الاثنين، 4 مايو 2020

79 - شرح تجلي لا يغرنك للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

79 - شرح تجلي لا يغرنك للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

79 - شرح تجلي لا يغرنك للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
79 - متن تجلي لا يغرنك
يا مسكين ! كم يضرب لك المثل بعد المثل ولا تفكر .
كم تخبط في الظلمة . وتحسب أنك في النور .
كم تقول : أنا صاحب الدليل ، وهو عي الدليل .
ومتى صحبك تفتري عليه .
لا يغرنك اتساع أرضه ، كلها شوك ولا نعل لك . كم مات فيها من أمثالك كم خرقت من نعال الرجال فوقفوا فلم يتقدموا ولم يتأخروا فماتوا جوعاً و عطشاً ! .

79 - إملاء ابن سودكين: 
«ومن تجلي : لا يغرنك ، ونصه : يا مسكين مالك ... جوعا وعطشا. 
قال جامعه سمعت شيخي سلام الله عليه يقول ما هذا معناه: لا يغرنك ما تسمعه منه أو تراه قبل أن يعرفك بمراده في ذلك . 
كقوله : اعمل ما شئت . هذا لفظ يحتمل الوعد ويحتمل الوعيد بحسب القرائن . قوله : يا مسكين .. ولا تفكر. 
قال سلام الله عليه الفكر على ضربين : مذموم وهو فكر أرباب الخلوات فإن الفكر يفسد محلهم، وفكر محمود وهو فكر الاعتبار في آلاء الله وفي مخاطبته لك في الكتاب والسنة .
وقوله : كم تقول.. الدليل . 
أي أن صاحب الدليل إنما طلب نتيجة دليله وكانت النتيجة هي الحق المطلوب له ، وقد أخلی دلیله من الحق لكونه إنما نظره في مدلول دليله . 
ولو كان نظره في الدليل لكان الدليل عنده هو عين المدلول . 
وقوله : متی صحبك تفتري عليه ، أي أنك فارقته في الدليل، ولا يوصل إلى الحق إلا بالحق . 
ولو استصحبته في عين الدليل لصحبك في المدلول . لكنك فارقته من أول قدم . والبداية عنوان النهاية . 
قوله : لا يغرنك اتساع .. من أمثالك.. الخ.
أي لا يغرنك كثرة الطرق إليه فإنه ما من قدم يطأها سالك من جميع عباد الله إلا وتحتها آفة من الآفات . 
فمن عرف تلك الآفة واتقاها كان المتقي هو الذي تحقق أنه على بصيرة من ربه . 
ومن جهلها ثم أتي بعد ذلك بخمسين وجها من وجوه الحق في ذلك القدم الواحدة ، كان ما فاته من تلك الآفة الواحدة يرجح بجميع الوجوه التي تحصل له من الحق في تلك القدم.

قال سيدي سلام الله عليه : ولقد سألني بعض الأكابر فقال : هل رأيت سيئة واحدة أفسدت ثمانين حسنة . 
فقلت : هذا إذا كانت السيئة لا تنقسم ، فكيف إذا انقسمت . 
قال رضي الله عنه : وفي هذه الأرض الواسعة تحقق المحاسبي ، رحمه الله ، بمعرفة آفاتها . 
وأما أبو یزید ، رحمه الله ، مع جلالة قدره فإنه لم يثبت له فيها قدم ، إلى أن استغاث بربه فأعطاه شيئا من أشيائه . 
قال شيخنا رضي الله عنه : ولما كشف لي عن هذه الأرض کنت قايما أصلي خلف الإمام، وقد قرأ الإمام : يا عبادي إن أرضي واسعة ، فصحت صيحة عظيمة ثم غبت عن حسي، ولم أصح في طريق الله قط سوى هذه الصيحة . 
فلما أفقت أخبرني الحاضرون عندي أنه وضعت حامل كانت مشرفة على سطح يشرف على ذلك المسجد. 
وغشي على أكثر الجماعة. ثم في ذلك المشهد الذي غبت فيه عن حسي، أطلعني الله على حقيقة هذه الأرض ، وأشهدني حقایق آفاتها . 
فلا أرى حركة في العالم بعد ذلك ، إلا وأعلم من أين انبعثت ، وإلى أي شيء غايتها ، بإذن الله تعالی وحسن تأییده . والله يقول الحق ".

 79 - شرح تجلي لا يغرنك

406 - هذا التجلي يتضمن تحريض النفوس السائرة في مناهج الحق لطلب ما هو الأمر عليه . 
قال قدس سره : (يا مسكين ما لك يضرب لك المثل بعد المثل ولا تفكر) فيما ينطق به الكتاب والسنة وفيما يظهر لك من المخاطبات الفهوانية ، ولست أنت من تنظر الاعتبار وتتفكر فيما خاطبك الحق به فتعرف مراده تعالى من ذلك. 
نعم، لا تفكر لك حالة توجهك إلى تفريغ محلك من السوي فإن الفكر إذ ذاك يشغل محلك بما ليس بمطلوب من الصور الفكرية فيفسده بها. 
(كم تخبط في الظلمة) أي في ظلمة الجهالة القاضية بحصر الحق في بعض الوجوه وتخلية بعضها عنه (وتحسب أنك في النور) حيث زعمت أن دليلك انتهى بك إلى الحق (كم تقول: أنا صاحب الدليل، وهو عين الدليل) ولولا هو كذلك لما اهتديت به إلى الحق ، فبالحق اهتديت إلى الحق. 
(ومتی صحبك) الحق (تفتري عليه) حيث تزعم أنك فارقته في الدليل وصحبته في مدلوله . 
والحق أنه صحبك في عين الدليل إلى المدلول . فالحق في الحقيقة هو موصلك إلى الحق. ولكنك فارقته بزعمك في أول قدم استدلالك . والبداية عنوان النهاية . 
ولو صحبك في دليلك ومدلوله وبدايتك ونهايتك في نفس الأمر، ولست أنت واجده هكذا لما كنت على شيء. فإن من الكمالات المختصة بك وجدانك إياه عين كل شيء وإلا حكم كونه هكذا بالنسبة إلى كل شيء على السواء فأين اختصاصك.

407 - ثم قال : ( لا يغرنك اتساع أرضه ، كلها شوك ولا نعل لك. كم مات فيها من أمثالك كم خرقت من نعال الرجال فوقفوا ولم يتقدموا ولم يتأخروا فماتوا جوعا وعطشا ) لعله أراد باتساعها ، كثرة الطرق إلى الله . 
يقول : ولو كانت الطرق إليه كثيرة لا تحصى عددا ولكن لك في كل نفس وتحت كل قدم آفة وأقلها . تعارض حکمي الوجوبية والإمكانية . 
والأمرية والخلقية بحكم المغالبة فيك في كل نفس . والحرب سجال لا يدري أن الغلبة لأيهما لا بل تعارض أحكام الأسماء الجزئية المتقابلة المتوجهة إلى قابليتك بما لها من أصلها الشامل . 
فإن كلا منها يطلبها أن تقوم بحق مظهريته وظهور خصائص حيطته. 
وهذا التعارض إنما يعطي التعويق والوقفة والخمود والفترة في حال البداية وهي المعبر عنها بقوله : فوقفوا لم يتقدموا ولم يتأخروا . 
وإنما حصصنا التعارض بالأسماء الجزئية. إذ لها الولاية والتأثير في حال البداية بحکم الأكثرية. 
وأما في النهاية فالولاية والتأثير الأسماء الكلية، وتعارضها إنما يعطي التمانع فيبقى القابل فيه مطلقا عن الميل والتقيد. 
فيحصل له في إطلاقه الاختيار والحكم والاقتدار . فيميل ويتقيد بأي اسم شاء مهما شاء من الأسماء المتقابلة اختيارا . فافهم.

.
التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: