الجمعة، 1 مايو 2020

51 - شرح تجلي الطبع للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

51 - شرح تجلي الطبع للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

51 - شرح تجلي الطبع للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
51 – متن نص تجلي الطبع
قد يرجع العارف إلى الطبع في الوقت الذي يدعوه الحق منه لأنه لا يسمع من غيره إذ لا غير له نداء أصلاً ....
وليحفظ نفسه في الرجوع لأن الطبع قهراً تقصده العادة ...
فينبغي به أن لا يألف ما تقضيه الطبع أصلاً .
وقد رأينا من هؤلاء قوماً انصرفوا من عنده على بينة منه ثم ودعهم وما ناداهم فألفوا الطبع باستمرار العادة فتولد لهم صمم من ذلك فنودوا نداء الإختصاص فلم يسمعوا فنودوا من المألوفات فسمعوا فضلوا واضلوا .
نعوذ بالله من الحور بعد الكور ومن الردة عن توحيد الفطرة .

51 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل : 
« ومن تجلي الطبع وهو: قد يرجع العارف إلى الطبع. . عن توحيد الفطرة .
 قال جامعه سمعت شيخي المذكور يقول في أثناء شرحه لهذا التجلي ماهذا معناه : الطبع هو ما تألفه النفوس بحكم العادة من أغراضها وما يرجع إليها ، لا من جناب الحق . 
فإن الحق سبحانه يتجلى للعارفين في الطبع من طريق الاختصاص الخارج عن حكم الطبع ، فيجيبه العارف من الطرفين . 
فإذا زال العارف عن هوى نفسه وبقي مع ربه ، رأى قد حصل له فرقان يتميز به عن أبناء جنسه فيرجع إلى المألوفات بناء منه على أنه ما بقيت تؤثر فيه الطباع فيسرقه الطبع والهوى حتى كأنه ما عرف ذلك الاختصاص. 
فالمتيقظ الذي يخشى الله ويخافه على نفسه يخرج من هذا الموطن في كثير من الأوقات إلى مقامه الأول ليتمكن فيه ثم يعود .
 وهذا إذا لم يكن أحكم العلامة بينه وبين الله تعالى ، والآفة الداخلة على مثل هذا ، أنه إذا ألف الطبع وناداه الحق من طريق الاختصاص وهو في الطبع فإنه لا يجيب . ويرى أن الطباع ما بقيت تؤثر فيه ويقول : قد وصلت لكونه يرى الحق في كل شيء. فيفوته نداء الاختصاص

وتلخيص القضية : أن السالك إذا تطهر وصفا وخرج عن هواه وأغراضه ، فتح له حينئذ. وكشف أنه كان أولا أيضا في أغراضه جاريا بحكم الحق . 
وأنه في حال إرادته وغير إرادته في تصريف الحق تعالی هذا نتيجة فتحه فيرجع إلى الطبع مع نظره إلى الله تعالی فإذا دعاه الحق ، دعاء اختصاص إلى أمر يخالف هواه يجد تغيرا فلا يجيب . 
ويقول : أنت معي في هذا الموطن الذي دعوتني منه أن أخرج عنه . 
فلا خروج لي فيسرقه الطبع ها هنا ويجذبه إلى البقاء مع هواه. 
فمن يرد الله به خيرا يوقظه. فإذا تيقظ عاد إلى أصول بدايته ومجاهدته فاستعملها حتى يقوى على هواه وتبقى رؤيته للحق في هواه وفي عدم هواه على وتيرة واحدة. 
ومتى تغير عند مخالفته غرضه لغير حق من حقوق الله تعالى ، فهو معتل ، فيتعين عليه الرجوع والتدارك ومتی صعب على السالك إجابة الداعي الذي ناداه نداء الاختصاص وهو أن يرجع إلى طهارته وتوبته ، فهو ممكور به . 
فإن وفق إلى الإجابة يسلك على التصفية حتى يخرج عن جميع هواه ويبقى توحيدا صرفا وحقا محضا ، بلا إرادة ولا هوى. 
فحينئذ تنور بصيرته فيرى الحق بالحق إذ قد صار حقا ، فيعود إلى المباح لرؤيته الحق . فإذا كان كيسا فهو يختبر نفسه بإخراجها عن هواها. 
فإذا رآها ساكنة عند مفارقة هواها شکر الله تعالى . ومتى أهمل السالك اختبارها وأطال استعمال الهوى والمباح تحكم فيه سلطان الطبع. 
فالحذر الحذر من الاسترسال مع الطبع بالكلية أيها السالكون . 
وأما قوله : إذ الغير لا نداء له أصلا وإذ لا غير له نداء أصلا. 
أي أن الحق وحده هو الذي ينادي ولا يصح أن ينادي . 
ولهذا لم يأت في القرآن العزيز قط : یا رینا ولم يتعبدنا الله تعالی» بأن نقوله ولم يأت حرف نداء قط من غيره ، وذلك من أعجب أسراره تعالى، وهو لحقيقة عظيمة. 
فهو تعالى ينادي من المقامات التي هي طريق الحق المشروع، والمنادي به مستغرق في طبيعته. 
فهو يناديه من طريق خاص وهو طريق الشرع والهدى ، والعبد في أسفل سافلين ، وهو عالم الطبيعة . 
فلسان طريق الاختصاص هو الذي دعاه، ولولا هذا لسقطت حقيقة النداء من الحق والخلق. فاعلم. 
وللحق سبحانه وتعالى خطابان : خطاب ابتلاء وخطاب رضاء. 
فخطاب الابتلاء لا يحب الحق من العبد أن يجيبه فيه ، وإنما يحب أن يعرفه فيه فقط. 
وهو ما يدعو العبد من نفسه وهواه إليه مما لا يوافق الشرع. 
وفايدة الاختبار، أن يراه الحق سبحانه وتعالى هل يثبت للأمر والنهي أم لا يثبت وأما خطاب الرضى فإن الحق يحب من العبد معرفته فيه وإجابته إلى ما دعاه إليه ، وهو خطاب الشارع و خطابه سبحانه للعبد بالمعارف الإلهية والقرب السنية ، إما بواسطة الملك أو بغیر واسطة.
مزید فائدة في قوله رضي الله عنه : وقد رأينا من هؤلاء قوما انصرفوا من عنده على بينة ثم ودعهم وما ناداهم فألفوا الطبع فسمعوا . 
أي دعوا كما تقدم فلم يجيبوا وقالوا : نحن مع الحق في الطبع فما خرج عنا شيء، فهذا هو المعبر عنه بالصمم لكونه لم يستجب إلى داعي الحق. 
قال شيخنا رضي الله عنه : وللشيوخ هاهنا مسلك مع المريدين وهو أم يأمر الشيخ المريد بأمر ما مرارة بحيث يستعمل ذلك ويألفه طبعه ، أو يعامله في الإقبال عليه بمعاملة مخصوصة ، ثم يغير عليه تلك العادة. 
فإن تغير المريد دل ذلك على أنه كان أولا مع ما وافق الطبع لا مع الحق. 
فيشرع الشيخ حينئذ معه في مسلك آخر، إن اعتنى به أو يهمله بحسب ما يعلم من مراد الحق فيه. 

300 - قال قدس سره في بعض إملاءاته : 
«الطبع ما تألفه النفوس من أغراضها بحكم العادة». (قد يرجع العارف إلى الطبع في الوقت الذي يدعوه الحق منه) أي من الطبع ، بمعنی أن يصير حكم التجلي بالنسبة إلى الأغراض النفسية وغيرها ، على السواء . 
ولكن يدعوه الحق من حيثية الطبع إلى حيثية أخرى خالصة من حكم الطبع، فيرجع العارف إلى ما ترغب فيه نفسه زعم بان الحق مشهود في الحيثيين على حد سواء، لا بل الحيثية المرغوب فيها، بحكم الطبع أقوى للمشاهدة . 

ولما كان تجلي الطبع اختصاصا إلهية في حق العارف ، وكان رجوعه إليه محتملا أن يكون بنداء الغير ودعوته ، منع قدس سره هذا الاحتمال ودفعه بقوله : 
(لأنه لا يسمع من غيره) أي من غير الحق إذ ذاك (إذ لا غير) هالك (له نداء أصلا) فعلم من هذا التعليل أن رجوعه إلى الطبع والأغراض النفسية بالحق لا بنفسه . 
ولكن حيث كان رجوعه إلى الطبع محتملا أن يعتضد بنزعات نفسية ورغبات عادية حذر قدس سره تحذيرا بقوله :

301 - (وليحفظ نفسه في الرجوع) إلى الطبع والأغراض النفسية ، (لأن للطبع قهرا تقصده العادة) فيأخذ النفوس استراقا إليه ويملكها من حيث لا تشعر. 
فلا يبقى شهود العارف خالصا عن الأمنيات النفسية ، المقول عليها : ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه" [الجاثية /۲۳] وشأن العارف في هذا التجلي أن لا يألف ما يقتضيه طبعه. 
فإنه ظافر في ميله المفرط إلى المرغوبات النفسية ، بشهود الحق كما ينبغي ، على تقدير عدم تشربه منها استراقا . 

ولذلك قال قدس سره :
(فينبغي له أن لا يألف) حينئذ (ما يقتضيه الطبع أصلا) فإن عدم تألفه بما يقتضيه طبعه، من مقتضى هذا التجلي ومقتضى طبع النفس أيضا

302 - (وقد رأينا من هؤلاء الذين رجعوا إلى الطبع ، (قوما انصرفوا من عنده) تعالی على بينة منه ثم ودعهم الحق وما ناداهم) أي تركهم فيما ألفوه حتى انطبعت نفوسهم عليه فلا يناديهم الحق من طريق الاختصاص. 
وإن ناداهم يتغيروا ولا يجيبوا ، ويقولوا: أنت معي في هذا الموطن الذي دعوتني منه أن أخرج عنه، فلا خروج لي فيسرقه الطبع إذن ويجذبه إلى البقاء مع هواه ، ولذلك قال : (فألفوا الطبع باستمرار العادة فتولد هم صمم من ذلك) أي من سماع نداء الاختصاص، حيث نبهوا على التدارك .
(فنودوا نداء الاختصاص) حتى يرجعوا عن مواقع المكر إلى محل التيقظ والتدارك ، (فلم يسمعوا واسترسلوا مع الطبع بالكلية .
(فنودوا من المألوفات فسمعوا فضلوا وأضلوا. نعوذ بالله من الحور بعد الكور ومن الردة عن توحيد الفطرة) وهو توحيد يعلم بديهة ، وهو بين بذاته .

والحمد لله رب العالمين ..
.
التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: