الجمعة، 1 مايو 2020

53 - شرح تجلي الحق والأمر للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

53 - شرح تجلي الحق والأمر للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

53 - شرح تجلي الحق والأمر للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
53 - تجلي الحق والأمر :

لله رجال كشف لهم عن قلوبهم فلاحظوا جلاله المطلق فاعطاهم بذاته ما تستحقه من الآداب والإجلال .فهم القائمون بحق الله لا بأمره .

وهو مقام جليل لا يناله إلا الأفراد من الرجال وهو مقام أرواح الجمادات ومن هذا المقام تدكدك الجبل فصعق موسى عليه السلام ولم يفتقر في ذلك الأمر بالتدكدك والصعق .

فهؤلاء خصائص الله قاموا بعبادة الله على حق الله وهم الخارجون عن الأمر ولله عبيد قائمون بأمر الله كالملائكة المسخرة الذي يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون وكالمؤمنين الذين ما حصل لهم هذا المقام فهم القائمون بأمر الله وهم القائمون بحقوق العبودية .
وأولئك القائمون بحقوق الربوبية فهؤلاء محتاجون إلى أمر يصرفهم وهؤلاء ينصرفون بالذات بصرف الخاصية .

53 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل : 
« قال سيدنا وشيخنا رضي الله عنه في متن هذا التحلي :
لله رجال كشف عن قلوبهم .. تصرف الخاصة . قال جامعه سمعت شيخي يقول في أثناء شرحه
هنا التجلي ما هذا معناه : أن هذا المقام في الطريق هو كشف ما عند الحق أي في الحالة المخصوصة التي يريد الحق ظهورها في محل عبده . 
فيقوم التجلي في مقام افعل». فيكون الفعل بالخاصية يعطيه التجلي بذاته لا بأمر زاید . 
هذا وإن كان قد تقرر أنه لابد من وجود الأمر عند التكوين لقوله تعالى : "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)" [يس : 82 ].
لكن كلامنا فيمن قام عنده الأمر لا في المأمور نفسه. لأن الهيئة القامة عبد العارف حال التجلي هي التي قيل لها: كوني . فكانت . فلا ينبغي لها أن تكون إلا عن أمر ، وكان العارف محلا مهيئا لظهور الحقائق الإلهية والتجليات الربانية ، لسلامة محله من الآفات كلها واعجب فتجلي الأمر هو تجلي الشرايع مطلقا حيثما وردت شريعة. وهو محل التكليف . 
وهو للملائكة وللنبوة البشرية والاية الطبية عند المرسل إليه هي وجود الطمأنينة من أرسل إليه وللملك خطابان أحدهما مجمل وهو الذي يأتي كصلصة الجرس لا جماله، وهو أشده على الطبع والخطاب الثاني تفصيلي، وهو أيسر التلقي وأهونه ولأولى أعلى وأما تجلي الحق فهو يعطيك ما يعطي الأمر بمجرد المشاهدة ، من غير أن يفتقر إلى خطاب.
وهو بمنزلة قراين الأحوال في الشاهد. كما اتفق للسلطان الذي نظر إلى جبل بعید علیه ثلج فسارع بعض المتيقظين من خدامه وأحضر الثلج. فسئل الخادم : من أين علمت ذلك .
فقال : لخبرتي بقراین أحوال الملك وأنه لا ينظر عبثا . 
فإذا وصل العارف إلى هذه المرتبة ، عبد الحق سبحانه وتعالى بجميع العبادات ويكون هو محلا للتجلي الذي حمله أول حامل في باب الأمر. ويقوم مقام الملك الأول الذي أخذ الأمر فنزل به إلى الأكوان . 
فصاحب هذا التجلي الذي هو تجلي الحق، يفعل فيه الحق بغير واسطة جميع ما يحصل لغيره بالوسايط ويكون ذلك موافقا لما جاءت به الشرایع لا يناقضه أصلا. وهذا التجلي المعبر عنه بتجلي الحق هو ملاحظة ما يقتضيه جلاله المطلق عز وجل. فالقايم إلى الصلاة من هذا التجلي الحقي لا تخطر له القرية ، لأنه لا يلاحظ العبودية بل هو مع ما يقتضيه جلال الحق. 

فلو سأله سائل عن سر عبادته لقال له : ما أعلم إلا أن قامت بي حقيقة أظهرت أثرها في فقط . وليس تجلي الأمر كذلك لأنه إنما قام عن الأمر المشروع . فهو يرى وظائف العبادة ويستحضرها في ذهنه ويحققها في نيته وعمله. 
وهذا التجلي الحقي هو مقام أرواح الجمادات.. ومن هذا المقام تدكدك الجبل وصعق موسی. فالصعق هو المفتقر إلى كن . 
وأما موسی علیه السلام والجبل فلم يفتقر بالأمر إلى الصعق الكون حقيقة الصعق قد ظهرت في محليهما القابل. فلم يبق إلا ظهور أثر الصعق . فصاحب هذا المقام الحقي هو مع الربوبية، وكانت العبودية فيه بحكم التضمين. 
وصاحب الأمر واقف مع عبودیته حاضر مع نفسه ، والربوبية له بحكم التضمين. وبين المرتبتين بون عظيم .
قال الشيخ : وقد أقمت في هذا المشهد الحقي نحو شهرين . 
فأهل هذا المشهد هم خصائص الله تعالى . الخارجون عن الأمر ما داموا في حكم هذا التجلي فاذا خرجوا عنه عادوا إلى مقام الأمر الذي هو مقام الحفظ فيرى العبد نفسه ویری مصرفه ویری کل مل يؤثر فيه من التوجهات الإلهية .
ويبقي نورا كله تصرف أنوار، وهو يشهد نوريته ويشهد الأنوار التي تعرفه . 
وهو أعلى الكشف في باب العناصر ، یکشف الهواء في الهواء وكذلك يكشف تجلى الماء في الماء الذي امتزج معه ، بحيث يميز كل منهما على حدته . وكذلك تكشف نفسك في تجلي الحق مع الحقايق . 
وأما التجلي الحقي فهو التجلي المهيمن من الملائكة الذين خلقهم الله تعالى له ولما يستحقه جلاله. 
وقد كان الشبلي رحمه الله تعالی صاحب وله وكان يرد إلى نفسه في حال الصلاة . فلم يكن له حقيقة هذا المقام. والله يقول الحق »

53 - شرح تجلي الحق والأمر

307 - مقتضي تجلي الحق في جلاله المطلق أن يظهر ما عنده تعالى في نفس العارف في حالة مخصوصة فيقوم العارف على مقتضاه ، فيظهر أثره في نفسه عبادة : من صلاة وصيام قياما بحقه تعالى لا عن أمر فيقوم التجلي في حقه «العارف» مقام : افعل ، إن فعل لابد من وجود الأمر عند التكوين لقوله تعالى : "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)" [يس : 82 ].

308 - وأما فعل التجلي في نفس العارف إنما هو بالخاصة لا بالأمر فإن الأثر الظاهر في نفسه هو ما أعطاه التجلي بذاته لا بأمر وخطاب زائد عليه . فهذا التجلي يعطيك بمجرد المشاهدة ما يعطيك الأمر فهولك بمنزلة قرائن الأحوال في المشاهد فالمتحقق بتجلي الحق لا يلاحظ
عبودية أصلا بل هو مع ما يقتضيه جلال الحق. حتى لو سئل عن سر عبادته لا يعلم.
اللهم إلا أن قامت به حقيقة أظهرت أثرها فيه فكان صلاة وصوما. ويكون ذلك الأثر موافقا لما جاءت به الشرائع لا يناقضه أبدا.

309 -  وأما جلي الأمر فهو مختص بالشرائع . وهو للملائكة وللنبوة البشرية .
والأمر الخطابي الوارد فيها، إما وارد بضرب من الإجمال : كصلصة الجرس وهو أشد على الطبع ، وإما وارد بضروب التفصيل وهو أهونه على محل التلقي .
فصاحب تجلي الأمر يرى وظائف العبادة ويستحضرها في ذهنه ويحققها في نيته وعلمه. 
قال قدس سره في نص هذا التجلي:

310 - (لله رجال کشف لهم عن قلوبهم فلاحظوا جلاله المطلق ) ، وهو الجلال المطلق» معنی يرجع منه إليه . 
ولذلك سلبهم عن ملاحظة السوي ، ما داموا في هذا المشهد. (فأعطاهم بذاته) بلا واسطة ، (ما يستحقه) أي كل واحد منهم بحسب استعداده (من الآداب والإجلال) اللائقة بالمقام. 
ولذلك إذا قام أثر التجلي بصورة العبادة كان موافقا لما جاءت به الشرائع (فهم القائمون بحق الله) على ما أعطاهم المقام، (لا بأمره) فمقتضی طبعهم القيام بحقه مع عدم ملاحظتهم قيامهم . 
(وهو مقام جليل لا يناله إلا الأفراد من الرجال) ولهذا لا حكم لمن قام بالأمر عليهم. (وهو مقام أرواح الجمادات) حيث لم يتوجه إليها الأمر فتسبيحها عن الطبع لا عن الأمر. 

(ومن هذا المقام تدكدك الجبل وصعق موسى عليه السلام ، ولم يفتقر في ذلك إلى الأمر بالتدكدك والصعق) فإن التجلي أعطى ذلك بمجرد المشاهدة . 
فصاحب هذا المشهد مع الربوبية بالكلية لا حضور له مع نفسه ولا مع عبوديته ، بخلاف صاحب الأمر، فإنه مع نفسه وعبوديته ؛ ومع الحق تكون عبوديته له وهو قبلتها . 
(فهؤلاء خصائص الله، قاموا بعبادة الله على حق الله) لا على حق العبودية . فإن عبوديتهم من أثر التجلي . فلا يعرفون وجوبها عليهم (وهم الخارجون عن الأمر) ما داموا في هذا المقام.

311 - (ولله عبيد قائمون بأمر الله) وهم مظاهر تجلي الأمر وهم مع أنفسهم وعبوديتهم يرون في مشاهدهم كل ما يتوجه إليهم من الحقائق الإلهية ، وما هو المطلوب من التوجهات الأسمائية من التصاريف في آفاق الوجود وأعماقه . ولهم کشف كل شيء في نفس ذلك الشيء على حدة : 
تكشف حقيقة الهواء في الهواء، والماء في الماء، والأرض في الأرض ، مع ما يتبعها من اللوازم التفصيلية . (كالملائكة المسخرة الذين يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون و کالمؤمنين الذين ما حصل لهم هذا المقام) أي مقام تجلي الحق القاضي بالعبودية على حق الله (فهم) أي المتحققون بتجلي الأمر هم (القائمون بأمر الله وهم القائمون بحقوق العبودية وهؤلائك ) أي أهل تجلي الحق هم (القائمون بحقوق الربوبية) على وجه ذكر آنفا . 
(فهؤلاء محتاجون إلى أمر يصرفهم فليس لذواتهم ولاية التصريف ، (وهؤلائك يتصرفون بالذات تصرف الخاصية). وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم.

.
التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: