الجمعة، 1 مايو 2020

59 - شرح تجلي سريان التوحيد للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

59 - شرح تجلي سريان التوحيد للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

59 - شرح تجلي سريان التوحيد للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
 59 – متن تجلي سريان التوحيد :
رأيت ذا النون المصري في هذا التجلي وكان أطرف الناس .

فقلت له : يا ذا النون عجبت من قولك وقول من قال بقولك : أن الحق بخلاف ما يتصور ويتمثل ويتخيل .

ثم غشي علي . ثم أفقت وأنا أرعد ثم زفرت .

وقلت : كيف يخلي الكون عنه والكون لا يقوم إلا به .
كيف يكون عين الكون وقد كان ولا كون ؟؟ !
يا حبيبي !! يا " ذا النون " .

وقبلته وقلت : أنا الشفيق عليك لا تجعل معبودك عين ما تصورته منه ولا تحجبنك الحيرة عن الحيرة وقل ما قال فنفيَّ وأثبت : " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ " [الشورى : 11] .

ليس هو عين ما تصور ولا يخلو ما تصور عنه .
فقال ذو النون : هذا علم فاتني وأنا حبيس والآن قد سرح عني فمن لي به وقد قبضت على ما قبضت .
فقلت يا ذا النون : ما أريدك هكذا .

مولانا وسيدنا يقول : " وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ " [الزمر : 47] .

والعلم لا يتقيد بوقت ولا مكانٍ ولا بنشأة ولا بحالة ولا بمقام .
فقال لي : جزاك الله خيراً ، قد تبين لي ما لم يكن عندي وتجلت به ذاتي وفتح لي باب الترقي بعد الموت وما كان عندي منه خبر .
فجزاك الله خيراً .

59 - إملاء ابن سودکین: 
«ومن تجلي سريان التوحيد وهو ما هذا نصه . رأيت ذا النون المصري في هذا التجلي وكان من أظرف الناس. . فجزاك الله عني خيرا. 
قال جامعه سمعت شيخي يقول في أثناء شرحه لهذا التجلي ما هذا معناه : 
أما سربان التوحيد فهو قوله تعالى : " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه " [الإسراء :23] . 
وذلك أنه ما عبد، حيث ما عبد في كل معبود إلا الألوهية . 
ورتب الله تكوين الأسباب عندها غيرة أن يكون جناب الألوهية مستهضما . 
ولذلك ذل الشريك لكونه واسطة إلى الإله . فبعد عن نسبة الألوهية . 
فصاحب الشريك أكثف حجابا وأكثر عذابا لأنه أخطا الطريق الخصوص بنسبة الألوهية إلى من لم يؤمر بنسبتها إليه . 
وأخطأ بإضافة الشريك الذي يقربه إلى الله زلفى . 
وقوله سلام الله عليه : رأيت ذا النون في هذا التجلي . هو كقول ذي النون وغيره : مهما تصور في قلبك وتمثل في وهمك فالله تعالی بخلاف ذلك . 
قال الشيخ : وهذا الكلام مقبول من وجه ، مردود من وجه. فرده : من كونك أنت الذي تصوره في وهمك وتضعه في تركيبك . 
وأما وجه قبوله : فهو إذا قام عندك ابتداء من غير تعمل له أو تفكير فيه ، فذلك تجل صحيح، لا يصح أن ينكر ولا يرد . 
واعلم أن جميع الأكوان على علم صحيح بالله تعالى فلا تنطق إلا عن حقيقة ، ولا يقع فيها من مظاهر الحق ، فلا يصح أن يخلو عنه كون أصلا لأنه متی أخليت عنه الكون فقد حددته .
ولا يصح أن يكون الحق تعالی عين الكون . فإنه تعالى قبل الكون ، كان ولا كون.
فإذا عرفته سبحانه من هذين الوجهين ، فهي معرفة الإطلاق التي لا حد فيها . 
فلا تحجبنك الحيرة من الحيرة بحيث تقول : قد حرت فيه فلا أعرفه .
بل من شرط معرفته تعالى الحيرة فيه فقل ما قال ، لما نفى وأثبت : "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" .
ثم ذهب ذو النون المصري إلى أن الترقي منقطع بعد الموت . 
وذلك إنما هو الترقي في درجات الجنة خاصة ، وأما الترقي في المعاني فدايم أبدا. فتعظیم جناب الحق دايم أبدا . 
وهي عبادة ذاتية عن تجل لا ينقطع ولا ينقطع مزيدها. 
وأما هذه العبادة التكليفية فهي الني تسقط بسقوط التكليف. 
فانظر إلى كل عبادة تنسب إلى ذلك فتميزها . وانظر إلى كل علم ذاتي فميره . والله يقول الحق .

59 - شرح تجلي سريان التوحيد
331 - سری توحيد الألوهية على مقتضى : "وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه" فيما عبد في كل معبود . 
فلم يعبد فيه « المعبود أي معبود » إلا الألوهية التي هي حق الإله . 
فلا خطا في عبادة الألوهية بل الخطأ في نسبة الألوهية إلى ما ليست بحقه.

332 - قال قدس سره : (رأيت ذا النون المصري في هذا التجلي و كان من أطرف الناس. فقلت له: يا ذا النون، عجبت من قولك، و قول من قال بقولك: إن الحق بخلاف ما يتصور ويتمثل ويتخيل)
وكيف يخلو من الحق کون ولا وجود له إلا بظهوره فيه . فالقائل بالتخلية قائل بالتحديد . 
فمن قال : إنه تعالی بخلاف ما يتصور فإنما قال به نظرا إلى حقيقته حقائق تجلياته وإلى جهة تنزيهها مطلقا. وأما من حيث ظهوره، فهو مع كل شيء بصورة ذلك الشيء. 
فالشيء بدونه لم يشم رائحة من الوجود . فعلى هذا إنما يقال : إن الحق إنما هو بحسب التصور والتخيل ونحوهما.

333 - وقال قدس سره : ( ثم غشي علي ) بشهود عظمة التجلي (ثم أفقت وأنا أرعد) بما أثمرت مقارنة القديم بالحادث من غير حجاب ( ثم زفرت ) عند شهودي ظهور الحق في الحقائق ووجودها به . 
( وقلت كيف يخلى الكون عنه ، والكون لا يقوم إلا به ) ومع هذا لا يصح أن يكون عين الكون ، ( كيف يكون عين الكون وقد كان ولا كون ) ثم قلت ( يا حبيبي یا ذا النون ، وقبلته وقلت أنا الشفيق عليك ، لا تجعل معبودك عين ما تصورته منه ولا تحجبنك الحيرة ) في التنزيه المطلق ( عن الحيرة ) في وجوه التشبيه ( فقل ما قال ) الحق في الجمع بين الحكمين (فنفى وأثبت) حيث قال : " ليس كمثله شئ وهو السميع البصير "[الشورى : 11] .
فأدرج التشبيه في نص التنزيه ، بالكاف ، وأدرج التنزيه في نص التشبيه بتقديم ضمير الفصل «هو» المفيد للحصر. 
فعلم أن ( ليس هو عين ما تصور ، ولا يخلو ما تصور عنه )

334 - (فقال ذا النون : هذا علم فاتني وأنا حبيس) البرازخ التي ليس فيها مقام الكثيب "موطن الرؤية في الجنة" .
( والآن قد سرح عني ) ما كان قابلا للاستفادة ( فمن لي به ) استفادة وإفادة . 

وقد قبضت على ما قبضت ولا أعرف وجه الترقي بعد الموت . 

(فقلت : يا ذا النون ، ما أريدك هكذا) أن تكون على قطع الرجاء وعدم الإشراف على موارد البغية . 
(مولانا وسيدنا يقول) عن الله تعالى :" وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " [الزمر/47] . 
فالترقي من حيث التجليات المختصة بالعبادة التكليفية ، ساقط بسقوط التكليف وما يختص من ذلك والترقي الذي يختص بالتجليات المختصة بالعبادة الذاتية التي لا تتوقف على الأمر. فدائم. 
وهكذا الترقيات المتجددة بتجدد العلم والشهود في المواقف الآجلة والمواطن الجنانية. 
ولذلك قال قدس سره
( والعلم لا يتقيد بوقت ولا بمكان ولا بنشأة ولا بحالة ولا بمقام فقال لي) : يعني ذا النون 
(جزاك الله خيرا قد أبين لي ما لم يكن عندي وتجلت به ذابي وفتح لي باب الترقي بعد الموت ، وما كان عندي منه خبر فجزاك الله عني خيرا ).

.
التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: