الثلاثاء، 4 أغسطس 2020

27 - شُروح وَدرَاسَات الأبيات من 3013 - 3379 .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي

27 - شُروح وَدرَاسَات الأبيات من 3013 - 3379 .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي

27 - شُروح وَدرَاسَات الأبيات من 3013 - 3379 .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي 

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي (604 - 672 هـ)

شُروح وَدرَاسَات الأبيات من 3013 - 3379


شرح كيف توجه الذئب والثعلب إلى الصيد في معيّة الأسد

( 3013 ) هذه القصة التي يقصها الشاعر في الأبيات التالية من القصص المعروفة . لكن الشاعر أضفى عليها مغزى صوفياً جعلها تتخذ طابعاً مختلفاً ، وتعبّر عن معانية الصوفية بصورة رائعة . وممن ذكر هذه القصة أبو الفرج بن الجوزي . قال : “ زعموا أن أسداً وثعلباً وذئباً اصطحبوا فخرجوا يتصيدون ، فصادوا حماراً وظبياً وأرنباً . فقال الأسد للذئب : 
اقسم بيننا صيدنا . فقال : الأمر أبين من ذلك ، الحمار لك ، والأرنب
 
“ 586 “

لأبي معاوية ، والظبي لي . فخبطه الأسد فأطاح رأسه . ثم أقبل على الثعلب ، وقال : قاتله اللَّه ! ما أجهله بالقسمة ! هات أنت يا أبا معاوية : فقال الثعلب : يا أبا الحارث ! الأمر أوضح من ذلك : الحمار لغدائك ، والظبي لعشائك ، والأرنب فيما بين ذلك . فقال الأسد : قاتلك اللَّه ! ما أقضاك ! من علمك هذه الأقضية ؟ قال : رأس الذئب الطائح عن جثته “ . 
والشاعر قد صرف هذه القصة عن معناها الظاهر وأضفى عليها مغزى صوفياً . 

( 3029 ) الاستقامة ، لا تقف عند حدّ الأعمال ، ولكن لا بدّ من نقاء الكفر ، وصفاء الروح . 

( 3035 ) كيف يظن الإنسان باللَّه ظنّ السوء مع أنه هو الذي وهبه الصورة والفكر ؟ 

( 3040 ) الجاهل ينخدع بكثيرة ماله فيظن ذلك من علامات رضى اللَّه عنه . 

( 3050 - 3051 ) في هذين البيتين يتضح مغزى القصة . فوجود الإنسان يجب أن ينتفي أمام الخالق . 

( 3052 ) السبيل الوحيد للبقاء هو الفناء في اللَّه . فمن فني في اللَّه تحقق له البقاء . وقد قال تعالى :” كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ “. فليس لأحد سبيل إلى البقاء إلا إذا كان ضمن هذا الوجه . 

( 3053 ) من تحقق له الفناء في اللَّه فهو ليس من الهالكين ، لأنه يصبح حياً باقياً خالداً . 

( 3054 ) قوله : “ فإنه قد أصبح ضمن إلا . . . “ معناه : “ أصبح ممن ينطبق عليهم الاستثناء من الهلاك ، الذي أخبر به اللَّه في قوله :” كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ “، وبهذا يخلص من الهلاك ، ويتحقق له البقاء “ . 

( 3055 ) “ أما كل من يقصد باب اللَّه ، بدون أن يتخلى عن اعتداده بذاته

“ 587 “

الإنسانية ، فإن هذا الاعتداده لا يجديه نفعاً ، لأن مثله لا يقبل ، فيكون جزاؤه الفناء المحقق . 

( 3063 ) هذه القصة تدور حول معنى القول الصوفي المشهور :أنا من أهوى ومن أهوى أنا * نحن روحان حللنا بدنا 
فإذا أبصرتني أبصرته * وإذا أبصرته أبصرتنا

( 3064 ) من سعى إلى الاتحاد وهو محتفظ بأنانيته ، مؤكد ذاتيته ، شبيه بخيط مزدوج يراد إدخاله في سم الخياط . العشق وحده هو سبيل الاتحاد ، وليس العشق مصحوباً بالأنانية . 

( 3065 ) في البيت اقتباس من قوله تعالى :” إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ “. ( الأعراف 7 : 40 ) . 

( 3066 ) القوة الحسية الطاغية ، التي تحجب الروح ، لا يمكن التخلص من طغيانها بدون الرياضات ، والسعي الحثيت لإخضاعها ، وبذلك يتوصل الإنسان للسيطرة عليها . 

( 3069 ) إشارة إلى معجزات جرت على يد المسيح ، بقدرة اللَّه ، فاستعظمها الناس مع أنها ليست سوى أُمور يسيرة بالقياس إلى إمكانات القدرة الإلهية . وقد جاء في القرآن الكريم أن عيسى قال :” وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ “. ( آل عمران ، 3 : 49 ) . 

( 3078 - 3080 ) إن ارتباط روحين مؤمنين يجعل منهما وحدة متماسكة ، فالكاف والنون ( الحرفان اللذان يتكون منهما الفعل الذي ينطق به الخالق عند إرادة الخلق ) ، حينما يرتبطان يصبحان وحدة ، يكون أثرها انتقال الكائنات من عالم الإمكان إلى عالم الوجود . فكأن هذه الكلمة وهق جذب هذه الكائنات وأدخلها عالم الخطوب ، وهو العالم الدنيوي الحافل بمختلف أنواع الصراع . وهذا الوهق المعنوي الذي يجذب المخلوقات من عالم الإمكان إلى عالم الوجود شبيه بالوهق الحسي ( وهو عبارة عن حبل مزدوج يطرح على الحيوان الشارد ،

“ 588 “

للإمساك به ) . ومع أن الوهق حبل مزدوج إلا أنه يؤدي عملًا واحداً . 

( 3087 - 3090 ) انتقل الشاعر هنا إلى تنبيه مستمعيه إلى وجوب اليقظة لاستماع أقواله والتنبيه لمعانيها . وقد شبه اللسان الناطق بالحكمة الروحية بحجر الطاحون . فهذا اللسان ينطق بحكمة أوحى بها العقل الكلي . وماء النهر هنا رمز للعقل الكلي . فهذا الماء يدخل في الطاحون ليحركه وكذلك العقل الكلي يُنطق اللسان . ودوران الطاحون يهييء الغذاء الحسي ، أما نطق اللسان بالحكمة فهو وسيلة لإمداد الناس بغداء روحي . وكما أن مرور ماء النهر بالطاحون لمصلحة خاصة ، هي إدراة الطاحون وإنتاج الدقيق ، فكذلك مرور الحكمة العلوية على اللسان ، الهدف منه تيسير هذه الحكمة الروحية لمن لا سبيل لهم إليها . 
ولولا هذه المصلحة لكان الطبيعي أن يجري ماء النهر في النهر لا في الطاحون ، وأن تظل الحكمة الروحية كامنة في العقل الكلي ، لا جارية على اللسان . فإذا لم يتنبه أصحاب الطاحون لإدارته ، بل غفوا عنه ، فلا سبيل لمرور ماء النهر فيه . 
وكذلك إذا لم يلتمس الناس الحكمة الروحية من المرشدين ، ولم يوجد من يستمع إليها ، فلا سبيل إلى جريانها على اللسان . لقد أُجريت على اللسان من أجل الحريصين عليها من طلابها ، وإلا فإنها تبقى في مجراها الأصلي حيث كنوز الحكمة الروحية المكنونة ، في عالمها المنفصل عن عالم الحس . 

( 3091 ) حديث الحكمة الروحية ، له عالمه الروحي المجرد ، بما يشيع فيه من جمال وبهاء ، وهناك ينطلق هذا الحديث من غير أن تكبله الحروف والأصوات ، ويُستوَعبُ بدون جاجة إلى شرح ولا تكرار ، لأنه هناك لغة مفهومة واضحة . 

( 3092 - 3093 ) يا إلهي ، أظهر للروح ذلك العالم الروحي الذي احتجب عنها أثناء مقامها في هذه الدنيا . فهناك الكلام المطلق ، الذي تجرّد من الحرف والصوت . فالروح حين تشهد مباهج هذا العالم لن تتوانى عن السعي إلى رحابه . 

( 3094 ) عالم الروح ممتد واسع الأرجاء ، ومنه يغتذي خيالنا ، حين ينطلق إلى رحابه ، وهناك يخلص من قيود الواقع الحسي . وكذلك يُستمد منه

“ 589 “

وجودنا ، لأن الروح صادرة عن ، وهي التي تشكل وجودنا الحقيقي . 
( 3095 ) الخيال أضيق من عالم الروح . ومن جرّاء هذا الضيق الذي يعانيه يكون الخيال مسبباً للهموم والأحزان . وضيق الخيال ناشىء من أن الواقع المحسوس يقيده بصوره وتجاربه فيحد من انطلاقه . 

( 3096 ) عالم الوجود الممكن أضيق من عالم الغيب المجرّد . ولهذا يعتري النقص بعض إمكاناته . ويكون ما يتحقق منه في الوجود المحسوس أقل مثالية مما يمكن أن يتصور . 

( 3097 ) أما الوجود المادي المحسوس فهو أضيق من الوجود الممكن . 
وهو - في نظر الشاعر - لا يعدو أن يكون سجناً ضيقاً . وقد صور الشاعر هذه المعاني بأسلوب رائع في الأبيات التالية : 
لو أن إنساناً قال الجنين في الرحم : “ إن خارج هذا المكان عالماً بديع التنسيق : 
أرضاً بديعة ذات عرض وطول ، حافلة بالعنم والكثير من المآل ! وجبالًا وبحاراً وسهولًا ، وبساتين عطرة وحدائق ، وحقولًا حافلة بالغراس ! وسماء عالية مشرقة بالضياء ، وشمساً وقمراً وكثيراً ومن النجوم ! عجائبها لا يحيطبها الوصف . فلماذا أنت في هذه الظلمة أسيرُ للمحن ؟ 
تحتسي الدماء وقد صُلبت في هذا المكان الضيق ، يرهقك الحبس والنجس والعناء ! “ لكان الجنين - بحكم طبيعته - منكراً هذا القول ، معرضاً عن هذا الحديث ، كافراً به . 

فعنده أن هذا الحديث محال وخداع وغرور ، ذلك لأن الأعمى لا خيال له ! وفي عالمنا هذا حين يتحدث العارفون إلى عامة الخلق قائلين :
 
“ 590 “

إن هذا العالم بئر شديد الظلمة والضيق ، ولكن خارجه عالماً خلا من اللون والرائحة . 
لا يصغي إليهم الجهلاء . فإن الطمع يقف أمامهم سداً منيعاً هائلًا ، كالجنين الذي كان حرصه على الدماء التي يغتذي بها في مقره الخسيس ، حجاباً له عن إدراك العالم الخارجي ، لأنه لم يعرف غذاء سوى الدماء “ .  (المثنوي ، ج 3 ، 53 - 68 ) . 

( 3100 ) إن أمر “ كن “ لا يعدو أن يكون فعلًا ، من الناحية الفظية ، لكنه - مع ذلك - يعني قدرة اللَّه الخالقة . فهذا الفعل المكون من حرفين وسع من المعنى مالا يحد . 

( 3120 ) إشارة إلى الحديث الذي ينسب إلى الرسول قوله : “ أُمتي هذه أُمة ، مرحومة ، ليس عليها عذاب في الآخرة “ . 

( 3124 ) “ إنني في الظاهر لا أختلف عن أي إنسان فانٍ ، لكني أستند إلى قوة اللَّه الذي اختارني وبعثني رسولًا “ . 

( 3125 ) يشير الشاعر هنا إلى مفهوم الحديث القدسي الذي يروي عن الخالق تعالى قوله : “ ما تقرب إليّ عبدي بمثل أداء فرائضي ، وإن عبدي ليتقرّب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحبيته كنت سمعه الذي به يسمع ، وبصره الذي به يبصر ، ويده التي بها يبطش ، ورجله التي بها يمشي ، ولسانه الذي به ينطق ، وفؤاده الذي به يعقل “ . وهو حديث كثير الورود في كتب الصوفية ويروي بأسانيد مختلفة . انظر : 
( الترمذي : الرياضة ، ص 110 ) - ( السراج : اللمع ص 463 ) - ( ابن العربي ، فصوص ، ص 107 ) . وقد سبق أن ذكرنا هذا الحديث بصورة تختلف قليلًا عن هذه الرواية . ( انظر نص الترجمة ، رقم 1937 وحاشيته ) . 

( 3126 ) وما دمت قد تخليت عن ذاتي ، وأصبحت ناطقاً بأمر اللَّه فكل من حاربني فقد حارب اللَّه “ .

“ 591 “

( 3127 ) إن قوة إلهيّة قد احتجبت وراء هذا المظهر البشري المتواضع . 

( 3128 ) لكي يستطيع الإنسان أن يدرك رسالات اللَّه ، لا بدّ له أن يصدق جملة هذه الرسالات . فهذا التصديق مقدّمة لا بدّ منها لسماع كلمات اللَّه . 

( 3129 ) ولو لم يكن نوح منطوياً على قوة هائلة ، أيده بها الخالق ، لما استطاع بدعائه أن يغرق العالم بطوفانه . 

( 3131 ) لما لم يراع له الناس ما هو أهل له من الطاعة ، سلط عليهم الطوفان الذي أغرقهم . “ والعشر “ المذكور في البيت هو الخراج الذي كان يُجبي لبيت المال على نوع من الأراضي الزراعية . وكذلك على الواردات من بضاعة غير المسلمين ويرمز بالعشر هنا إلى ما كان لنوح من حق على الناس . 

( 3137 ) “ تخوا في حضرته عن شهوات الحس ، ودعوا طباع الثعالب كما ضع ذلك الثعلبب المذكور في القصة السالفة “ . 

( 3146 ) الإنسان الكامل الذي صفا قلبه من الصور الحسية ، وتوجه بروحه إلى عالم الغيب ، يصبح وكأنه مرآة تنعكس عليها صور الغيب . 

( 3148 ) ذلك الإنسان الكامل نافذ البصيرة ، وهو ببصيرته النافذة قادر على أن يميز الزهد الصادق من الرياء .

[ شرح من بيت 3150 إلى 3300 ] 
( 3151 ) القلب موطن الشجاعة ، وهو في الجانب الأيسر من الصدر ، لهذا كان الملوك يوقفون الأبطال عن يسارهم . 

( 3153 ) قوله : “ ذلك لأنهم مرآة الروح ، بل ( هم لها ) خير من المرآة “ ، يعني أن الصوفية لا يقف أثرهم عند بيان حقيقة الروح ، بل هم يعملون على صقلها . 

( 3154 ) “ الصورة البكر “ هي الوحي الأصيل الذي يهبط على قلوبهم .

“ 592 “

( 3155 ) كلّ جميل الروح صافيها يعشق من كان مثله جميل الروح ، فيكون كلّ منهما مرآة يرى صاحبه فيها حقيقة حاله . 

( 3156 ) هذا التعاطف والتلافي بين العارفين ناشىء من أن كلا منهما جميل الروح ، ينشد عند صاحبه مرآة لحقيقة حاله ، كما أنه يشهد من جمال الروح صاحبه ما يزيد روحه صفاء وقربا من اللَّه . 

( 3161 ) مهما آذيت الجسد ، فإن الروح يبقى متعالياً مستعصياً على الأذى . 

( 3163 - 3164 ) إن ما يصيب الظاهر من الأذى لا يغير من الحقيقة والجوهر . 

( 3165 ) فحبّة القمح التي توضع تحت التراب ، ليس يضيرها هذا ، بل إنها تنمو وتصنع من هذا التراب سنابل . 

( 3166 - 3167 ) وتُطحن حبات القمح فتزيد بذلك قيمتها ، إذ تغدو خبزاً يغذي الكاون الحيّ ، ثم يمضع الخبز ، فلا يقضي ذلك على جوهره بل يزداد هذا الجوهر وضوحاً ، إذ يتحول إلى طاقة وحياة في جسم الكائن الحي . 

( 3168 ) والروح لو تلاشت في العشق ، وغُرست في رحابه ، كما تغرس حبة القمح في الأرض ، فإنها تنمو وتزدهر وتصبح كالزرع اليانع الذي يعجب الزراع نباته . 

( 3172 ) اتخذ الشاعر من الهدايا التي يحملها الناس إلى الأصدقاء والأحباء عندما يتوجهون لزيارتهم ، رمزاً للعمل الصالح الذي يحمله المؤمن معه ، ويلاقي به ربه يوم الحشر . 

( 3173 ) “ لقد جئتمونا مجرّدين من الأعمال الصالحة ، ولم تتزودوا للقاء يومكم هذا ، فكأنكم لم تنتفعوا بشيء من حياتكم الدنيوية ، بل خرجتم منها كما دخلتموها ، وجئتمونا على هذا النحو “ . 

( 3175 ) أم أن هذا التراخي من جانبكم ، في القيام بصالح الأعمال

“ 593 “

كان نتيجة الشك في البعث وملاقاة اللَّه “ . 
( 3178 ) إن حياتك ثروة في يديك ، فلا تنفقها كلها في النوم والطعام ، بل اقتصد من هذه الحياة ما تنفق في صالح الأعمال ، فيكون هذا كالهدية ، تحملها إلى اللَّه يوم ملاقاته . 

( 3180 ) “ لا تكثر من الانغماس في خطوب الحياة المادية ، واسكن إلى حياة التأمل والتفكر حتى توهب الحواس المبصرة “ . والجنين في الرحم يكون في الأشهر الأولى ساكنا ، فإذا ما بدأ في الحركة كان ذلك دليلًا على اكتسابه الحواس . 

( 3181 ) أنظر التعليق على البيت 3097 . 
( 3182 ) وردت عبارة :” أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً “ *في عدد من آيات القرآن الكريم . فمما ورد من ذلك قوله تعالى :” إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْقالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها “. ( النساء ، 4 : 97 ) . 

والذين قالوا” أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً “ *، في هذه الآية هم الملائكة . ولعل الشاعر يعني أن الملائكة أشاروا بقولهم” أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً “ *إلى رحاب اللَّه الواسعة التي يدخلها الأولياء . 
ووردت عبارة” أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً “ *في قوله تعالى :” قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ( الزمر ، 39 : 10 ) . 

والقول هنا جاء ضمن خطاب اللَّه لعباده . وتأويل المعنى على طريقة الصوفية هو أن “ الأرض الواسعة “ ، تعني رجاب العالم الروحي الذي لا تحده الحدود ، كما هو الحال بالنسبة للعالم الحسي . 

( 3184 ) المتيقظ لأحوال العالم الحسي حامل أعباء حواسه ، لأن كل جارحة من جوارحه متعلقة بمستلزمات هذا العالم . 

( 3185 ) يقول الشاعر في هذا البيت إن النوم يمثلّ لونا من تذوّق
 
“ 594 “

حياة الروح ، حيث تفلت الأرواح من أسر الجسد ساعة النوم . ولهذا فإن النائم لا يشعر بالآلام التي ترهق حواسه في ساعات اليقظة . يقول الشاعر في أبيات أخرى : 
“ لقد بقيت آلاف السنين أحلق هنا وهناك - بدون مشيئة - مثل ذرات الهواء . 
فإن كنت قد نسيت هذا الزمن وتلك الحال ، فإن رحلتي ساعة النوم تعود بهما إلى ذاكرتي . 
ففي ساعة النوم أنطلق من هذا الصليب ذي الشعب الأربع “ 1 “ ، وأقفز من هذا القيد إلى سهوب الروح الفساح “ . ( المثنوي ج 6 ، 220 - 222 ) . 
وقد عبر الغزالي عن مثل هذا المعنى بقوله : “ وأما انفتاح باب ( القلب ) إلى عالم الملكوت ومطالعة اللوح المحفوظ فتعلمه علماً يقيناً بالتأمل من عجائب الرؤيا واطلاع القلب في النوم على ما سيكون في المستقبل أو كان في الماضي من غير اقتباس من جهة الحواس “ . ( الإحياء ، ج 3 ، ص 21 ) . 

( 3188 ) هؤلاء الأولياء تخلّصوا من إرادتهم تخلصاً كاملًا في جيمع أفعالهم ، فلم يبق لهم من محرّك سوى إرادة اللَّه . 

( 3190 - 3191 ) أصبح هؤلاء الأولياء - لفناء إرادتهم في إرادة اللَّه - مجرّد صدى لتلك الإرادة . إن الإرادة الإلهية تتجلى فيهم ، فلا شأن لهم بما يصدر عنهم مما قد يسرّك أو يسوءك ، شأنهم في ذلك شأن صدى الصوت المنعكس فوق الجبل ، يتردّد على هذا النحو أو ذاك من غير أن يكون للجبل دخل فيما يحمله الصدى من المعنى .
............................................................... 
( 1 ) الصليب ذو الشعب الأربع هو وجود الإنسان الحسي ، ويتمثل هذا في جسده المكون من العناصر الأربعة .

“ 595 “

( 3195 ) “ لو أنني قدمت إليك قلبي وروحي لما كان تقديمهما إليك بالأمر الكبير ، فهما لا يعدّان شيئاً إذا قيسا بجمال قلبك وروحك “ . 

( 3201 ) الوجود المقصود هنا هو الوجود الحقّ . ومرآة هذا الوجود ، التي تجلوه وتظهره ، هي العدم . فعليك أن تفنى عن ذاتك الحسية لتصبح مجلى للوجود الحق . ولتكن الهدية التي تتزود بها للقاء الحقّ ، هي أن تلقاه وقد نفيت من روحك كل إحساس بالذاتية . 

( 3202 - 3212 ) يقدم الشاعر هنا نماذج من المتناقضات والأضداد التي يظهر بعضها بعضاً . والفكرة الأساسية التي تدور حولها مظاهر التضادّ - في هذه الأبيات - النقص والكمال . وينطلق الشاعر من هذا إلى القول بأن الإنسان لا يستطيع أن يبلغ الكمال إلا إذا عرف جوانب النقص في ذاته ، وعمل على التخلص منها . وكل من أدرك بحق جوانب النقص ، فإنه لا محالة مندفع في سعيه ، باذل جهده لا ستكمال نفسه . 

( 3213 - 3215 ) من توهم بنفسه الكمال - من غير أن يبذل أي جهد لتحقيق ذلك - فإن هذا يقعده عن السعي نحو خالقه . إن مثل هذا يكون مصاباً بالغرور ، وهذا أكبر علة تحلّ بالروح . وللتخلص من هذه العلة لا بد من الرياضات الكثيرة وإدامة التفكر والحزن ، وغسل العينين والقلب بدموع الندم . 

( 3223 - 3224 ) كثيراً ما ينشغل المرء بماله وبأسبابه الدنيوية عن تأمل حقيقة روحه التي تكون معتلة مريضة . فالمال والمتاع الدنيوي حجب عنه علته الروحية ، كما يحجب الذباب جرحاً عن بصر صاحبه ، فيتوارى قبح الجرح ، لكنه يزداد سوءاً بتراكم الذباب عليه . ومثل هذا العليل بحاجة إلى طبيب روحي هو المرشد الكامل.
 
( 3228 - 3239 ) قصّ الشاعر في هذه الأبيات - حكاية كاتب الوحي


“ 596 “

الذي ارتد لغروره . وقد جعل من هذه الحكاية منطلقاً إلى الحديث عن الغرور وبيان أضراره العظيمة . 
ويروى أن كاتب الوحي الذي ارتدّ هو عبداللَّه بن سعد بن أبي سرح . 
وقد ذكر ذلك البيضاوي في تفسيره لسورة المؤمنين . وتذهب الرواية إلى أن النبي كان يملي آيات من سورة المؤمنين ، هي قوله تعالى :” وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ . ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ . ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ “. ( المؤمنون ، 23 : 12 - 14 ) . 

فنطق كاتب الوحي من تلقاء نفسه ، قبل إملاء النبي :” فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ “. فقال النبي : “ اكتب ، هكذا نزلت “ . فكان أن تولاه الغرور ، وارتد ، وعاد إلى قريش يؤازرها في حرب الرسول . وكان يقول : “ إني كنت أصرف محمداً حيث أريد “ . 
ويروى أن النبي - حين دخل مكة - أمر بقتل عبد اللَّه بن سعد هذا ، ولكن عثمان بن عفان شفع ، له ، وكان عثمان أخاً له في الرضاعة . والمعروف أن عبد اللَّه بن سعد قد علا أمره في الإسلام ، وأصبح حاكماً لمصر في عهد الخليفة عثمان . 

يقول البلاذي : “ وكان محمد بن أبي بكر بن قحافة ومحمد بن أبي حذيفة خرجا إلى مصر عام مخرج عبد اللَّه بن سعد بن أبي سرح إليها ، فأظهر محمد بن أبي حذيفة عيب عثمان والطعن عليه ، وقال : استمعل عثمان رجلًا أباح رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم دمه يوم الفتح ونزل القرآن بكفره حين قال : “ سأنزل مثل ما أنزل اللَّه “ . ( أنساب الأشراف ، ج 5 ، ص 49 ، 50 ، القدس ، 1936 ) . 

والقصة كما رواها جلال الدين لم يُذكر بها اسم كاتب الوحي المرتد . وذُكر أن هذا الكتاب المرتد قد قُتل . ولعل الشاعر لم يكن يريد أن يذكر القصة بصورتها التاريخية . أو لعله الطلع على بعض الروايات المتأخرة

“ 597 “

التي ذكرت أن كاتب الوحي المرتد قد قتل بعد فتح مكة . ومن أمثلة ذلك ما ذكره محمد بن طيفور السجاوندي ( من رجال القرن السادس الهجري ) في تفسيره المسمى “ عين المعاني في تفسير السبع المثاني “ . 

وقد لخّص نيكولسون ما كتبه شراح المثنوي عن ذلك في تعليقاته على هذه القصة . 
( 3240 ) تصوير رائع للغرور ، فهو القيد الثفيل الذي لا يُرى - ومع ذلك - يكون في سيطرته على صاحبه ، وتقييده لأعماله ، أكبر أثراً من قيد حديدي زنته مائة منّ . 

( 3251 - 3252 ) يبيّن الشاعر الصعوبات التي تواجه من يحاول أن يتخطى عقباب الحسّ ، ويتغلب على نوازع الكبر والغرور . ولكنه يقول إنه يخشى الإفاضة في شرح هذه العصوبات ، خشية أن يؤدي ذلك إلى إيقاع اليأس بالنفوس . ثم لا يلبث أن ينتهي إلى التفاؤل ، فيؤكد أن باب الأمل مفتوح ، فعلى الإنسان أن يكون دائم البشر بهذا الأمل ، وأن يلتجيء إلى اللَّه ، فهو المغيث لكل من لجأ إليه . 

( 3255 ) يمكنك أن تقتبس الحكمة من أهل الكمال الروحي . 
فهؤلاء لا يبخلون على أحد بالإرشاد . ولكن عليك أن تكون يقظاً حتى لا تصاب بالغرور ، وتحسب أن هذه الحكمة نابعة من نفسك ، وتنسى أنك قبستها من سواك “ . 

( 3273 - 3274 ) إن أشعة روح المرشد الكامل تشرق على أرواح المريدين ، كما يشرق الروح على الجسد ، فيبعث فيه الحياة . فإذا افترقت أشعة أرواح المرشدين عن أرواح المريدين أصبحت هذه كأنها أجساد خلت من الروح ، وفارقتها الحياة . 

( 3277 ) اتخذ الشاعر من الآيات التي أشار إليها دليلًا على إمكان نطق الجماد . 

( 3281 ) ينسب إلى الفلاسفة أنهم يقولون إن المخاوف والأحزان
 

“ 598 “

تُلقي في نفوس الناس بكثير من الأوهام ، فيعتقدون بوجود كائنات لا وجود لها . 
( 3282 ) إن خياله الجاحد قد سيطر عليه ، وجعله غير قادر على إدراك الحقائق . 
( 3208 ) النفس الناطقة “ هي نفس النبي المرسل . 

( 3209 ) إن البشر الذين خرجوا عن حدود الإنسانية ، أصبحوا كالحيوانات المتوحشة . وعلى هذا الأساس جاز قتلهم . وقد زاد الشاعر هذا المعنى إيضاحاً في البيتين 
( 3319 - 3320 ) ، وفيهما قال : “ إن دماء الكفار أصبحت - كدماء الوحوش - مباحة للسهام والرماح . . . وذلك لأنهم مستوحشون نافرون من العقل الجليل “ .

[ شرح من بيت 3300 إلى 3450 ] 
( 3315 ) في هذا البيت إشارة إلى حكم الشريعة ، الذي يحرّم أكل الحمار الأهلي ، ويجيز أكل حمار الوحش . 

( 3321 - 3354 ) قصّ الشاعر هنا قصة هاروت وماورت ، واتخذ منها إطاراً لبث آرائه عن مضارّ الغرور ، والاعتداد بالذات . وخلاصة هذه القصة ، كما رواها الثعلبي ، “ أن الملائكة لما رأوا ما يصعد إلى السماء من أعمال بني آدم الخبيثة وذنوبهم الكثيرة ، وذلك في زمن إدريس النبي ، عيّروهم بذلك وأنكروا عليهم ، وقالوا : هؤلاء الذين جعلتهم خلفاء في الأرض واخترتهم ، فهم يعصونك . فقال اللَّه تعالى : لو أنزلتكم إلى الأرض وركبّت فيكم ما ركبّت فيهم لفعلتم مثلما فعلوا . 
قالوا سبحانك ربنا ، ما كان ينبغي لنا أن نعصيك . 
قال اللَّه تعالى : “ اختاروا ملكين من خياركم أهبطهما إلى الأرض . فاختاروا هاروت وماروت ، وكانا من أصلح الملائكة وأعبدهم . . فركبّ فيهما الشهوة التي ركبّها في بني آدم ، وأهبطهما إلى الأرض وأمر هما أن يحكما بين الناس بالحقّ ، ونها هما عن الشراك والقتل بغير الحق ، والزنا وشرب الخمر . . فإنهما ثبتا على ذلك يقضيان بين الناس يومهما ، فإذا ما أمسيا ذكر اسم اللَّه تعالى الأعظم وصعدا إلى السماء . قال قتادة : فما مرّ عليهما شهر حتى افتتنا ، وذلك أنه


“ 599 “

اختصم إليهما ذات يوم الزهرة ، وكانت من أجمل النساء . . فلما رأياها أخذت بقلوبهما فراوداها عن نفسها فأبت وانصرفت ، ثم عادت في اليوم الثاني ففعلا مثل ذلك . فقالت لا ، إلا أن تعبدا ما أعبد ، وتصلّيا لهذا الصنم ، وتقتلا النفس ، وتشربا الخمر . فقالا : لا سبيل إلى هذه الأشياء ، فإن اللَّه قد نهى عنها . 
فانصرفت ثم عادت في اليوم الثالث ومعها قدح من خمر ، وفي نفسها من الميل إليهما ما فيها ، فراوداها عن نفسها فأبت ، وعرضت عليهما ما قالت بالأمس . 
فقالوا : الصلاة لغير اللَّه أمر عظيم ، وقتل النفس عظيم ، وأهون الثلاثة شرب الخمر . فشربا الخمر فانتشيا ، ووقعا بالمرأة فزنيا بها ، فرآهما إنسان فقتلاه . . وسجدا للصنم ، فمسخ اللَّه الزهرة كوكباً . . “ ( بتصرف عن : قصص الأنبياء ، ص 51 ) . 

( 3325 ) إن الجبروت الإلهي يحطم الطغاة والمستبدين ، على حين هو يرحم المتواضعين ، المدركين لضعفهم البشري أمام خالقهم . بل إن اللَّه يزيد هؤلاء المتواضعين قوة وتأييداً . ومثل هؤلاء الطغاة كمثل الأشجار العاتية ، تعاند الريح ، فتقتلعها الريح من أصولها . أما المتواضعون فهم كالأعشاب ، تنحني للرياح فتزيدها هذه نضرة وازدهاراً . 

( 3330 ) كل هذا الكون بمظاهره المتعددة ، لا يعد شيئاً مذكوراً أمام قدرة اللَّه . وهذه القدرة هي التي جعلت الفلك يبدو منقلباً منكسّاً . 

( 3331 ) اجعل من هذا الفلك الدوار مثالًا تقيس عليه حالك . فهذا الفلك يديره العقل المدبر ، الذي خطّ مقادير هذا العالم . 

( 3332 ) وهكذا يدير الروح الجسم . وقد احتجب الروح في الجسم كما يتحجب المحارب وراء المجنّ ، على حين أنه يديره إلى حيث يشاء . 

( 3333 ) ولكن هذه الروح الشبيهة بالريح المتحركة ، من ذا الذي يديرها ؟ إن طبيعتها التي أضفاها عليها خالقها هي التي تجعلها متحركة ، ومع ذلك ، فحركتها مقتبسة من الخالق ، محرّك الأرواح . فهي كالدولاب


“ 600 “

في مجرى النهر ، يكون دائم الحركة لا ستدراته من ناحية ، ولجريان ماء النهر من ناحية أخرى . 
( 3335 ) إن الروح هي التي تنطق اللسان بما تشاء ، وتحرك الجسم كيفها أرادت . فحينماً تجعله ميالًا إلى الوئام ، وحيناً تجعله مندفعاً نحو الشقاق والخصام . 

( 3336 - 3337 ) عادُ هم قوم هود . وقد أهلكهم اللَّه بريح هبّت عليهم . 
لكن هذه الريح يلم تؤذ هوداً ولا من آمنوا ( انظر المثنوي ، ج 1 ، رقم 855 ، 856 ) . ولعل الشاعر قد استخدم الريح هنا رمزاً لأعمال البشر . فمنها ما كانت حركتها للخير والسداد ، ومنها ما كانت حركتها للشر والعناد . 

( 3338 ) شيخ الدين هو العارف الكامل . وقد حاول بعض الشراح أن يذكر شخصاً معيناً على أنه المقصود من قول الشاعر “ شيخ الدين “ . 
وممن ذكر في هذا الصدد صدر الدين القونوي ، الذي كان تلميذاً لمحيي الدين ابن العربي . وكان صدر الدين صديقاً لجلال الدين ، وتوفى بقونيه في عام 673 ه ، بعد جلال الدين بفترة وجيزة . وتعيين شخص معين مما لا يستلزمه شرح هذا البيت ، لأنه لا ينطوي على رأي خاص . 

( 3339 - 3340 ) في هذين البيتين تعبير عن وحدة الوجود ، حيث تشبّه الذات الإلهية ببحر فياض ، وكل مظاهر هذا الوجود لا تعدو أن تكون قشاً سابحاً في هذا البحر . فكل حركة لهذا القش مصدرها البحر ، أما القش فليست له حركة ذاتية . 

( 3348 ) وردت في بعض نسخ المثنوي روايتان هما “ نفس گبررا “ أو “ نفس گبرما “ بدلًا من “ نفس كبريا “ . ومعناهما “ النفس الكافرة “ أو “ نفسنا الكافرة “ . وعلى هذا تكون ترجمة البيت : “ وهو يسمي هذا الغرور حمية دينية ، لكنه لا يبصر في ذاته النفس الكافرة “ . 

( 3350 ) للشطر الثاني من البيت رواية نصّها :


“ 601 “

“ درسيه كاران مغفلّ منگريد “ والمعنى : “ فلا تنظرا بغفلة إلى هؤلاء الذين اسودّت فعالهم “ . وفي هذا دعوة للملائكة - الذين استقبحوا أعمال البشر - إلى البحث عن العلل الكامنة وراء ارتكاب أهل الدنيا للمعاصي والآثام . وهذا ما يبيّنه الشاعر في البيت التالي . ( انظر رقم 3351 من الترجمة ) . 

( 3379 ) دعا اللَّه إلى كظم الغيظ في قوله :” وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ “. 
(آل عمران ، 3 : 133 - 134 ) . 

 .

* * *
واتساب

مدونة لعلوم التصوف وكبار العارفين بالله والأولياء وعرض لعلوم الإحسان

ليست هناك تعليقات: