السبت، 2 مايو 2020

68 - شرح تجلي ري التوحيد للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

68 - شرح تجلي ري التوحيد للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

68 - شرح تجلي ري التوحيد الخروج للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
68 - متن تجلي رِيّ التوحيد :
لما غرقنا مع الجنيد في لجة التوحيد ومتنا لما شربنا فوق الطاقة .
وجدنا عنده شخصاً كريماً .
فسلمنا عليه وسألنا عنه فقيل لنا يوسف بن الحسين .
وكنت قد سمعت به فبادرت إليه وقبّلته وكان عطشاناً للتوحيد فروي فقلت له أقبلك أخرى قال : رويت.
فقلت له : واين قولك لا يروى طالب التوحيد إلا بالحق وقد روى الدون بما يسقيه من هو أعلى منه ولا ري لأحدٍ فاعلم .
فتنبه يوسف وهفا إليّ ! فاحتضنته .
ونصبت له معراج الترقي فيه الذي لا يعرفه كل عارف المعراج إليه ومنه حظهم لا غير .
وأما نحن ومن شاهد ما شاهدنا فمعارجنا ثلاثة إليه ومنه وفيه .
ثم يرجع عندنا واحداً وهو فيه فإن إليه فيه ومنه فيه .
فعين إليه ومنه فيه فمائم إلا فيه ولا يعرج فيه إلا به فهؤلاء أنت .
فتحقق هذا التجلي يا سامع الخطاب .

68 - إملاء ابن سودكين : 
«ومن تجلي ري التوحيد وهذا نصه : لما غرقنا مع الجنيد. فتحقق هذا التجلي يا سامع الخطاب. 
قال جامعه المستجلي لهذه البروق الإلهية اللامعة من مباسم ثغور الفهوانية
سمعت شيخي يقول في أثناء شرحه لهذا التجلي ما هذا معناه : لما غرقنا مع الجنيد ومتنا لما شربنا فوق الطاقة ، أي كان الوارد أقوى من المحل ، فمتنا أي فارقنا عالما من العوالم ، فوجدنا عنده يوسف بن الحسين وكان يقول : لا يروي صاحب التوحيد إلا بالحق فقبلته ، والقبلة إعطاء علم خاص بضرب من المحبة واللذة . 
فروي لما سقيته شربة واحدة فعلم من ذلك أن الحق لا يروى به أبدا لأنه تعالى ليس له غاية . 
فكل ما أعطاك تجلية أخذته منه وطلبت الغاية ، والغاية لا تدرك . 
فلا ري من حيث تجلي الحق. وإنما روي من الحق لا بالحق. 
وقد يتجلى العارف الكامل على من هو دونه في المرتبة لأنه يمده لوجود المناسبة بين الذاتين فيغمره من جميع حقایقه فيرويه . 
وذلك عند تقبيل الشيخ له ، فلما روى قال له : أقبلك أخرى . فقال : رویت . 
وقد رتب القوم في اصطلاحهم مراتب : الذوق ثم الشرب ثم الري . وعند المحققين أنه ليس للتوحید ذوق ولا شرب ليتصف بالري . 
والذي يتصف بالري والشرب إنما هو لقصور الشارب لكونه لم ير غاية بقيت له يشتاق إليها . فالتوحيد ليس له ري من كونه دلالة على الذات ، لكن له ري من حيث توحيد الأسماء من كونها تدل على معنی زاید . 
إذ للأسماء مرتبتان في التوحيد كما تقدم فإذا انتهيت في مرتبة اسم ما فقد رویت من ذلك الشرب. 
ولهذا انتقل إلى مرتبة اسم آخر. فكان الانتقال في مراتب الأسماء . وهذا توحيد الأسماء من كونها تدل على أمر زاید . وقوله : "نصبت معراج الترقي". 
قال رضي الله عنه فالذي عند الأكثرين أن المعراج إليه ومنه، أي هو عين البداية وعين النهاية. وأما المعراج فيه، فما كان عندهم منه خبر والمعراج فيه هو العروج إلى الحق في الحق بالحق. 
فهو عين السلم، لكونه  البداية والغاية والسفر. 
فهو «الكل»، ولما كان الترقي هو الأصل كان مصحوبك في الترقي "فيه" من البداية إلى النهاية . فلو كانوا عرفوا "فيه" ما سلكوا لكونهم كانوا يظفرون به من أول قدم. 
لكن لما رأوا "بداية" و"غاية" حينئذ سلكوا الفراغ الوسط عندهم. وليس هو شأن الأكابر. 
فإنهم يمشون مشية آخر، وهو «فیه» وكان الأصل المحقق إنما هو فيه». 
وما عدا ذلك هو نسب وإضافات. فعين إليه" ومنه " "فيه". 
ولا يعرج «فيه» إلا «به». فـ "هو" الذي عرج. فكأنه عرج بنفسه من نفسه إلى نفسه. وأنت المقصود بالفائدة على كل الوجوه . 
وأنت لا تتقيد لكونه تعالى لا يتقيد وهو مجال فأیدتك . 
وقد حصلت الفائدة ، لكن بعد أن لم تكن . 
وانظر إلى قول العارف: فكان بلا کون لأنك کنته . ولقد كاد العبد أن يضيع.
لكن وجود عينه لا يمكنه إنكاره لأنك وجدت شيئا لم یکن عندك ، ومزيدك متتال . 
فذلك الذي يجد المزيد هو العبد فهو يحصل المزيد من كونه عينا للحاصل.
لا أنه محصل بل الحق المحصل والحاصل والمحصول. 
وليس لعينك حينئذ «أين» ولا «كون» في "هو" لا "أنت". والله يقول الحق "

68 - شرح تجلي ري التوحيد
360 - ( ولما غرقنا مع الجنيد في لجة التوحيد ومتنا لما شربنا فوق الطاقة ) أي لما ورد علينا من الهبات الذاتية فوق وسع استعدادنا ، كما تقدم ذكره في تجلي بحر التوحيد، (وجدنا عنده شخصا كريمة ) أي مكرمة بما ظهر عليه من آثار الكمالات الغائية .
( فسلمنا عليه وسألنا عنه ) بلسان التعارف الأصلي ، سؤال العارف به . 
(فقيل لنا) من طريق السر (هو يوسف بن الحسين . وكنت قد سمعت به فبادرت إليه وقبلته ) تقبيل المتحابين.

361 - والتقبيل إنما يعطي شربا خاصا بضرب من المحبة واللذة. عند امتزاج ريقيهما ، وذوقا خاصا وعلما بما بينهما من الاتحاد المعنوي والاتصال الصوري . لاسيما عند امتزاج نفسيهما
حالة التعانق والتقبيل ، وامتداد كل من النفسين جزرا بحكم الامتزاج ، وانتهاء كل منهما من باطن قلب كل من المتحابين إلى باطن قلب الآخر، بل من عندية المقلب إلى عندية المقلب . فافهم. 
وقد تورث هذه الوصلة القاضية بالشرب والذوق ریا پستعقب سکونا ما وسلوا ولذلك قال قدس سره : ( وكان عطشانا للتوحيد ) أي لم يبلغ في مشرب التوحيد غاية تعطيه الري (فروي) بما ارتشف حالة التعانق والتقبيل مما حمل نفسه قدس سره ، من عندية مقلبه إلى باطن قلب یوسف ابن الحسين ، واتصل ذوقه بعندية مقليه . وأعطى العلم ذوقا بكمال الاتحاد بين الباطنين. 
ثم ظهر بسر الاتحاد في باطن قلبه قدس سره في باطن قلب الآخر. حتى روي ، فإنه سكن بوجدان المطلوب حالتئذ، فأزال برد الفوز به حرارة الفقد ولوعته ، فزال العطش . 
ولذلك قال قدس سره :

362 - ( فقلت له : أقبلك أخرى . قال : رویت ) قال : ( فقلت له : وأين قولك لا يروی طالب التوحيد إلا بالحق ) والحق لا نهاية له ، فلا يعطي توحيده الري . وكيف لا يعطي الري، وقد يروى الدون بما يسقيه من هو أعلى منه) فالري ممن لا نهاية لفيضه أولى وأجدر. انتهت صورة الاعتراض . وقد استأنف قدس سره يقول : (ولا ري) في التوحيد الذاتي الأحدي (لأحد فاعلم) فإن الري إنما يكون مسبوقا بالذوق ، ولا ذوق لأحد في التوحيد الذاتي : فإن توحيده إياه توحيده اللهم إلا في التوحيد الأسمائي من حيث دلالة الاسم على المعنى الزائد على الذات . 
فإن ذوق الفائز بتوحيد المعنى الزائد عليها ، إذا انتهی روی . 
ولهذا ينتقل في سيره في الله من اسم إلى اسم ومن تجل إلى تجل. 

363 - ( فتنبه يوسف ) بن الحسين لتحقيق ما هو الأمر عليه في التوحيد، بما ألقى إليه . فلما ذاق طعم مشروبه ( وهفا إلي ) يقال : هفا الطائر بجناحيه إذا خفق وطار ( فاحتضنته ) حتى استوى معي مواجهة ( ونصبت له معراج الترقي فيه ) أي في الحق الذي هو عين البداية وعين السفر وعين النهاية . 
فالعروج من هذه الحيثية هو عروج إلى الحق من الحق في الحق بالحق . 
فالعروج فيه هو ( الذي لا يعرفه كل عارف ) بل هو شأن المحبوب المحمول من أول قدمه إلى محل ظفره بالمقصود الذي هو الغاية القصوى . 
فالحق عرج بنفسه في نفسه إلى نفسه . والمحبوب مقصود بالفائدة فائز بها من كل الوجوه غير مقيد بوجه منها : أي بفيه ومنه وإليه . شأنه في ذلك كالحق المطلق الذي هو حامله وقاصده بفوائد هذه الوجوه . فافهم . 

(والمعراج إليه ومنه ، حظهم لا غير) أي حظ غير المحبوب . فلا حظ لهم من المعراج فيه . ولما كان قدس سره من أساطين المحبوبين المقصودين بالفائدة في بدايتهم وسفرهم ونهايتهم ، قال :

364 - ( وأما نحن ومن شاهد ما شاهدنا فمعارجنا ثلاثة إليه ومنه وفيه ثم ترجع) الثلاث ( عندنا واحدة : وهو فيه . فإن إليه فيه ومنه فيه . فعين إليه ومنه : فيه : فما ثم إلا فيه ولا يعرج فيه إلا به فهو ) السائر منه ، به ، فيه ، إليه (لا أنت )
فإنك إذ ذاك كنت بلا کون لأنك کنته . وفي هذا المقام يكاد أن يضيع عين العبد فلا يوجد له أثر. فلا يثبته إذن إلا وجدانه ما لم يكن عنده. فالعبد، واجده ، والحق محصله من حيث إنه عين الحاصل والمحصول له . فافهم الإشارة . 
(فتحقق هذا التجلي) ونتائجه (يا سامع الخطاب).

.
التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: