السبت، 2 مايو 2020

67 - شرح تجلي توحيد الربوبية الخروج للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

67 - شرح تجلي توحيد الربوبية الخروج للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

67 - شرح تجلي توحيد الربوبية الخروج للشيخ الأكبر كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي تعليقات ابن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي
67 - متن تجلي توحيد الربوبية :
رأيت الجنيد في هذا التجلي .
فقلت يا أبا القاسم : كيف تقول في التوحيد يتميز العبد من الرب ؟ !
وأين يكون أنت عند هذا التمييز ؟؟ !
لا يصح أن تكون عبداً ! . ولا أن تكون رباً ! . فلا بد أن تكون في بينونة تقتضي الاستشراف والعلم بالمقامين مع تجردك عنهما حتى تراهما .
فخجل وأطرق .
فقلت له : لا تطرق ! نعم السلف كنتم ونعم الخلف كنا .
إلحظ الألوهية من هناك تعرف ما أقول !! .
للربوبية توحيد ، وللألوهية توحيد .
يا أبا القاسم قيد توحيدك ولا تطلق فإن لكل اسم توحيد أو جمعاً .
فقال كيف بالتلاقي ؟
وقد خرج منا من خرج ونقل من نقل .
فقلت لا تخف من ترك مثلي بعده فما فقد .
أنا النائب وأنت أخي . فقبلته قبلة . فعلم ما لم يكن يعلم وانصرفت .

67 - إملاء ابن سود كين : 
«ومن تجلي توحيد الربوبية وهو: قال سيدنا رضي الله عنه : رأيت الجنيد في هذا التجلي . . فعلم ما لم يكن يعلم وانصرفت . 
قال جامعه المستجلي لهذه البوارق الإلهية بمنة الله تعالی : 
سمعت سیدي وشيخي يقول ما هذا معناه : اعلم أن لكل اسم من الأسماء مدلولين: الذات وأمر زايد على الذات، وهو ما تعطيه خصوصية ذلك الاسم. فالتوحيد الذي ينسب إلى كل اسم هو من حيث إن جميع الأسماء تدل على ذات واحدة . 
فتوحيد الأسماء كونهم اجتمعوا في عين واحدة . وأما الوجه الآخر، فإن الأسماء أعطت بحقایقها أمرة زايدة على معقولية الذات ، كل اسم بحسبه . 
فلما سألت الجنيد : أخذ ينظر في توحيد الأسماء من حيث كونها اجتمعت في الدلالة على الذات . وكان حكمها في ذلك حكمة واحدة جامعة للجميع. 
ولذلك تحير لما عورض بالوجه الآخر، وإنما كان له أن ينظر في توحيد الأسماء بالوجه الآخر الذي تعطيه مراتب الأسماء . 
فكان له هنا أن يقوم في اسم مهيمن على الربوبية. فمن ذلك الاسم تدرك رتبة الربوبية ورتبة العبودية . 
فكل اسم إنما تتميز مرتبته من الاسم المهيمن عليه؛ والهيمنة المطلقة إنما هي للاسم الجامع ، إذ جميع الأسماء مستندة إليه. 
ولكل اسم توحید وجمع، على هذا التحرير والتحقيق . فالجمع هو من كونها لها مدلولان : مدلول الذات ومدلول الأمر الزائد الذي ينسب إلى مرتبة الاسم. 
والتوحيد هو الطرف الواحد كما تقدم ».

67 - شرح تجلي توحيد الربوبية
354 - مقتضى هذا التجلي ، تقييد التوحيد بالربوبيات الأسمائية . 
بمعنى أن تطلع على أحدية كل اسم في ربوبيته وهي خصوصية يتفرد بها الاسم عما سواه ويتميز. فعند ذلك تستشرف في تلك الأحدية على جمعه وتوحيده . 
ثم تستشرف على جمع جميع الأسماء في هيمنة الاسم الجامع المتحد بالمسمى وهو عين واحدة لها في أحديتها الذاتية أيضا توحيد، ومن اتحاد الأسماء بها جمع . فافهم.

355 - قال قدس سره : ( رأيت الجنيد في هذا التجلي . فقلت له : يا أبا القاسم كيف تقول : في التوحيد يتميز العبد من الرب وأين تكون أنت عند هذا التمييز ، لا يصح أن تكون عبدا ) إذ الحكم في التوحيد للحق ووجوده ، فأنت به لا بنفسك فأنت في الوجود ولا أنت ، فكيف تتميز في توحيد الوجود عنه . 
( ولا ) يصح ( أن تكون ربا ) فإن لك في حضرة بطونه العلمي حقيقة، ولحقیقتك فيها حكمة رش عليها بحسبها ، رشاش الوجود الوحداني ، وذلك الحكم قاض بكونك مربوبا لا رية . 
(فلا بد) لك عند هذا التمييز (أن تكون في بينونة) وسطية (تقتضي الاستشراف) بين شهود الحق والعبد معا. 
بشرط التمييز بين المشهودين من غير مغالبة ومزاحمة ، (و) يقتضي أيضا ( العلم بالمقامين مع تجردك عنهما ) بمعنى أن لا تكون إذ ذاك ربا ولا عبدة . 
فإنك إن تقيدت بالربوبية تحقيقا انحصرت فيها فامتنع تقيدك حالتئذ بالعبودية ، وبالعكس أيضا كذلك. 
فإذا انطلقت عن القيدين وتجردت عنهما أشرفت باستوائك على الطرفين وميزت بين المقامين : ورأيت الرب ربة إلى لا غاية ، والعبد عبدة إلى غاية . 
ولذلك قال قدس سره : ( حتى تراهما ) أي ترى الحق ممتازة عن العبد، والعبد عن الحق من غير اتصاف كل منهما بصفات الآخر، كما هو مقتضى المنازلة .

فكأنه قدس سره يقول : أن لا توحيد مع شهود هذا التمييز فإن إطلاق التوحيد الأحدي قاض بسقوط السوي عن العين ، وعين العبد في البينونة ثابتة معها مشهودة ولا جمع
أيضا ؛ 
فإن مقتضي الجمع خفاء حكم التميز بين أفراده ، أو بقاء آحاده بلا عدد وكثرة، والتمييز بين الرب والعبد والمقامين من حيث كونهما طرفي البينونة ظاهر محقق فيها ، وبقاء العدد والكثرة فيها أيضا مشهودة . فافهم. 
ولذلك قال قدس سره :

356 - (فخجل وأطرق) حيث لم يجد تخليص حكم توحيده عن الشبه . 
( فقلت له لا تطرق نعم السلف کنتم ) حيث مهدتم الطريق بآداب إلهية وروحانية ، موصلة إلى المطالب الغائية الكامنة في بطائن الاستعدادات المتهيئة للكمال . 
(ونعم الخلف کنا) حيث تأسينا في مناهج ارتقائنا بكم، تأسيا به ظهرت لنا ودائع استعداداتنا فظفرنا فيها بما يغنيكم في الآجل، ولم تف أعماركم لتحصيله في العاجل. 

فالآن (الحظ الألوهية من هناك) أي من لدن حصولك في البينونة القاضية بالاستواء (تعرف ما أقول) لك في أمر التوحيد وثبوته مع وجود التمييز المذكور. 
فاعلم أن للرب الذي هو أحد طرفي البينونة ، توحید ذاتية مطلقة، لا يتوقف حصوله على الغير أصلا، ولا تقابله الكثرة والعدد فتزيله بحكم المغالبة والمزاحمة . فالرب من حيثية هذا التوحيد أحدي الذات : ولو ظهر بالأسماء المختلفة والصفات والمراتب والمظاهر، وتنوع ظهوره بها وفيها . فلا يطلب هذا التوحيد ما يسمى غيرة ولا يستند إلى الحق من هذا الوجه شيء من ذلك.

357 - (للربوبية توحيد و للألوهية توحيد) . إذ الألوهية اسم مرتبة جامعة ، تعينت فيها حضرة الوجود الحق بشأن كلي حاكم على شؤونه الجمة القابلة منه أحكامه وآثار . 
والحكم يستلزم ثبوت المحكوم عليه لا وجوده . فالألوهية تستلزم ثبوت المألوه لا غير. 
والربوبية اسم مرتبة جامعة تعينت فيها حضرة الوجود بشأن مؤثر في الشؤون القابلة من فيض الوجود. 
والتأثير يستلزم وجود المؤثرفيه في الخارج. هكذا فرق قدس سره في بعض إملائه . فلكل من هاتين المرتبتين توحید يخصه وجمع يمتاز به عن غيره . 

(يا أبا القاسم قد توحيدك) فإن توحيدك مقيد بخصوصية اسم هو رب استعدادك الأصلي. 
(ولا تطلق) فإن التوحيد المطلق ذاتي للحق فلا ذوق لك فيه وما للاستعدادات إلا التوحيد الأسمائي . 
(فإن لكل اسم) إلهي أو رباني ، (توحيدا أو جمعة) إذ لكل اسم مدلولان : ذات المسمى والمعنى الزائد عليها . 
فالأسماء متحدة بالذات المسماة بها، فاتحادها بها هو طرف توحيدها جميعا ، والتوحيد هو الطرف الواحد. 
ولكل اسم أحدية يمتاز بها عن الأسماء هي توحيده . وأما جمعه فهو اجتماع الأسماء على المسمى المتحد به فإن المجتمع على شيء متحد بشيء ، مجتمع على ذلك الشيء. فافهم . 
ثم قال قدس سره :

358 - (فقال لي :كيف بالتلاقي، وقد خرج منا ما خرج ونقل ما نقل) وقد انتقلنا إلى دار لا تثمر لنا الأعمال والاجتهاد فيها ترقيا. 
( فقلت له لا تخف من ترك مثلي بعده فما فقد أنا النائب ) في تحصيل ما فاتكم لكم ،
( وأنت أخي ) من صلب المقام المحمدي الذي هو أصلنا ومورد میراث الكمال لنا .
( فقبلته قبلة فعلم ما لم يكن يعلم وانصرفت ).

359 - فكأنه قدس سره کنی عن مواجهة مرآة نفسه مرآته من باب : «المؤمن مرآة المؤمن» بالقبلة . 
ولذلك طالع الجنيد في مرآة أخيه ، المطلوب الفائت عنه مشاهدة ، فعلم شهودة ما لم يكن يعلم من قبل . 
فإن مرآته قدس سره إذ ذاك كانت موقع التجلي الإلهي الأحدي الجمعي . فشاهد فيها ما تحسر على فوته عنه . 
وفتح له بحكم الوراثة السيادية المحمدية باب شهود كل شيء . فصار رحمه الله في البرازخ دائم الترقي . والله أعلم.

.
التسميات:
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: