الأربعاء، 20 مايو 2020

المقالة الثانية والأربعون في وصف وادي التوحيد الأبيات من 3673 - 3778 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

المقالة الثانية والأربعون في وصف وادي التوحيد الأبيات من 3673 - 3778 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

المقالة الثانية والأربعون في وصف وادي التوحيد الأبيات من 3673 - 3778 .كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين العطار النيسابوري

كتاب منطق الطير للعارف بالله فريد الدين أبو حامد محمد بن أبي بكر إبراهيم بن أبي يعقوب إسحاق العطار النيسابوري

المقالة الثانية والأربعون في وصف وادي التوحيد الأبيات من 3673 - 3680

بعد ذلك يأتيك وادي التوحيد ، فيقبل عليك منزل التجريد والتفريد ، وعندما تسحب الوجوه من هذه الدنيا إلى صحراء التيه ، فسيرفع الجميع رؤوسهم من فتحة واحدة ، وسواء رأيت كثرة أم قلة ، فسيكون الكل واحدا بلا شك ، فإن يكثر تداخل الواحد في الواحد دواما ، فسيتوحد الواحد في الواحد تماما ، ولن يتم لك هذا الفرد الأحد لأن ما يتم لك هو الفرد المتعدد ، وإذا خرج ذلك عن الحد والعد ، فاقطع النظر عن الأزل والأبد ، وإذا تلاشى الأزل ، فالأبد خالد ، ولا أهمية لهما معا في حد ذاتهما ، فإذا كان الكل عدما ، فهذا كله عدم أيضا ، وما هذه كلها إلا عدم في الأصل .

المقالة الثانية والأربعون حكاية 1

الأبيات من  3681 - 3685

قال رجل عظيم لذلك الواله : ما هذا العالم ؟ وما تلك الدار كذلك ؟

قال : إن هذا العالم غاص بالشهرة والسمعة ، وهو كنخلة من شمع مزدانة بألوان عدة ، فإن يحك أحد هذه النخلة بيده ، فإنها تتحول إلى قطعة شمع بلا شك .

وإذا كان الجميع شمعا ، ولا شيء غير ذلك ، فامض لأن هذه الألوان لا تساوي درهما ، فإذا كان أحديا ، فلا يمكن أن يكون ثنائيا ، كما لا يخرج من هذا الأنية ولا الأنتية . .

المقالة الثانية والأربعون حكاية 2

الأبيات من   3686 - 3718

مضت تلك العجوز إلى أبي علي ، وكانت تحمل صحيفة من ذهب ، فقالت : خذ هذه مني ،

فقال الشيخ : إنني على عهد ، وهو ألا أخذ شيئا قط إلا من اللّه لا من أحد ،

فقالت العجوز في الحال : يا أبا علي ، من أين لك في النهاية هذا الحول ؟

إنك لست رجل حل وعقد في هذا الطريق ، فكيف ترى الغير إن لم تكن أحول ؟

ليس في عين الإنسان هنا إلا شيء واحد ، حيث لا وجود هنا للكعبة أو الدير .

إذا وصل السالك إلى حد القلب ، ووصل في الطريق إلى تلك المرتبة ، فإنه يسمع منه كلاما بينا ،

ويبقى وجوده به دواما ، ولن يرى أحدا قط غيره لحظة ، ولن يعرف أحدا خالدا سواه ، ويكون دائما فيه ومنه ومعه ، ولكنه خارج عن نطاق الثلاثة كلها .

كل من لا يفنى في بحر الوحدة ، غير خليق بالآدمية ، حتى ولو كان آدم نفسه ، وكل من كان من أهل الفضل ، أو من أهل العيب ، له شمس في جيب الغيب ،

وسيأتي يوم في النهاية ، وتضمه الشمس إلى حوزتها وترفع النقاب ، وكل من وصل إلى شمسه ، اعلم يقينا أنه تخلص من كل حسن وقبيح .

إن فنيت أدركت العشق والمحبة ، كما تدرك الحسن هناك ، وتتخلى عن السوء هنا ، لكن إن تظل في وجودك ، فسترى الحسن والسيء في هذا الطريق الطويل ، فما أن جئت من العدم إلى الوجود ،

حتى جئت أسير وجودك ، فيا ليتك تكون الآن كما كنت أولا ، حيث كنت عن الوجود معطلا ، فطهر نفسك كلية من الدنية ، ثم أسلم هذه النفس إلى.

الريح بعد ذلك وارها التراب ، وما بداخلك من حسد وضجر تراه أعين الرجال ، لا عينك أنت ، ومن أين لك أن تعلم ما بداخلك ، سواء أكان مبردا أو موقدا ؟

ففي داخلك موقد مليء بالتناين ، وقد حررتها وأنت في غفلة ، ثم اختفى التنين والعقرب تحت حجبك ، حيث ناما وأخفيا نفسيهما ،

فإن تفسح لهما المجال قيد شعرة ، فإنك تجعل كل واحد منهما بمثابة مائة تنين .

لكل فرد نار مليئة بالتنانين ، فطالما تتوقف عن العمل ، فالنار تواصل العمل . وإن تتخلص منها وتتطهر ، تصبح سعيدا في رقدتك بين الثرى ، وإلا فستظل العقارب والتنانين تلدغك تحت التراب لدغا شديدا حتى يوم الحساب .

وأنت يا عطار ، متى تتخلص من هذا الكلام المجازي ، وتعود إلى سر أسرار التوحيد ؟

فعندما يصل السالك إلى ذلك المكان ، يتلاشى الرجل والمكان من الطريق ، يتلاشى لأنه هو وحده الظاهر والبادي ، ويلزم الصمت ، لأنه وحده المتكلم والناطق ، ويفني الجزء ، ويبقى الكل ،

ثم يفنى الكل والجزء معا ، وتبدو الصورة مثيرة للعجب ، وقد فنى العضو ، كما فنت الروح ، وتتولد كل أربعة ، من كل أربعة وتخرج مائة ألف من مائة ألف ، وترى في مدرسة هذا السر العجيب أنه قد صديت شفاه مائة ألف نجيب .

ما قيمة العقل هنا وقد وقف بالباب عاجزا ؟

كما ظل كطفل ضرير أصم ، وقد ضاع منه كل سر حصله عن هذين العالمين ، ولست إلا شعرة من هذا الشخص ، فكيف يتأتى سر من شعرة في الدنيا ، فإن انعدم هذا الشخص بالكل ، فالكل هم هذا الشخص ، وسواء كان العدم أو الوجود ، فهذا الشخص موجود .

المقالة الثانية والأربعون حكاية 3

الأبيات من  3719 - 3730  

قال لقمان السرخي  : إلهي ، إنني شيخ هرم ولهان ضللت الطريق ، وإن العبد الطاعن في السن يكافأ بوثيقة عتقه وإطلاق سراحه ،

أما أنا فما زلت عبدا لك يا إلهي ، وقد ابيض شعري الأسود . إنني عبد تحمل الكثير من الغم ، فامنحني السعادة ، لقد أصبحت شيخا ، فانعم علي بوثيقة العتق والحرية .

قال له هاتف : يا من يعد من خواص الحرم ، إن كل من يطلب الخلاص من العبودية ، عليه أن يفني عقله وتكليفه معا ، فتخل عن كلا الاثنين ، وسر في الطريق .

فقال : إلهي ، إنني أطلبك أنت على الدوام ، وليس لي بالعقل والتكليف أي اهتمام .

وأخيرا خرج عن حدود العقل والتكليف ، وظل يرقص مما تملكه من جنون ، ويقول : إنني لا أعرف الآن ، من أنا ، فإن لم أكن عبدا ، فمن أنا ؟

لقد انمحت العبودية ، وانعدمت الحرية ، وما تبقت ذرة هم أو بارقة سعادة في القلب ، وهل عدمت الصفة ؟

أم أنني أتسم بأي صفة ؟

وهل أنا عارف ؟ أم أنني عدمت المعرفة ؟

ولا أعلم أأنا أنت ، أم أنت أنا ؟ فقد فنيت فيك وتلاشت الأنية .

"" لقمان السرخسي : جاهد كثيرا في بداية سلوكه الطريق ، وفجأة أنعم عليه بالكشف وولى منه العقل ، وقد وردت هذه الحكاية في ( أسرار التوحيد في مقامات الشيخ أبي سعيد )

وذكرت : أن لقمان سمع بعد تضرعه من يقول له : " يا لقمان قد اعتقناك " .

ويقول مؤلف أسرار التوحيد ، إن الدليل على عتقه أن أخذ منه العقل والتكليف .

انظر : أسرار التوحيد في مقامات الشيخ أبي سعيد لمحمد بن المنور بن أبي سعيد ترجمه : إسعاد عبد الهادي قنديل ؛ القاهرة : ص 40 – 41. ""

المقالة الثانية والأربعون حكاية 4

الأبيات من  3731 - 3739

ما أن وقع أحد المعشوقين قضاء وقدرا في الماء ، حتى أسرع عاشقه وألقى بنفسه في الماء ، وعندما اقترب كل منهما من الآخر ، سأل المعشوق العاشق قائلا : أيها الجاهل إذا كنت قد سقطت أنا في هذا الماء الجاري، فلم ألقيت بنفسك في لجته؟

فقال : لقد ألقيت بنفسي في الماء ، لأنني لم أعرف نفسي من نفسك ، فقد مضى وقت بلا ريب حتى أصبحت أنا أنت ، وأنت أنا ، وأصبحنا واحدا ،

فهل أنت أنا ، أم أنا أنت ؟

وإلام كانت الثنائية ؟

فإما أنني أنت ، أو أنك أنا ، أو أنك أنت أنت ، وعندما تكون أنت أنا، وأنا أنت على الدوام ، يكون جسدانا واحدا والسلام .

وإذا كانت الثنائية بيننا ، فالشرك قد أصابك ، وإذا انمحت عنا الثنائية ، فالتوحيد قد أدركك .

أفن نفسك في اللّه ، فهذا هو التوحيد ، وافن الفناء نفسه ، فهذا هو التفريد .

المقالة الثانية والأربعون حكاية 5

الأبيات من 3740 - 3778

كان يوما كله يمن وسعادة ، يوم أن قام جيش محمود بالعرض ، فقد سار صوب الصحراء عدد وفير من الفيلة والجنود ، وكانت هناك ربوة اعتلاها السلطان محمود ، 

ومضى في رفقته إياز وحسن ، واستعرض ثلاثتهم ذلك الحشد ،"" حسن الميمندي : وزير السلطان محمود الغزنوي .""

وأصبح وجه العالم من كثرة الفيلة والجند ، كطريق سدته النمال والجراد ، وما رأت عين العالم مثل ذلك الجيش ، وما رأى شخص قط جيشا كثيف العدد كهذا الجيش ،

وبدأ السلطان الحديث قائلا لغلامه إياز : أيها الغلام ، لتكن هذه الفيلة وأولئك الجند تحت إمرتك ، فأنت السلطان بالنسبة لهم ولي .

ومع أن السلطان العظيم قال هذا الكلام ، فإن إياز لم يأبه به ، ولم يحرك ساكنا ، ولم يوجه أي شكر للسلطان ،

ولم يقل غير : ماذا قال لي السلطان ؟ 

اضطرب حسن ، وقال : أيها الغلام ، إن كان السلطان يبالغ في احترامك ؛

فلم تجلس هكذا بلا أدب ؟

ولم لم تحن ظهرك وتقدم للسلطان الشكر ؟

ولم لا تحترمه الاحترام اللائق به ؟

فما فعلته لا يليق أمام السلطان .

عندما سمع إياز هذا الخطاب كله ، قال : إن القول يرد عليه بجوابين ، أما الجواب الأول : إن هذا الشخص الوقح ، إذا أراد أن يقدم الشكر للسلطان ، فإما أن يركع بخضوع أمامه ،

وإما أن يتكلم بذلة أمامه ، وسواء أكثر من هذا أمام السلطان أو قلل ، فإن ذلك سيكون نابعا من جهله أمام السلطان ، فمن أكون أنا حتى أقوم بهذا العمل ؟

ومن أكون حتى أشعر بأنني جدير بتقديم الشكر ؟

فالعبد عبده ، والتشريف تشريفه ، فمن أكون أنا وأمر الجميع أمره ؟

إن ما يظهره السلطان المظفر كل يوم لإياز ، ومنه ذلك الكرم الذي أظهره اليوم لإياز ، لا أعلم كيف يكافأ عليه ، غير أن كلا العالمين يدعوان له ، وأي مكانة لي في هذا العرض حتى أبدو فيه ؟

ومن أكون حتى أظهر فيه ؟

ولا أستطيع تقديم أي خدمة له أو شكر ، كما لا أمثل أمامه ، فمن أكون حتى أكون جديرا به ؟

إنني لا أستطيع تقديم أي خدمة له ، حيث قد قدمت كل ما عندي وهو أني ربيت قلبي وروحي في مضمار عشقه .

عندما سمع حسن هذا القول من إياز قال : أحسنت يا إياز يا عالما بالحق ، ومن الإنصاف القول بأن كل لحظة من أيام السلطان ، جديرة بمئات الإنعام لهذا السلطان ،

ثم قال له حسن : لتقل الجواب الثاني .

فقال : ليس من الصواب قوله أمامك ، حيث لا أقوله إلا إذا انفردت بالسلطان ، إذ لابد لهذا القول من محرم يحافظ عليه ، ولما كنت غير محرم لذلك ،

فكيف أقوله لك ، ولست أنت السلطان ؟

ثم أبعد السلطان حسنا عن مجلسه ، فمضى حسن حتى توسط الجند ، ولما خلت الخلوة ، من ( نحن ) ومن ( أنا ) ، ولما كان حسن كشعرة ، فقد ولى ،

فقال السلطان : إننا في خلوة فقل السر ، وقل لي ذلك الجواب الخاص .

قال ( اياز ) : في كل آونة يشملني السلطان بلطفه وعطفه ، وينعم علي أنا المسكين بنظرة ، ففي ضياء شعاع تلك النظرة يمحى وجودي كلية ،

وقد تطهرت في تلك الساعة من الطريق حياء من شمس عظمة السلطان ،
وما دمت سأفنى كلية من عالم الوجود ، فكيف أشكرك بالانخراط في السجود ؟

فإن تر أحدا في ذلك الزمان ، فليس هذا الشخص أنا ، إنما هو السلطان ، وإن تتلطف معي مرة أو مائة مرة ،

فأنت تفعل هذا مع نفسك ، والظل الذي يختفي في الشمس كيف يقدم أي خدمة من أي صنف ؟

وإياز ظل في محرابك ، وهو يتلاشى أمام شمس طلعتك ، فإذا فنى عبد عن نفسه ، فهو فان ، وافعل ما يعن لك ، فأنت تعلم أنه فان .

التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: