الاثنين، 18 مايو 2020

المقالة السابعة والعشرون عذر طائر آخر الأبيات من 2365  – 2445 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

المقالة السابعة والعشرون عذر طائر آخر الأبيات من 2365 – 2445 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

المقالة السابعة والعشرون عذر طائر آخر الأبيات من 2365  – 2445 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد بن أبي بكر إبراهيم بن أبي يعقوب إسحاق العطار النيسابوري

المقالة السابعة والعشرون عذر طائر آخر الأبيات من 2365 – 2376

قال له آخر : يا طاهر الاعتقاد لم تمر بي لحظة واحدة وفق المراد ، فقد قضيت عمري كله في غم دائم كما كنت بائساً في هذا العالم ،

وكم أنا مهموم إذ غص قلبي بالأحزان وأعيش في مأتم دائم بسبب هذه الأحزان ،

وعشت على الدوام في عجز وحيرة وأكون كافراً لو أني شعرت بالسرور لحظة وبسبب كل هذا عشت أسير المشقة ، وسيصيبني الفناء والضياع إن تقدمت في الطريق خطوة ،

فإن لم تكن هذه الهموم قدري لكان القلب غاية في السرور بهذا السفر ، ولكن إذا كان قلبي مفعماً بالأحزان فماذا أفعل ؟

وقد قصصت عليك حالي فماذا أفعل ؟

قال الهدهد : أيها المغرور لقد أقبلت مفتوناً ولهاً وغرقت من أولك إلى آخرك في الهوى ، عليك بالتخلي لحظة عن كل ما هو مرغوب ومكروه في هذه الدنيا ، فكل من يتخلى عن هذه الأشياء لحظة فإنه يتخلى عن عمره بدون ذلك الجنون .

إن تتخل عنك الدنيا فتخل عنها أنت أيضاً واتركها دون أن تعيرها اهتمامك أبداً ، وكل من يربط قلبه بشيء غير باق فلن يظل قلبه حياً على الإطلاق ..

المقالة السابعة والعشرون حكاية 1

الأبيات من 2377 – 2391

كان أحد السالكين عالي الهمة لم يشرب قط من يد مخلوق أي شربة ،

فسأله سائل : يا من ينتسب إلى الحضرة العلية لم لم تتولد لديك في الشرب أي رغبة ؟!

قال : إنني أرى الموت يقف متأهباً فإن أشرب فسرعان ما ينقض ، ومع هذا الموت الموكل بي يوجد سمي إن أشرب ،

وكيف تكون شربتي عذبة مع هذا الموكل بي ؟

إنها ليست من ماء الورد بل من نار ..

كل شيء لا يبقى إلا لحظة لا يساوي نصف دانق حتى ولو كان هذا الشيء هو العالم ، لا يكون الوصال من أجل ساعة فكيف أقيم بنياناً بغير أساس ؟؟!

إن كنت سيء الحال لعدم تحقيق المراد فإن البعيد عن النوال يكون في لحظة قريب المنال ،

وإن يصبك مكروه أو ألم فهذا مجال فخر لك لا مجال حسرة وتألم ،

وكل ما أصاب الأنبياء من بلاء لا وجه شبه بينه وبين ما حدث في كربلاء ،

ما يبدو لك في صورة ألم يعد في نظر ذوي العقول كنز والعناية تحرسك في كل لحظة ،

كما يملأ إحسانه عالمك كلية ولكن لا نستطيع تذكر إحسانه وإنما ترى القليل من إيلامه فأين دليل المحبة في هذه الحال ؟؟!

فامض يا عديم اللب ويا من كلك قشور ، إن كانت المحبة تلزمك في طريق العشق فيلزم أيضاً الاضطراب والدوار لروحك ورأسك كذلك . 

المقالة السابعة والعشرون حكاية 2

الأبيات من 2392 – 2405

كان يوجد ملك حسن الطوية وقد أنعم ذات يوم على غلام بفاكهة فكان الغلام يأكل فاكهته بنهم

وقال : لم آكل ما هو أفضل منها وأطعم ، ولحسن ما كان يأكل الغلام تولدت لدى الملك رغبة في الاقتسام

فقال : أيها الغلام أعطني نصفها فما أطيب ما تأكله من طعام .

أعطى الغلام الفاكهة للملك وعندما تذوقها ذلك الملك وجدها مرة فقطب الجبين وقال : إن ما فعلته لا يمكن حدوثه مطلقاً إذ كيف يصبح هذا الشيء المر حلواً يؤكل ؟؟!

قال الغلام : يا ملك الملوك لقد أتحفتني بآلاف التحف من يدك ، فإذا كانت الفاكهة جاءتني من يدك مرة فلا أستسيغ إعادتها ثانية ،

إن كنت تنعم علي بالكنوز في كل لحظة فكيف يصيبني شيء واحد مر بأي غصة ؟

وإن كنت أعيش في كنفك فكيف أشعر بالمرارة من يدك ؟

إن أصابتك مكاره كثيرة في طريقه فاعلم يقيناً بأن ذلك كنز وكفى ، وأمره نافذ من البداية إلى النهاية فماذا أنت صانع إذا نفذ أمره ؟!

وما أن عزم المحنكون على المسير فما طعموا لقمة دون غصة أو ألم ، وكلما جلسوا ليطعموا خبزاً أو ملحاً فما كسروا كسرة خبز قفار بلا حزن أو ألم . 

المقالة السابعة والعشرون حكاية 3

الأبيات من 2406 – 2413

قال أحد العظماء لصوفي : كيف تمضي أيامك يا أخي ؟

قال : كنت أقيم في موقد حمام وقد أقمت فيه صادي الشفة مضطرباً ، ولكنني ما قضمت رغيفاً واحداً بالموقد حتى لا تقطع رقبتي .

إن كنت باحثاً عن السعادة في هذا العالم أو مستسلماً للنوم فكلاهما سواء ، ولكن إن تبحث عن السعادة فعليك بالاحتياط حتى تصل كالرجال إلى هذا الصراط ،

لا وجه للمسرة في هذا العالم كله إذ لا تساوي المسرة قيمة شعرة واحدة ،

أي نفس موجودة شبيهة بالنار ومن ذا عاش سعيداً في كنفها ؟؟!

فإن تطف بالدنيا كالفرجار تجد السعادة نقطة واحدة لم يلحظها أحد .

المقالة السابعة والعشرون حكاية 4

الأبيات من 2414 – 2419

قالت تلك العجوز لشيخ ميهنة : ادع لي بالسعادة لقد تحملت المكاره قبل هذا ولم تعد لي طاقة أكثر من هذا ، فإن تعلمني دعاء السعادة فسيكون بلا ريب ورداً لي كل يوم .

قال لها الشيخ : لقد انقضت فترة من الزمن وأنا راكع على هذا الحال ، وكثيراً ما أسرعت إلى ما تطلبين فلم أر ذرة واحدة ولم أجد ما تطلبين ،

فإن لم يظهر دواء لهذا الداء فكيف تبدو السعادة للمرء ؟!

المقالة السابعة والعشرون حكاية 5

الأبيات من 2420 – 2431

جلس سائل أمام الجنيد وقال : يا من أصبح صيداً لله بلا أدنى قيد كيف يحصل الإنسان على السعادة ؟؟!

قال : في نفس الساعة التي يكون فيها واصلاً ، وطالما لم تمتد إليك يد السلطان بالوصل فجزاؤك عدم التوفيق .

إنني لا أرى ذرة هائمة تنعم بالاستقرار إذ لا طاقة لها بوصل الشمس ، وإن تغرق الذرة في بحار الدم فمتى تتحرر من هذا الهم ؟؟!

الذرة ذرة مهما كان نوعها وكل من يقول بغير ذلك مغرور ، فإن يقلبوها لا تبق على حالها فهي ذرة وليست عيناً لامعة ،

وكل من ينشأ من الذرة أولاً يكون أصله في الحقيقة الذرة نفسها ، وإن لم تفن كلية في شمسها فأي ذرة حظيت بخلودها ؟؟!

إنها ذرة سواء أكانت غاية في الحسن أو غاية في القبح ولو تركت عمراً ما خرجت عن أصلها ،

وأنت أيتها الذرة تسيرين كالثمل على أمل أن تصبحي في دورانك كالشمس ، ولكنني أتذرع بالصبر ،

فيا من لا يقر لك قرار كالذرة متى ترى عجزك واضحاً جلياً ؟؟! 

المقالة السابعة والعشرون حكاية 6

الأبيات من 2432 – 2445

قال الخفاش ذات ليلة : إن شعاع الشمس لا ينفذ إلي من أي منفذ وأعيش عمري مشوباً بالذلة وكأني أنهيه دفعة واحدة ،

فهل أقضي السنين والشهور مطبق العينين حتى أصل في النهاية إلى ذلك المكان ؟؟! ( أي حيث توجد الشمس ) .

قال له من يتمتع بقوة الإبصار : أيها الثمل المفتون ، إن الطريق بينك وبينه يحتاج إلى آلاف السنين ،

وكيف يكون الوصول في هذا الطريق أمراً هيناً بالنسبة لك ؟

وكيف تستطيع النملة القابعة في بئر الوصول ولو إلى القمر ؟؟!

فقال الخفاش : لا خوف يعتريني وسأواصل السير حتى تتضح لي نتيجة هذا العمل .

قضى الخفاش سنوات ثملاً فاقد الوعي وقد عدم القوة والجناح والريش حتى أصبح في النهاية ذابل الجسد محترق الروح وألم به الضعف والوهن ،

ولما لم يصله أي خبر من الشمس قال : ربما أنني تجاوزت الشمس .

قال له أحد العقلاء : إنك في سبات عميق فكيف تخطو وأنت لا ترى الطريق ؟؟!

والآن تقول : لقد تجاوزتها ، لذا أبدو ضعيفاً عاجزاً .

أشعر هذا الكلام الخفاش بالذلة وهذا كل ما تبقى منه ثم اتجه إلى الشمس معترفاً بعجزه ،

وفي الحال بدأ يتكلم بلسان الروح حبث قال : لعلك أدركت طائراً بصره حديد فلا تبتعدي عنه قيد أنملة بعد هذا .

قال هذا الكلام مما به من حرقة وألم فجادت الشمس عليه بتحقيق الأمل وأصبح الضياء من نصيب الضرير وأقبل الحظ فأحال المسكين غنياً .

التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: