنت طالبا وللّه عارفا ، فتعلم كيف تكون العبودية من اياز .

ويا من بقيت في خمولك ليلا ونهارا ، وبقيت أسير خطوتك الأولى ، في كل ليلة تتنزل عليك اللعنات من اللّه يا أبا الفضول .

إنك كمن لا خلاق له حيث لا تتقدم خطوة من مكانك لا بالليل ولا بالنهار ، لقد جئت من أوج العزة ، ولكنك تقهقرت إلى الوراء ، ملتزما حد الاحتراز .

وا أسفا ، إنك لست خليقا بهذا ، وإلى من تستطيع التحدث عن هذه الآلام في النهاية ؟

وما دامت الجنة والنار ماثلتين في طريقك ، فأنّى لروحك أن تدرك هذا السر ؟

ولكنك إن تخرج من كلا العالمين تماما ، فسيشرق صبح هذا الحظ من بين ظلمة الليل ، وليست الجنة من نصيب هؤلاء الأصحاب ،

وإنما هي للعليين أولى الألباب ، فأسرع بالتخلص من الخمول في هذا وذاك ، وامض ولا تعلق قلبك بهذا ، وروحك بذاك.

وإذا عبرت كلا العالمين بمفردك ، فستكون شبيها بالرجال حتى ولو تكون امرأة ؛ وستكون جديرا برؤيته دواما ، كما تكون في قربه صباح مساء . 

المقالة السادسة والثلاثون حكاية  4

الأبيات من  3082 - 3089

كانت رابعة تقول : يا عليما بالأسرار ، لتسهل أمور الأعداء في الدنيا ، أما الأصدقاء ، فامنحهم الآخرة على الدوام .

وذلك لأني أتحرر من كلا الاثنين على الدوام ، وإن كنت قد أفلست من الدنيا والآخرة ، فإن غمي يتلاشى إن أصبح أنيستك ولو للحظة ، ويكفيني هذا الإفلاس منك ، إذ أنك تكفيني على الدوام وحدك .

وكم أكون كافرة إن أنظر صوب كلا العالمين ، أو أن أطلب شيئا سواك .

إنه للكل والكل له ، والبحار السبعة تحت قنطرته ، وكل ما كان ، وما سيكون ، له شبيه إلا اللّه العزيز ،

وكل ما تبحث عنه ، تجد له نظيرا إلا هو ، فهو دائم بلا نظير ، ولابد من وجوده هو .

المقالة السادسة والثلاثون حكاية 5

الأبيات من    3090 - 3099

وجه خالق الآفاق من فوق الحجاب ، إلى داود النبي هذا الخطاب ، فقد قال : كل شيء في هذه الدنيا ، سواء أكان حسنا أم قبيحا أو كان ظاهرا أم باطنا ، له عوض إلا أنا ،

فلن تجد لي عوضا ولا قرينا . ولما كنت بلا عوض فلا تكن بدوني ، ويكفيني روحك ، فكن روحا ولا تكن جسدا ، وأنت ، أيها الأسير ،

لا غنى لك عني مطلقا ، فلا تكن غافلا عمن هو واجب الوجود ، ولا تطالب بالبقاء لروحك ولو للحظة بدوني ، وكل ما يعرض أمامك غيري ، لا تطلبه .

يا من أقبلت طالبا الدنيا ، ستظل مشغولا بآلام هذا العمل ليلا ونهارا ، إنه مقصودك في كلا العالمين ، كما أنه معبودك من قبيل الامتحان ،

وأجبك أن تبيع الدنيا الفانية ، لا أن تبيعه مقابل أي شيء في هذه الفانية ، وصنم كل ما تفضله عليه ، وكافر أنت إن تفضل الروح عليه .

المقالة السادسة والثلاثون حكاية 7

الأبيات من  3116  - 3100

وجد عسكر محمود في معبد سومنات ، ذلك الصنم المعروف باسم اللات .

وقد هب الهنود من أجل الصنم ، وطلبوا دفع دية له تساوي وزنه ذهبا ، ولكن السلطان رفض بيعه بأي ثمن، وأشعل فيه النار ، وأحرقه في الحال.

فقال له الجميع ؛ لا يجب إحراقه ، بل يجب بيعه ، لأن الذهب أفضل منه؛ فقال:

كم أخشى أن يقول الخالق ، أمام الجميع يوم الحساب ، أصغوا جميعا إلى آزر ومحمود، فذاك ناحت الصنم ، وهذا بائعه .

وما أن أشعل محمود النار حتى أحرق صنم عبّاد النار ، وتساقط من داخله عشرون منّا في الذهب ، وهكذا نال ما عرض عليه بلا مشقة أو عوض ،

فقال السلطان : هذا الإحراق يليق باللات ، أما هذه المكافأة فنعمة من اللّه .

لتحطم كل ما تملك من أصنام ، حتى تجد بحارا من الجواهر عوضا عنها ،

وأحرق نفسك الشبيهة بالصنم ، شوقا إلى المحبوب ،

فما أكثر الجواهر التي ستتساقط من جرابها ، وإذا ما ترامى إلى أذن الروح صوت ألست ، فلا تقصر في التصديق ، واجعل عهد ألست ماثلا أمامك ، ولا تشح عن « بلى » أكثر من هذا .

إن كنت أقررت به أولا ، فكيف يصح الإنكار به بعد ذلك ؟

ويا من أقررت بـ « أَلَسْتُ بربكم »أولا ، أتنكر ألست آخرا ؟

وإن كنت قد عقدت ميثاقا أولا ، فكيف تصبح عاقا أخيرا ، إنه لا غنى لك عنه ، فكن ملازما له على الدوام ، وكن وفيا لكل ما قطعت من وعود ، ولا تكن ناشزا معوجا . .

"" سومنات : أكبر أصنام الهند ، حرص الهنود على ألا يحطمه محمود الغزنوي ولكن محمودا صمم على تحطيمه لأنهم كانوا يعتقدون أن جميع الأصنام التي حطمها محمود تم تحطيمها لأن سومنات غاضب عليها ، فتقدم محمود بجيش كثيف العدد والعدة ، وعندما أدرك الهنود أن محمودا منتصر لا محالة ، عرضوا عليه الكثير من الذهب والأموال ولكنه رفضها ، وشدد من حصاره حتى تغلب على الهنود وحطم سومنات فوجد بداخله من الذهب أضعاف ما عرضه الهنود وبذلك حقق نصرا دينيا ودنيويا عظيما ، وكان ذلك عام 416 هـ.

( راجع ابن الأثير ، حوادث عام 416 هـ)."" 

المقالة السادسة والثلاثون حكاية 8

الأبيات من3117 -   3138

قيل ، عندما تقدم محمود شيخ الملوك ، من غزنين قاصدا محاربة الهنود ، رأى جيشا عظيما للهنود ،

فامتلأ قلبه بالغم من هذا الحشد ، ونذر السلطان العادل في ذلك اليوم نذرا ؛

حيث قال : إن أظفر بهذا الجيش ، فكل غنيمة اغتنمها في هذا المكان ، سأوزعها كلها على فقراء الطريق . .

في النهاية أدرك السلطان النصر ، وأحاط بغنائم تفوق الحصر ، فكل جزء واحد من الغنيمة ، فاق كل ما يجول بخاطر أي حكيم مائة مرة ،

وما أن غنموا غنائم تفوق كل الحدود ، ولحقت الهزيمة بأولئك السود ،

حتى قال السلطان لأحد معاونيه في الحال : احمل هذه الغنائم للفقراء والمساكين ، حيث نذرت ذلك للحق منذ البداية ، وذلك لأكون صادقا في عهدي وفيا به . .

قال الجميع : كيف يمكن إعطاء هذا الذهب الوفير وذلك المال الكثير لحفنة من الصعاليك ؟ .

إما أن تعطيها للجنود حتى يكفوا عن الغضب ، وإما أن توضع في الخزانة .

ظل السلطان يفكر مليا في ذلك وتملكته الحيرة بين هذا وذاك ، وكان أبو الحسين رجلا حكيما ، كما كان ولها مجذوبا .

وكان يمر بين الجند فما أن رآه السلطان من بعيد ،

حتى قال : إنني أطلب استدعاء هذا المجذوب ، لأسأله ، وسأفعل ما يفتي به .

فهو متحرر من السلطان والجند ، وما يقوله سيكون بعيدا عن الأغراض ، وهكذا استدعى السلطان الرجل المجذوب ، وطرح القصة عليه أمام الجمع .

قال المجذوب : أيها السلطان ، فقد وصل أمرك إلى هذه الديار بدانقين ، فإن ترغب في ألا تكون على صلة به ، فلا تفكر في هذين الدانقين أيها العزيز ، وإن ترغب في أن يكون لك به صلة مرة أخرى ،

فلا تقلل من أمر الدانقين بعد ذلك ، وليتملكك الخجل . وإذا كان الحق قد نصرك ، وجعل أمرك موفقا ، فقد فعل ما خصه ، فأين ما يخصك أنت ؟

وفي النهاية نثر محمود ذلك الذهب ، وفي النهاية أصبح محمود ذلك السلطان الموفق .

"" أبو الحسين : لعله شيخ الشيوخ أبو الحسين أحمد بن محمد بن جعفر النيسابوري المعروف بابن سالبه ، وكان من كبار مشايخ الصوفية في فارس في أواخر القرن الرابع الهجري وأوائل القرن الخامس توفي عام 415 هـ ( مما يجعله معاصرا للسلطان محمود الغزنوي 387 - 421 هـ ) ودفن في بيضاء فارس .انظر : شد الإزار في حط الأوزار عن زوار المزار . معين الدين أبو قاسم جنيد الشيرازي ، تصحيح محمد قزويني وعباس اقبال طهران 1247 هـ . حواشي ، ص 476 .""

التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: