الثلاثاء، 26 مايو 2020

الفصل الثاني في معرفة تلك المفاتيح وتمييزها . كتاب الشجرة النعمانية للشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

الفصل الثاني في معرفة تلك المفاتيح وتمييزها . كتاب الشجرة النعمانية للشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

الفصل الثاني في معرفة تلك المفاتيح وتمييزها . كتاب الشجرة النعمانية للشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

شرح كتاب الشجرة النعمانية للشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الأندلسي

الفصل الثاني في معرفة تلك المفاتيح وتمييزها

اعلم أيها الأخ أن المفاتيح الغيبية تنحصر في خمس مفاتيح لا غير ، منها مفتاحين عظيمين شريفين هما أعظم المفاتيح . .

المفتاح الأول منها هو الوحي بواسطة الملك للأنبياء والمرسلين وقد سدّ بابه مكلفا بخاتم المرسلين محمد المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام بقوله :

« أنا لبنة التمام » رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

"" أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : « مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنيانا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة قال فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين ». ""

والمفتاح الثاني الإلهام الروحي وهو لكل الورثة إذا بلغوا مقام التمكين الكلي وشروطه معلومة لهم ، وما عدا هذين المفتاحين

ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

القسم الأول

يؤخذ من الأحاديث النبوية والإخبارات المصطفوية التي أخبر بها المصطفى صلى اللّه عليه وسلم في عقود حديثه ، وأسرّ بها إلى خواص أصحابه رضي اللّه عنهم كسيدنا الإمام علي رضي اللّه عنه وأضرابه من الصحابة ،

وهي كثيرة جدا قد دوّنوها دواوين وأتقنوها غاية الإتقان ، وقد استنبطوا منها جملة من العلوم السرية بحسب الوقت والقابل ،

فأول من شرح مضمونها وأظهر مكنونها سيدنا علي رضي اللّه عنه وسماها بالجفر الجامع

وجعل الابتداء من وفاة الرسول صلى اللّه عليه وسلم لكون باب الاختلاف كان مقفولا في أيام حياته ،

وفتح حين قالت فيه الأنصار منا أمير ومنكم أمير ، وقفله الاتفاق على بيعة الصديق رضي اللّه عنه وفي النفوس ما فيها حتى أفضى الأمر إلى قتل الخلفاء الثلاثة وكان ما كان وقصتهم مشهورة ،

ثم هذا العلم ينفرد به الواحد من بعد الإمام علي رضي اللّه عنه إلى يومنا هذا وإلى آخر وقت ، وهذا القسم الأول من الثلاثة أقسام التي ذكرناها .

القسم الثاني

هو معرفة حركات الأفلاك وأحكام الكواكب السبعة المسخرة المرتبة في مراتبها ، ومعرفة طلوعها في شروقها وغروبها واقترانها واجتماعها وافتراقها ومواصلتها

وسيرها في مراتبها ، وما يحدثه الحق سبحانه وتعالى في العالم بموجب حركات سيرها كالرياح والأمطار والرعود والبروق والزلازل والفتن والرخاء والغلاء ، وحدوث الأمراض على اختلاف أنواعها وتأثيرها على الأمزجة والطبائع في الفصول الأربعة وتأثيرات العناصر ،

وبذلك يعرف ما أودع الباري سبحانه فيها من الأسرار الإلهية إذ لا تأثير لشيء في شيء إلّا بإذنه وإرادته ومشيئته ، خلافا لمن زعم أنها فعالة بالاستقلال . .

حاشا وكلا فهو سبحانه بلا اختلاف إن شاء اللّه ، وإن شاء كما خلق الإحراق في النار وأبطله في قصة إبراهيم عليه السّلام.

"" يشير إلى قوله تعالى :قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ ( 68 ) قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ ( 69 )[ الأنبياء : 68 ، 69 ] .""

وخلق الإغراق في الماء وأبطله في قصة موسى عليه السّلام .

"" يشير إلى قوله تعالى :فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ( 63 )[ الشعراء : 63 ] . ""


وخلق القطع وأبطله في قصة سيدنا إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام .

""  يشير إلى قوله تعالىَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ( 102 ) فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ( 103 ) وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ ( 104 ) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ( 105 ) إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ ( 106 ) وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ( 107 )[ الصافات : 102 - 107 ] . ""


فهو سبحانه له النقض والإبرام ، ومن هنا كذب المنجمون من الفلاسفة والحكماء ، فمن عرف الطوالع والغوارب وأحكام الحركات الفلكية وأتقنها الإتقان الشافي بمعرفة البرج والدقائق والثواني والثوالث والروابع والخوامس وجميع الأصول المتفق عليها في الاصطلاح عرف بعض ما يليق بمعرفة الأفلاك . .

القسم الثالث

من المفاتيح يؤخذ من طريق الحروف ومعرفة طبائعها وحارها وباردها ورطبها ويابسها ومخضها وتركيبها وأعدادها وإسقاطاتها ومزجها وتعديلها واستنطاقها بعد تنزيلها في الجداول الحرفية والأوفاق العددية ولقطها وإخراج أزمنتها .

ويسمى هذا القسم بالزايرجة وتلك الحروف المذكورة هي حروف أي جاد التسعة والعشرين بحرف لام ألف

وهي مقسمة على الطبائع الأربعة كل قسم سبعة حروف .

فالنار لها : « أ ، هـ ، ط ، م ، ف ، ش ، ذا » .

والهوى له : « ج ، ز ، ك ، س ، ق ، ث ، ظ » .

والماء له : « د ، ح ، ل ، ع ، ر ، خ ، غ » .

والتراب له : « ب ، و ، ي ، ن ، ص ، ث ، ض » .

واللام ألف : فيه جميع الضدين الماء والنار كما هو مشهور عند كل عارف وهذه الحروف المذكورة موزعة في ملء الدائرة الخلقية لكل حرف خدمة هي وظيفته ، والأمر في نفسه على هذا المنوال كقوله تعالى :ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ[الملك : 3 ].

واعلم أن الأسماء والمسميات كلها تحت حيطة هذه الحروف ،

فالألف القائم هو كأول أفراد النوع الإنساني وبقية الحروف كأولاده ،

والنقطة أصل الجميع والكل في قبضة قهر القدرة الأزلية لا تتحرك ذرة في الكون إلّا بإذن الحق تعالى ولا تسكن حركة إلّا بإذنه سبحانه ،

فجميع ما في الكون من الحوادث إنما هو آثار الأسماء الإلهية ظهرت في صور المخلوقات على طبق مراد الحق سبحانه وتعالى ، ونحن نسميها حوادث ووقائع تتنوع لكثرة مظاهرها واختلاف مقاصد مظاهرها هذا هو المتفق عليه فافهم ، واللّه أعلم ،

ولما كان الأمر على ما قررناه نقول :

إن هذه الأقسام الثلاثة التي هي علم الجفر ؛ علم الغيب وعلم الفلك وعلم الحرف معلومة بأصول وضوابط لا يقال إنها علم غيب أبدا إذ علم الغيب شرطه أن يكون مجردا عن المراد والبسائط الكونية وهذه العلوم لولا هي ما علمت العلوم .

وأما المعلمين السابقين فمن طريق الوهب والفيض الأقدس ، أما الإعلام بالوحي فغير مكتسب بل اللّه يختص برحمته من يشاء ، والعلم بالإلهام لا مادة له إلّا الوهب الإلهي فاعلم ذلك وتدبره ترشد إلى سواء السبيل . .

وحيث انتهى بنا البحث إلى هنا ونبّهنا على الأقسام الخمسة وميّزنا بينها وبين بعضها ، فلنرجع إلى ما نحن بصدده من شرح دائرة الشيخ الأكبر رضي اللّه عنه ، التي هي الشجرة النعمانية المخصوصة بالدولة العثمانية

والتنبيه على رموزها وإشاراتها وألغازها وسبب عقدها على دائرة كرة مصر دون غيرها من المدن والأمصار فنقول وباللّه التوفيق . .

أما سبب تخصيص مصر بهذه الدائرة فلكون مصر محل كرسي الوقت المشار إليه دون غيرها والأمصار المتعلقة بها تابعة لها ،

فلا يصح التخصيص إلّا لها ، وأيضا لكونها نقطة حسن على خد ملاحة في مطلق أقاليم البسيطة بما اختصت به من الأوصاف الكاملة ، هذا هو سبب التخصيص .

وأما الرموز والإشارات والألغاز فهي بحكم اصطلاح القوم إذ لا سبيل إلى التصريح مطلقا ، لأن التصريح بالعلوم السرية من سوء الأدب ، وذلك غير لائق بمقامات القوم ، فإنهم لو صرحوا بالعلوم السرية لوقع الخلل في نظام ترتيب الحكمة الكونية وفي ذلك ما فيه من التعطيل وغيره . .

بل نعم ما فعلوا من إسبال الستور على وجوه البدور في الخدور ، وقد أبقوا حل ما هناك ومعرفة حل تلك الرموز الألغاز على حكم اصطلاحهم حتى تؤخذ بالتلقين من المرشد مشافهة فافهم .

قال الشيخ رضي اللّه عنه ونفعنا به : د

دائرة كرة مصر ومقدار أفقها لا تزال بادعة مع حكامها في مخادعة ، ولأثقال الأمور موادعة حتى يقابل المريخ كيوان في آخر درجة الميزان تخرج من يد آل عثمان . .

اعلم أيدك اللّه بروح منه أن الأصل في ذلك ما أشار إليه الشيخ رضي اللّه عنه قبل عقد هذه الدائرة بقوله : إذا انقضت قاف الجيم قامت ميم سليم .

"" يقصد الشيخ رحمه اللّه تعالى سليم الأول سلطان الدولة العثمانية الذي عاش بين الأعوام من 1512 - 1521 م . ""


في القران الكبير وتقابل الجيشان .  

"" الجيشان : هما جيش السلطان سليم وجيش الشاه الفارسي إسماعيل .""

بخط النهروان واصطدم من عنصر الهوى حرفان ، فالرابع غالب والخامس مغلوب في دليل على أنه سيكون حركة كبرى بين ملكين عظيمين بأرض النهروان بالقرب من شط الفرات ، ويكون السين صاحب التمكين لأن السين رابع حرف من عنصر الهوى ، ويكون القاف مقلوب بل تقضي دولة بإشارة إذا انقضت قاف الجيم .

ثم قال ويثبت الكاف للسين في الميم في القرآن إلى القرآن وحدة دولته في عدد حروف الاسم مقدد سليم 140 قسم .

وأما المغلوب فهو القاف قاف الجيم سيظهر ويملك مصر وما يليها من الأقطار وهو جركسي الأصل ، تفسير اسمه ماء الدم .

"" يشير الشيخ إلى السلطان المملوكي قانصوه الغوري الذي هزمه السلطان سليم في عام 1501 م في معركة قتل فيها وتولى بعده ابنه طوقان باي حكم مصر . وقانصوه بالشركسية : أي ماء الدم . ( تاريخ العالم الإسلامي لعمر رضا كحالة ، دمشق ، المكتبة الهاشمية 1958 ) . ""


وزمان انقضاء دولته كظ 920 ، وفيه القران المشار إليه والقائم عليه من حروف عنصره حرف سين يعضده ألف وخاء ، وفي تغليب هذا السين على مصر يكون الاستيلاء على كامل جزيرة العرب إلى تخوم المغرب مع أطراف اليمن . والأقطار الحجازية ودولته أصلح الدول في القرن العاشر حتى تتم القرون ببقية العدد في إشارة المريخ تكون إشارة الخروج المبينة في دائرة الشجرة عند قوله حتى يقابل المريخ كيوان في آخر درجة الميزان تخرج من يد آل عثمان .

اعلم وفقك اللّه لفهم المعاني ، ومشاهدة المباني ، أن قوله تخرج من الزمان وذلك يكون بظهور صاحب الزمان.

"" يقصد بصاحب الزمان الإمام المهدي رضي اللّه عنه الذي يظهر آخر الزمان ، وردت به أحاديث كثيرة منها

قوله صلى اللّه عليه وسلم : « لو لم يبق من الدهر إلا ليوم لبعث اللّه رجلا من أهل بيتي يملؤه عدلا كما ملئت جورا » مصنف ابن أبي شيبة

ومنها قوله صلى اللّه عليه وسلم : « لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل من أهل بيتي يوطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما » الحاكم المستدرك على الصحيحين . ""


الذي تنقلب له الأعيان، وفي أرض خراسان ينتشر خبر ما بين كرمان إلى أرض نعمان.

"" كرمان ونعمان هما منطقتان من أراضي خراسان سابقا ، أراضي إيران الجمهورية الإسلامية حاليا ، واللّه أعلم . ""


ذلك هو الذي تكون له البيعة عند الغلبة وتأتي رايات صاحبه من وراء النهر هو الذي يشارك سين الختم العثماني ظاهرا وينفرد بالحكم والتصريف باطنا .


هذا معنى الخروج المشار إليه في القران الذي يكون في آخر درجة الميزان وتبقى مدة الختم وبنيه مدة آخر ألف ونون ويتصور اسم قائم لأن في عدد هذا الاسم ظهور راعي الغنم في فلاة من أرض عند باب الحديد من أرض المشرق . عدة جيشه كاسمه ينتهي أمره إلى جواز أرض قرمان . ""  منطقة واقعة في جنوب تركيا .""


ويرهقه خوف صاحب الباب فيتفرق جيشه من حوله ويهلك في فرشه فافهم . واللّه الموفق لا رب غيره .

وقوله لا تزال بادعة يعني يحدث فيها الحوادث ومع حكامها مخادعة يعني بالخدعة ، ولا تقال الأمور موادعة يعني لا تدوم شدتها ، لأن الموادعة مفارقة حيث يقابل المريخ كيوان بشرط أن يفترقا في آخر درجة من الميزان ، لأنهما طالما اقترنا في آخر درجة من الميزان وما وقع ذلك الخروج .

التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: