الأربعاء، 6 مايو 2020

94 - شرح من تجليات الحيرة للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

94 - شرح من تجليات الحيرة للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

94 - شرح من تجليات الحيرة للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
94 - متن تجلي ومن تجليات الحيرة
كيف تريد أن تعرف بعقلك من مشاهدته عين كلامه ، وكلامه عين مشاهدته ؟ ومع هذا إذا أشهدك ، لم يكلمك ؛ وإذا كلمك ، لم يشهدك !
بالله !
تدري ما أقول ؟ ـ لا بالله ! ولا أنا أدري ما أقول .
كيف يندري ؟
من يقبل الأضداد في وصفه  . . .ويقبل التشبيه في نعته ؟
هيهات ! هيهات !لا يعرفه غيره . . .والفوق ، تحت التحت ، من تحته !
قد فزت بالتحقيق في دركه . . . يا عابد المصنوع من نحتهِ
أين أنا منك ؟ وأنت الذي . . . تخاطب الصامت من صمته
وقد قيل في هذا المعنى :
هكذا يعرف الحبيب فمن لم . . . يعرف الله هكذا فاتركوه
خضعوا لي فمر قلبي إليهمُ . . . وأتى بابهم فما تركوه
مَلَّكوه حتى إذا هام فيهمُ . . . مَلَكوه وبعد ذا أهلكوه

94 - إملاء ابن سودکین : 
"ومن شرح تجلي الحيرة، وهذا نصه : كيف تريد أن تعرف بعقلك... وبعد ذا أهلكوه". 
قال جامعه سمعت شيخي يقول ما هذا معناه : 
كيف تحب أن تعرف بعقلك من جمع بين الأضداد؟ وشرح هذا التجلي فيه ، لأن الحيرة لا تقبل الشرح. إذ لو شرحت ما كانت حيرة . 
قوله : "قد فزت بالتحقيق في درکه یا عابد المصنوع من تحته" أي أصبت وجه الحق في نفس الأمر. وأقبلت على أمر ثبوتي . 
وذلك أن الحق تعالی وإن كان منيع الحمى عزيزا فقد أنزل نفسه إلى عباده منزلة في غاية النزول، وهذا غاية النزول الإلهي ، من باب الرحمة إلى العبيد . 
فلما رأينا أنا نحن خلق له . ومع ذلك قد توجه إلينا توجها مخصوصا حتى كأنا قد تعبدناه بذلك . 
بحيث يقول :"سنفرغ لكم أيها الثقلان " [الرحمن :31] ، و: "كل يوم هو في شأن" [الرحمن:29]، فما رأيناه قط إلا مشغولا بنا. 
فلهذا قلنا : «فزت بالتحقيق»، لأنك أوجدت شيئا واشتغلت به . 
كما أنه تعالى أوجدنا واشتغل بنا، مع كونه له النزاهة المطلقة، وكذلك تجلت هذه الحقيقة لهذا الناحت ، فأظهرت فيه حكمها على غير علم منه بالحقيقة المؤثرة. 
ولكن عرف ذلك فقط العارفون بأحكام الحقایق . 
ولما لم يعرفها الناحت ، تعلق به الذم وأورثه ذلك الشقاء لجهله بالأثر وبالنسبة . 
ثم قال في البيت الآخر: «أين أنا منك وأنت الذي تخاطب الصامت في صمته» أي ليس ذلك في قوة أحد أن يكون عين الصمت عنده هو عين الكلام. 
فنفس صمتك هو نفس خطاب الحق لك. فعين الصمت هو عين الكلام . 
وليس في هذا التجلي أشكال من هذين البيتين ، فلذلك وقع الاختصار على بعض وجوه شرحهما. وبالله التوفيق »
 94 - شرح من تجليات الحيرة 

461 - إذا حكم الواجد حالة الحيرة على مشهوده بحكم يجده في عين ذلك الحكم على حكم آخر، ويستمر وجدانه على هذا المهيع ما دام هو في الحيرة .
كمن حكم على الحرباء بلون فيجده في عين ذلك اللون المحكوم به عليه ، على لون آخر. فلم تثبت الحرباء لعين الباصرة لمحة على لون.

462 - قال قدس سره : ( كيف تريد أن تعرف بعقلك من عين مشاهدته عين كلامه، وعين كلامه عين مشاهدته ومع هذا إذا أشهدك لم يكلمك ، وإذا كلمك لم يشهدك ) يقول : إن الشهود عين الكلام. ولا شهود إذا كان الكلام ، ولا كلام إذا كان الشهود . فالضد في الحيرة عين ضده . 
وحالة كونه عينه ليس عينه ، فأين العقل من هذا المدرك العجيب . فللحائر أن يقول للعاقل : بالله تدري ما أقول ؟ لا بالله ولا أنا أدري ما أقول) پرید دراية تدخل تحت ضابطة العقل .

463 -  (كيف تدري: من يقبل الأضداد في وصفه)  كما ذكرنا آنفا (ويقبل التشبيه في نعته) 
 أي في عين تنزيهه عنه . 
فما نص في عالم البيان على التنزيه من نحو: " ليس كمثله شيء " إلا أفاد التشبيه . وما نص على التشبيه من نحو: "وهو السميع البصير" [الشورى:11]. إلا أفاد التنزيه . ثم قال : 
(هيهات لا يعرفه غيره) فمن ذاق هذا المشرب العذب إنما ذاق بالحق لا به .
(والفوق تحت التحت من تحته) إذ له تعالی فوقية ذاتية نزيهة . 
بها يقال عليه: "وهو القاهر فوق عباده" [الأنعام : 18] لا من نسب الجهات . 
فإذا اعتبرتها مع ما له جهة الفوقية حقيقة كجرم العرش مثلا. وجدت فوقيته بالنسبة إلى الفوقية الذاتية تحت التحت حتى من تحته . 
المقول عليه : «لو دليتم بحبل لهبط على الله». 
كأنه يقول : إن نسبة الجهات المتقابلة بالفوقية والتحتية لمن جمع فيه بين الضدين مطموسة فما له الفوقية بالنسبة إليه تعالى هو تحت التحت من تحته إن كان هو ممن يقبل التحتية ، على وجه قبل الفوقية . 

464  - ثم قال : (قد فزت بالتحقيق من درکه ….  یا عابد المصنوع من نحته) 
يقول : إن الحق تعالی منزه أن ينسب إلى صورة وجهة. أو تنسب الصورة والجهة إليه. ولكنه تعالی رحمة على عباده تنزل بأدنى تجلياته المقول عليها تارة : «مرضت وجعت وظمئت» . 
وتارة : " كل يوم هو في شأن " [الرحمن:29] و: "سنفرغ لكم آيه الثقلان" [الرحمن:31] . 
حتى إنك واجده في قلبك حين صليت ، وفي الكعبة حين توجهت إليها وفي العموم على مقتضی: "فاينما تولوا فثم وجه الله " [البقرة:116] . 

وفي الخصوص على مقتضى: «أنا عند المنكسرة القلوب، والمدرسة القبور». ولذلك قال المحقق لعابد الوثن : «قد فزت بالتحقيق» من وجه اشتغالك بما هو فعلك ، كاشتغاله بما هو فعله ، فإن قوله تعالی : «سنفرغ لكم» مشعر بهذا الاشتغال . وأنت تعبد في اشتغالك الإلهية في الحقيقة حيث سميته بالإله . 
والإلهية في الحقيقة، قبلة العبودية مطلقا ، وهي للحق المتجلي في كل شيء لا لمنحوته. 
فخطأ عبدة الأوثان من حيثية نسبة الإلهية إلى الصورة المنحوتة وحصرها فيها لا من حيث كونهم عبدوا الإلهية. 

قال تعالى : "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه" [الإسراء:23] . 
فالحصر أفاد أن العبادة لم تكن إلا للإلهية، سواء عرف ذلك أو لم يعرف . 
فلو عرف لكان اعتقاده نظير اعتقاد من توجه في صلاته إلى الكعبة . 
غير أنه كان يخرج في هذا العقد والعبادة عن حد التوقيف . 
إذ ليس للإنسان أن يتوجه إليه تعالی في عبادته حيث شاهد وجهه . 
وتحقيق ما قصد قدس سره في معنى البيت في حجاب الغموض عن أفهامنا، وحيث جهلناه ، فالقصور منا . 
ثم قال :
(أين أنا منك وأنت الذي    …   تخاطب الصامت في صمته) 
هذا أيضا من مهيع الجمع بين الضدين في طور هو وراء طور العقل. إذ ليس في قوة أحد أن يكون عين صمته عين كلامه إلا هو تعالی . کما ليس في قوة أحد أن يكون آخرا من حيث كونه أولا، وظاهرا من حيث كونه باطنا. 

465 - ثم قال : (هكذا يعرف الحبيب ومن لم يعرف الله هكذا فاتر کوه)
أي أهملوا أمره ولا تقتدوا به فإن معرفته ناقصة لا يعبأ بها . 
ثم قال :
(خضعوا لي فمر قلبي إليهم  ….    وأتی بابهم فما تركوه) 
يقول : إنهم أظهروا لي في مبادئ الأحوال آثار العناية المشعرة بحسن حالي عندهم في المسابقة. 
فأرسلوا إلي رسل الأنوار الساطعة من بطائن غیوب محتدي ، تترى ، حتى تلهف قلبي في مشاهدتها إليهم. فمر قاطعا مسافة السير إلى الله حالتئذ، فأتی بابهم الذي هو مطلع غرة سيره في الله ، فما تركوه على وقفة تشعر بالمنع والحجاب . 
ثم قال :
(ملكوه حتى إذا هام فيهم  ….   ملكوه وبعد ذا أهلكوه) 
أي أعطوه القوة الإلهية حتى شاهد بها الحق في تنوع تجلياته المتواردة عليه مع الأنفاس ، حتى إذا هام في شهودها واستمر في الهيمان ، ملکوه بإرسال البارقات القاضية عليه بالفناء الأول. وبعد ذلك أهلكوه بمحو موهومه ، ورفع رسومه بالكلية حتى لم يبق منه عين وأثر.

.
التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: